أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - المشهد السياسي السوداني يدنو من كسر الحلقة الشريرة!















المزيد.....

المشهد السياسي السوداني يدنو من كسر الحلقة الشريرة!


تيسير حسن ادريس

الحوار المتمدن-العدد: 4746 - 2015 / 3 / 12 - 16:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(1)
رويدًا ينقشع غبار المماحكات عن المشهد السياسي السوداني، وتتضح صورة الاصطفاف الجديد بصورة جلية لا لبس فيها، وقد شارفت عملية الفرز التاريخي لمكونات المشهد نهاياتها الحتمية، وأخذت المؤشرات الدالة على بلوغ الاصطفاف مرحلة التمحور حول ثوابت عصرية لبناء كتلة تاريخية بمواصفات واقعية بعيدة عن التعريفات الفلسفية القديمة في السفور والإعلان عن ذاتها بقوة، وفي سياق هذه الصيرورة يتحتم النظر لمواقف مكونات المشهد السياسي الحالي الآيل للتفسخ والزوال، مفسحا المجال لتشكل الكتلة التاريخية القادمة التي ستؤدي دورًا حاسمًا في عملية التغيير وقد بلغت اشتراطاته الذاتية والموضوعية مبلغَ الرُّشدِ، ونضجت على نارٍ هادئة.
(2)
من هذا المنطلق وفي ظل هذا التدافع الجدلي يتم تقييم والنظر لمواقف زعيم الطائفة الختمية من السلطة الحاكمة ، لا سيما مشاركته في انتخابات تزوير الإرادة الوطنية، المزمع قيامها في أبريل القادم، وقد دفع مولانا ثمنًا باهظًا لهذه الخيبة التاريخية، وهو يضحي بسبعة عشر قياديًّا من أخلص قيادات حزبه، تمَّ طردهم من الحزب لرفضهم الخضوع والركوع لعرض زائل عرض عليه، إن المصالح تتصالح ومولانا الذي اعتاد أن يأخذ دون أن يعطي، كان من المنطقي أن ينحاز لمصالحه وآل بيته، ويعرِض عن مصالح جماهير الطائفة الختمية، والحزب الاتحادي الديمقراطي الذي انتحر حين التحف عباءة السيد.
(3)
ليبقي مولانا الميرغني على القيادات العاطلة عن المواهب، تلك التي تتكسب من تقبيل الأيادي، وحمل الأحذية الشريفة، مما يشير إلى أن صيرورة الاصطفاف الجديد تمضي حثيثا نحو غاياتها، مبشرة باقتراب بزوغ فجر الكتلة التاريخية المناط بها طي صفحة الممارسات القديمة، والخروج من رحم التدافع السياسي المحتدم الحالي، والذي نشهد فيه أيضا حراكًا مكتومًا أوساط تيارات الإسلام السياسي، تجلى في الخبر الذي أوردته صحيفة (آخر لحظة)، على لسان القيادي الإسلامي المخضرم أحمد عبد الرحمن، والذي أماط اللثام عن لقاءٍ سريٍّ تمَّ بين الشيخ حسن الترابي والأستاذ علي عثمان، وضع حدًّا للقطعية التي استمرت بينهما زهاء الـ (15)عاماً، منذ المفاصلة الشهيرة التي تمت بين الإسلاميين في نهاية عام 1999م.
(4)
إذا ما ألحقنا بخبر (آخر لحظة) عن المصالحة السرية بين الشيخ الترابي وعلي عثمان، ما كشفت عنه صحيفة (التغيير) من نذر انفجار وشيك داخل حزب (المؤتمر الشعبي)؛ بسبب خلافات كبيرة حول طريقة إدارة الحزب، حيث ترفض قواعد وقيادات عديدة نهج الحوار والتقارب مع الحزب الحاكم، وقد هددت بالخروج من الحزب إذا ما أصر الشيخ على مواصلة هذا النهج، يتضح من هنا أيضا عمق الفرز والاصطفاف السياسي الممهد لمخاض (الكتلة التاريخية) القادمة التي ستتولى إنجاز مهام التغيير، وملحقات الإصلاح الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي في السودان.
(5)
نذر هذا المخاض بدأت تلوح بخروج الإمام الصادق المهدي من البلاد قانعًا بعد لأي ومكابدة بينه وبين قوى الاجماع الوطني، وكبد مع قوى الاستنارة داخل حزبه بعدم جدوى الحوار مع نظام لا يحترم تعهداته، ولا يصون المواثيق التي يتواثق بها مع الآخر، لقد أخذ تبلور هذه القناعة – التي نرجو لها الثبات - في عقل الإمام الصادق الكثير من الوقت خصمًا على مسيرة الحراك الثوري، وسيرورة المخاض التاريخي (للكتلة الحرجة)، عمومًا أن يأتي الإمام متأخرا بقناعة كاملة في حتمية التغيير خيرًا من أن لا يأتي أبدا، أو يأتي بنصف قناعة تشوش وتربك المشهد السياسي المعارض من جديد.
(6)
