أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سمر يزبك - إنهم يقتلون النساء














المزيد.....

إنهم يقتلون النساء


سمر يزبك

الحوار المتمدن-العدد: 1322 - 2005 / 9 / 19 - 06:33
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


أذكر الألم الحاد الذي كان يقطع أمعائي وأنا أنهي رواية "معراج الموت" لممدوح عزام، وحلم كل ليلة بعد قراءة تلك الرواية. كانت البطلة تأكل زجاجا مطحوناً في الطعام، وكانت أمعائي تتقطع وعيوني تحمر، وأتخيل لوهلة القتل الهمجي المنظم الذي تعرضت له البطلة. ورغم أن فيلم "اللجاة"، وهو الشريط السينمائي الذي تحولت إليه الرواية بإخراج السوري رياض شيا، لم يكن يحتمل تلك الفظاعة حتى نهاية الموت المأساوي للمرأة العاشقة على يد عائلتها وباتفاق مضمر بينهم، إلا أني عدت بمشاهداتي البصرية نحو وجه المرأة التي تموت ببطء وحقد. بعد ذلك لم يتسن لي زيارة تلك المنطقة من الجغرافيا السورية والتي تدور فيها أحداث الرواية، إلا في زيارة لصديقي الكاتب نفسه صاحب "معراج الموت". ولم أكن لأتخيل ان ذلك الشعور سينتابني في أول ردة فعل على زيارتي المكان: آلام حادة في المعدة. وربما كان من القدر المحتم على خيالاتنا أن تكون محكومة بفكرة الدم والقتل، فالنساء اللواتي يقتلن بجريمة الحب ما زلن هنا يقتلن، وما زلن يشتهين الحب والموت على درجة واحدة من الشبق، وإلا فكيف نستطيع المضي باتجاه واثق المعرفة، كلي الاخلاص، نحو تلك القتامة المفرطة في تكوين ثنائيات الموت والموت؟
هذه المرة القتل لم يكن في رواية، ولم يكن في شريط سينمائي مسجل، رغم أننا وحدنا ـ نحن الكتّاب صنّاع السراب ومجد الحكي ـ نعرف أن حروفنا هي غبار الواقع. ولكن الجغرافيا هي الجغرافيا، وكانت تفصلني عن آلام تلك الحادثة التي تبين أنها حقيقية كما روى لي الصديق الروائي، فقد قتلت عائلة ابنتها لأنها أحبت رجلا، وبطريقة الزجاج المطحون نفسها.
القتل أيضا هذه المرة لم يكن خافياً على أحد، ولم يكن خجولاً!
القتل كان وقحاً واضحاً تحت عين الشمس، ولم ينتظر القتلة أياماً وشهوراً ليخفوا ما فعلوه. كانت القصة عادية، تحدث في سورية، وفي أي مجتمع عربي. الفارق أننا هذه المرّة لن نصمت عن جنون الدم الذي يتواطأ الكثيرون على الصمت عليه الآن.
أحبت هدى أبوعسلي، وهي فتاة جامعية من الطائفة الدرزية، شاباً من غير طائفتها. هربت وتزوجته، كما يحدث دائما، وكما حدث، وكما سيحدث. ولكنها لم تكن تدرك أن العرس الذي سينتظرها سيكون مختلفاً، بعد أن أقنعها أهلها أنهم سامحوها على مافعلته من اقتراف الحب. جاءت الصبية لتزور أمها، وهناك في أحضان أمها وبين أخوتها ذُبحت كأي حيوان. ذبحت، وأطلق أهلها والجيران الزغاريد فرحاً بمحو العار عنهم.
لم يكن القتل هو الجديد، فنحن النساء نُقتل كل يوم في هذا المكان المظلم.
ولانموت أبداً.
كان العرس الذي أقيم حول جثتها هو البقية الباقية من همجية مستقرة في العقول والقلوب.
ماتت الصبية!
عاشت الحب قصيراً ورقدت بسلام، كما فعلت كثيرات غيرها في منطقة السويداء، العنيدة في الحب والعنيدة وفي القتل.
هي الآن ترقد بسلام بعد أن سلبت منها حياتها، فقط لإدانتها بجريمة الحب.
بعد زمن قصير من الآن، الأخ القاتل سيخرج من السجن مرفوع الرأس، لأن القتل كان تحت شعار جرائم الشرف التي ينص الدستور السوري على تخفيف الحكم فيها إذا كان القتل غسلاً للعار، وكأنّ هذا القانون يشجع المجتمع على القتل.
ألم يحن الوقت للنظر جدياً في ما آل اليه مجتمعنا من حضيض؟
يتشدقون عن حرية المرأة وما وصلت إليه من تطور في المجتمع السوري! عن أيّ تطوّر يتحدثون؟
ألم تحن الساعة التي يجب الإقرار فيها أن ما يحكمنا من قوانين في أحوالنا الشخصية، قائم على تكريس التخلف والهمجية؟ وأي قانون هذا الذي يحاسب امرأة بالغة ناضجة، تزوجت بإرادتها وعلى طريقتها؟
أي قانون هذا الذي يستمر على الشرعة التي استنّها العثمانيون قبل مئات السنين، عندما كانوا يحتلون البلاد؟
هل ستمرّ هذه القضية كما مرّ غيرها من قضايا؟ قبل شهر قُتلت امرأة أيضاً في مدينة حمص، وقبل شهرين قُتلت طفلة في الحادية عشر من عمرها لنفس الأسباب أيضاً في منطقة الغاب.
إلى متى سيقتلون النساء في هذه البلاد؟
إلى متى سيظلّ القانون يحمي ظهور القتلة؟
القتلة الذين يتنفسون بيننا، وينشرون الكراهية باسم القانون؟
ويقتلون الحب... بدعوى ممارسة الفضيلة الكاذبة؟



#سمر_يزبك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون الأحوال الشخصية في سوريا: بين التعسف والمصادرة
- المثقفون وحراس الكراهية
- حكي النساء
- هل نترك الباب مفتوحاً لاحتواء الثقافة إلى الأبد؟
- من ينقذ التلفزيون السوري من الشعوذة؟
- سمير قصير ودموع اميرالاي
- الاعلام العربي: قلق الهوية وحوار الثقافات
- نحن السوريون:مالذي سنكتبه
- دمشق تدعوك
- المثقف بين الإتباع والإبداع
- سينما... يا بلدي
- الصورة التلفزيونية وفصام الواقع
- الطوفان في بلاد البعث
- سيناريو كاميرا:انطون مقدسي وخديعة الغياب


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سمر يزبك - إنهم يقتلون النساء