أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبدالحميد برتو - أعداد النازحين واللاجئين أكبر مما نتوقع















المزيد.....

أعداد النازحين واللاجئين أكبر مما نتوقع


عبدالحميد برتو
باحث

(Abdul Hamid Barto)


الحوار المتمدن-العدد: 4734 - 2015 / 2 / 28 - 14:52
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


أعتبر إن حق العيش في أي مكان في هذا العالم خيارٌ إنساني مشروع، ليس من حق أحد أن يتدخل فيه، إلا من خلال تعاقد ما، كأن يكون الإنسان إرتبط بإنسان آخر (العائلة)، أو أن شخصاً قرر المشاركة في الحياة العامة مدعياً إنه من المساهمين في بناء حالة وطنية جديدة، أو بناء ودعم حزب أو منظمة، أو العمل من أجل إعادة بناء وطن أو موقف ما ... الخ.

وفي كل تلك الحالات ينبغي أيضاً على مركز القرار من الجانب الآخر، أن يكون إنسانياً شديد الحساسية في إتخاذ القرارات، التي تتعلق بحياة ومصائر الناس أو الأشخاص، الذين يتولى مصيرهم، وأن لا يكون من الصنف، الذي يريد تحقيق رغائب بعيدة عن الروح الإنسانية، أو غير واقعية، أو التي تسعى الى بناء أمجاد شخصية زائفة وقصيرة النظر.

أذكر هذه المقدمة الطويلة نسبياً كي أسمح لنفسي بتناول مسألة النزيف البشري، الذي يتعرض له المجتمع العراقي، حيث القتل على الهوية؛ الهروب الى مناطق آمنة نسبياً؛ التهجير بقوة السلاح أو الإرهاب؛ وبقية الوسائل غير الإنسانية الأخرى؛ كالإعتداء على كرامات النساء، وسلب الممتلكات وغيرها الكثير، التي طفح بها البلد الى حدود، لم يتخيلها حتى أشد أصحاب العقول الشريرة خيالاً، أو الذين يعانون من تخلخل في نظامهم العصبي، أو من ذوي الأمراض النفسية.

وبديهي، أن يكون لنا حق في أن نتخيل الرعب، الذي يعاني منه النساء والرجال والأطفال والشيوخ أثناء عمليات تهجيرهم، وحالاتهم المادية والنفسية حتى بعد الوصول الى مناطق آمنة، وماذا َيحلّ بهم عند نفاذ مدخراتهم، ناهيك عن الحالات التي يكون فيها الناس بدون مدخرات أصلاً، وماذا يكون حال تطلعهم ونظرهم الى المستقبل وحتى أسئلتهم عن يوم الخلاص، ومتى يأتي الخلاص المرتقب في ظل الأزمات السائدة محلياً وإقليمياً ودولياً، وهي أزمات قد يتعسر فهمها حتى على العديد من المتابعين والمتخصصين.

وماذا عن حالة العوائل، وهم يرون بناتهم وأبناءهم يفقدون مدارسهم الى أجل غير مسمى، لا يعلمه حتى أولئك الذين يدعون بأنهم يتربعون على مركز القرار أو الحكم في البلاد، ناهيكم عن الجوع وغياب الخدمات العامة بكل أنواعها. وماذا عن إتساع نطاق الأمية بين السكان، تلك الأمية، التي بدأت تتنامى بمعدلات مخيفة، أكثر من نمو العشب والطحالب، وليس بين النازحين فقط، وإنما في المدن، التي لم يغادرها أهلها. وفي هذه المرحلة المتوحشة والموحشة من تاريخ العراق، علينا أن نعلم جميعاً حقيقة إن الأمية من أكبر المعادن والمصادر الفعالة وأهم مرتعٍ لخلق وتجنيد العابثين من كل الأصناف والدرجات، الى جانب ما يُنتجه الزج بالسجون ظلماً، وإمتهان كرامة الإنسان، وقطع الأرزاق والخوف من الآخر وغيرها من الجرائم واسعة النطاق، وليس أقل مما تقدم هدم البيوت على ساكنيها دون الإعتبارات اللازمة أخلاقياً وإنسانياً، وفي ظل غياب الحكمة في النظر الى التجارب السابقة البعيدة منها والقريبة.

