أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - أحمد محمد منتصر - إلي عزيزي المواطن














المزيد.....

إلي عزيزي المواطن


أحمد محمد منتصر

الحوار المتمدن-العدد: 4807 - 2015 / 5 / 15 - 07:30
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


إلي عزيزي المواطن المتواجد في حيز كوكب الرأسمالية الأرضي , القاطن تحت سماء اخترقتها ناطحات السحاب و الأبراج , و أرضٌ تجولها الدبابات و يُراق بها الدماء و تُنتهَك فيها حقوق من هم ليسوا أهلٌ لناطحات السحاب و الأبراج , تحياتي إليك عزيزي مُرسَلة من مواطن درجة دُنيا في إحدي دول العالم الثالث , من بين العشوائيات المتمركزة علي أطراف العاصمة الثانية للبلاد , المُتمترس بداخلها العديد من الثكنات العسكرية لجيش الدولة النظامي و عديد من الكمائن و النقاط البوليسية , أياً كان موقعك مني جغرافياً فأنا أرقد في الدرك الأسفل من المجتمع العالمي و أعيش بمعونات من جعلوهم إجبارياً أشقّائي و أحارب ضد من جعلوهم هم أعدائي .
أنا الذي وُلد بأواخر القرن العشرين فوجد نسلُ القاتل قابيل لم يختلف كثيراً عن أسلافهم من القرون الماضية فهذا ما وجدوا عليه آبائهم و أجدادهم , اقتل لتعيش نعم فلتقتل برصاصك حتي ينفذ , ثم ضع السلاح جانباً و اقتل مرة أخري , اقتل بِسم الله و بسم الدين و بِسم الحرية و بِسم الإستثمار و بِسم الأموال و الأهم أن تقتل لتعيش .
آسف عزيزي المواطن فلم أتمكن من معرفتك , و لكن ما أعرفه أنك إن كنت من طبقتي الدُنيا فستفهم ما أعنيه تماماً و سيعنيك ما أقوله بقدر ما حياتك تُعنيك , و أما إن لم تكن من طبقتي فستكون سعيداً جداً بفنائي و فناء طبقتي و حتماً ستكونُ أسعد و أنت تراني كـ الترس مطحون يومياً في آلة صنعتها أنت و طبقتك تستثمرني فيها مثلما تستثمر أموالك .
لا يشغلني مكان تواجدك علي هذا الكوكب الأسود قدر ما يشغلني دورك في إنتشال بقايا بذور الإنسانية المتواجدة حتماً في بِقاع كثيرة من هذا العالم , فوباء الرأسمالية ضرب العالم أجمع و أعراضه ظهرت بوضوح علي البشرية بأكملها , فالجميع مصاب و لكن قليلون من قاوموا الوباء , فمن رضخ لوباء الرأسمالية قبِل قوانين وضعية إستغلالية غير آدمية بالمرة , و من قاوم حتي إن لم ينتصر فقد حافظ علي بعض من إنسانيته و آدميته .
عزيزي المواطن مهما إختلف موقعك أو دينك أو جنسك أو لغتك فحتماً ستعاني من الرأسمالية , ستعاني من طحنها أو من رفاهيتها , أناس ينتحرون من الحاجة و آخرون من فيض الحاجة , أناس يشتكون الأمراض و الأوبئة و آخرون شكواهم الإكتئاب , فما زلنا نعيش في عالم القتل المُباح , فقديماً قتلوا بالرصاص و الآن يقتلوا بالدولار .
لقد قسّموا عزيزي المواطن بيننا بحدود ابتكروها هم لكي يحفظونا داخلها و لن تتعداها إلا بإذن رب البلدة , فأنا هنا محبوسٌ لست بالزنزانة و لكن خلف الحدود و مُسلّطٌ عليّ أسواط ليست من الجِلد و لكن من الإستغلال و الفقر , عزيزي المواطن لقد أتممت ستةُ عشرَ عاماً أتعلم و لكن ما استفدته حقيقة خلال هذه الرحلة أنني تعلّمت القراءة و الكتابة , فقد لقنوني ما أرادوه من تاريخهم و جعلوني أحفظُ ذلك و ذاك , ثم التحقت بالجامعة و أدرس بكلية العلوم لا لإنني أحبها و لكن لم يحالفني الحظ بكلية الهندسة , ثم بعد شهور قليلة سيذهب كثيرون من بني جيلي لأداء ما يسمونه بالخدمة الوطنية , و من المحتمل عزيزي المواطن أن نلتقي يوماً ما في ميدان حرب نقتل بعضنا البعض , فكما أبلغتك ما زلنا نعيش في عالم القتل المُباح .
عزيزي المواطن أحياناً تكون جريمتك أنك إنسان , و سيتم وصمك بأبشع الصفات و تُلفّق لك الإتهامات إن ناصرت يوماً حقاً , فداخل حدودي هنا للحق سيفٌ لا يحميه بل يضيعه إذا تم المطالبه به , و يؤسفني أن أبلغك أن وباء الرأسمالية استشري ليس بين البشر فقط بل في أذهانهم و أفكارهم , فالرأسمالية لم تنجح إلا عندما جعلت البشر أنفسهم في علاقاتهم مجردين تماماً من مشاعرهم و مبادئهم لا يفكرون سوي في المادة و فقط , الرأسمالية جعلت المادة مسيّرة لحياتنا و علاقاتنا بشكل كبير , بدون المادة عزيزي المواطن لا قيمة لك حتي إن كنت ذو علم أو مباديء , فمن الممكن أن تكون ذو علم و المادة فقط هي من ستظهر علمك هذا إلي النور , ثم نأتي للعلاقات الشخصية التي تُعكر صفوها المادة , فنجد الأب عند إختلاف رأي أو موقف ما مع الإبن مردداً جملة نسمعها كثيراً في أوساطنا " ألست أنا من كبّرك و صرف عليك ... " , حتي العلاقات السامية كالزواج و الإرتباط باتت مهددة بالفشل بسبب المادة , فكم شريكين اتفقا علي أن يكونا بحياة بعضهما و لظروف مادية فشلت علاقاتهم , أليست كل هذه المأساة مما جنته الرأسمالية و ما زرعته و غرسته في أذهان المجتمعات .
عزيزي المواطن المشكلة تكمن في قطيع مُسيّر بأدوات عديدة , و حينما شردت عن القطيع اتهموني بالتطرف , فعندما قرأت أصبحت في نظرهم مُتخلّف , و لما بحثت جعلوني مجنوناً , و لما ناقشت سدوا آذانهم , و عندما رأوا الحقيقة أغشيت أعينهم , و حينما استدعيت ضمائرهم هنا نطقوا بأنها سُنة الحياة و هذا هو المُقدر و المكتوب , أمُقدرٌ علينا الفساد و الفُجر و التجبرت , أيُ عدل هذا من يرتضي بذلك قدر , أيُ حياة نحيا و نحن من سيء إلي أسوأ , و أولاة أمورنا طواغيت و رجال ديننا مرتزقة , و من جَدّ لا يجِد , و لا يصح إلا ما في نظرهم فقط صحيح .
فلتسقط عزيزي المواطن كل الحدود التي قسّمونا بها , فلتسقط الحروب التي إختلقوها لنتناحر فيما بيننا و هم جالسون يعطون الأوامر من قصورهم و ثكناتهم , فلتسقط رأسماليتهم بأفكارها العفِنة و سلطويتهم المستَمدة من قوانينهم الوضعية , كل الدعم و التضامن مع أي حركة مقاومة نضالية في أي بقعة من بقاع هذا الكوكب الرأسمالي يُطلب بها حق أو يُنتزع بها إستقلال أو تُشعل بها إنتفاضة ثورية إجتماعية , فجميعنا سواء تحت سوط الرأسمالية , فيا أعزائي المواطنين اتحدوا .



