أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المريزق المصطفى - النخب المكناسية بين المؤسسات التقليدية و التطلعات الحداثية














المزيد.....

النخب المكناسية بين المؤسسات التقليدية و التطلعات الحداثية


المريزق المصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 4811 - 2015 / 5 / 19 - 08:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل من الضروري العودة اليوم من جديد للتفكير في معالجة القضايا التاريخية لمدينة مكناس انطلاقا من نزعات الوعي الناجمة عن حركة الصراع و التطور لهذه المدينة، أم انطلاقا من تأثير الحصيلة المعرفية بالواقع و التحديات التي يفرضها المستقبل؟
بصرف النظر عن الدوافع التي قد تحركنا لطرح مثل هذه الأسئلة، يبدو من الواضح أن التعبير عن النموذج البديل يفترض قبل كل شيء التخلص من التبعية للجهاز المؤسساتي الذي ينتج و يعيد إنتاج النظم الاجتماعية التي تخرج من رحيم النظام السياسي الذي يعتبر في العلوم السياسية الإطار العام للنظام الاجتماعي. و نعني هنا بالنظام السياسي مؤسسات السلطة، جهاز الدولة ووسائل عملها و كل ما يرتبط به ( حسب موريس دوفيرجيه).
لعل الحديث هنا عن واقعنا المتخلف لا يكفي منا أن نكون على علم و دراية بما يحدث من حولنا، و لا يكفي كذلك الوعي بمعالم التخلف و ما تطرحه هذه الأخيرة من أسئلة حول ظواهره و تجلياته.
إن أزمة علاقة المدرسة بالمجتمع باتت من العناصر التي يتطلب فهمها و دراستها، خاصة و أن الوظيفة الاجتماعية الأساسية التي يقوم بها نظام التعليم باتت تكرس هذه الأزمة من خلال تمرير أهداف و مناهج و وسائل و إدارة و أطر تعليمية و تربوية، ألخ. تنتج الخضوع لقيم النفور و انعدام الثقة و التشكيك في كل المشاريع و التهرب من المسؤولية و التنكر لقيم الديمقراطية و الابتعاد عن تحمل المسؤولية.
ما يحدث اليوم في مدينة مكناس من هروب النخب من الفضاء السياسي، يعتبر جزء من ما أنتجته التحولات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية التي عمقتها أزمة علاقة المدرسة بالمجتمع. فدور المدرسة في المدينة أصبح دورا ثانويا يقتصر على تقديم بعض الخدمات البسيطة التي لا ترقى إلى مستوى الإبداع و تعليم آليات الحكامة الجيدة و احتضان الكفاءات القادرة على المساهمة في نمو و تنمية المدينة و المشاركة في صناعة القرار أو التأثير فيه.
مكناس اليوم، مثلها مثل العديد من المدن المغربية، تعاني من تراكم مشاكل معقدة ناتجة في المقام الأول عن غياب إستراتيجية واضحة لدى الفاعلين المحليين، و غياب آليات التحفيز و القيادة في المقام الثاني، و غياب التفاعل الايجابي مع طموحات أهل المدينة و الفاعلين فيها.
لقد أكدت العديد من الظواهر الاجتماعية أن ولادة النخب في مكناس - سواء تعلق الأمر بالنخب الإدارية، أو النخب الاقتصادية، أو النخب السياسية- كانت في غالبية الأحيان ولادة غير طبيعية. و هي بصورة عامة، نخب تقليدية لا تؤمن بالتنافسية و لا بالتراتبية الجماعية المتولدة عن الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج (مثلا). و هي بالتالي فئات لا يعتمد عليها في الاستقرار و الديمومة. و النتيجة هي تشويه الفضاء العام و زرع قيم المحسوبية و الزبونية و المحاباة، بدل إنتاج قيم التقدم و التطور.
إن مثل هذه النخب تحجب الحقيقة و المعرفة، وتدفع النخب ذات المرجعية الحداثية و الديمقراطية إلى الابتعاد عن الواقع و الهروب إلى الخلف، و الاهتمام بالإنجاب و تربية الأطفال و توفير شروط تمدرسهم، و الصهر على راحتهم و الاستثمار في العائلة و متطلبتها المعنوية و المادية.
إن التركيبة البشرية للجماعة الحضرية لمدينة مكناس تبين بالملموس هروب و نفور النخب الحداثية و الديمقراطية من تحمل المسؤولية رغم ما ينص عليه الدستور من مبادئ التدبير و التعاون و التضامن و تأمين مشاركة السكان في تدبير شؤونهم و الرفع من مساهمتهم في التنمية المندمجة و المستدامة.
إن قراءة انعكاسات هذا الوضع، تبين التكلفة الباهظة التي تؤديها الساكنة في العديد من المجالات التي تخص الحياة الحضرية. كما أن انعكاسات المخططات العشوائية على ساكنة المدينة، جعلت من مكناس مدينة بدون هوية و بدون طعم و لا مذاق.
فرغم التوسع الذي تحقق في اتجاه إعمار المدينة، تعيش مكناس هوة حضارية نتيجة غياب نسق حضري و وجود أنماط و مظاهر لم تشملها عملية التغير الحضري، أفقدتها و ظيفتها السياسية و الثقافية و الصناعية.
إن الجماعة الحضرية لمكناس ليست مجرد حجم و كثافة سكانية، و ليست مجرد أنشطة مادية و تكنولوجية تطبع بها المجتمع المكناسي. و لهذا، فدور النخب "الصالحة" في نمو و التطور بات دورا محوريا في التأثير على نمط الحياة و فق ما يحتاج له البناء و التنظيم الاجتماعي من وظائف حقيقية سياسية تخص تنمية المؤسسات الإدارية، و اقتصادية تخلق شروط الإدماج الاقتصادي، ثقافية تربط بين المدرسة و المجتمع، و اجتماعية تتعلق بالحماية الاجتماعية و السلم و الأمن و الأمان.
الآن، و نحن على أبواب استحقاقات جديدة، من الصعب الإحاطة بكل خصوصيات مدينة مكناس، و من الصعب إقناع النخب الحداثية و الديمقراطية بالدخول في الممارسة السياسية اليومية. و هو بالتالي ما يصعب فهمه أو الحكم عليه لاسيما في ظروفنا الحياتية الحالية التي توفر لغالبية الناس المعلومة و التواصل الواقعي و الافتراضي و التنقل و الإعلام و التكنولوجية.
إن أزمة المدرسة، في الواقع، انعكاس لأزمة الإنتاج الاجتماعي نفسه، لذا فإحداث تغيير جذري في منظومة التعليم يطرح مهمة سياسية كبيرة تستلزم تغيير لصالح القوى الاجتماعية الحداثية و الديمقراطية و لنخبها التي لها المصلحة الأولى في تحرير المجتمع من مدرسة تنتج التمييز، و مقاومة المد الرجعي و المحافظ.
و إذا كان هذا الطموح يتطلب زمنا آخر غير زمننا، فلنا أن نختار بين الانتظار و بين المشاركة و الاقتراب من الواقع و الانخراط في كل الديناميات المجتمعية التي لا تخشى التطور الجديد و لا المصلحة العامة، لكي لا نكون من أولائك الذين يطلبون كل شئ و غير مستعدون للتضحية بأي شيء.

