|
مابين داعش والتحالف السعودي الأميركي
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 4806 - 2015 / 5 / 14 - 14:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مع أن إسقاط الطائرة الملكية المغربية ، أثناء هجومها على مدينة يمنية ، هو حدث عابر في سياق الحرب ، وقد يحدث مع طائرات التحالف السعودي الأميركي الأخرى المهاجمة لليمن ، إلاّ أنه يحمل دلالات سياسية ، مغربية ، وعربية ن ودولية ، لابد من قراءتها ، والتعامل معها ، وفقاً لمصلحة الشعوب العربية ، في المشرق العربي ، وفي شمال إفريقيا . فما حدث مع الطائرة المغربية ، لم يكشف أن المغرب منخرط عملياً في التحالف السعودي الأميركي ، وفي برنامج التحالف في اليمن .. وأبعد من اليمن ، وحسب . وإنما كشف أيضاً ، أن التحالف الملكي ضمن النظام العربي يسير قدماً ، ليفرض على البلدان العربية المسماة جمهورية أنماط حكم تتماثل في بنيتها وإدارتها وعقليتها مع أساسيات الملكيات العربية القائمة ، وليحتل مركز القطب المهيمن على كل مستويات الحياة في البلدان العربية ، السياسية ، والاقتصادية و الاجتماعية والحقوقية ، والتعليمية ، والثقافية ، والموروثات المذهبية الدينية . وقد عمل الملك عبد الله آل سعود قبل وفاته ، على أن يضم كلاً ، من المملكة الأردنية ، والمملكة المغربية ، إلى مجلس التعاون الخليجي ، بحيث يصبح " مجلس التعاون الملكي العربي " ، الذي يسيطر على جامعة الدول العربية ، وعلى معظم مصادر الطاقة عالمياً ، وعلى قدر هائل من الرصيد المالي ، ومتماه بالتحالفية الدولية الغربية . ربما كان الملك عبد الله يحلم ، أن يكون آل سعود سادة هذا المجلس .. وهو كتحصيل حاصل ، يصير ملك الملوك .. أو أمير المؤمنين . ولذا لم يكن لحدث الطائرة المغربية ، أن يأخذ حقه في حجمه وخلفياته ، لو أن تناوله جرى كحدث قتالي عابر ، أو تناوله بمعزل عن خلفيته الملكية المغربية ، والتحالفية الملكية العربية ، ودور المملكة المغربية في التحالف السعودي الأميركي ، الذي انطلق بإعلان الحرب على اليمن .
إذ أن الطائرة الملكية المغربية ، لم تكن تقوم بمهمة وطنية دفاعية عن المغرب ، ضد عدوان يمني . فالواقع الجغرافي للبلدين ، لا يسمح بمثل هذا العدوان ، ولا لأي خلاف حدودي يتصاعد إلى مستوى عمليات عسكرية بين اليمن والمغرب . ويطبق الذهول على النفوس الشريفة ، عند قراءة خارطة الوطن العربي ، التي تبين أن اليمن تقع في نهاية الجنوب العربي وشبه الجزيرة العربية في آسيا ، وتقع المغرب في أقصى الغرب العربي في شمال إفريقيا . ما يثير السؤال ، حول دور المملكة المغربية ، في التحالف السعودي الأميركي ، الذي أعلن الحرب على اليمن ، وحول فوائد الدولة المغربية من تدمير اليمن المفقر وشبه الأعزل ، ويلفت إلى التزاماتها الدولية لصالح احتكارات صناعة الأسلحة ، والاحتكارات البترولية خاصة ، والاحتكارات الرأسمالية بعامة ، التي تريد استدامة السيطرة على الجغرافيا السياسية لليمن وخاصة باب المندب ، ذي الأهمية الاستراتيجية لمواصلاتها التجارية والعسكرية .
وإذا استبعدنا " الأخوة العربية " التي من المفترض أن تحول دون التصادم المسلح بين بلدين عربيين شقيقين ، واعتمدنا الواقعة المجردة ، في التعاطي مع إشهار المغرب الحرب على اليمن ، دون أن تقوم اليمن بأي عدوان على المغرب أو تهدد وجوده بشيء ، فإن ما قام به النظام المغربي ، بالتحالف مع دول أخرى ، إزاء اليمن ، هو عدوان صريح ، يتعارض مع الدستور المغربي ، ومبادئ جامعة الدول العربية ، واتفاقية الدفاع العربي المشرك ، وميثاق الأمم المتحدة . ولا يسوغه أخلاقياً ، قرار ، أو أمر عمليات ، من غرفة عمليات التحاف السعودي الأميركي ، للعدوان على اليمن ، بذريعة إعادة الشرعية ، لرئيس اليمن السابق المستقيل " عبد ربه منصور هادي " الذي هرب من استحقاق استقالته ، ومن الحل الدستوري اليمني ، ومن احترام قرار تجمع القوى السياسية اليمنية بشأن مؤسسة الرئاسة اليمنية ، بل هو عدوان تفوح منه رائحة الدولار ، وتمتد خيوط تحريكه إلى " حلف الناتو " والاحتكارات الرأسمالية العابرة للقارات .
