أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مصطفى محمود على - قهقهة الأغنياء وأنين الفقراء














المزيد.....

قهقهة الأغنياء وأنين الفقراء


مصطفى محمود على

الحوار المتمدن-العدد: 4739 - 2015 / 3 / 5 - 22:44
المحور: حقوق الانسان
    


كنت أسير ذات يوم فى أحد الأحياء الفقيرة، فوقعت عيني على سيدة عجوز بدا وجهها شاحبا،ً يحمل خطوطاً وتجاعيد كثيرة، فقلت فى نفسي ربما تجاوزت هذه السيدة المائة عام، وربما كانت هذه التجاعيد تخفى ورائها حرماناً وآلاما على مدى سنين طويلة.
دفعنى الفضول لأنْ أقترب منها محاولاً معرفة قصتها، ربما أستطيع مساعدتها ولو بابتسامة أمل، فما أنْ وقفت أمامها حتى انتابتني حالة من العجز، ماذا أستطيع أنْ أقدم لسيدة تئن منذ عشر سنين لكسر ساقها، فلا تستطع السير لأكثر من عشر خطوات، لقد طردوها من المشفى بعدما عجزت عن دفع المصاريف حيث لا أموال ولا أولاد لديها، ذهبت أقلب فى كوخها لعلنى أجد شيئاً ذو قيمة تبيعه لعلاج هذا الروماتيزم، والسكر، والضغط، والرمد، والتهاب المفاصل الذى ألمَّ بها، فلم أجد إلَّا بطانية عليها أكوام من الأتربة، وبها خرقات كثيرة جداً، فضلاً عن بعض الحشرات التى تزحف عليها، تساءلت فى نفسى أهذا هو غطائها !! وازدادت دهشتى عندما رأيت طبقاً قديماً يعلوه الصدأ، يحتوى على فتات من الخبز الجاف كالصوّان.
تقول لى: عشت يابني فى هذا المكان أكثر من 40 سنة لوحدى محدش سأل عليا، ومن 30 سنة مكلتش لحمة ولا شميتها. قلت كيف تعيشين إذن؟ أشارت إلى كوم من القمامة يبعد عنها حوالى عشر خطوات، وقالت: أبحث هناك عن الطعام، فربما وجدت قشر بطيخ، أوْ بذور خوخ .. أوْ بعض كسر الخبز، وكل شهر واحد من الناس يجيبلى كيس فيه سندوتش طعمية وبقالو دلوقت سنتين مبيجيش. وبحسب التاريخ الذى التقيت فيه هذه السيدة ومقارنته، اعتقدت أن ذلك اليوم هو يوم 25 يناير 2011 يوم الثورة لكنها قالت: أنا قلبى انقبض عليه. وهذا يعني أنه لإما قتل أوْ سجن، ومن يومها تئن وتئن وتئن.
سمعت أصواتاً صاخبة بجوار هذا الكوخ فإذا عمارة فارهة، أمامها سيارات باهظة الثمن، من ماركة "مرسيدس بنز"، و"همر"، و"جيب"، كما سمعت قهقهات وصيحات ضحك، تألمت كثيراً، كيف لا ينظر أحد من هؤلاء إلى هذه السيدة، ما ذنبها .. لكنى أدركت أنهم من الطبقة الغنية جداً التى لا تشعر بأى فقير أوْ مسكين وربما تشاهده فقط على شاشات التلفاز.
وفى ذات المكان وجدت نساء رشيقات القوام جميلات المنظر، ينساب شعرهن على أكتافهن، يتمخطرن ويتبخترن هنا وهناك، مع ضحكات يهرب منها الشيطان، وهن يسرن أمام كوخ هذه السيدة لكن مع الأسف لا يلتفتن إليها أبداً، وكأنها ذبابة أوْ شيئاً لا يُرى.
الحق أقول؛ لولا أننى غريب عن هذا البلد ولا أملك شقة ولا يحزنون، لكنت أخذتها لتعيش معى ورزقى ورزقها على الله، لكنى كغيري من الشباب المسكين الذى لا يملك إلَّا قوت يومه، فمن منكم يستطيع أنْ يأوي أمثال هذه العجوز، وله أجر كبير عند الله الكريم، من منكم يلتفت إلى الفقراء والمساكين؟ من منكم يحن إليهم؟ من منكم تحدثه نفسه لاحتضان هؤلاء بأي طريقة أوْ وسيلة؟ من منكم يفكر فى إسعاد المحرومين؟
لن أناشد أحداً لأنَّ المسؤولية تقع علينا جميعاً، نحن مجتمع واحد حضت جميع أديانه على السلام والسعادة، ومد يد العون للمحتاج، فيقول النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): "ليس منا من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم ..".
ويقول المسيح (عليه السلام): "مَنْ يَرْحَمُ الْفَقِيرَ يُقْرِضُ الرَّبَّ، وَعَنْ مَعْرُوفِهِ يُجَازِيهِ"، سفر الأمثال 19/17.
فلماذا إذن نتغاضى عن قصد أوْ دون قصد، حتى نسمع أنين الفقراء يزداد يوماً بعد يوم، وتتراكم معاناتهم عاماً بعد عاماً، إلى متى سيظلوا محرومين من أبسط الحقوق، إلى متى سنسمع قهقهة الأغنياء وأنين الفقراء؟



#مصطفى_محمود_على (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى القدس .. ذكريات أمة فى واقع مرير وآمال باستردادها
- انتخبوا .. على مخيمر
- الحب فى زمن داعش
- عرض كتاب: ابن تيمية فى الميزان
- رسالة إلى الرئيس .. انتبه لحقوق المصريين
- ناجح إبراهيم .. مفكراً
- اللواء شفيق متري سدراك .. أول من حصل على نجمة سيناء
- المهمشون .. إلى أين ؟


المزيد.....




- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مصطفى محمود على - قهقهة الأغنياء وأنين الفقراء