أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد حسام الرشدي - المثقف الطائفي














المزيد.....

المثقف الطائفي


محمد حسام الرشدي

الحوار المتمدن-العدد: 4788 - 2015 / 4 / 26 - 18:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما كتب المفكر والفيلسوف الماركسي أنطونيو غرامشي عن المثقف العضوي وعلاقته بالجماهير لم يكن يخطر ببالهِ أنه بعد ثمانين سنة سيظهر في مهد الحضارات -بلاد ما بين القهرين- نسخة محدثة عن مثقفهِ العضوي هو المثقف الطائفي.. 
ولكن.. كيف يمكن أن يكون المثقف طائفياً؟ أليس ما يميز المثقف هو الوعي الذي يحصنهُ من الانزلاق إلى نفق الطائفية؟ فكيف لنا أن نجمع بين نقيضين المثقف والطائفي؟! يبدو لي أن تعبير المثقف الطائفي هو تعبير مجازي أكثر مما هو واقعي، فمن نطلق عليهم مثقفين طائفيين هم في الحقيقة أنصاف أُميين يجتمعون في مؤسسات الإستمناء الطائفي -وما أكثرها في عراقنا العظيم- فيخرجون برؤية هدفها ابقاء الشعب في الصراع الأزلي بين غلمان قريش، دون أن يكون بينهم أي “مثقف” يملك القدرة على السؤال كيف سيكون المستقبل؟!! 

طبعاً الكلام عن المستقبل داخل مؤسسات الإستمناء الطائفي عبثي وبلا أي معنى.. فماذا تقصد بالمستقبل نحن نعيش في الماضي، نحن ما زلنا نتنفس غبار الخيول التي قادها فرسان الدين في حربي الجمل وصفين؟ ثم ألا تعلم أن المهدي والمسيح والمنقذ -سمهِ ما شأت- هو وحده من يملك مفاتيح المستقبل؟ فلماذا تبلبلون عقولنا بكلمات لا ندرك كنهها؟

إذاً مثقفنا الطائفي لا يفكر إلا بالماضي، أنه رهين نصوص وحكايات وكتب صفراء ولا يمكنه الخروج منها. 

بالعودة إلى غرامشي وكتابه “أوراق السجن”، فقد كان يرى أن المثقف العضوي يكون مؤثراً في ما يسميه الكتلة التاريخية، بمعنى أن المثقف هو صاحب مشروع يسعى إلى اصلاح ثقافي يؤدي إلى تشكيل كتلة ثقافية جديدة تحمل وعياً ثقافياً يواجه بهِ الكتلة التاريخية القديمة المؤلفة من البرجوازية والإقطاع.. فماذا عن مثقفنا الطائفي؟ 

هل يملك مشروع ثقافي؟ غالباً لا.. فكيف لمن يعيش بين جدران تراث يزرع الكراهية والحقد والحروب أن يملك مشروعاً ثقافياً؟ لهذا قلت إن كلمة المثقف الطائفي هو تعبير مجازي أكثر مما هو واقعي. هذا من جهة، من جهة ثانية هل هو مؤثر، نعم وتأثيره كبير، ولكن الغريب أنه مؤثر ومتأثر، وهذا أخطر ما بالمثقف الطائفي. 

يؤثر المثقف الطائفي -وهنا هو لا يختلف عن الروزخون- بالشباب البسيطي التفكير فيحولهم إلى مثقفين طائفيين، ويعتمد بأسلوبه على العاطفة وتغييب صوت العقل، كما يستخدم الخطاب الديني وسيلة مقنعة، فيكفي أن يقول لهذا الشاب أنها حربٌ صليبية، أو “المذهب في خطر” أو “إنها كربلاء جديدة”، أو “مقدساتنا مهددة” حتى ترى هذا الشاب المسكين ينجر إلى المستنقع الذي يسكن فيه مثقفنا. طبعاً هذا مع التكرار وكثرة الاستشهاد بالنصوص المقدسة ترى الشاب هبط درجات السلم وتحول إلى مثقف طائفي آخر. 

وليس الخطر بتأثير المثقف الطائفي -فهذهِ المهمة قد يتولها بعض رجال الدين الذين غالباً ما سالت دماء الأبرياء بسبب تأثيرهم على الشباب. أما الخطر الأكبر بالمثقف الطائفي هو تأثره بالخطاب اللا عقلاني، وسهولة الضحك عليه وجرهِ إلى دائرة الفعل ورد الفعل، فأن يتأثر المثقف بخطاب جاهل طائفي سينقل الصراع من ميدان الاقتتال في قنوات الصرف الصحي إلى ميادان الثقافة والإعلام، مما يزيد من جبهات الاقتتال ويؤثر بالتالي على الواقع المادي على الأرض. هذا بالإضافة إلى إهمال المثقف لدورهِ برفع الوعي الجماهيري بل على العكس هو بتأثرهِ بالخطاب الطائفي سيعمل على تزييف هذا الوعي وإلغائهِ، فبدل أن يفكر باصلاح ثقافي يعمل على تدمير ثقافي وإلهاء بصفوف النخب الثقافية، مما ينتج مثقفين طائفيين يكررون ما فعله المثقف الطائفي فينتج مثقفين طائفيين وهلم جراً..
وفي نهاية حفل البغاء الطائفي سيكون المجتمع منقسم إلى طبقتين طبقة قطيع يتناحرون بينهم بشكل مقرف وتسيل دمائهم في معركة خاسرة، وطبقة يديرون هذا الصراع الطائفي ويحولون الدماء إلى أرصدةٍ وسلطة-طبعاً هم يستخدمون المثقف الطائفي كحمار يركبونه لتحقيق هذا الهدف.
من المستفيد؟ تجار الحروب.. 
من الخاسر؟ الشعب بما فيهم المثقف الطائفي نفسه.. 



#محمد_حسام_الرشدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جذور الثقافة الداعشية
- هروب المثقف في العراق 
- عبد الباقي العمري أيقونة الموصل
- هذيان عراقي
- المُغيبون
- وداعاً يا غابيتو
- بعد عشرة سنواتٍ من الفشل الدولة المدنية هي البديل
- الإسلاميين والعلمانيين ومستقبل العراق السياسي
- فاوست يبيع نفسه من جديد..
- يوتيوبيا حمودي
- الغريب: نبيٌ وملعون


المزيد.....




- المتحدث باسم حركة فتح: تصور اليوم التالي للحرب بغزة أصبح خطة ...
- المؤتمر اليهودي المناهض للصهيونية يدعو إلى طرد إسرائيل من ال ...
- التصوف بالحبشة.. جذور روحية نسجت هوية الإسلام في إثيوبيا
- ماليزيون يطالبون حكومتهم بعدم قبول سفير أميركي يهاجم الإسلام ...
- من هو حكمت الهجري الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز؟
- نتنياهو أبلغ بابا الفاتيكان بقرب التوصل لاتفاق لإطلاق الأسرى ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد على كل الأقمار الصناعية بجودة عا ...
- بعد استهداف الكنيسة في غزة.. اتصال بين البابا ونتنياهو ووفد ...
- قادة مسيحيون في زيارة -نادرة- للكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في ...
- الفاتيكان يكشف ما قاله البابا لاوُن لنتنياهو حول الكنيسة في ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد حسام الرشدي - المثقف الطائفي