إن الإرهاب الذي يطبع الحياة في العراق وبعض الدول العربية من أخطر الأنواع، التي عرفها التاريخ على الإطلاق، ليس فقط بأساليبه الوحشية، بل لأنه متعدد الجهات والمصادر، ولأن صورته مختلطة أيضاً، ولأنه يستثمر كل التجارب السابقة، سواء كانت لأهداف مشروعة ونبيلة أو على العكس من ذلك، وهو غامض بالنسبة لمن يبحث عن محركاته في الزوايا المظلمة، وهو لا يترك مجالاً للناس لإتخاذ موقف الحياد، أو كما يعرف في علم الإجتماع بالأكثرية الصامتة. كما إن أعداد ضحاياه تفوق التصور، وهو يطحن الناس الأبرياء، الذين قد يتصور البعض أنهم على هذه الضفة أو تلك. وإن الذين يروجون للمواقف الطائفية لأسباب ضيقة جداً وأنانية للغاية لا ينظرون الى حقيقة غياب أية فائدة لأية طائفة من طوائف الشعب في مثل تلك المسالك، فالذي لا يُقتل هنا يُقتل هناك، وإن الموت يتربص بالجميع في كل زاوية، والتعصب والخوف دفع قطاعات كان ينبغي عليها أن تقف ضد التعصب بكل أشكاله الى مواقف مخزية، وذلك بطلب العون من الجهات المعتدية والطامعة، والتي هي مصدر أساسي من مصادر بؤسنا نحن العراقيين.

ربما من أقل أنواع النزيف العراقي خطراً من الجوانب الإنسانية على اللاجئين والمهاجرين والمهجرين أنفسهم في الظروف الراهنة، وبكل المراحل، التي تمر بها عملية الهجرة القسرية المؤسفة وحتى الإختيارية هي الهجرة الى الخارج، وهي حالة باتت أعداد هائلة من أبناء الشعب تتمناها تحت ضغط ظروفهم القاهرة، التي تتطلب طاقات إستثنائية لإحتمالها.

مازلت أنظر الى الهجرة من الوطن كخطر في إطار هجرة العقول، لأنها تضر بمستقبل البلاد والأجيال القادمة، هذا دون أدنى تجاهل للظروف الضاغطة، بل وفي أعلى درجات التفهم والتقدير للإضطرار الى الهجرة، هذا طبعاً الى جانب التضامن، الذي لا حدود له، والى جانب الإقرار بحق كل شخص أن يقرر أين يعيش. أما النزوح الداخلي فإنه مأساة إنسانية مغدورة حتى على نطاق ضرورة معرفة حجمها وظروفها وخطرها ومعاناتها الإنسانية، ناهيك عن طبيعة التعامل معها، خاصة فيما يتعلق بإغاثة النازحين، وتوفير الظروف المناسبة، التي تحد من مخاوفهم المشروعة، الى جانب العمل الجدي على مختلف الصعد لإيقاف إتساع تلك الظاهرة، وعلى كل وطني عراقي أن يتحرى صادقاً مع نفسه عن السؤال التالي: ماذا تنتج مخيمات النازحين إذا طال العهد بها في ظل الشعور بالقهر والعوز؟. وهل مثل تلك الشرور سوف تكون بعيدة عن أي كان؟.

وعلى الرغم من الإحساس بخطر إتساع نطاق الهجرة والنزوح على مستقبل البلاد، فإن حدود معرفة حجم تلك الظواهر مازال يفتقر الى المعلومات الإحصائية الدقيقة، ولكن في كل الأحوال يبدو أن الحجم قد تجاوز التقديرات الطبيعية المعلومة. وعليه أذكر حقيقة بسيطة تؤكد ذلك، فقد كتبت مادة قبل أيام قليلة حول مباردة المنتدى العراقي في الجمهورية التشيكية المتمثلة بشن حملة للتضامن مع النازحين العراقيين، ووضع المنتدى خطة للعمل تقوم على تعريف الرأي العام بمأساة النازحين بالدرجة الأولى. وقد قدرت ضمن ذلك المقال الموسوم بـ (عراقيو بوهيميا يتضامنون مع شعبهم) أعداد العراقيين المتبقين في منطقة بوهيميا تحديداً بالعشرات.