المريزق المصطفى، أستاذ باحث بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس - المغرب -



#المريزق_المصطفى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التراث والمدينة : من التدبير التمثيلي إلى الحكامة التشاركية، ...
- لأني أحبك...
- قافلة الجديدة من أجل مدينة مواطنة
- قافلة المنتدى الوطني للمدينة من أجل مدينة مواطنة
- محطات متعددة و الهدف واحد: مستقبل المدينة المغربية ...تغطية ...
- الندوة الدولية الرابعة بمناسبة اليوم العالمي للمهاجر
- روح المدينة
- على هامش الإضراب العام: نريد سماع صوت البورجوازية الوطنية ال ...
- الشبيبة الحزبية و رهانات المستقبل
- تضامنا مع حركات المعطلين بالمغرب
- الحركة القاعدية المغربية مسار نضالي يستحق الانتباه، و القاعد ...
- محاولة لفهم الحركة القاعدية المغربية
- لماذا مطالبة الوزير لحسن الداودي بالاستقالة و تقديمه للعدالة ...
- من حلم الثورة إلى الديمقراطية القاعدية
- حقوق الانسان و الانتقال الديمقراطي
- عن أزمة الحوار الديمقراطي في المغرب
- سنة أمازيغية جديدة 2964
- بيان وطني علني رقم 1..
- في الحاجة إلى بعضنا... ..................................... ...
- بمناسبة مرور سنة 2013 : لماذا لا نعشق مكناس كما عشق -غارسيا ...


المزيد.....




- متى أصدر ترامب أمره النهائي بضرب إيران؟ مسؤول بالبيت الأبيض ...
- -عدوان همجي-.. بيان لحزب الله بعد ضربات أمريكا على حليفته إي ...
- رئيس إسرائيل لـCNN: لم نجر أمريكا إلى الحرب.. بل اختارتها لم ...
- فيديو متداول للقصف الأمريكي على منشآت إيران النووية.. هذه حق ...
- بعد الضربة الأمريكية.. علي شمخاني مسشار مرشد إيران: -اللعبة ...
- لقطات قبل وبعد.. صور أقمار صناعية تظهر دمار منشآت إيران النو ...
- في ظل أزمات الرئاسة والمحاكمات.. البرازيل تشتعل بسبب دمى -ال ...
- عشرات الضحايا في تفجير انتحاري نسب لـ-داعش- داخل كنيسة في دم ...
- سيناريوهات تدخل حزب الله بعد الضربة الأميركية على إيران
- دول عربية تعرب عن قلقها بعد الضربات الأميركية على إيران


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المريزق المصطفى - النخب المكناسية بين المؤسسات التقليدية و التطلعات الحداثية