تقي الوزان
الحوار المتمدن-العدد: 1327 - 2005 / 9 / 24 - 07:06
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الحزب الشيوعي العراقي مؤسسة فريدة من نوعها في مواصلة النضال , وتمكن من قيادة نضال الشعب العراقي لعدة عقود , وابرزها عقد الخمسينات الذي توج بأنتصار ثورة تموز عام 1958 . وأستمر في طليعة النضال لاكثر من سبعين عاماً , رغم الانحسار الذي رافق عمله في العقدين الاخيرين , وكان السبب في جانبه الاكبر للارهاب الشامل الذي مارسه النظام الفاشي المقبور .
أن التأثير المتشعب الذي تركه في البنيه السياسيه للمجتمع العراقي من خلال تأسيس الاحزاب , وبناء المنظمات المهنيه والديمقراطيه , والنشر الواسع للافكار الاشتراكيه والتقدميه , جعلت منه احد المراجع الحقيقيه للحركه الوطنيه العراقيه.
أن الصمود الاسطوري للشيوعيين العراقيين والذي أستمر عشرات السنين , مر عبر دروب الرعب اليومي في السجون والمعتقلات , وحملات الاعدام التي طالت حتى عوائلهم من النساء والاطفال والشيوخ , وثقل السلطه الدمويه لمن عاش في الداخل , والسؤال الذي يكاد ان يكون يومياً عن الابناء الغائبين . والانصار الذين حملو دمهم على اكفهم لسنوات طوال في كردستان , وما اجترحوه من بطولات تفوق الخيال . والصبر البطولي الذي اصبح احد السمات المميزه لمن ترك العراق ومنع حتى من سماع اخبار الاهل والاحبه لاكثر من ربع قرن . وكثيره هي الدروب الصعبه التي سلكها الشيوعيون العراقيون , والتي فولذت ذواتهم بتجربة قل نظيرها من العمق والصلابه
واذا كنا نفهم ما يطرحه الشيوعيون الحقيقيون سواء من داخل التنظيم او من خارجه من تساؤلات – مهما تكن حدتها – حول مستقبل حزبهم وحركتهم اليساريه بشكل عام . لكننا لانفهم مطالبة من ترك الحزب وأنتقل ليجلس في حضن النظام الصدامي المقبور , ووسط مديريات امنه ومخابراته ليدلهم على مكامن القوه في الحزب والحركه الوطنيه العراقيه .
في مقاله بائسه نشرها قبل ايام تحت عنوان " من عوامل الجزر في التنظيم الثوري " حاول آرا خجادور من البدايه ان يوحي بأنه لايزال أحد قادة الحزب الشيوعي العراقي . يتحدث عن "حرامي البيت", وهل يوجد أحد ينطبق عليه هذا الوصف أكثر منك ؟! وماذا تسمي الانتقال الى صفوف العدو؟! أنت ومن طاف معك على ماء البعث عليكم ان تشكروا المحتلين الامريكان الذين غيرو النظام وتركوكم . ولو تم التغيير على يد ابناء الحركه الوطنيه , لتمت محاسبتكم مثل القتله والمجرمين من قيادات البعث وكوادره .
آرا خجادور ومن يماثله ممن كانو في قيادة الحزب يحاولون جاهدين أن يلصقو بالحزب تأييده للاحتلال . وحتى الاعداء يعترفون بصواب موقف الحزب الرافض للحرب , وتحذيراته المبكره من نتائجها الكارثيه . وكم تعرض موقفه هذا للنقد من قبل كل الاطراف التي نفذ صبرها من استمرار النظام المقبور , بما فيهم الكثير من رفاقه .
وفي صاعقة ذكاء لاتضرب البشر الاسوياء يقول آرا , أن ضعف الحزب من الناحيه العدديه بسبب سياسة القياده الحاليه التي لايوجد أحد فيها من القياده القديمه . في اعتراف صريح لتبرءة القياده الحاليه من كل السلبيات التي رافقت عمل القياده القديمه "المرموقه" كما يسميها . وناسياً أن الكثير من الشيوعيين الحقيقيين تركو الحزب وكفرو بتاريخهم النضالي بسبب تسلط آرا ومشابهيه على قيادة الحزب . الحزب اليوم يملك أكثر من مائة مقر تتوزع في كل انحاء العراق.
الحزب اليوم يرمم ما خربتموه طيلة سنوات انفرادكم بقيادته . اليوم تخلص من سلم الصفات الحزبيه البيروقراطيه التي وضعتموها لخنق الاصوات الشريفه , ولا ترشحون لها الا من يواليكم . وبدلها ترسخت الانتخابات الحزبيه وعلى كافة المستويات . لقد انتضمت اعمال المؤتمرات , والاجتماعات الموسعه"الكونفرنسات", والاجتماعات الدوريه للجنته المركزيه . اليوم يقف سكرتير الحزب ويقول : أن لديه تحفظ على قرار ما , والذي أتخذ برأي الاغلبيه في الهيئه القياديه, ولا يستطيع ان يفرض رأيه . هذه بعض مقومات العمل الحزبي اليوم , والتي ستنهض بالحزب في السنوات القادمه . أعضاء اللجنه المركزيه اليوم يعيش اغلبهم بموارده الشخصيه , ولا يعاملون كوزراء مثلما كانت القيادات "المرموقه" أيام زمان الاتحاد السوفيتي ومعسكر الدول الاشتراكيه .
ومن الملفت للنظر انه يعرض مع مقالته أحد رسائل تنظيم الخارج , المرفوعه اليه قبل سبعة عشر عاماً , عندما كان قائداً "مرموقاً" ولم يسلمها الى الحزب ليثبت كونه " حرامي البيت" . وتكشف هذه الرساله عن هشاشة الوضع الحزبي لمنظمات الخارج . ويرحل هذه الهشاشه الى القياده الحاليه . لماذا ؟! لايجيب على ذلك .
لقد عاد بعض الشيوعيين ومنهم بعض القاده الى العراق في ظل النظام الفاشي , وبمختلف الدوافع . وابرزها حالة التعب واليأس التي رافقتهم . ولكنهم حافظوا على نظافتهم , ولم يتعاونو مع السلطات الفاشيه . لذا بقو موضع احترام وتقدير كل من يعرفهم .
وحتى لايتحول الموضوع الى الانجرار وراء الاتهامات كما يريدها آرا خجادور , فأن الحزب الشيوعي ليس عاجزاً عن تحمل كامل المسؤوليه عن تاريخ الشيوعيين العراقيين المجيد . وخط حزبهم السياسي بكل نجاحاته واخفاقاته , ولن يتبرء من ما الحقه به الانتهازيون والخونه من مواقف ضعف . وسيأتي اليوم الذي توضع فيه النقاط على الحروف , وهذا اليوم قريب .
#تقي_الوزان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