أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الأستاذ محمد الشاوي - الفن التشكيلي المغربي بين سجن الهوية ورهان الحداثة















المزيد.....

الفن التشكيلي المغربي بين سجن الهوية ورهان الحداثة


الأستاذ محمد الشاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4743 - 2015 / 3 / 9 - 23:06
المحور: الادب والفن
    


 

يعتبر الفن من أرقى أشكال التعبير البشري على الإطلاق ؛ وذلك كونه ينبني على العقل والتأمل بغية خلق ما يصطلح عليه بالإبداع .
ومن جملة الفنون البشرية ارتأيت أن أتحدث عن الفن التشكيلي المغربي باعتباره فنا من الفنون التي عرفها العالم وما زال يتطلع إلى معرفتها فهو دائماً متجدد برواده ومبدعين من الذين ساروا على منوالهم أو اتخذوا منوالاً آخر  بمحاولات جادة لفنانين داخل المغرب وخارجه   .
لكن الملاحظ أن  هذا الفن  يشكو مواجهة الغرب ليس في  المعنى بل في الكشف عن معنى المعنى ، فإذا كانت محاولات الرواد الأوائل التعريف بهذا الفن والرقي به نحو الغرب حتى يعرفوا بأننا نحن المغاربة لدينا فونونا بصية و تشكيلية وجميلة .. وقد كان أمل الرواد الذين تكوّن جلهم في الدول الغربية كفرنسا في المنطقى الوسطى جنوب المغرب و اسبانيا التي تكوّن فيها فناني الشمال ، بل إن التكوين وصل إلى بعض الدول الأخرى باحتشام  كهولاندا وانجلترا  و ألمانيا وكذلك روما و روسيا التي عملت أمريكا على صناعة  فنانين ضد توجهها الفني واللائحة تطول...
هؤلاء الرواد تتلمذ على يدهم العديد من طلبة الفن وثم توجيههم من قبلهم باستكمال التكوين خارج الوطن ،  لأن الدراسة العليا ما زلنا إلى اليوم نفتقر لها ( الماستر والدكتوراه ) 
وفي هذا الإطار يمكننا أن نصنف الفن التشكيلي إلى ثلاثة أصناف : 
الأول منها : من ذهب للدراسة والتعريف بالثقافة والهوية المغربية وهو نموذج كرس للمحاكاة بالمعنى الأفلاطوني ، صور البدو والبرابرة والحصان والفروسية البدوية ، المرأة القروية  ، سكان الجبال ....
وهو نموذج فولكلوري شكلا ومضمونا لم يرقى إلى مستوى الفن العالِمْ  الذي ارتبط بتيارات  واتجاهات فكرية وفلسفية   .
 أما النموذج الثاني : وهو نموذج استفاذ من التكوين الأجنبي وعمل على خلق فن تشكيلي وفق المقومات الغربية ظل يحاكي ويجسد تشكيليا مايروج في الساحة الفنية ،  محاولا مجاوزة الجيل الفولكوري -الذي ما زال إلى اليوم- وهذه المجاوزة نشأ عنها تكوين طلبة معاهد الفنون بالمغرب .
كما أن  تطلعات هذا الجيل  كانت تراهن على الرقي  بالفن التشكيلي المغربي  لكن للأسف من داخل المعاهد كان كرادلة الفن يدافعون عن الهوية والثقافة الوطنية وذلك مرده لفقر تكوينهم فقد رفضوا كل ما يرتبط بالتجديد إلا بعض الفئات القليلة منها بالإضافة إلى تدخل السياسة
 و هلم جر .
وقد تذكرت  وأنا أكتب هذه المقالة معاناة الفنان الراحل محمد شبعة
- ذو التكوين العالي في الفن  بروما - مع كرادلة الفن وهو يدير معهد " الفنون الجميلة  " بتطوان وكيف عمل هذا الرجل على تعبيد الطريق لفائدة طلابه نحو التكوين العالي قصد إفادة المغرب والنهوض بالفن
التشكيلي من خلال الإستعانة بخبرة أساتذة الفلسفة  في تدريس فلسفة الفن وتاريخه بالإضافة إلى عدة أطر من الأساتذة الفنانين و الأكاديمين . 
   فقد كان يلزم كل من أراد أن يحصل على دبلوم التخرج في  
" الفنون الجميلة " بحوثا نظرية فكرية وفلسفية وأخرى تطبيقية عملية سواء كان العمل لوحة أو نحثا ...
 وذلك إيمانا منه أن طلاب الفن ينبغي  عليهم في مستقبلهم الفني أن  يحللوا  ويناقشون  قضايا الفن وكذلك ما ينتجون من أعمال ،  بغية الرقي بهم نحو العالمية والحداثة،  لا أن يكونوا  صناع فن لا يعرفون التعبير عنه أمام جمهور المتلقين    .
أما الصنف الثالث فهو جيل اليوم من الفنانين الذين تبلورت في أذهانهم فكرة الحداثة ومفهوم الفن المعاصر عبر صعود  الركب الحضاري نحو الرقي بالفنان التشكيلي المغربي نحو المفاضلة والإرتقاء نحو أفق الممكنات من خلال التكوين والبحث وإتباث أن الفن التشكيلي نتاج كوني مشترك ليس مغربيا ولا فرنسيا كما يدعي بعض وصاة الهوية والثقافة الوطنية .
والحقيقة أن  هناك ثقافة واحدة وفن واحد ، إيمانا منا بكونية الفن وإنسانيته فهو لا هوية له ولا وطن له . ويمكن القول بأن هذا الجيل الذي أدرجته ضمن الصنف الثالث هو الذي يحمل لواء الحداثة وما بعد الحداثة؛  فنانون يوجدون خارج الوطن وداخله يبدعون نحو توجهات حيرت الغرب ، حصلوا على جوائز دولية وهم في هامش الثقافة المغربية للأسف وأخص هنا بالذكر الفنان محمد الرايس شفيرة الذي نال الميدالية الذهبية بالمعرض الدولي ببرشلونة عن لوحته " ضوء ولون وروح " وهي لوحة تشكيلية تعالج مسألة مابعد حداثة الفن من خلال الأشكال الهندسة ذات التوجه الإفتراضي والتعبيري الفلسفي الإختلافي . والجديربالذكر أنه سليل الأسرة التشكيلية المغربية خريج معهد الفنون الجميلة  بتطوان ، استكمل دراسته العليا بفرنسا واسبانيا .
ونجد فنانين آخرين أمثال الفنانة ريم اللعبي التي أبدعت في فنها 
المستوحى من " جذمور " الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز الذي عرف باهتمامه بفلسفة الإختلاف وباشتغاله مع المحلل النفساني والطبيب النفسي فيلكس غواتاري  وخصوصا في آخر أعماله   "ما الفلسفة؟ " حيث عرفها بكونها صناعة وخلق للمفاهيم ، وعرف وظيفة العلم بخلق الوظائف و التخصصات ، أما وظيفة الفن فهي  منوطة بخلق  الأفكار الجمالية .