لقد كشف العدوان الجوي الملكي المغربي على اليمن ، حقيقة بنية النظام المغربي الملكي " الدستورية ، التي مفتاحها الرئيس ، ملك يعين الملك الذي سيأتي بعده ، كما بقين الأنظمة الملكية العربية الأخرى ، التي تتعارض جوهرياً مع الديمقراطية التي يختار الشعب عبر آلياتها قائده وحاكمه . وأظهر أن الملك الملقب " بأمير المؤمنين " هو سيد البلاد ، وآمر قوى السلطة كافة ، وخاصة القوات المسلحة والأمنية ، وجميع هذه القوى تتكنى بالملك وليس بالدولة أو الشعب ، مثل .. القوات البحرية الملكية .. والقوى الجوية الملكية .. ألخ .. وجميع المحاكم تصدر أحكامها باسم الملك وليس باسم الشعب . ولذا فإن الشعب المغربي بريء من آثام ومسؤوليات العدوان على الشعب اليمني ، سيما أن إشهار الحرب على اليمن ، كما بينت الوقائع ، لم يجر حسب أحكام المادة 49 من الدستور المغربي ، مثل براءة باقي شعوب بلدان التحالف السعودي الأميركي من جريمة العدوان على اليمن .
وكشف هذا الحدث أيضاً النفاق الأميركي الأوربي ، الذي يسكت عن ، ويشارك في ، تحالف رجعي فاشي فاقد لأبسط الشرائع الدستورية الإنسانية والديمقراطية ، موجه ضد اليمن ، وفي برنامجه العدوان على بلدان أخرى ، ومعظم دوله لعبت دوراً كبيراً ، في إنشاء وتمويل وانتشار جيوش الإرهاب الدولي الحامل أسماء متعددة لكنه يتجمع ويتبلور كما تدل كل المعطيات بتنظيم واحد هو " داعش " . وكشف ما هو أسوأ في النظام العربي ، الذي حول جامعة الدول العربية ، إلى عصبة دول ذات مضمون اجتماعي متعدد الدرجات في المظالم الاجتماعية ، وفي الاستبداد المقنع بشرعية ولي الأمر الإلهية ، وأداة لتغطية الاعتداءات الأجنبية على البلدان العربية ، كما حدث في العراق وليبيا وسوريا .
إنه لمنظر غي غاية البشاعة ، أن تقوم أ سراب من الطائرات الحربية العربية ، من المغرب ، والإمارات المتحدة ، والمملكة الأردنية ، والمملكة السعودية ، وقطر ، والبحرين ، والكويت ، بالهجوم على اليمن العربي العريق الشقيق ، وترميه بقذائف وصواريخ جهنمية مدمرة ، فيما المطلوب منها ، قومياً ، ووطنياً ، وأخلاقياً ، أن تتحد ، وتقاتل ، من أجل تحرير فلسطين ، والجولان السوري ، ومزارع شبعا اللبنانية ، وجزر تيران السعودية " المنسية " في خليج العقبة ، من الاحتلال الصهيوني ، وتحرير " سبتة .. ومليليا " المغربية من الاحتلال الإسباني . بل وتتجنب هذه الأسراب استهداف جيوش الإرهاب الدولي " الداعشي " المتوحش ، الذي يفتك منذ سنوات باليمن وشعب اليمن .
وبناء على ما تقدم ، ليس سؤالاً سياسياً ساذجاً ، في غمرة الأحداث العربية الكارثية ، السؤال : ـــ لماذا تتفق وتتحالف دول عربية ملكية رجعية ، لاختطاف جامعة الدول العربية ، وتسخرها في إجراء تغييرات في أنظمة عربية غير ملكية ـ وتتعاون عسكرياً مع " حلف الناتو " ، وتجند جيوش الإرهاب وتمولها وتسلحها ، للعدوان على بلدان عربية أخرى ، وأخيراً تشكل تحالفاً عسكرياً عصبوياً علنياً ـ قياساً على عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى ـ ، للقيام بحروب ، حسب خرائط الهيمنة الإمبريالية على العالم ، وتلقي خلف الظهر بمسؤولياتها القومية المصيرية في الصراع العربي الإسرائيلي ، وتغمض عيونها ، وتغلق آذانها ، إزاء الجرائم الصهيونية في فلسطين وجوارها العربي ، بل إن بعضها يقيم العلاقات الدبلوماسية ، والحسنة مع إسرائيل ، وصارت عندها الأخوة " اليهودية " أكثر قداسة .. وواجباً .. ولزوماً .. من الأخوة العربية ، وخاصة في سوريا واليمن ولبنان وليبيا .