#أحمد_محمد_منتصر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان المسلمون .. جُناة أم ضحية
- هذا ما وجدنا عليه آباءنا و أجدادنا
- مغلطناش في البخاري !!
- النعرة الناصرية .. من الإنقلاب للسقوط
- سلطوية رجال الدين .. من الأزل و إلي الأبد
- محمد إسماعيل - عبده - .. مُخبر شرطة عميد كلية
- ما يُقترف بِسم سُنة الحياة
- أنت و مالك رأس مال لأبيك
- التجنيد الإجباري المصري .. رأس مال القوات المسلحة


المزيد.....




- المغرب: استئنافية الرباط تؤيد الحكم بسجن الصحفي حميد المهداو ...
- مجموعة السبع تدعو إلى استئناف المحادثات بشأن نووي إيران
- -مهددة بفقدان البصر-.. الشرطة الأسترالية تعتدي على محامية خل ...
- ترحيب أممي بتسوية أوضاع 2400 من عديمي الجنسية في مالي
- الجوع يهدد 4 ملايين لاجئ سوداني في دول الجوار
- السيسي: لا سلام في المنطقة دون دولة فلسطينية على حدود 67
- إعلام عبري: قادة بالجيش يحذرون من وقف العملية البرية في غزة ...
- تدقيق أمني ومالي.. الخناق يضيق على -إخوان أوروبا-
- دراسة تكشف العلاقة بين تناول الجبن و-الكوابيس-
- خامنئي: توقع استسلام إيران لبلد آخر أمر -سخيف-


المزيد.....

- اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات / رشيد غويلب
- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - أحمد محمد منتصر - إلي عزيزي المواطن