عموما وتأسيسا على  ما سبق فإن الفن التشكيلي المغربي إرتقى بفظل جهود الجيل الثالث والأخير رغم بعض دعاة وصاية الفن من طرف بعض متفننة  الجيل القديم  .
ومن الأهمية بمكان أن محاولات تجديد الفن التشكيلي مازالت قائمة رغم كل الصعوبات والعوائق وذلك بفضل المناهج الفلسفية التي ارتقت بالفن نحو الكونية ، فلا سبيل للحديث عن فن مغربي أو فرنسي أو إسباني...
أو عن ثقافة وطنية وغربية... إن  الثقافة شأن إنساني واحد والفن واحد لا ثاني له أو ثالث ، إنه هبة من الله و  من طبيعته التي حيرت العلماء والمفكرين ، فهو يكفي ذاته بذاته 
إننا بحاجة إلى إبستيمي فني حسب لغة ميشل فوكر ، إنه إبستيمي 
Epistémé يُؤَسَسُ بحصيلة العلوم والفنون التي راكمناها. كما أن  دور الفنان ليس التقليد والنسخ ، تلك المهمة التي تناط  لموظف الحالة المدنية عندما يكتب تاريخ الإزدياد ، بل إن وظيفة الفنان تتجه نحو الخلق والإبداع ونقد بنيات المجتمع بالتعبير عن المسكوت impensée  عنه من داخل الثقافة وخارجها    .
فنحن اليوم وللأسف  ما زلنا لم نتجاوز بعد الإبستيمي الذي شيده الرواد المبدعون  وأخص هناالفنان المبدع  محمد شبعة  بالمعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان ، تلك الأفكار التي آمن بها وعمل على نشرها في صفوف طلابه  وصدق الفيلسوف  الألماني هيجل حينما قال : 
" إن أسوأ فكرة خطرت بذهن الإنسان هي أحسن وأفضل من أعظم إنتاج للطبيعة ، وذلك لأن الفكرة مهما كانت هي تجلّ للروح المطلق
 ( العقل ) والروح هي الأفضل  دوما من الطبيعة ." 
" la plus mauvaise idée qui traverse l esprit d un homme est meilleure et plus élevée que la plus grande production de la nature , et cela justement parce qu elle participe de l esprit et que le spirituel est supérieur au naturel ."
Hegel , Esthétique  
فهل استطعنا اليوم أن ندرك روح الفن وطبيعته الخالدة ؟  
-----------
(*) أستاذ وكاتب مغربي 



#الأستاذ_محمد_الشاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الأستاذ محمد الشاوي - الفن التشكيلي المغربي بين سجن الهوية ورهان الحداثة