أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - التفتيت بالفئويات والعصبيات والتآمر















المزيد.....

التفتيت بالفئويات والعصبيات والتآمر


سعد الله مزرعاني

الحوار المتمدن-العدد: 4801 - 2015 / 5 / 9 - 01:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بعد حوالى قرن على اتفاق سايكس ــ بيكو (الفرنسي ـ الإنكليزي) ها هي المنطقة العربية مرشحة، بقوة، لعملية تفتيت جديدة. الهدف هو نفسه، أي كما كان قبل مئة سنة: التحكم بمصائر وثروات بلداننا وتأمين استمرار الهيمنة الغربية، عموماً، عليها، والأميركية منها بشكل خاص. ليس هذا فقط كلاماً تقود إلى استنتاجه الصراعات المجنونة والأزمات المتناسلة والمفتوحة والدموية التي تجتاح المنطقة بالتفاعل مع نزاع إقليمي ودولي كبير. لا نتناول ذلك، أيضاً، من باب تنصنيفه جزءاً من مفاعيل «نظرية المؤامرة» التقليدية التي تنسب كل الازمات للغرب (ماضيه وحاضره الاستعماريان يبرران، الى حد كبير، ذلك!). إن مخطط التفتيت هو واقع فعلي يجرى تنفيذه أمام أعيننا، هنا وهناك وهنالك. وهو، مطروح، حالياً علانية، بعد الكواليس والغرف المغلقة ومراكز الأبحاث... وبطريقة مباشرة، كما لم يحدث من قبل.

في الاسابيع والأيام القليلة الماضية يمكن التوقف عند بعض التصريحات والتحذيرات والتوجهات. أولها، ما أعلنه رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان العراقي السيد فؤاد حسني أن رئيس الإقليم سيطرح، في زيارته الراهنة للولايات المتحدة الأميركية، «ملف الدولة الكردية على طاولة الرئيس باراك أوباما». وكانت لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي قدمت مشروع قانون، طرحه النائب مارك ثورنبيري، يفرض شروطاً على مساعدات عسكرية أميركية للعراق بحيث تذهب مباشرة إلى قوات «البيشمركة» الكردية والميليشات العشائرية «السنية» من دون المرور بالحكومة العراقية، وذلك، كما ورد، تشجيعاً لمشروع تقسيم العراق إلى ثلاث دول: شيعية وسنية وكردية! نقرأ أيضاً أن محافظ مدينة كركوك قد هدّد بإعلانها عاصمة لإقليم تركماني جديد يكرِّس مطلباً تركمانياً بإدارة ذاتية على غرار أقاليم باتت نواة تقسيم أو انقسام. وفي الفترة نفسها، تقريباً، نسبت صحف عديدة إلى مسؤول إيراني تناول ما يجرى التخطيط له من مشاريع تقسيم تُحضَّر في دوائر القرار الغربي لكل من العراق وسوريا واليمن وليبيا.
الخلل الأساسي يقع
في الفئات التي حكمت وتحكم بلداننا منذ نيلها استقلالها السياسي