من طرف آخر ، لفت اشتراك النظام الملكي المغربي بالحرب على اليمن ، مع دول عربية ملكية تقع في أقصى الجنوب والشرق العربي ، ، إلى عصبوية الملكيات والأنظمة والقوى الرجعية ، لسحق تطلعات وتحركات الشعوب العربية من أجل تحررها وكرامتها وتقرير مصيرها . وهذه العصبوية تابعة ومتممة للمجالات الحيوية ل " حلف الناتو " الذي يعمل للسيطرة على العالم كله ، بواسطة قوى رجعية وإرهابية ، تمثل فاشية المرحلة الراهنة .
وعلى ذلك اكتملت شروط ضرورة نهوض المشروع القومي العربي التحرري الديمقراطي ، لمواجهة العصبوية الملكية الرجعية الإرهابية المتوحشة . وصار أي عمل مقاوم للإرهاب الدولي والرجعية العربية ، أو رأي يفضح العلاقة العضوية بين " داعش " والتحالف السعودي الأميركي ، لابد من أن يؤطر ، ويتحرك قومياً . إي الانفتاح والتحالف مع كل القوى القومية التحررية ، والتقدمية ، التي استوعبت دروس التجارب السابقة ، لبناء جبهة قومية تحررية ديمقراطية تقدمية ، في مواجهة الجبهة الملكية والإرهاب الدولي ، والفوات والتخلف ، جبهة تعتمد برنامجاً يعيد للإنسان في البلدان العربية .. حقوقه في تقرير المصير .. والكرامة .. والحياة الاجتماعية المتمدنة العادلة .
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عاصفة الحزم إلى الشام .. وبلاد الشام
-
ياعمال العالم و يا أيتها الشعوب المفقرة اتحدوا
-
مقدمات الانهيار .. ومقومات النهوض
-
مذبحة اليمن مستمرة و بعدها إلى الشام
-
السياسة والحرب والحلقة المفقودة
-
الربيع المهزوم وعاصفة الحزم إلى الشعب اليمني البطل
-
المملكة إذ تخوض حرب الامبراطورية
-
أوراق معارضة ( 2 ) ولادة المعارضة
-
أوراق معارضة ( 1) ولادة وطن
-
يوم المرأة السورية وحق الحياة والحرية - إلى نائلة حشمة -
-
حول خواتم الحريق السوري
-
العدوان التركي والمسؤولية الوطنية
-
العودة المؤجلة إلى البيت - إلى حسين العلي -
-
سوريا .. ثوابت وآفاق
-
لن أقول وداعاً
-
قبل منتدى موسكو وبعده
-
لماذا القلعة بحلب هدف للإرهاب ؟
-
لأجل عودة آمنة كريمة للوطن .. إلى الطفولة المهجرة
-
الأستاذ
-
التعذيب جريمة حرب وجريمة استبدلد
المزيد.....
-
أوباما: الولايات المتحدة -قريبة بشكل خطير- من الاستبداد
-
نتنياهو: لدينا القدرة على ضرب كل المنشآت النووية الإيرانية و
...
-
ترامب يُحدد المدة الزمنية قبل اتخاذ قراره بشأن التدخل العسكر
...
-
من الصين وروسيا إلى باكستان.. هل تصمد تحالفات طهران أمام الح
...
-
صاروخ سجيل.. ما مميزات السلاح الذي أطلقته إيران لأول مرة على
...
-
ترامب لبوتين: -توسط في شؤونك الخاصة-.. ردا على عرضه التوسط ب
...
-
إسرائيل وإيران: هل تتّسع دائرة التصعيد بعد الضربات الأخيرة؟
...
-
تحرك طائرة -يوم القيامة- الأمريكية
-
وفق القانون الدولي - تنسيق أوروبي أكبر لمكافحة -أسطول الظل-
...
-
صحة غزة: 84 شهيدا بنيران جيش الاحتلال منذ فجر اليوم
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|