|
ياعمال العالم و يا أيتها الشعوب المفقرة اتحدوا
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 4791 - 2015 / 4 / 29 - 13:28
المحور:
ملف - حقوق المرأة العاملة في العالم العربي - بمناسبة ايار عيد العمال العالمي 2015
شهد العالم في الخمسة والعشرين سنة الماضية ، متغيرات انتكاسية كبيرة ، أدت إلى خسارة المعسكر الاشتراكي ، وإلى استعادة الرأسمالية سيطرتها المطلقة على الشعوب ، وتحكمها باقتصاد العالم ، وخاصة ، باحتكارها الرأسمال المالي ، والاستثمارات الكبرى ، والتكنولوجيا المتطورة وفوائدها العلمية ، والصناعية ، والعسكرية ، واستحواذها على الكم الأعظم من فائض القيمة في الناتج العالمي . ما أدى إلى انحدار أربعة مليارات إنسان في القارات المفقرة ، إلى مستويات متدنية مخيفة من الفقر ، وإلى تركها تكابد بؤسها القاتل .
وبالتزامن مع هذه المتغيرات ، عممت الرأسمالية طروحاتها ، السياسية ، والفكرية ، والتاريخية ، المخادعة ، المبررة لسلبها سيادة وثروات الشعوب ، وحولت أكثر من أي وقت مضى ، الدول ، والهيئات الدولية ، وفي مقدمها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الولي ، إلى أدوات مسخرة ، أولاً ، لخدمة وإدارة أعمالها ومخططاتها ، حسب أسلوب إنتاجها وقوانينه ومقتضياته . وعملت بوسائل قهرية ، واحتوائية ، وشرائية ، على نقل منعكس المتغيرات الانتكاسية ، إلى الأحزاب العمالية ، والاشتراكية ، والحركات النقابية ، وقوى التحرر القومي . وقد أدى ذلك فعلاً ، إلى ضعف مؤسف لهذه الحركات والأحزاب والقوى ، وعلى تحجيم رجائها بالتحرر من عبودية الاستغلال الطبقي ، والهيمنة الإمبريالية ، وإلى توسيع المسافة بينها وبين آفاق التحرر والاشتراكية .
ولذا كان من الطبيعي ، نتيجة هذه المتغيرات وتداعياتها ، أن يتأثر شكل ومضمون الاحتفال بأول أيار .. يوم العمال العالمي ، وأن يتطلب المشاركة الجماعية ، لقوى النضال التحرري من الاستغلال الطبقي .. ومن القهر لقومي .. والإفقار العالمي . في هذا الاحتفال . إن أبرز سمات أول أيار هذا العام أيضاً ، أنه يأتي والعالم ما يزال يتعامل مع تداعيات متغيراته الانتكاسية المأساوية ن التي عمقتها الأزمة الرأسمالية ، في السنوات الأخيرة ، المستعصية على إغلاق دائرتها ، والعودة إلى مرحلة النهوض . الأمر الذي أفضى إلى تلجأ الإمبريالية العالمية ، إلى أساليبها الحربية المعتادة لحلها ، كما حلت أزماتها في القرن الماضي وما قبله . ولأن السلاح النووي ، المتوفر لدى الدول التي ، قد تنخرط في حرب عالمية جديدة ، يشكل رادعاً حاسماً لا يسمح بحروب عظمى مرة أخرى ، فضلاً عن أن خسائر أي حرب كونية ، يستخدم فيها السلاح النووي ، المادية والبشرية والبيئية لن تعوضها مكاسب افتراضية مغالية بالتفاؤل والطمع ، ولأن الإنسانية قد تحتاج إلى قرون ، لتشفى من حرائقها الكارثية ، تم اللجوء إلى حرب كونية بطبعة جديدة ، وآليات جديدة ، هي حرب الإرهاب الدولي ، المعززة ، عند دنو فشلها ، بحرب الدول الإقليمية التابعة لهذا القطب الدولي أو ذاك .
وقد اعتبرت حرب الإرهاب الدولي هذه ، حرب كونية ، لأن المراكز الإمبريالية الرئيسة ، هي صاحبة مشروعها وواضعة لخرائطها ، وهي تدعمها مالياً وعسكرياً وإعلامياً ، وتقودها ، وتجني حصاد فوائدها . ولأن غرف عملياتها الميدانية تضم قيادات وخبراء من دول كبرى وإقليمية . وأن ن مئات ألوف المقاتلين من أكثر من ثمانين دولة ، يجندون ، ويدربون ، ويتدفقون إلى ميادينها ويشتركون فيها ، بتسهيل وتشجيع ودعم دولهم . وتوظف لصالحها ، التكنولوجيا الحديثة ، والفضائية ، واللوجستية ، النوعية العسكرية ، وتدعم عند الضرورة ولتحقيق أهداف مهمة ، بقوى عسكرية خاصة ، تملكها مراكز دولية متطورة كبرى .