مشروع التفتيت هو مشروع قديم تغذيه، بالدرجة الأولى، النزاعات المحلية
مشروع التفتيت هو مشروع قديم تغذيه، بالدرجة الأولى، النزاعات المحلية بكل ما يرافقها من فئويات وعنف وانقسامات وأبرزها، في المرحلة الحالية، الصراع المذهبي «السني ــ الشيعي». وهو لا يقتصر على البلدان التي شهدت وتشهد نزاعات متواصلة ومستعصية (السودان قبل ذلك)، بل من المفترض، أو المتوقع، أن يصيب أيضاً، بلداناً أخرى، ودائماً بسبب نزاعات داخلية يغذيها الخارج (الاستعماري عموماً) أو يستند اليها لتحقيق أهدافه. ووفق ما هو ظاهر ومكشوف، فإن قلة من البلدان يمكن أن تحتفظ بجغرافيتها كما هي الآن!
ليس صدفة، في هذا السياق، أن النزاعات تتعقد وتطول وتستعصي على التسويات والحلول. ليس صدفة أيضاً أن واشنطن، صاحبة النفوذ والانخراط الأوسع والأكثر تأثيراً، يتحدث الناطقون باسم إدارتها الراهنة عن «سنوات» لتصفية الإرهاب ولمعالجة بعض الأزمات الحادة والمتفجرة كالأزمة السورية. هذه «السنوات» المذكورة من قبل المسؤولين الأميركيين هي ما يتطلبه إنضاج الأوضاع الجديدة: من وقت، ومن تغييرات، ومن دماء ودمار (عظيمين بالضرورة)، ومن انقسام باهظ التكلفة... بحيث يقبل المتضررون بعده أي تسوية.
إذا أخذنا الأزمة السورية مثلاً، فإن أصدقاء وحلفاء الإدارة الأميركية يأخذون عليها ترددها وضعفها وانكفاءها. في ذلك شيء من الحقيقة، لكن ليس فقط (وليس أساساً) بمعنى الضعف، بل لجهة تغيير المقاربات الميدانية (التكتيك)، بما يؤدي الى تحقيق الاهداف التقليدية السابقة نفسها، لكن بوسائل أُخرى وبكلفة أقل: بشرية ومادية وسياسية. يتصل بذلك أن الاميركيين لا يريدون فعلاً اسقاط حكم الرئيس بشار الأسد. لكن ذلك ليس من قبيل التمسك به، إنما لأنهم يريدون ان يبقى في جزء من سوريا لا ان يغيب عن المشهد بالكامل أو أن يختصره بالكامل أيضاً! ولذلك يؤكد الوزير جون كيري، مراراً، أنه «لا بد من التفاوض مع الأسد» ولكن، ضمناً، على جزء من سوريا وليس على مجمل ذلك البلد! ثم ان الصراع في سوريا وعليها، هو، بمقدار ما يستمر ويستعصي، يستدرج او يغذي صراعات اخرى في دول تبدو «مستقرة» كما يفاخر حكامها بشكل متكرر. هذا ينطبق على الخليج الذي بلغته النار من اليمن خصوصاً، فيما هو مرشح للأسوأ، ولأسباب «داخلية»، كما ذكر الرئيس الاميركي نفسه، وبطريقة أذهلت حلفاءه الخليجيين، في حواره الاخير مع الصحافي توماس فريدمان.
لا شيء في عالم اليوم وتوازناته يمكن أن يحول دون كسر المعادلات (الستاتيكو) القديمة التي نشأت بين وبعد الحربين العالميتين الأولى والثانية. أكبر المتغيرات ضربت الاتحاد السوفياتي نفسه لتخلو الساحة الدولية لأُحادية اميركية ما زالت تصارع حتى اليوم من اجل التفوق والاستئثار والهيمنة شبه الكاملة، وسط منافسة وتحديات ضاغطة بكل المعاني. التحولات والتقسيم ضربا أيضاً دولاً كانت تدور في الفلك السوفياتي: تشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا... روسيا نفسها التي تحاول ان تستعيد نفوذاً وحضوراً دوليين، مهددة بوحدتها ومحاصرة بالقواعد العسكرية على حدودها مباشرة.
لا بد من القول، بدءاً، ان مكمن الخلل الاساسي، والذي لا ينفصل إطلاقاً عن عهود السيطرة الاستعمارية، إنما يقع في الفئات والسلطات التي حكمت وتحكم بلداننا منذ نيلها استقلالها السياسي حتى اليوم. هي قوى تابعة وفئوية. وقد جنحت، خصوصاً في المرحلة الاخيرة، الى استسهال بناء نفوذها وسيطرتها على انقاض الانقسام المجتمعي من كل نوع، بما في ذلك الانقسام المستند الى العصبيات والغرائز. هي، قبل ذلك، راكمت ملفات مخزية في مجال التعامل مع الاقليات العرقية والدينية وحيال حقوق الإنسان عموماً. وصلنا، راهناً، الى حالة من الفشل الكامل حيث تعطلت، مثلاً، مؤسسات العمل العربي المشترك بعد ان كانت قد اقيمت مؤسسات قارية في مرحلة من مراحل النهوض (دول عالم الانحياز).
لا يجوز، وليس صحيحاً أصلاً، التقليل من دور التآمر الاستعماري الخارجي قديماً وحديثاً في ما تعانيه بلداننا، حالياً، من تمزق وتدهور. لكن ذلك لا ينبغي ان يحجب مسؤولية السلطات المحلية التي حكمت اقطارنا في العقود الستة الماضية. تتبلور الآن في مشهد الصراع واحتمالاته، شبه المحسومة، لوحة قاتمة تضيع فيها الحدود والقضايا والمصالح القومية. ثمة اغراءات بتفتيت جديد توزعه، بالنتيجة، قوى اقليمية يراد لها ان تتنافس على السلطة والمكاسب والنفوذ على حساب القضايا وشروط التقدم والتطور المستقر والمستقل والتكامل والديموقراطي. إن ما هو قيد البلورة، بالدم والدمار العظيمين، يكاد يكون أقرب إلى محاصصة على مستوى المنطقة ككل تدفع باتجاهها القوى المعادية: محاصصة، كالعادة، يربح فيها المضاربون وتخسر فيها الأمة ككل!
لا بد من تأكيد، مجدداً، ضرورة مراجعة البرامج والأساليب بما لا يوفر للأعداء القريبين والبعيدين خدمات مجانية: هذا مطروح، بالدرجة الأولى على محور «الممانعة» نظراً لحجمه ومسؤولياته وتراكم الأخطاء والعثرات في تجربته ومحصلاته رغم بطولات ونجاحات لا شك فيها.
لا بد من عمل شعبي مبادر وضاغط واستثنائي لاشتقاق مسار تحرري وحدوي جديد: أي لا بد من التخلص من المراوحة والشلل والعجز والخوف.



