|
ماذا تقصد امريكا من مشروع قرارها حول تسليح مكونات العراق ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4792 - 2015 / 4 / 30 - 14:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا خلاف على ان هناك مراكز تخطيط و استرشادات هائلة في امريكا لرسم سياساتها و تنفيذ ما تهمها في العالم، الا ان الحزبين الديموقراطي و الجمهوري لهما لمسات مختلفة في دبلوماسيتهما و كيفية التعامل مع القضايا المختلفة في العالم، الا ان كل مؤشر او تسليط الضوء على موضوع ما لم يخرج للملا الا عند طبخه بشكل كامل و بيان جوانبه السلبية و الاايجابية منه و ما يهم امريكا فكرا و فلسفة قبل كل شيء مهما ادعى طرف ما فيها لمعارضته على ما يبدر، و في كل خطوة يوضح نظرتها الى العالم بشكل كامل و تحتاج قراءتها من قبل الاخرين الى جهد و تمعن و دراية بما تقوم به امريكا و كيف تدير سياساتها العالمية . في هذه الاونة و العراق يعيش في ازمة داعش و عدم التوافق الداخلي و الصراعات المتعددة بين المكونات و تعمق الخلافات يوما بعد اخر، و بعد مشروع بايدن الذي لم يتواصل و لم يمتد لحد باب السياسة الخارجية الامريكية بشكل فعلي و لم تحاول امريكا جهدها في التعامل معه، صدر بالامس مشروع قرار ضمن ميزانية وزارة الدفاع الامريكية وليس مشروعا مستقلا بذاته في مجلس النواب الامريكي حول تعامل مع الكورد و السنة كدولتين من ناحية التسليح المباشر لهم من قبل امريكا . و اعترض من اعترض و افتعل ضجة لنظرته الضيقة الى ما في العراق من باب حركته و حزبه و خلفيته الضيقة، وممن ربما تُضرب مصالحه او من يؤمن بوحدة العراق لاجل فكر و ايديولوجيا ضيقة بعيدة اصلا عن ما يهم الشعب والانسانية التي تفرض ما يهم الانسان هو اولى من اكبر وطن الذي يمكن ان يضحى به من اجل قطرة دم يسفك غدرا، و رغم عدم الامكان باستقرار هذا البلد منذ انبثاقه و مهما طال بهم الزمن و حاولوا تهدئة خواطر المعارضين على سياسة البلد و اواضاعه البائسة رغم التغييرات التي حصلت فان الفوضى و القلق هو نصيب الشعب . تدور في خلد الكثير منا افكار و منها، لماذا ابراز هذا البند الى العلن و اصبح موضوع الساعة في اعلام العالم دون غيره في الوقت الذي كان بالامكان امراره دون ضجة، و لماذا في وقت المناقشة و التصويت و ليس قبله، و كما هو المعلوم ان المشروع يُعد قبل مدة من مناقشته بمدة ليست قليلة . المشروع يمكن ان يمرر في لجنة مجلس النواب الخارجية بسلام و لكن هناك خطوات طويلة اخرى و لا يمكن ان يمر بنصه الحالي في البند هذا في ظل حكم الديموقراطيين، و ما يفعله اوباما من التعامل مع الواقع دون ضجة او خطوات مستفزة للبعض و هو في مرحلة التفاوض مع ايران وهي يهمها ما يجري في العراق . و يركز اوباما كل ما يملكه على نجاح اتفاقيته مع ايران مهما بلغ الامر . الا ان الاكثرية الجمهورية في ملجس النواب يدفع بقبول المشروع و هذا بحد ذاته خطوة اولى لما تنويه امريكا منذ انبثاق مشروع بايدن و ما تترسخ من ارضية خصبة ملائمة لتنفيذه، و كما وصلت الحال اليوم لقبوله من قبل مكونين اساسيين و هما الكورد و السنة على حد سواء، و هو ما يخصهم و يرفضه المكون الشيعي الذي بيده زمام الامور في السلطة العراقية التي لم تهدا منذ سقوط الدكتاتورية، و من الطبيعي ان يرفضه هذا المكون الذي بيده العراق كما فعل السنة خاطئين بعد سقوط صدام و رفضوا المشاركة في العملية