أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عصام الخفاجي - حرس السنّة الوطني وحشد الشيعة الشعبي















المزيد.....

حرس السنّة الوطني وحشد الشيعة الشعبي


عصام الخفاجي

الحوار المتمدن-العدد: 4748 - 2015 / 3 / 14 - 12:33
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



ليس مستَغربا أن تثور اعتراضات حادة على مشروع قانون يؤسس لحرس وطني عراقي من أبناء العشائر السنّية. يدور الصراع حول نقطة رئيسة: لمن سيخضع هذا الحرس؟ ومن يعيّن ويعزل قادته ويرسم خطط عملياته؟ قادة كتل شيعية تتقدّمهم كتلة دولة القانون التابعة لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي تصرّ على أن يكون الحرس مرتبطا بصورة مباشرة بمكتب القائد العام للقوات المسلحة (الذي هو رئيس الوزراء) لأن إيكال الأمر إلى حكومات المحافظات يهدد بتناحر طائفي مسلّح، وبأن تندسّ عناصر بعثية وداعشية وقاعدية في صفوف هذا الحرس.
لايجانب المعترضون الصواب إذ يقترحون أن ترتبط تشكيلات الحرس الوطني (ولنسمّه باسمه: الحرس السنّي) بالجيش النظامي وتخضع له. لكن خطر الإقتتال الطائفي يكمن في هذا الإعتراض الصائب بالضبط. وليس هذا تلاعبا بالكلمات. فليس مطروحا قطّ إخضاع الحشد الشعبي الشيعي للقواعد نفسها. هو، كما بيّنت في مقال سابق، تشكيلة كاملة الإستقلال. ولايقلل من استقلاليته التنافس بين الميليشيات المنضوية فيه. يصف مراسل نيويورك تايمز رحلته إلى كركوك بعد تحرير قضاء جنوبها، فيقول أنه مرّ بثلاث نقاط تفتيش أولاها تحمل علم قوات بدر والثانية علم عصائب أهل الحق والثالثة علم كردستان على مدخل كركوك حيث أبلغه البيشمركة بأنهم سيقطعون يد من يقترب من نقطة تفتيشهم. وفي كل تلك النقاط لم يرَ المراسل علما عراقيا واحدا. الحشد جيش يفوق الجيش العراقي عددا، ويبدو أنه يفوقه قدرة قتالية. وعلاقته بالأخير تمرّ شكليا عبر مسؤول عراقي هو، كما تشير المعلومات الإستخبارية الأمريكية، قائد في الحرس الثوري الإيراني. في عملية تحرير محافظة صلاح الدين الجارية الآن أكّد قائد قوات التحالف الأمريكي أن ثلثي القوة المهاجمة، التي يبلغ عددها ثلاثين ألفا، هي من الحشد الشعبي والثلث الآخر من الجيش النظامي. وفي البيانات العسكرية العراقية لايجري الحديث عن هجوم لقوات الحشد تحت إشراف الوحدات العسكرية مثلا، أو بأوامر تلقّتها القوات من الجيش، بل نسمع عن "عمليات مشتركة".
وإذ تتوافر للحشد كل هذه الإمكانيات ويحظى بدعم إيران القوي له متمثّلا في تولّي قاسم سليماني، القائد المحنّك لجيش القدس الذي هو وحدة النخبة في الحرس الثوري، مهمّة الإشراف والتخطيط لعمليّاته العسكرية، فضلا عن توفير المعلومات الإستخبارية عن مواقع داعش وتحرّكاتها، فليس من باب الإدّعاءات الفارغة إعلان قادة الحشد أنهم ليسوا بحاجة إلى الدعم الجوّي للتحالف وهو ما دفع الأمريكان الشاعرين بالإهانة إلى الإعتراف بأن العراقيين لم يطلبوا منهم ذلك مما اضطرّ رئيس الوزراء المُحرج حيدر العبادي إلى القول بأنه لم يطلب تدخّل قوات التحالف خوفا من تعرّض طائراتها إلى "نيران صديقة".
أمام هذا الواقع، من حق السنّة التساؤل عمّا يحمله اليوم التالي بعد داعش. لقد خبروا تجربة الصحوات المذلّة حين قادوا عمليات طرد القاعدة من العراق بعد أن عجزت الولايات المتحدّة والقوات المسلّحة العراقية عن أداء تلك المهمّة. وحين انسحب الأمريكان انقطعت عنهم الرواتب الشهرية وانحلّت الصحوات ولم يتم دمج أفرادها بالجيش النظامي كما وُعدوا. ونعرف كيف أدّت سياسات الإقصاء والفساد والطائفية إلى بناء جيش غير مهني انهار وهرب قادته قبل أن يشتبك مع داعش.
لا يريد السنّي تكرار تجربة نزع سلاحه لكي يواجه التهميش. ولايريد أي عراقي تكرار تجربة اعتصامات السنّة في ساحات المدن السنيّة التي كان قمع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي لها والتحريض ضدّها بوصفها حركات يقف وراءها البعثيون والقاعدة ودول إقليمية عاملا رئيسا في تأجيج غضب كان متأججا أصلا عاد الجهاديون بفضله إلى تلك المحافظات السنّية. كان في صفوف المعتصمين مجرمون وجهاديون، وكان بينهم من رفع صور صدّام حسين، وكان من بينهم من تلقّى دعما من قوى إقليمية، هو مهما كان حجمه فإنه يقلّ بكثير عن الدعم الإيراني لحلفائهم في العراق. لكن الحكمة تقتضي التساؤل عن أسباب تقبّل عدد غير قليل من السنّة لهؤلاء وتفضيلهم لهم على مؤسسة الدولة وهم الذين قاتلوا القاعدة بشراسة قبل سنوات قليلة واشتبك كثير منهم مع عناصرهم التي اندسّت بين المعتصمين.
