أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جودت هوشيار - زوبعة في فنجان














المزيد.....

زوبعة في فنجان


جودت هوشيار
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 4805 - 2015 / 5 / 13 - 21:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في اوائل السبعينات من القرن الماضي ، كان لي صديق عزيز ، مهندس من مدينة الحلة ، المدينة ، التي قدمت للعراق ، عدداً كبيراً من خيرة العلماء والمفكرين والأختصاصيين في شتى حقول المعرفة . درسنا وتخرجنا معاً في الكلية ذاتها ، . كنا من عشاق المسرح ، وحين عدنا الى العراق عملنا معاً في بناء القاعدة الصناعية للبلاد ، ضمن عدد كبير من المهندسين الذين ، تخرجوا من الجامعات الأجنبية . لم يضعف عشقي للمسرح في زحمة العمل ، وكنا نذهب سوية لمشاهدة المسرحيات ، التي تعرض على مسارح بغداد . ولكنني بعد فترة قصيرة ، قلت لصديقي أنني لم أعد اطيق هذه المسرحيات المفتعلة ، التي يعلو فيها صراخ حمورابي ، أو يتحول فيها هاملت الى مهرج يلقي المواعظ . ومنذ ذلك الحين ، ما زلت في حيرة من أمر المسرح العراقي . العراقيون ، أو لنقل ، الكثيرين منهم ، ممثلون بارعون في الحياة اليومية ، ولكنهم عندما يعتلون خشبة المسرح يتحولون الى مهرجين ، لو شاهدهم حمورابي أو هاملت لمات من الضحك .
قلت لصديقي ذات مرة ، وكنا قد شاهدنا تواً احدى المسرحيات الهزيلة على خشبة ( المسرح الوطني ) :
- لماذا لا يستطيع الممثلون العراقيون تقمص أدوارهم في حين أنهم ممثلون ، بارعون في الحياة.؟
قال صديقي لأن التمثيل عل المسرح يتطلب صدق المشاعر ، وقدرة الممثل على التعاطف والمشاركة الوجدانية مع الشخصية التي يمثلها .
ليس المقام في هذا الطرح الدخول في مناقشة حول المسرح العراقي ، بل تشريح المسرحية ( السياسية ) الفاشلة ، التي تعرض هذه الأيام على شاشات الفضائيات العراقية الرسمية وغير الرسمية ، التي تنفذ اجندة غيرعراقية تعمل على تعميق التقسيم الفعلي للعراق .
حديثنا اليوم عن الضجة المفتعلة المثارة في بغداد الميليشيات ، حول تصريح رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور اوربان عن تأييد بلاده لأستقال كردستان . الساسة التي يتبارون في بغداد اليوم في اصدار البيانات والأدلاء بالتصريحات الديماغوجية ، عن حرصهم على العراق ( الواحد الموحد ) ويعتبرون تصريح رئيس الوزراء الهنغاري تدخلاً في الشؤون الداخلية العراقية ، ولكن لم يعترضوا يوماً على التصريحات الفاقعة لمسؤولين كبار في الجارة ايران ، التي تعد انتهاكاً لسيادة الدولة العراقية ، وتدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية .

بعض هؤلاء صرح بأن بغداد أصبحت عاصمة للأمبراطورية الفارسية ، والبعض الآخر أعلن بأن طهران تحكم اليوم خمس دول ( عربية ) في الشرق الأوسط ، والأخطر من هذا كله هو تصريح أحد المسؤولين الأيرانيين ، بأن الخط المار على بعد 40 كم من الحدود داخل الأراضي العراقية ، هو الخط الدفاعي الأمامي الأيراني .
ولا يقتصر التدخل في الشأن العراقي على التصريحات الرسمية الأيرانية ، فبغداد نفسها باتت اليوم في قبضة 43 ميليشيا تعمل وفق الأجندة الأيرانية ، ورئيس الوزراء حيدر العبادي ، يتجنب الأحتكاك بهذه الميليشيات ويمدها بالسلاح والعتاد بسخاء ، سواء من رصيد الجيش العراقي أو المرسلة من قبل دول التحالف الدولي الى العراق لمحاربة داعش .
اعلان رئيس الوزراء الهنغاري ، ليس تدخلاً في الشأن الداخلي العراقي ، لأن حق الأمم في تقرير مصيرها ، كبيرها وصغيرها ، مبدأ تقره الشرعية الدولية وتنص عليه قررات الأمم المتحدة .
المتباكون في بغداد اليوم على وحدة العراق ، هم الذين عملوا كل ما في وسعهم على تقسيم العراق بشتى الطرق ، وهم الذين يحاولون اليوم ، تقديم السنة قرابين على مذبح ( داعش ) ويحاولون منع العوائل السنية من العودة الى المناطق المحررة ، تحقيقاً لسياسة التغيير الديموغرافي. وهم الذين دأبوا على القيام بمحاولات خائبة لخنق اقليم كردستان المزدهر اقتصادياً ، الذي أصبح نموذجاً ناجحاً وفريدا في المنطقة ، يفضح عجزهم وفسادهم وأدائهم السيء .
الشعب الكردي ماض في طريقه ، والعالم المتحضر يقف الى جانبه ، لأنه أصبح الواحة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يسودها الوئام والسلام بين مختلف قومياته وأديانه ومذاهبه ، دون أقصاء أو تمييز . العالم المتحضر يدرك أهمية ذلك ، كما يدرك أن قوات البشمركة البطلة تدافع اليوم ليس عن كردستان والعراق فقط ، بل عن العالم بأسره .
لنتخيل للحظة ماذا كان سيحدث لو لم تقف قوات البشمركة سداً منيعاً ، امام تقدم ( داعش ) وتمدده ؟ ، قوات البيشمركة هي التي أنقذت كردستان والعراق من دولة الأرهاب الداعشية .
كان الأجدر باصحاب الضجة المفتعلة ، أن يقدموا الشكرلقوات البيشمركة ، التي مكنتهم من الأستمرار في حكم العراق .
دول التقسيم فشلت في قهرارادة الشعب الكردي المطالب بحقوقه المشروعة ، طوال مائة عام في الأقل ،من عمر الحركة التحررية الكردية ،وصمد الشعب الكردي ، أمام الموجات العاتية من التتريك والتفريس والتعريب .، وقدم تضحيات بشرية ومادية جسيمة لم يقدمها أي شعب آخر في المنطقة ، وهو لن يفرط اليوم في حقه في تقرير مصيره بنفسه وليس بأرادة غيره ، مهما كان هذا الغير ..
الشعب الكردي اليوم ليس وحده في الميدان ، بل معه كل أحرار العالم . ثم أن العالم تغيّر وتحوّل الى قرية كونية يعلم كل من فيه ، كل ما يجري فيه .
.
الضجة المثارة في بغداد ، حول تصريحات (اوربان ) ليست سوى ( زوبعة في فنجان ) . وهذه الحقيقة يعرفها حق المعرفة أصحاب هذه الزوبعة قبل غيرهم . واوربان ليس وحده من يعترف بحق الشعب الكردي في الأستقلال ، بل أن ثمة عدداً غفيراً من القادة والزعماء والمفكرين الغربيين ،الذين لا يقلون حماساً عن اوريان في تأييد حق الشعب الكردي في العيش حراً في وطنه.

على أولي الأمر في بغداد أن يدركوا قبل فوات الأوان ، ان زمن فرض هيمنة مكون واحد على كردستان والعراق ، قد ولى الى الأبد ، وعليهم مراجعة سياستهم الخاطئة ، التي جلبت الويلات للعراق ، وكلما كان ادراكهم لضرورة هذه المراجعة أسرع ، كان ذلك في مصلحة العراق عموما ومصلحة الأخوة الشيعة العراقيين في المقام الأول .



#جودت_هوشيار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الذي قسّم العراق* ؟
- العراق في مرحلة ما بعد داعش
- الكاريكاتير : الفن الي يعبّر عن جوهر الأشياء
- ثقافة التسامح والتعايش ضرورة أنسانية ووطنية
- ماذا قال خبير اتصالات بعد لقائه البغدادي في عشاء عمل ؟
- هل حان الوقت لأعادة رسم خارطة الشرق الأوسط ؟
- لماذا يجب أن نقرأ الكتب ؟
- صاحب نوبل للآداب الذى لن يحصل عليها أبداً
- بعض ما كتب عن المؤرخ زبير بلال اسماعيل
- خصائص المحتوى الأعلامي الجاذب للقاريء
- العلاقة الملتبسة بين الأعلام والأرهاب
- التراجيديا الأنسانية الكبرى للكرد الأيزيديين والأعلام العربي
- استفتاء اسكتلندا وازدهار الدول الناشئة
- هل تراجع الدور الكردي في بغداد ؟
- كتالونيا الدولة القادمة في اوروبا
- هل يمكن تجاوز التحديات الوجودية بتوزيع الحقائب الوزارية ؟
- كيف اصبح اقليم كردستان محط أنظار العالم ؟
- المالكي ينصب فخا جديدا للكرد
- خفايا صفقة طائرات السوخوي
- بين صحافتين جيدة وسيئة


المزيد.....




- قرش يهاجم شابًا ويتركه ليهاجمه آخر بينما يحاول الهرب.. شاهد ...
- اكتشاف شكل جيني جديد لمرض ألزهايمر يظهر في سن مبكرة
- نتنياهو: إسرائيل يمكنها -الصمود بمفردها- إذا أوقفت الولايات ...
- شاهد: إجلاء مرضى الغسيل الكلوي من مستشفى رفح إلى خان يونس
- دراسة: الألمان يهتمون بتقليل الهجرة أكثر من التغيّر المناخي! ...
- رغم الاحتجاجات.. إسرائيل تتأهل لنهائي مسابقة الأغنية الأوروب ...
- البنتاغون قلق من اختراق روسيا لمحطات -ستارلينك- واستغلالها ف ...
- الدفاعات الروسية تسقط صاروخين أوكرانيين استهدفا بيلغورود غرب ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صواريخ أطلقت من رفح باتجاه إسرا ...
- العراق يدعو 60 دولة إلى استعادة مواطنيها من ذوي عناصر -داعش- ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جودت هوشيار - زوبعة في فنجان