أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إبراهيم رمزي - من يوميات الشيطان














المزيد.....

من يوميات الشيطان


إبراهيم رمزي

الحوار المتمدن-العدد: 4829 - 2015 / 6 / 6 - 04:45
المحور: كتابات ساخرة
    


دعا الشيطان إلى ندوة صحفية. كانت القاعة تعج بالأكثرية من ممثلي الدول الإسلامية والعربية، وقلّةٍ من ممثلي الدول الكافرة. والكل يحاول حدس ما سيقوله الشيطان.

القاعة عبارة عن معرض للأزياء والألوان: عباءات وجلاليب، كوفيات وعمائم، طرابيش وطواقي، صلعات جرداء وجِمام مرسلة، "تكتوكات" مهذبة ولِحى كالمكانس ... نِعال وبَلْغات، أحذية وصنادل، منها الجديد والرثّ، الفاقع اللون والغامق، ... نظارات مقعرة ومحدبة، آلات تسجيل وتصوير، حواسيب ولوحات، أقلام ومذكرات، خواتيم وساعات، تتفاوتُ قيمةً: من الثمين إلى البسيط إلى المتواضع .. أمّا الكحل والحناء والعطور والبخور فأصناف لا تحصى ما بيْن مكتومٍ فاضح ونمّام بيِّنٍ.

جلس الشيطان – وبعض ذريته – في المنصة، وقال:
يا عرب، ويا مسلمين، يا .. (وبعد صمت قصير، يواصل) – كِدْتُ أقول يا إخوتي، ولكنه شرف لا تستحقونه مني -، ما شعرت بالحيرة أبدا حتى كان زمانكم هذا .. أتعبتموني .. أتعبتموني، لذلك قررت أن أستريح منكم لبعض الوقت.
تعالت القهقهات في أركان القاعة متجاوبة مع الطُّرْفة، ولمع في العيون بريق انتصار أو أسى انكسار، حسب تأويل نكتة الشيطان.
وبعد عودة الهدوء، تابَع:
أنا بحاجة للراحة والاستجمام، للتفكير في أساليب ملائمة لمواجهة المستجَدّات، وقد خطر لي تعليقُ مهامّي إلى أجل، والدخول في بَيَات مؤقت، ربما يفضي إلى الاعتزال والتخلص منكم. وأنتم تعلمون أن التخلي عن الكرسي قرار صعب يدخل في دائرة المستحيل. ولكن العناء الذي تخلقونه لي يجعلني أرحّب بالتخلي. وأُجْمِل متاعبي في هذه الأمثلة:

أولا:
أيها المسلمون، سئمت أن أراقب – وبملل قاتل - كل واحد منكم خمس مرات في اليوم، محصيا عليه الفرائض والسنن والمستحبات والنواقض والمبطلات في كل من الوضوء والصلاة (دون الحديث عن الصوم والحج) .. مئات العمليات في اليوم لكل واحد لأتسقَّط إخلاله وعثراته كي أبارِكها .. ولا أحتاج إلى تذكيركم بالحُصاص - وربما الإسهال أحيانا - والذي يعتريني عند كل أذان. كل ذلك يستغرق مني وقتا مهِمّا، ويشغلني عن أنشطة أخرى لا يجدر بي التقصير فيها. فمتى أراقب: السفاحين والجناة،؟ والظالمين والطغاة؟ والمُرائين والعصاة؟ واللصوص والزناة؟ والغشاشين والمزورين؟ والكذابين والمستغِلِّين؟ والناهبين والمرتشين؟ والحاقدين والدساسين؟ والمتاجرين بالبشَر وبالأعراض وبالعقول؟ و .... ؟؟؟

ثانيا:
صار – أيها المسلمون – دَيْدنُكم: "إنما المؤمنون أعداء، فأجّجوا بينهم العداوة والصراع والمذابح والبغضاء"، صرت أبدو كالصبي أمام معلمه، تنوبون عني، وتنسبون ذلك إلى الله حين تهتفون: الله أكبر. تطاولتم على تخصّصاتي دون إذن مني. فأنا أشكو من العطالة في هذا الباب. لكن، والحق أقول لكم،: إن الكثير من أساليبكم فيها الابتكار، وتثير حسدي لكم، بل أعترف بعجزي عن تصورها والإتيان بمثلها.

ثالثا:
أيها المسلمون، كنت أتعب في توزيع شروري على بقاع الأرض، فصرتم تزاحمونني وتؤخرونني، وأنا أثمّن وفاء الأوفياء لفلسفتي، ولكنني أصبحت أكره مناظر الدمار والموت والدماء والتعذيب والتهجير والدموع ... لِمَا تقترفون بدلاً عني. تُشِيعون الخرابَ في دياركم وبين أهليكم، وتنقلون الإرهاب إلى أقوامٍ ديارُهم بعيدةٌ عن دياركم. أليس في ذلك عطالة لي؟.

قاطعه أحدهم بصوتٍ متضرِّعٍ يكاد يتحوّل إلى بكاء:
يا عمّنا، الله يخلِّيك، لا تعطّلنا، ولا تقطع أرزاقنا.
سأله:
ما اختصاصك يا "ولدي" المذعور؟
أجاب:
هدايةُ المخطئين أو التغرير بهم – حسب الظروف -، وإخراجُ الجن، والعلاج بـ ...
لم يتم الرجل كلامه حتى انهالت عليه الصفعات واللعنات، والنعال والأحذية، ... وقائل يقول:
أهذا سؤال يطرح بهذه الصيغة؟ وتدعو له – أيضا – يا ابن الـ ....

تعالتْ ضوضاؤهم، وتشعّبتْ غوغاؤهم، واختلطتْ أياديهم، فتمتم الشيطان: حتى الاستنكار لا بد أن يقترن بالعنف والسفه. ثم انسحب من القاعة وهو يبتسم بمكر، بينما فِكرُه مشغول بالسؤال الملحّ: أيهما أفضل: الاستمرار؟ أم الاستقالة؟



#إبراهيم_رمزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- باسْم السيف وباسم الكوثر
- -السيخ- بغدادي
- على هامش مقال للأستاذ كامل النجار
- الوقاية من وباء التعالُم
- هوية
- قليل من الوقاحة
- جَنة وجَنة
- تعقيب على: خطأ إملائي.
- بأية حال عدت يا عام؟
- الفحش في المؤلفات
- من أرض لوط
- دستور .. يا عالم، دستور
- رسالة إلى دعوي: لا تكن إلهي
- مقعد إسلامي دائم في مجلس الأمن
- ظل الله في الأرض؟؟؟
- قراءة في كتاب: تجربة فؤاد عالي الهمة بين الإبداع والاستنساخ.
- أدعية تسيء إلى النبي
- فتاوي النجاسة والكاماسوترا
- عن القُبلة ... ورمضان
- أحزاب جزر الواق واق


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إبراهيم رمزي - من يوميات الشيطان