السياسية، و اليوم يمكن ان يعيد المكون الشيعي الخطا ذاته و يستمر الحال في اللااستقرار و الفوضى و الصراع الدموي الى ما لا نهاية و لم يستفد منه الا المتدخلين المصلحيين الخارجيين . ان ما في العراق و مواقف من يهمه الامر من الاختلاف الكبير، نرى سكوت السنة و الكورد و هذا علامة الرضا و بعض الاصوات المؤيدة العلنية، و الرفض الشيعي القاطع حكومة و اكثرية الاحزاب و قوى مستاثرة بالسلطة و التوابع، و هذا نابع من مصلحتهم الطائفية الضيقة وليس حرصا على وحدة العراق و سيادته كما يدعون و الا هم من رسموا مستقبل العراق من خلال دستوره المعترف بالاتحادية المبنية على الافدرالية مهما كانت شكلها و نوعها . كانت هناك فرص كثيرة سنحت لتطبيق الفدرالية الحقيقية على الارض و وفق الدستور و بما يرضى به الجميع دون استثناء و كما هي مرسومة و واقعية و تمنع الحساسيات و الاحتكاكات التاريخية الموجودة التي غطت احيانا و برزت في اخرى ، و ترضي به كافة المكونات و توزع الصلاحيات و السلطات على المكونات الثلاث الرئيسية في العراق الا ان المكونين السني و الشيعي و كل منهما في الوقت الذي يعتقد انه المسيطر و يمكنه ان يحكم العراق وفق مزاجه يرفض اي مقترح يساوي به الحقوق و الواجبات و يرضى به الجميع و يعيد كل منهما الخطا ذاته في كل مرة. و عليه لا يمكن ان يستقر العراق دون الفدرالية الحقيقية و من حكم هذه المكونات لانفسهم بما يرضون دون اي استعلاء لاي طرف على الاخر و به يمكن الاتحاد الطوعي دون اغتصاب لحقوق او فرض او جبر من احد على احد . ان كانت نية امريكا فيما تذهب اليه صادقة و مخلصة لا نحن ان ندعيها مهما فعلت، و هذا كلام اخر لانها تفضل تحقيق مصالحها قبل اي شيء، و لكن ان اتاك الخير حتى من عدوك لماذا ترفضه، و عليه لم يبق العراق على حاله مهما طال الزمن و الافضل ان يتم ما يؤمن به الجميع دون استثناء، ولا يمكن ادارة هذا البلد عاطفيا او وفق ايديولوجيات خيالية سار عليه العراق بقوة السلاح و الدكتاتورية بعيدا عن الحرية و الاختيار الذاتي للمكونات . في عهد العراق الملكي و الجمهوري و حتى ابغضه في زمن الدكتاتورية، كان الشيعة و الكورد هم المغبونين و المظلومين و المغدورين من كافة النواحي، و اليوم يرى الجميع ان الشيعة هم المسيطرون و المغبون هو الكورد و السنة و لا يمكنهم ان يسكتوا على ما هم عليه كما نراه على الارض .و ان رفض طرف الحل الملائم سوف يندم بنفسه عند مجيء ما لا ينفعه كما فعل السنة بالامس و ربما غدا الشيعة ايضا ان رفضوا اي حل يقتنع به الجميع . ان كنا صريحين جدا، فلا يمكن للمكونات الثلاثة ان يتواصلوا على ما هم عليه من انعدام الثقة و الاحساس بالغبن مهما كانت السلطة المركزية قوية و جبارة، و يستديم القلق و الاضطرابات المستمرة الى ان يقتنع الجميع بان الحكم الذاتي للمكونات الثلاث هو الحل الامثل في الوقت المناسب وا ن لم ينجحوا اليوم، لاسباب عديدة و منها؛ المستوى الثقافي و الوعي العام و ما يؤمن به المكونات المختلفة من الاعتقادات و الافكار و ما لديهم من الخلفيات المختلفة و تناقضات موروثات التاريخ و حتى العداوات و الصراعات العرقية المذهبية الممتدة التي لا يُقطع دابرها بسلطة مركزية على ارض الواقع و ان ادعى البعض غيرها . و عليه لا يمكن اعتبار المشروع الامريكي اخلاص من راس الراسمالية و نابع من مصلحة العراق الا انه قراءة لواقع العراق و ما