في المشهد المباشر للحرب الكونية الإرهابية ، يبدو النزاع جارياً ، حول الجغرافيا ـ سياسية ، والثروات البترولية والغازية ، وأسواق التصريف في الشرق الأوسط . وفي العمق ، هو حول التعامل الدولي الندي ، بين المراكز الإمبريالية القديمة القائمة ـ أميركا .. الاتحاد الأوربي ـ وبين المراكز الرأسمالية الصاعدة ـ مجموعة دول بريكس وتكتلات اقتصادية قيد التشكل ـ حول منظومة قطبية دولية جديدة ، حسب معايير الشراكة ، التي تحقق توزيع النفوذ ، وحرية استخدام المواقع الاستراتيجية وتقاسم الثروات العالمية ، وحرية التجارة العالمية . ولا تخرج عن هذا الإطار مجموعة " دول بريكس " التي تعلن رفضها للأسلوب الدموي ، وانتهاك السيادة الوطنية ، للدول الأخرى ، الذي تمارسه دول " حلف الناتو " على شعوب الشرق الأوسط وشعوب أخرى . إلاّ أنها لا ترمي من وراء ذلك ، إلى زعزعة الهيمنة الرأسمالية بعامة على العالم ، وإنما لتكريس قوانين وممارسات دولية ، لصالح الدول الرأسمالية ، هي أقل وطأة على الدول المستضعفة المستهدفة أرضها وثرواتها .
ما مفاده من منظور طبقي ـ سياسي ـ أن العالم الآن بات ينقسم إلى طبقتين .. وجبهتين .. عالميتين هما : 1 - طبقة وجبهة البلدان الرأسمالية المتطورة ، اقتصادياً ، وعسكرياً ، وتكنولوجياً ، وفضائياً . 2 - طبقة وجبهة فقراء ومضطهدي العالم ، الذين يعيشون من بيع قوة عملهم ، لاسيما ذوي الأجور المنخفضة في البلدان الرأسمالية ، ويتعرضون للهجوم على مكتسباتهم المحققة بنضالهم ، وتحت ضغط الميزات العمالية في المعسكر الاشتراكي سابقاً ، وذلك تطبيقاً لسياسة التقشف ، التي تمارسها الدول الرأسمالية كمخرج من اختناقات أزمتها ، وارتفاع الأسعار ، وزيادة الإنفاق العسكري ، والذين يعيشون في مجتمعات البؤس في القارات المفقرة المهمشة . ومن السمات البارزة في الانقسام ، أنه إذا كان من مبرر ، بدوافع الجشع ، والجري وراء الربح ، للتنافس بين الأقطاب الرأسمالية الدولية ، فإن مصلحتها المشتركة للاحتفاظ بهيمنتها على العالم تجمعها ، في حين أن تنوع وتعدد جبهة الطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية ، والمفقرين في قارات البؤس ، وقوى التحرر القومي ، لا يثير أي تنافس في صفوفها المناضلة ، بل يستدعي الوحدة الثابتة في ساحات الكفاح المشترك .
ولذلك صار واقعياً بمكان ، أن يكون شعار أول أيار هذا العام ، وطوال زمن الانقسام العالمي القائم ، هو " يا عمال العالم و يا أيتها الشعوب المفقرة اتحدوا " ، تؤكد على ذلك الحقوق ومضامين الأهداف العادلة المشتركة ، والنضال المشترك ، ضد استغلال وقهر النظام الرأسمالي ، للعمال الأجراء .. وللشعوب المفقرة .. إن في حرب الإرهاب الدولي الدائرة الآن ، أو في الصراع العام ما بعدها .
وحسب مقتضيات ما يجري من صراعات وحروب .. ومآس .. ودمار .. واضطهاد .. في العالم ، فإن من مهام عمال البلدان الرأسمالية والفقراء فيها ، إدانة ورفض عدوانية بلدانهم على الشعوب الأخرى ، إذ أن هذه العدوانية تفضي إلى زيادة وتشديد استغلالهم وإفقارهم ، والتضامن مع الشعوب العربية وغيرها ، في اللحظة السياسية الراهنة ، التي تغزوها جيوش الإرهاب الدولي ، والتي تهدد ارتداداتها الدموية والتدميرية بلدانهم وحياتهم أيضاً . ومن طرف آخر ، إن نضال الشعوب المفقرة ضد الدول الإمبريالية ، يوسع ويدعم قاعدة نضال الطبقة العاملة ضد الرأسمالية .. للحفاظ على .. وتوسيع .. مكاسبها العادلة .
كما أن وحدة نضال العمال والمفقرين من بؤساء العالم ، ضد كل أشكال الاضطهاد والقهر ، تفضي بامتياز إلى حماية المرأة ، من الميز الكياني النوعي ، والاستغلال المزدوج لجسدها وقوة عملها ، وحماية أسرتها من البؤس .. والحرب .. وتمنحها القدرة على مواجهة التقاليد الرجعية والقوانين المتخلفة الجائرة .
