أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال العيادي - مرثيّة القمر الأخير














المزيد.....

مرثيّة القمر الأخير


كمال العيادي

الحوار المتمدن-العدد: 1340 - 2005 / 10 / 7 - 10:54
المحور: الادب والفن
    


هــناك.
هـــناك بعيدا، عند أســفــل جــبــل الكــلس المــحــروق.
كــــان الذّئـــب الجـــريـــح،
يـــجـــاهــــــد لـــرفــع رأســـه مـــــرّة أخـــرى.

لـــمــاذا تـــأخـــّر القـــمــر هــذه الــلـّيـلة ؟

ربــّمــا حــجــر تــدحــرج بــفــعــل الــرّيـح.
ربــّــما كــرتــان مــن نــتــف الــثــّلــج الــقــديــم.

هـــنــاك, بــعــيــدا.
حــيــث لا زعـتـر يـعـانـق شـبـاك الـعـرعـر. ولا ريـح طـريـدة.
كــان الـذئــب الـرّمـادي الـجـريــح
يـسـوّى مـن صـوف الأوهـام وسـادة
تـعدّل وضع رأسـه, صـوب كـتـف الـجـبـل الـيـسـار
لــيـرفـع للـقـمر، بـعـواء الــــــوداع الأخـيـر.
تماما, كما وعد أمه وهي تــمـوت
في ضوء ذاك النّــــــــــهار البعيد.

لم تعبث به الرّيح, ككلّ مساء
لم تستهزئ به سناجب الجوز البرّيّ كعادتها
لم تــتخذ اليرقات مفاصل فروته ممرّا للحاء الأشجار.

لماذا تأخّر القمر هذه الليلة ؟

ربّما حجر، كي أستريح.
ربّما قبضة من الثلج تعدّل وضع رأسي الجريح.
لو أخت أو صديق أو من العشيرة رفيق.
يلعق جراحي كلّ المساء, ولا يفترسني آخر فتيل اللّيل.

ما كان ينبغي مصارعة الوحش المحنّك. أخطأت مثل أبي .
ما كان ينبغي أن أهمل مواعيد القمر هذا الخريف.

لماذا تأخر هذه الليلة ؟

كانت لنا أم حنون.
تلعق أضلعها لكي لا نموت.
تهمّ بطريدة, ككلّ الذّئاب الأمّهات.
ولكنّها تــئــن مــن الــوجــع والـقـنوط,
حين تــسـتشــعــر انبهارنا بحدود الغاب.
كانت تقول لأشقانا : خفت ألاّ تعود.
خفت يا ولدي الحبيب.

لماذا تأخّر القمر هذه اللّيلة ؟

كان الغاب أخضر كلّ أسرار الفصول
وكانت عظامنا لوز وتين وقشرة عود يافع.

ربّما حجر أو نتف من الثلج , كي أستريح.
أشمّها الرّيح
قسما هيّ الرّيح
تسوق غمام الشّمال صوب هضاب الجنوب
وتلهو بقلاع النّمل إلى حين
أشمّها الرّيح
قسما هيّ الرّيح
تبلّل الجداول برذاذ مصبّ واديها, عند أسفل الجبل البعيد
وتلملم ريح الأزهار.
وحوامض نداء الخصوبة من بين أفخاذ الأرانب
سعوقا لأنوف الثعالب والذّكور.
هيّ الرّيح
قسما هيّ الرّيح.

يا أولاد لا تنسوا, كانت أمنا تقول. لا تــنسوا:
الأرانب قِــــرَبٌ من الدّم الحار
الزّعتر ريح كلّ الغاب
والفأر دليلنا لمضارب الجرابيع ومنابت التّين
الأسد أسد, كانت تقول
واللبؤة أسود وأسود
الضبع العنيد, كما الكواسر والزاحفات
يكوّر الموت حتّى الغار

اللّيل بيـتـنا وعدوّنا يا أولادي النهار.
كانت تقول وهي تفرش فروتها للنام.
املؤا قــلــوبكم برائحة الدّم الحار
الذئب لا يخون العشيرة ولا ينسي مواعيد القمر.

لماذا تأخر القمر هذه اللّيلة ؟

ربّما حجر أو شيئ من نتف الثلج القديم.

خرج أبي إلى الصيد ولم يرجع
ولم أسأل
كون الذئاب لا تسأل
بئس الذئاب حين تسأل :
علام لا يعود الآباء؟

كانت تقول, بئس الذئاب بلا إباء.

لم أره يوما عابسا
ولم يخلف يوما طريدة
ولكنّ الأسد أسد, كانت تقول.
واللبؤة أسود وأسود
مزّقت كلّ مفاصله
ولم تأكل كبده, كما يفعل الأسود.
ما طعم دماء أبي يا ترى؟
أما دماء أمي وإخوتي فحوامض التين والزّعتر.
لو أخت أوشقيق, يلعق جراحي.

لماذا تأخر القمر هذه اللّيلة ؟

كانت أحلامنا الأرض والسّماء
والجبل يفرد جناحيه شطر الغاب.

تعبت. لا شيىء أميّز رائحته. غير هذا البخور.
كأني بأصوات العشيرة خلف الجبل
كأني بأصوات الطبول. وخطو يخرج من باطن الجبل.

علام يرتعش جسدي يا ترى؟
وعلام مثل دبيب النمل
يتصاعد من كلّ مفاصلي؟
لم يبق في الوقت متّسع هذه اللّيلة
أهملت حساب مواعيد القمر.
سأغمض عيني, علّه يأتي
تعبت. لم يبق في الوقت متّسع.
سأنــــــــام



#كمال_العيادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موت بدون وصيّة
- يلزم بعض الوقت: مجموعة - زهرة يسرى -الشّعريّة
- برقيّات إليهم …أينما كانوا في منفاهم - 1
- وقائع الرّحلة العجيبة إلى تونس
- رحلة إلى الجحيم
- حكاية السنوات العشرين
- بقايا الحنّاء والرّسائل المغشوشة
- 48 ساعة قبل سقوط القيروان
- أبو زيان السعدي , سيد الغيلان
- - آنيتا - زوجتي
- حميد ميتشكو
- الخادمة الصغيرة: للكاتبة كوثر التابعي
- الجوّاديّة لن تزغرد في أعراس هذا الصّيف
- هذا الثّلج غريمي
- المربوع
- باريسا ألكسندروفنا و الغرفة 216
- يوميّات ميونيخ العجوز
- السردوك*
- وداعا… وداعا يا عبد الرّحيم صمادح الكبير


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال العيادي - مرثيّة القمر الأخير