النظام التربوي في العراق وعملية التنشئة

وسام حسين علي العيثاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4762 - 2015 / 3 / 29 - 19:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

النظام التربوي في العراق وعملية التنشئة
المقدمة:
التربية المدنية هي السبيل لترسيخ المواطنة في نفوس المواطنين، وذلك بما تشمله من أدوات ووسائل التنشئة المواطنة للأفراد. فالتربية المدنية تُعني بإعداد المواطن من أجل القيام بدوره في المجتمع بكفاءة وفاعلية واقتدار. ويُعتبر الولاء والانتماء أولى حلقات سلسلة البناء الوطني.
يساهم التعليم في تعديل نظام القيم بما يتناسب والطموحات التنموية في المجتمع وهذا بدوره يعمل على تعزيز قيم العمل والإنتاج ، ودعم الاستقلالية في التفكير، والموضوعية في التصرف ونبذ الاتكالية والنزعة الاستهلاكية وإطلاق الطاقة الإبداعية للفرد بتنمية قدراته على الملاحظة والتجريب والتحليل والتطبيق وتأكيد دور الفرد في المساهمة في بناء مجتمعه ، فالتعليم الجيد أداة تحقق التماسك الاجتماعي وتزيد من الوعي السياسي بين المواطنين .
ولكن السؤال المهم هنا ماهو دور النظام التربوي في العراق بصورة خاصة والدول العربي بصورة عامة في تحقيق التنشئة تلك العملية التي يكتسب بها الفرد ثقافة مجتمعه التي يدين بها بصفة عامة ؟.
كجزء لا يتجزأ من العالم العربي يشترك العراق مع الدول العربية بسمات عامة للتعليم والتي وصفها التقرير الثالث للتنمية الإنسانية العربية (2004) في كلمتين قصور النوعية ، وتبلورت أبرز العيوب في مثلث العملية التعليمية بأضلاعه الثلاث : المعلم ، المنهج ، والمدرسة . ويوضح التقرير المذكور أن التعليم في العالم العربي يتسم بالآتي :
(1) في المؤسسة التعليمية العربية نجد المناهج وأساليب التعليم والتقييم تكرس التلقي والخضوع ، حيث لا تسمح بالحوار والتعليم الاستكشافي النشط ولا تفتح الباب لحرية التفكير والنقد .
(2) كما يوضح التقرير أن التعليم في البلدان العربية ليس متجانساً ، فهناك شريحتان إضافيتان متنافرتان مع التعليم العام الحكومي من منظور أو أكثر :
أ - شريحة التعليم الخاص : وهو الموجه أساساً لخدمة أبناء المقتدرين وقد يكتسب الدارسون فيها مستوى أفضل من المعارف والمهارات والحرية . ولكن يعاب على تعليم هذه الشريحة تكريس قدر من انسلاخ المتعلمين عن مجموعاتهم وخاصة من الناحية الثقافية نتيجة ارتباط مناهج هذه المؤسسات بمؤسسات تعليمية أجنبية .
ب - شريحة التعليم الديني :- وهو النسق الذي يجتذب من لا يجد له موقعاً في شريحتي التعليم العام أو الخاص . ويتميز هذا النسق بأنه أشد حصراً للحرية وأكثر تكريساً للولاءات التقليدية .
ج- ويؤدي تقسيم النسق التعليمي إلى ثلاث شرائح متنافرة إلى إضعاف التماسك الاجتماعي وتضيق فرصة نشوء مجال عام تكون المواطنة قاسمه المشترك .
( 3 ) وفيما يخص بعض المعلمين فقد ذكر التقرير أن المعلمون قاهرو التلاميذ هم بدورهم مقهورون من الإدارة التعليمية والمجتمع بكامله بسبب تدني المكانة المادية وهبوط الحالة المعنوية للسواد الأعظم من المعلمين .
( 4 ) وفيما يتعلق بالكتب المدرسية المستخدمة في التعليم العام بالدول العربية في مرحلتي الابتدائي والإعدادي ، فقد ذكر التقرير هزال الأهداف والنصوص في الكتب المدرسية.
( 5 ) كما يؤكد التقرير أن الحرية المتواترة في النصوص هي حرية متصلة بالوطن والدين وبالتالي تتراوح مرجعيتها بين هذين المكونين ، ويؤثر ذلك على اختيار النصوص التي تكون في مجملها مقطرة زمنياً ضمن الماضي القريب ( زمن الاستعمار - الاستقلال ) أو الماضي البعيد ( المراحل الأولى واللاحقة للإسلام ) وهذا يجعل المتعلم يعيش في مناخ الماضي أكثر مما يعيش الحاضر .
الخلاصة : أن نظام التعليم في البلدان العربية يحمل في طياته ذلك الخليط الغريب من التخبط والسطحية والضعف وعدم القدرة على الارتباط بالمشاكل العملية والحقيقة للمجتمعات العربية ، وهو نظام يفتقد التخطيط السليم والإدارة الجيدة والرؤية الاستراتيجية التي تكفل إمكانية الربط بين برامج التعليم في المدرسة والجامعة ومقتضيات المرحلة التي يمر بها عالمنا العربي اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً. وبالتالي عجز النظام التربية على عملية تحقيق تنشئة صالحة للاجيال.
المصادر:
1- فاطمة الرامزي: التعليم الحكومي في الكويت مشكلاته وسبل الحل ، دراسة مقدمة الى مجلس الامة الكويتي _ وحدة البحوث والدراسات، 2009.
2- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ( UNDP ) تقرير التنمية الإنمائية العربية للعام 2004 نحو الحرية في الوطن العربي ص : 138-140

#وسام_حسين_علي_العيثاوي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل