أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الوهاب أوذاير - أوراق مبعثرة فوق أسرة -الموت-..














المزيد.....

أوراق مبعثرة فوق أسرة -الموت-..


عبد الوهاب أوذاير

الحوار المتمدن-العدد: 4832 - 2015 / 6 / 9 - 07:58
المحور: الادب والفن
    


أوراق مبعثرة فوق أسرة "الموت"..
الورقة الثانية ــ 2 ــ بعد الغرق، قبل اللقاء...
ــــــــــــــــــــــــــــ
"كانت الوحدة تلتف حولي وكأنها حبل المشنقة، والعزلة تسلبني لبي، والأيام تمضي طويلة أمام عيني كأنها أسلاك لا متناهية وأنا أقضمها الواحدة تلو الأخرى ولا أجد لها طعم. كنت سجينا وما أنا بسجين أنزوي كل مساء في ركن قصي من أركان غرفتي مرتميا في حضن الأوجاع، أطفئ النور وأغلق النوافذ بإحكام كي لا أدع أية فرصة له ليتسلل إلى أرجائها، آخذ شمعة وأشعلها، أقضي الليل كله أتأملها وهي تحرق نفسها أمامي. والحقيقة أنني كنت أرى نفسي تحترق لا الشموع، كنت أحترق كل ليلة بصمت، قلبي، عقلي، روحي، وجداني جميعهم كانوا يكتوون بلهيب الحرمان الذي يتأجج داخلي، ولا قدرة لي على إخماده...كنت أتألم لوحدي وأنا أحترق في تلك الزاوية القصية جالسا القرفصاء كعجوز تنتظر موتها بعدما أنهكتها قسوة الحياة وتخلت عنها.. أستمر على تلك الحالة حتى تموت الشمعة ويعم الظلام الغرفة، فأقوم من مكاني وأستلقي على السرير كسكير قضى الليل كله يحتسي كؤوس النبيذ حتى داهمته الثمالة وأفقدته القدرة على التحرك فسقط مغشيا عليه، منتظرا انجلاء الليل وبزوغ الصباح...
في الصباح أستفيق ولا أصحو.أقوم فأغسل وجهي الشاحب بماء بارد كالثلج، وأنصرف...
أخرج من الغرفة تائها لا وجهة لدي محددة، فحتى الأغنام عندما تخرج من الحظيرة تعرف وجهتها في الغالب، إلا أنا فقد كان التيه هو طريقي الذي أسلك، أتخبط خبط عشواء في منعرجاته الوعرة قدماي لا تسعفاني وكأنني فقدت القدرة على النظر، كنت أسير وأسير بخطوات متباطئة ككهل نال منه ضنك العيش وفقد جل قواه، كانت أشعة الشمس تلفح وجهي لدرجة كنت أخالها شرارات نار ستحرقني لا محالة، وزقزقة العصافير صخب يشق طبلة أذني، لم أكن أعبئ بشيء لا بالمارة الذين يسابقون الزمن بدون جدوى وكأنهم في سباق محموم ضد أنفسهم، ولا بضحكات الأطفال البريئة التي ستعدم حينما يدهسهم قطار الحياة السريع...كل ما كان يهمني هو هذا الفراغ الذي كان جاثما على صدري ويثقل كاهلي، وتلك الأوجاع التي كانت تُغرز في قعر وجداني كسكاكين حادة، وكأن وجودي في هذه الحياة كان خطأ ودخولي إليها كان بصفة زائر غريب وبمحض الصدفة....
كنت ضائعا في الزمان والمكان، فلا أحداث تكمل قصتي، ولا أفكار توجه عقلي و لا مشاعر توقف تيهي وكأن سفينة حياتي فقدت ربانها وأوشكت على الغرق... نعم كنت أغرق شيئا فشيئا في بحر الضياع والصمت العميقين، وكنت في مسيس الحاجة لمن ينقذني ويوجه سفينتي نحو الشط، كنت في حاجة لمن يرتب أفكاري، وينتشلني من تلك الفوضى العارمة التي كانت تكتنفني، من تلك الأمواج التي تضرب سواحل حياتي، لمن يضيء طريقي الحالك، ويخرجني من الظلام إلى النور، لمن يمسك بيدي ويجنبني سبل التيه...كنت في حاجة لمن ينقذني من الضياع الوشيك وكفى...."







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوراق مبعثرة على سرير الموت الورقة 1-بداية البوح أم نهاية ا ...


المزيد.....




- العراق ضيف الشرف.. ما أسباب تراجع المشاركة العربية في معرض ط ...
- العراق حاضر بقوة في مهرجان كان السينمائي
- رئيس الوزراء الإسباني يتهم -يوروفيجن- بـ-ازدواجية المعايير- ...
- بنزرت ترتدي عباءة التاريخ.. الفينيقيون يعودون من البحر
- نيكول كيدمان محبطة من ندرة المخرجات السينمائيات
- الأميرة للا حسناء تفتتح الدورة الـ28 لمهرجان فاس للموسيقى ال ...
- مهرجان كان: موجة الذكاء الاصطناعي في السينما -لا يمكن إيقافه ...
- عبد الرحمن أبو زهرة اعتُبر متوفيا.. هيئة المعاشات توقف راتب ...
- عمر حرقوص يكتب: فضل شاكر.. التقاء الخطَّين المتوازيين
- فريق بايدن استعان بخبرات سينمائية لإخفاء زلاته.. وسبيلبرغ شا ...


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الوهاب أوذاير - أوراق مبعثرة فوق أسرة -الموت-..