جميع مكونات المشهد السياسي -فيما عدا النظام الحاكم- تبدو اليوم على قناعة راسخة بضرورة تعطيل (الصراع الإيديولوجي) مؤقتًا لصالح التفرغ لبناء ما أسماه المفكر الإيطالي والمناضل اليساري غرامشي (1891-1937) بـ"الكتلة التاريخية"، هذه الفكرة التي تبناها بشرط تبيئتها وتكييفها المفكر المغاربي محمد عابد الجابري الذي عرَّف الكتلة التاريخية على أنها: "كتلة تجمع فئات عريضة من المجتمع حول أهداف واضحة، تتعلق أولاً بالتحرر من هيمنة الاستعمار والإمبريالية، السياسية والاقتصادية والفكرية، وتتعلق ثانـيًا بإقامة علاقات اجتماعية متوازنة يحكمها -إلى درجة كبيرة- التوزيع العادل للثروة في إطار مجهود متواصل للإنتاج. وبما أن مشكلة التنمية مرتبطة بقضية الوحدة، فإن هذه الكتلة التاريخية يجب أن تأخذ بُعدًا قوميًّا في جميع تنظيراتها وبرامجها ونضالاتها".
(7)
ما يؤكد رسوخ قناعة تعطيل الصراع الإيديولوجي مؤقتًا لصالح بناء الكتلة التاريخية، ما نراه من اتفاق وتوافر لعامل الثقة الذي كان مفقودًا بين أطراف المعارضة، والذي عبر عن نفسه بوضوح في استجابة معظم أحزابها بكافة توجهاتها لدعوة مناقشة الأزمة السودانية وآفاق الحل المقدمة من دولة ألمانيا الاتحادية، ورغم التحفظ التاريخي للحزب الشيوعي السوداني وحساسيته المفرطة تجاه الحلول المستوردة ورفضه للتدخل الأجنبي في الشأن الوطني إلا أنه قد ارتضى طائعًا في هذه المرحلة دفعا للعملية السياسية تقديم تنازل مهم عن ثابث من ثوابته المبدئية، وخطى خطوة أوسع من هذه نحو تجسير الهوة وبناء الثقة بينه وبين قوى اليمين، وهو يمنح حزب الأمة والجبهة الثورية تفويضًا بالجلوس مع النظام نيابة عن قوى الإجماع الوطني ومناقشته في أمر تهيئة المناخ لحوار وطني جامع.
(8)
إذًا الجميع ينظر اليوم لعملية التغيير بمنظار أكثر واقعية، بعيدًا عن المشاكسات، وعقلية كسب النقاط، والانتصارات الوهمية، وهذه في حدِّ ذاتها نقلة نوعية عظيمة في اتجاه التأسيس لممارسة سياسية رشيدة أكثر نضجًا وحكمة، فالمهام المطروحة وطنيًا مهام متعددة وجسيمة، ولا يمكن في ظل وضع السودان الراهن، لأي فصيل من فصائل القوى الوطنية ، ومهما امتلك من برامج سياسية، وإطار إيديولوجي القيام بها منفردًا، ومن هذا المنطلق فالمخرج الآمن يتمثل في خلق تحالف وطني ، على شكل كتلة تاريخية تضم جميع القوى الفاعلة في المجتمع، التي من مصلحتها التغيير، وتحقيق الأهداف الوطنية المذكورة في الفقرة(6) من هذا المقال.
(9)
لضمان نجاح قيام هذه الكتلة التاريخية وأدائها لدورها التاريخي يجب مراعاة المصلحة العامة المشتركة لجميع مكونات المشهد السياسي التي تغريها وتحفزها على تبنيها، والعمل النشط لإقناع الجماهير بضرورة التمسك بها، والمحافظة عليها، لذا فالمصلحة المشتركة يجب أن تعبر عن شعارات الحرية والديمقراطية والعدل، وحقوق المستضعفين والأقليات وحقوق الأغلبية، وتهتم بكسر احتكار السلطة وامتيازاتها لصالح مجموعة بشرية، أو جهوية ما، أو لصالح أحزاب وبيوتات بعينها تدعي حقوق تاريخية تعطيها المبرر لتغييب بقية مكونات النسيج الاجتماعي عن مراكز القرار والتنفيذ. وبدون قيام كتلة تاريخية بهذه المواصفات ووفق هذه الشروط، ، فمن المستحيل كسر الحلقة الشريرة، وتدشين مرحلة تاريخية جديدة، من سماتها الأمنُ والاستقرارُ والنماءُ.
(10)
تعتبر الكتلة تاريخية؛ حين تسعى بجد لتحقيق أهداف وطنية تاريخية، وأيضًا عندما تعبر عن وفاق وطني تتطلبه المرحلة التي تمر بها البلاد، وهي ليست مجرد تحالف بين أحزاب؛ بل كتلة من القوى الفاعلة في المجتمع، قادرة على تخطي العقبات والانجاز، ولا يستثنى في تكوينها أي طرف من الأطراف، إلاَّ ذلك الذي يضع نفسه خارجها وضدها، وهي بهذا الفهم فهي لا تلغي الأحزاب، ولا تقوم مقامها؛ بل تعطل مؤقتًا الصراعات الأيدلوجية الحادة التي تأخر عملية النهوض الوطني ، لحين الفراغ من تنفيذ الأجندة الضامنة لوحدة التراب؛ وسيادة الدولة ، ووضع الأساس المتين لنظام مدني ديمقراطي عادل، وهذا بكل تأكيد يتطلبُ حدًّا معقولاً من انتظام مكوناتها انتظامًا فكريًّا حول الأهداف والمقاصد المنشودة المذكورة آنفا.

الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون.
تيسير حسن إدريس 13/03/2015م



#تيسير_حسن_ادريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلع جلباب الحسكنيت* !
- الثورة السودانية وإجهاض حلم الدولة المدنية !
- ما العمل ونيرون يعزف لحنه الجنائزي!
- إنَّ البلاءَ مُوَكَّلٌ بالمنطق!
- مزامير الخلاص عظات من فصول العهد القديم !
- العقلية الارتدادية فقر المرجعية وعُسر المراجعات!


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - المشهد السياسي السوداني يدنو من كسر الحلقة الشريرة!