يلائمه ارضا و شعبا و الا استمرت الحال على ما هي عليه عقود اخرى كما مرت عقود، و ربما يسيطر مكون على العراق ارضا و شعبا اليوم او غدا و لكنه لا يمكن ان يستمر و يقتنع به المكون الاخر مهما كانت قدرته، لانه لا يمكن بما موجود لديه من الاساس لا يمكنه ان يفرضة ماسسة البلد و لا يمكنه فرض العدالة و المساواة و تكافؤ الفرص في ظل حكم العرق والدين و المذهب البعيد عن العلمانية كما هي الحال الان، و يعيد التاريخ نفسه كما فعل و ما حصل بين الكورد و الحكومة المركزية و التحولات الخطيرة و التغييرات و ما اعاد المتغيرات الجميع الى ما كانوا هم عليه اصلا بين ليلة و ضحاها، و طرد الدكتاتورية من الكويت وفر ارضية لاستقرار و استقلال الكورد النسبي، و اليوم بعد السقوط اصبحت الارضية مترسخة لفدرالية حقيقية و واقعية للمكونات الثلاث الحقيقية الموجودة دون اي تغيير مهما حاولت السلطات تغييرها، و هلي يخفى عن احد ما قامت به الدكتاتورية من التغيير الديموغرافي في المناطق العديدة من اجزاء العراق و كيف عادت الى ما كانت عليه في لحظة من الزمن و التحول الكبير الذي حصل بعد سقوط الدكتاتورية. و عليه يجب ان يتعض الجميع من تاريخ العراق الحديث على الاقل، و عليه ان يتعامل مع العراق وفق ما يهم المكونات كافة و ما لصالحه و كيف يمكن فرض الامن و الاستقرار الادئم المستمر و الحق بعيدا عن الظلم و الاجحاف من قبل طرف مهما كان قويا و مستندا من احد كان اقليمي او عالمي، و عليه يجب ان لا يضيع الوقت اي كان المنفٌذ الامر الحاكم .
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ايران و السعودية في ازمة حكم كبيرة
-
الصراع بين المثقفين اكبر من الشرائح الاخرى
-
هل تدوم زيادة ثروة الاغنياء طرديا مع زيادة الفقراء و اللاعدا
...
-
المجتمع و تحرر المراة
-
يجب ان يعتذر الكورد من ارمينيا رسميا
-
هل سيُعاد زمن الامبراطوريات في الشرق الاوسط ؟
-
كيف تتدخل امريكا في العالم من خلال التنمية البشرية ؟
-
اردوغان بين نارين
-
هل فوضى فكرية حقا ام غياب دولة في العراق ؟
-
حان الوقت لانبثاق اقليم البصرة ؟
-
ما يقصده العبادي من تصريحاته في امريكا
-
هل تركيا حليف السعودية و الغرب ام ؟
-
عراق الدولة ام المذهب
-
لماذا اكاديميا السياسة و الفكر الديموقراطي ؟
-
تداعيات الاتفاق النووي الايراني الغربي على محاربة داعش
-
منطقة الشرق الاوسط ما بعد لوزان و كامب ديفيد الجديدتين
-
هل هناك كامب ديفيد ثانية ؟
-
منفذ المرور الى العلمنة
-
الاعتراف بالخطا فضيلة يا المالكي
-
هل سيتحول الحشد الشعبي الى المهربين ؟
المزيد.....
-
قتلى وجرحى جراء غارات إسرائيلية على سجن إوين في محافظة طهران
...
-
مكتب نتنياهو يعلن قصف موقع رادار بإيران بعد سريان وقف إطلاق
...
-
ماذا دار بين أمير قطر ورئيس إيران بأول اتصال بعد الهجوم الصا
...
-
ماذا حدث بين إسرائيل وإيران بعد دخول وقف إطلاق النار حيز الت
...
-
كيف طورت إيران برنامجها النووي؟
-
تفوّق جوي مقابل تكتيك صاروخي: حرب إيران وإسرائيل تكتب معادلت
...
-
تعطّل القطارات يثير شبهات التخريب قبيل قمة الناتو في هولندا
...
-
إيران تؤكد احترام وقف إطلاق النار إذا قامت إسرائيل بالمثل
-
ترامب ينتقد إسرائيل بسبب هجماتها على إيران بعد وقف إطلاق الن
...
-
امتعاض في إسرائيل بعد انتقادات ترامب
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|