وكانت المفاجئة لي كبيرة للغاية، حين تسلمت رسالة طيبة من الناشط في قيادة المنتدى العراقي الزميل خالد العلي، تشير الى أن الأعداد الحالية للجالية العراقية في الجمهورية التشيكية ككل، وليس المتبقين من الفترات السابقة، قد تصل الى 600 عراقي، منهم في برنو عاصمة منطقة مورافيا وحدها نحو 300 عراقي، وهذا الرقم ربما لم تصل إليه أعداد العراقيين في هذا البلد في كل الفترات السابقة.

كما أفادت رسالة الزميل بأن جهود لم شمل العراقيين تتواصل بشكل حثيث، وإن أعدادهم أكبر من الظاهر على الواجهة من دون تدقيق، والدليل على ذلك بالنسبتي لي، هو ما أشارت إليه رسالة الزميل العلي، لأنها قائمة على أساس لا يترك مجالاً للشك، حيث ذكر بأن الأعداد، التي تم التعرف عليها فعلاً وبالإسم، الى يومنا هذا، قد بلغت نحو 500 شخص، وإن عملية الجرد بالأسم والمهنة متواصلة، وبديهي أن الزيادة جاءت بالأساس من اللاجئين الجدد. هنا أقول: إذا كانت الحالة هكذا في بلد بعيد لا يسهل الوصول إليه لحملة الوثائق العراقية، فما هي الحالة الفعلية من حيث أعداد النازحين الى المناطق، التي يتوجه إليها النازحون في بلدهم حتى دون وثائق.

في الحصيلة العامة، إن العمل على لم صفوف أبناء الجاليات العراقية في الخارج واستثمار طاقاتهم رسالة إنسانية قبل أن تكون وطنية، وينبغي أن تقوم على أهداف مشتركة، وعلى كل ما يجمع الناس صوب التعاون، ومن خلال الإحترام المتبادل. هذا المنحى سوف يترك أثراً طيباً على نمط علاقات العراقيين بوطنهم، وبأبناء البلاد التي يعيشون فيها، ومن حقهم إستثمار التاريخ الطيب المتراكم للجاليات العراقية في الخارج. ولكن في اللحظة الراهنة تظل مأساة النازحين مسألة رئيسية ينبغي أن ينصب الإهتمام المناسب عليها.

كما إن العمل على كسب الرأي العام، والدعوة الى طلب العون من كل شعوب الأرض على أساس الجماعة لا على أساس المصالح الفردية أو الضيقة يخدم بإتجاهين: يخدم شعب العراق وشعب البلد المضيف. وإن الإستخفاف بأهمية الرأي العام ما هو إلا دليل جهل ووجود فكر منغلق. وما الأعمال الهمجية، التي تطفو حالياً على سطح مجتمعنا العراقي إلا جزءاً من الإستخفاف بالرأي العام المحلي والعالمي وبالقيم الإنسانية.



#عبدالحميد_برتو (هاشتاغ)       Abdul_Hamid_Barto#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عراقيو بوهيميا يتضامنون مع شعبهم
- الإقامة بين العنوان والمتن
- آرا خاجادور ونبض سنينّه
- من الكوفة الى الأنبار
- شكري بلعيد يُقدم الدليل
- الإحساس بالإضطهاد الطائفي
- موسوعة الوراقة والورّاقين
- وداعاً أبا عواطف
- جيفارا: قوة المثل الثوري
- الفيلسوف مدني صالح وعطرالأرض


المزيد.....




- قطر تصدر بيانا بشأن موقف -حماس- من مقترح وقف إطلاق النار
- مقتل رجل في وضح النهار في موسكو.. وكاميرات المراقبة تسجل لحظ ...
- بعد تحذير بوتين للغرب.. روسيا تؤكد حتمية الرد على تسليح كييف ...
- المظليون البريطانيون يجبرون على المرور عبر الجمارك بعد قفزهم ...
- بينها الصومال.. انتخاب 5 دول لعضوية مجلس الأمن
- عاجل | ترامب: إذا توليت الحكم فسأقوم بأكبر عملية إبعاد في تا ...
- لماذا يستدرج جنود الاحتلال بالطريقة التي تريدها المقاومة؟ ال ...
- فرضت واشنطن عليها عقوبات.. ما هي مجموعة -عرين الأسود-؟
- مصادر من -البنتاغون- تكشف -حجم الأضرار- برصيف غزة المؤقت
- تحذيرات إسرائيلية من -انتفاضة ثانية- في الضفة الغربية


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبدالحميد برتو - أعداد النازحين واللاجئين أكبر مما نتوقع