ما سرّ هذا التلوّث السنّي والنقاء الشيعي؟ وهو مقلوب السؤال الذي ينبغي توجيهه لداعش وللجهاديين: ماسر تلوّث الروافض (الشيعة) ونقاء السنّة؟ لماذا نتوقع الإندساس في صفوف الحرس الوطني الموعود، وهو أمر متوقّع، و فيما لانتوقع حدوثه في الحشد الشعبي أو في القوات المسلّحة نفسها أو في قوات البيشمركة، وهو الآخر أمر مألوف في كل جيوش العالم وحركاته المسلّحة؟ ثمة مُضمَر يحسّه الجميع ولا يقوله محترفو تداول عبارة "أخواننا السنّة" أو "أخواننا الشيعة" الطائفية. لكن الوقائع التي يصمت المرء عنها تغدو سامّة، كما يقول نيتشه. كان المضمر في عهد البعث، أن الشيعة والأكراد غير موالين للدولة. والمضمر اليوم هو أن السنّة غير موالين للعراق. وبرّر هذا لصدّام ارتكاب بشاعات بحق الشيعة والأكراد محوّلا المضمَر إلى معلَن حين خرجت صحيفة "بابل" بسلسلة افتتاحيات تنعت "طائفة معيّنة" بكونها غير عراقية وأن أسباب زيادة السكّان الشيعة تعود إلى انتشار زواج المتعة بينهم. الشيعي إيراني الولاء حتى يثبت العكس. ما تعرّض له السنّة في عراق البعث ليس غير نتفة من بشاعات صدّام، لكن المضمر يظل قائما: السنّة موالون للبعث والقاعدة وداعش حتى يثبتون العكس.
رحّب بعض السنّة باحتلال داعش لمدنهم، وأذعن آخرون كما يذعن كل شعب للمحتل حتى يمتصّ الصدمة ويشرع بالمقاومة، وتوهّم البعض بأن مجئ حركة سنّية، قد يفرض عليهم شروط حياة قاسية لكنّه يخلّصهم من تجاوزات قوى أمن غريبة حتى اكتشفوا أن ما فرضته داعش عليهم لم يكن حياة قاسية بل استبدادا وحشيا. و غدا إذا تكرّر مشهد عام 2013 الذي أشعل حركة الإعتصامات السنّية علينا ألاّننسى خلايا داعش التي ستظل نائمة تنتظر لحظة الإستيقاظ بفارغ الصبر.
سيمرّ الخلاص من هذه الأزمة عبر مخاض قاس نلحظ بوادره منذ الآن إذ تنطلق عمليات بطيئة لإعادة بناء الجيش على أسس مهنية فتتصاعد أصوات الإحتجاج لأن ضباطا بعثيين سابقين يشاركون في القتال ضد داعش. وإلى أمد لايعرف أحد مداه، سيظل غرب العراق، وهو الذي كان أبناؤه الأشد عداءا للوجود الأمريكي، أمريكي الهوى فيما يظل شرقه خاضعا لميليشيات إيرانية الهوى. وهنا أتعمّد الاّ أتناول وضع قوات البيشمركة لأنني، كما كتبت سابقا، أعتبر كردستان منذ الآن دولة جارة قيد التأسيس بما فيها المناطق الخاضعة لسيطرة بيشمركة الإتحاد الوطني الكردستاني المدعوم إيرانيا والقريب من بغداد.
من السهل الحديث عن الإدماج التدريجي لقوات الحشد الشعبي والحرس الوطني ضمن تشكيلات القوات المسلحة العراقية. ولكن أي معجزة ستقنع الحشد بالتنازل عن استقلاليته والخضوع لسلطة الدولة؟ ومن سيقوم بنزع أسلحة جيش الحشد الشعبي الجرّار الذي تدعمه قوى وشخصيات سياسية نافذة تعمل بدأب على إفشال الخطوات المتواضعة التي تسير عليها حكومة العبادي؟ وأهم من ذلك كله، كم مليونا سينزل إلى الشوارع دفاعا عن المحرّرين الذي قدموا التضحيات البطولية لتخليص العراق من داعش؟ عندها، سيكون السؤال المؤلم: هل تندمج الدولة في الحشد أم تسقط على يديه؟



#عصام_الخفاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دولة الحشد الشعبي في مواجهة دولة الخلافة
- صراع العصور وحوار الأديان
- كردستان: نشوة الإستقلال ومأزق الدولة
- ذاكرة الكردي وهوّية العراقي
- جارتنا الجديدة كردستان
- في جاذبية البشاعة
- دفاعا عن سايكس وبيكو
- جهاديّو الشيوعية وسلفيّوها
- عن المجاهد والفقيه
- المفتي وأمير الطائفة
- دولة العراق الباحثة عن أمّة
- حدود الدهاء القطري ومآزقه
- في رثاء الثورة السورية
- رسائل نصّية عن سيرة العراق في ربع قرن
- عن روحاني وغورباتشوف وما بينهما
- تفويض الفريق
- عن مجابهة الظلم بالطغيان
- التآلف الطائفي: لمحة عن خطاب منافق
- عن دكتاتور الإعلام والثقافة عموما
- حديث الملموس - في مأسَسَة سلطة التحريم الثقافي


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عصام الخفاجي - حرس السنّة الوطني وحشد الشيعة الشعبي