أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عاصم منادي إدريسي - التربية والتعليم والتنمية كآليات لمواجهة التطرف















المزيد.....

التربية والتعليم والتنمية كآليات لمواجهة التطرف


عاصم منادي إدريسي

الحوار المتمدن-العدد: 4837 - 2015 / 6 / 14 - 21:05
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


التربية والتعليم والتنمية كآليات لمواجهة التطرف

تكشف أعداد المغاربة المتعاطفين مع التنظيمات الدينية المتطرفة، أو الشباب الذين ما زالوا يلتحقون بها في بلاد العراق والشام عن أزمة خطيرة في نمط التفكير السائد داخل الثقافة الاجتماعية بالبلد. فأن تنخرط شعوب المشرق الإسلامي في هذا الصراع أمر طبيعي ومقبول بسبب التناقضات والصراعات المذهبية/الطائفية التي تنخر وعي بلدان الشرق (سنة/شيعة)، حيث يتم تشريع القوانين وتقسيم المدن والبلدان ومؤسسات الدولة على قاعدة التمييز الديني والمذهبي، وهو وعي يزداد ميلا نحو التطرف والعنف بسبب الدعاوى والفتاوى التي تنشرها عشرات الفضائيات ومئات المواقع الإلكترونية الممولة من طرف كل طائفة ومذهب، تتولى تبخيس معتقدات الطائفة الأخرى وإظهارها بمظهر الضلال والخطأ،في مقابل ادعاء الصواب لنفسها. بسبب التنشئة الاجتماعية يتلقى الأطفال في الشرق هذه الثقافة -القائمة على شيطنة الغير المختلف مع الذات دينيا أو مذهبيا/طائفيا- باعتبارها حقائق لا تقبل الشك، ويكبر لديهم تدريجيا استعداد للدفاع عنها بكل الطرق والوسائل. يينما يتم استغلالها ورعايتها من طرف الأسر الحاكمة المستبدة لشغل الشعوب وتوجيه الرأي العام نحو عدو خارجي مفترض من أجل مراكمة الثروات والاستئثار بالخيرات وخدمة مصالح القوى الغربية العظمى لضمان استمرارها في الحكم.
إن كان هذا هو المحرك الأساسي لوجود الفكر المتطرف في المشرق الإسلامي فما مبررات وجوده في بلدنا وبلدان المغرب الكبير عموما.؟ لماذا يختار شباب في مقتبل العمر من المغرب والجزائر وتونس الانخراط في صفوف القتلة والجماعات التكفيرية بمختلف تلاوينها؟
الجواب الذي يتبادر إلى الذهن في هذه الحالة يفسر التحاق الشباب المسلم بالجماعات التكفيرية المتطرفة بنمو التعاطف الديني/المذهبي والتأثر بحملات التحريض التي نجحت من خلالها وسائل الإعلام الخليجية في إضفاء طابع الحرب الطائفية (شيعة ضد سنة) على الصراعات السياسات الدائرة في بلدان المشرق. من الواضح أن الشعور الديني ليس الدافع الوحيد الذي يمكن بواسطته تفسير ما يحدث، قد يكون عاملا مساعدا، لكنه ليس سبببا رئيسيا، قد يكون هناك تأثير لدعوات رجال الدين للشباب من أجل الجهاد ونصرة إخوانهم السنة. لكن هذا التأثير كان سيضعف أو يضمحل نهائيا لو لم تتوفر عوامل أخرى موضوعية وواقعية يمكن بسطها في الأسطر التالية.
تتطلب معالجة التطرف الديني التوقف عند أسبابه الواقعية التي تسمح بظهوره وانتشاره، وهي أسباب مرتبطة بظروف العيش والموارد المادية والحياة الكريمة والتعليم والتشغيل والصحة..
لقد بينت مختلف التقارير الرسمية أن القاسم المشترك بين هؤلاء الشباب في مختلف بلدان المغرب الإسلامي أن أغلبهم متعلمون وبعضهم حملة شواهد عليا يعانون من قساوة الحياة والفقر والبطالة والحاجة والتهميش والمعاناة اليومية من القهر الاجتماعي وانسداد الأفق. غياب الأفق، والحاجة إلى المال يدفعان المواطن العاطل إلى البحث عن مورد رزق حتى لو كانت الطرق والوسائل غير شرعية (الانخراط في الإجرام والعصابات والابتزاز والمتاجرة في الممنوعات...).
لذلك يمكن القول أن الدافع الأساسي لهؤلاء الشباب نحو الانخراط في صفوف التنظيمات الجهادية هو الحاجة والبطالة. توفر البطالة فراغا قاتلا يسهل على أي كان أن يملأه، وهو الأمر الذي يستغله دعاة هذه التنظيمات المنتشرين في مختلف البلدان الإسلامية، يتخذون من العمل الجمعوي أو الحقوقي غطاء لكسب ولاءات الناس ورضاهم، أو يتخفون تحت لباس أئمة مساجد وفقهاء ووعاظ...يترصدون ضحاياهم من الشباب الفاقدين للأمل في المستقبل.
وفي هذه الحالات الاجتماعية حيث الهشاشة والبطالة والفقر تصبح عملية الاستقطاب أسهل في ظل الفراغ واليأس الذي تعانيه شريحة الشباب في بلداننا المتخلفة. ينتج عن حالة اليأس والإحباط نوع من احتقار الذات والاقتناع بعدم أهميتها وغياب التقدير/الاحترام الخارجي ولوم الذات والشعور بالدونية والحقارة، الشيئ الذي يجعل الشخص مستعدا لممارسة أي سلوك أو عمل يثبت به ذاته وأهميته وقيمته. في هذه الأجواء يتدخل صناع الموت وأعداء الحياة خدام القصور والبلاطات لدعم هؤلاء المحبطين وسد حاجاتهم المادية واستدراجهم بأساليب وأدوات الوعد والترغيب في العمل والحياة الكريمة حينا والجنان الجواري والحوريات في الآخرة حينا آخر، هكذا يتحول الشباب اليائس إلى طعم سهل تبتلعه آلة التطرف والتعصب التي منحت حياته هدفا فقده في المؤسسات التعليمية والاجتماعية.
هكذا يتبين أن ميل بعض الشباب إلى اختيار للسلوك المتطرف ليس نابعا تماما من إرادة الذات (إلا فيما ندر). بل هو ميل تغذيه مجموعة من العوامل الخارجية/الموضوعية (انسداد الأفق.البطالة.القهر الاجتماعي...) التي تجعل مسؤولية ذلك الانحراف مشتركة بين عدة متدخلين أهمهم (المدرسة.الأسرة.الدولة..).
لا شك في أن وجود الممارسات العنصرية والأعمال المتطرفة يشكل مظهرا من مظاهر فشل منظومتنا التعليمية المتعددة. فهو دليل على أن المدرسة لم تنهض بمهمة التربية والتعليم كما يجب. في الدول المتقدمة تتولى المدرسة مسؤولية الكشف عن القدرات الإبداعية والمهارات التي يملكها التلميذ وتعمل على صقلها وتنميتها بما يخدم مصلحة البلد ويتلاءم مع حاجاته. في بلداننا المتخلفة تكون الأولوية للذاكرة والاستظهار ويتم تقييم التلاميذ فيما يحفظون لا فيما يستطيعون الإبداع فيه، وفي منظومات تعليمية تركز على المضامين والمعلومات والكم ينفتح المجال أمام الغش/الفساد ويتربى عليه الصغار فيصبح سلوكا عاديا في الكبر. كل ذلك يؤدي في النهاية إلى إفراز شريحة واسعة من المتعلمين يصعب العثور على اختلاف بين أنماط تفكيرهم وأنماط تفكير غير المتعلمين. وهو الدليل المباشر على أن ما تلقوه في المدرسة من تعلمات ومعارف لم تجد طريقها إلى التطبيق الفعلي في ممارساتهم الواقعية وسلوكاتهم اليومية. لأنها ارتبطت أساسا بهاجس النجاح في الامتحانات لتأمين العمل مستقبلا. مما يجعل تلك المعارف تفقد أهميتها بمجرد تجاوز الامتحان والنجاح، (هاجس خبزي وليس تربوي أو معرفي).
ونظرا لماتؤدي إليه السلوكات المتطرفة من نتائج وخيمة، فقد صارت مواجهتها عنوانا للسياسات الدولية، لذلك تجاهد مختلف دول العالم بآلياتها المتنوعة لمحاصرتها والتحكم فيها. في بلداننا المتخلفة تستعمل السلط السياسية وسيلة واحدة تعتبرها الحل الأمثل لكل المشاكل والقضايا، يتعلق الأمر بالمقاربة الأمنية (أشكال العقاب من عنف وقمع وتهديد ومتابعات قضائية ومحاكمات طويلة وسجن...) االتي تعالج بواسطتها حكوماتنا كل أشكال الانحراف والاحتجاج والمشاكل مهما اختلفت طبائعها (سياسية.تربوية.حقوقية.أخلاقية.دينية.تعليمية...). لا شك في أن لهذه المقاربة أهميتها ودورها الكبيرين، ولكنها لا تكفي لوحدها في حل مشكلة التطرف، يتطلب الأمر معالجات أخرى أبرزها التربية والتعليم.
مواجهة التطرف تكون باجتثاث مبادئ الفكر المتطرف من المدرسة أولا. لا بد أن نعلم أطفالنا قيم التسامح واحترام حق الاختلاف والقبول بالمختلف واحتضانه واتخاذ الحوار سبيلا للتعايش معه. ومن ثمة إزالة الأفكار الجهادية والدموية التي تحفل بها برامجنا التعليمية من المدرسة. لنعلم أطفالنا أن أرقى أشكال الجهاد هي مقاومة مشاعر الحقد والحسد والكراهية والاحتقار والعنصرية والتحكم فيها للارتقاء بإنسانيتنا.
لا بد من تكريس قيم المواطنة وحقوق الإنسان واحترام الحق في التعبير والنقد والقطع مع ممارسات التعذيب والترهيب والاعتقال السياسي.
لا بد من اتخاذ قرار سياسي جريئ لتغيير السياسات الحكومية الحالية في التشغيل ومساعدة الشباب على توفير حقه في العيش الكريم.
إن القضاء على التطرف لن يكون بالحل الأمني الذي أثبتت فشلها الذريع في حل الأزمات الاجتماعية، وتاريخنا حافل بمظاهر هذا الفشل. بل من خلال مقاربة أساسها ركيزتان هما المدرسة والتربية والتعليم من جهة. وتوفير مناصب الشغل واحترام كرامة المواطن وحقوقه وحرياته.
عاصم منادي إدريسي



#عاصم_منادي_إدريسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لنتعلم احترام الحياة
- فتوحات، أم غزوات، أم هجوم حضارات
- الدولة الدينية وتطبيق الشريعة. داعش نموذجا
- التمييز ضد المرأة.صناعة ذكورية


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عاصم منادي إدريسي - التربية والتعليم والتنمية كآليات لمواجهة التطرف