أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمر يزبك - المثقف بين الإتباع والإبداع














المزيد.....

المثقف بين الإتباع والإبداع


سمر يزبك

الحوار المتمدن-العدد: 1179 - 2005 / 4 / 26 - 10:28
المحور: الادب والفن
    


يغلب على الثقافة العربية صفة الإسترابة في الحداثة، لأنها تُؤْثر الحنين إلى الماضي بدل الحلم بالمستقبل، وما تزال قائمة على مجتمع بطريركي في عناصره. وتردّ هذه الثقافة المجتمع إلى تراتبات مختلفة، مثل الأكثر ثروة، والأكثر سطوة، والمرأة الأدنى من الرجل، والشيخ الكبير الأكثر عقلاً من الشاب المندفع نحو الأمام، والشيخ الموجود في الماضي ويحصد المستقبل، والشاب الذي صار للمستقبل ويعيش تحت سطوة الماضي (الشيخ)...
وهذا هو المبدأ نفسه الذي يضطهد الأقليات، سواء الدينية أو العرقية أو الإبداعية، قياساً بالأغلبية التي لا تقبل المغاير، وترفض الخروج عن الجماعة. والمثقف المدافع عن هذه الثقافة هو المثقف التقليدي، وصار يحيط بنا أينما اتجهنا، وخاصة في السنوات الأخيرة مع تنامي المدّ الأصولي الديني. وهكذا اخذ يلوح أن تنامي صوت التيار السلفي، وإن بدا متفاوت الوضوح من بلد إلى آخر، أقوى وأكثر فاعلية في العالم العربي. إننا نجده في الإعلام المرئي والمسموع، وفي المؤسسات الثقافية، وفي أغلب مظاهر الحياة الاجتماعية.
فكلّ مظهر جديد للتحديث يوصم بالشرّ، ومظاهر المجتمع المدني تحارَبُ بحجة أنها مخربة، تساعد على ذلك الثقافة السائدة، لأنها ثقافة اتباعية تستبدل بالعقل النقل، وتستريب بالتغيير وترفض الاختلاف والتنوع. لذلك كان المثقف التقليدي واحداً من حماتها الجدد، وهو مرتبط بالقديم ارتباط مصالح واتباع، ودفاع عن الثبات الخادم للفكر السلفي، والحجة في ذلك أن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار!
لكن مصطلح "المثقف" لا يشمل شريحة من الناس بقدر ما يعني انتماءات مختلفة لعدة شرائح، لأن جماعات المثقفين هي جماعات متعارضة في مدى تعبيرها عن شرائح الطبقات المنتمية إليها، وقد يكون الانتماء انتساباً للوعي الطبقي وليس للوضع الطبقي. فكل طبقة اجتماعية تخلق مجموعة من المثقفين دفاعاً عنها وتأكيداً لوجودها وأهميتها ومصالحها الإقتصادية والسياسية والاجتماعية والإبداعية كما أكد أنطونيو غرامشي.
وعلى هذا الأساس فالمثقف التقليدي يقدّم ضمانات التقدم دفاعاً عن الجماعة المحافظة المنتسب إليها، معتمداً على الموروث الاتباعي السائد وربطه بالمقدس خدمة لمصالحه وإقصاء كل ما هو نقيض له. والمثقف التقليدي مناقض للمثقف المحدث، لأن عداء الأول لقيم الحداثة وقيم المثقف الثاني (الوعي المدني بخاصة) هو وجه آخر لعدائه لقيم التنوع والتسامح وحق الاختلاف وأحلام العدل والتجريب الإبداعي.
والمثقف التقليدي ليس بالضرورة سلفياً أو دينياً، فالتقليد يوازي المحاكاة، وقد تكون هذه المحاكاة في اتباع الجديد أيضاً. لكن ما دام الأصل هو التقليد والاتباع فالنتيجة واحدة، وليس من فارق بين مثقف تقليدي مرجعيته القديم والسلف، ومثقف جديد مرجعيته الجديد، ما دام الفعل هو التقليد. ذلك لأن تقليد الجديد هو وجه آخر لتقليد القديم.
إن المثقف التقليدي، وتوضيحاً لذلك اللَبْس المرتبط بالقديم، هو المثقف المنتسب إلى عقلية الإتباع والنقل وليس التجديد والإبداع، لأن علاقته بالعالم المنتسب إليه هي علاقة محاكاة أولاً وأخيراً، حتى لو انتسب إلى عالم ما بعد الحداثة أو ما بعد الكولونيالية أو ما بعد الماركسية!



#سمر_يزبك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سينما... يا بلدي
- الصورة التلفزيونية وفصام الواقع
- الطوفان في بلاد البعث
- سيناريو كاميرا:انطون مقدسي وخديعة الغياب


المزيد.....




- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمر يزبك - المثقف بين الإتباع والإبداع