إن الشعارات المتميزة في أول أيار هذا العام هي : - وقف الحرب الإرهابية الكونية القذرة على سوريا ، والعراق ، واليمن ، وليبيا ، ولبنان ، وفلسطين . والدفاع عن الشعوب في هذه البلدان ، التي طالها ، أبشع وأوسع تدمير .. لعمرانها .. بيوتاً ، ومؤسسات خدمية ، وبنى تحتية ، وتعليمية ، وطبية ، ودور عبادة مقدسة ، وطالها أفظع وأقذر استباحة لإنسانها .. قتلاً .. وتهجيراً .. واغتصاباً .. وإذلالاً .. نساء ورجالاً وأطفالاً . - المزيد من النضال دفاعاً عن حقوق المرأة بالمساواة والكرامة والأجر والاعتبار . بإلغاء قوانين الميز ضدها .. العنصرية والرجعية المتخلفة . - وقف سياسة التقشف ، ورفع الأسعار ، والتلاعب المصرفي ، لتغطية سباق التسلح والإنفاق العسكري على الحروب . ووقف انتهاك سيادة الدول المستضعفة والتدخل في شؤونها ومصائرها .
وفي غمرة كل ذلك .. وبالضبط .. من أجل التعبير عن مقاومة المتغيرات الانتكاسية وارتداداتها التعسفية والإرهابية ، ضد الطبقة العاملة والشعوب المفقرة .. سنحتفل نحن عمال العالم .. وشعوبه المفقرة .. بأول أيار .. لنبرهن على أننا مازلنا مصممين على مواصلة النضال ضد الاستغلال والإذلال الطبقي ، والقهر القومي ، والحرب ، والتخلف .. وعلى فتح آفاق جديدة ، لمتغيرات تقدمية .. تقيم عالماً تسوده الحرية .. والعدالة .. والأخوة الإنسانية .. والكرامة .. وخاصة نحن العمال والشعوب التي تتعرض لغزو الإرهاب الدولي ، و" حلف الناتو " والسعودية ، وإسرائيل .. في سوريا والعراق واليمن ولبنان ومصر وليبيا ، فلسطين ، وندفع دماءنا .. وعمراننا .. وحضاراتنا .. ثمن هذه الحرب البربرية المتوحشة . -
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقدمات الانهيار .. ومقومات النهوض
-
مذبحة اليمن مستمرة و بعدها إلى الشام
-
السياسة والحرب والحلقة المفقودة
-
الربيع المهزوم وعاصفة الحزم إلى الشعب اليمني البطل
-
المملكة إذ تخوض حرب الامبراطورية
-
أوراق معارضة ( 2 ) ولادة المعارضة
-
أوراق معارضة ( 1) ولادة وطن
-
يوم المرأة السورية وحق الحياة والحرية - إلى نائلة حشمة -
-
حول خواتم الحريق السوري
-
العدوان التركي والمسؤولية الوطنية
-
العودة المؤجلة إلى البيت - إلى حسين العلي -
-
سوريا .. ثوابت وآفاق
-
لن أقول وداعاً
-
قبل منتدى موسكو وبعده
-
لماذا القلعة بحلب هدف للإرهاب ؟
-
لأجل عودة آمنة كريمة للوطن .. إلى الطفولة المهجرة
-
الأستاذ
-
التعذيب جريمة حرب وجريمة استبدلد
-
حلب تصنع ربيعها القادم
-
الصراع السوري مع الغرب الآن .. لماذا ؟
المزيد.....
-
مقتل 16 عنصرا من-حزب الله- في -أحد أكثر الأيام الدامية منذ ح
...
-
ترامب قد يلتقي زيلينسكي الأسبوع القادم
-
محلل إسرائيلي: -حزب الله- ارتكب 3 أخطاء قاتلة فتحت الباب أما
...
-
زيلينسكي يعلن أن ما أسماها -خطة النصر- الأوكرانية المزعومة ق
...
-
انتشار تقارير مغلوطة عن العثور على متفجرات في سيارة قرب حشد
...
-
أنباء عن تنسيق إسرائيلي أميركي بشأن تفجيرات لبنان وواشنطن تن
...
-
ساندرز: المذبحة في غزة تُنفذ بمعدات عسكرية أميركية
-
للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في غزة.. -أسباب- تخطي بلينكن إ
...
-
قراصنة إيرانيون أرسلوا وثائق سرية من حملة ترامب إلى أشخاص مق
...
-
روسيا تطور درونات ضاربة جديدة
المزيد.....
-
الاتفاقيات الدولية وحقوق المرأة في العالم العربي
/ حفيظة شقير
-
تعزيز دور الأحزاب والنقابات في النهوض بالمشاركة السياسية وال
...
/ فاطمة رمضان
المزيد.....
|