#سعد_الله_مزرعاني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واشنطن وطهران وما بينهما
- «عقيدة» أوباما الجديدة
- نقد الأخطاء لتحسين الأداء
- من سوريا إلى اليمن
- «الأمانة» والأمانة!
- أزمتان في أميركا وإسرائيل
- نقاش في مانيفستو اليسار
- عدوان القنيطرة جزء من حرب مفتوحة
- تعقيدات وسلبيات المواجهة الراهنة وتصويب مسارها
- واشنطن و«داعش» ونحن!
- الفساد الغذائي والفساد السياسي
- حركة «النهضة» التونسية... الإنصاف والعبرة
- نظام المحاصصة أصل الفضائح
- المذهبية لتعبئة الأكثرية
- تسعون الحزب الشيوعي: يحتاج إلى نبض الشباب!
- بسبب الاستعمار والعجز؟!
- مرحلة «المنطقة العازلة»
- حلف جديد لأهداف قديمة
- الارتباك الشامل والمواجهة المطلوبة
- التكفير الإرهابي ايديولوجية التخلف؟


المزيد.....




- بولتون لـCNN: النظام الإيراني في ورطة ولا أساس للأمن بوجوده. ...
- الأحداث تتسارع والضربات في تزايد.. هل تنذر المؤشرات بنهاية و ...
- حفل زفاف طفلة في ديزني لاند باريس يثير استنكاراً واسعاً وتدخ ...
- بالاعتماد على استخبارات مفتوحة المصدر.. تقرير يُرجح أن إسرائ ...
- هل عقد ترامب العزم على إسقاط النظام في إيران؟
- أطفال بدو سيناء في وجه السياحة.. حين يتحول التراث إلى مصدر ر ...
- 7 أنواع من الجبن قد تفسد أطباق المعكرونة
- مخاوف أوروبية من إغلاق مضيق هرمز
- مغردون: هل وصلت المواجهة بين طهران وتل أبيب إلى ركلات الترجي ...
- شاهد.. السرايا تستهدف قوات إسرائيلية بصاروخين روسيين موجهين ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - التفتيت بالفئويات والعصبيات والتآمر