أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - تفروت لحسن - الإنسان اللاهث أو - إنسان : - هذا لي -














المزيد.....

الإنسان اللاهث أو - إنسان : - هذا لي -


تفروت لحسن

الحوار المتمدن-العدد: 4729 - 2015 / 2 / 23 - 00:26
المحور: كتابات ساخرة
    


يستند جون جان روسو في مؤلفه : " في اصل التفاوت بين البشر" إلى مفهوم التملك أو الملكية لتفسير انتقال الإنسان من حالة الطبيعة، كحالة افتراضية، إلى حالة المدنية والمجتمع، ورغم أن روسو لا يصرح بلفظ الملكية فهو يلمح إلى ذلك بإعمال المكافئ الدلالي " هذا لي ". هذا ما يتضح بقوله : " إن أول من أقام سياجا لأرض، وقال " هذا لي "، ووجد أناسا سذجا صدقوه، هو المؤسس الحقيقي للمجتمع المدني ". فالتمييز، إستادا لهذه المقولة، يبدو واضحا، ففي حالة الطبيعة يكون الماء الجاري في الينابيع ملك لكل إنسان، وفي المجتمع يكون الماء ملك لمن استقاه ووضعه في جرته، إي اصبح له بشكل يجعله يقول " هذا الماء لي ".
وإذا كان روسو، كغيره من فقهاء الحق الطبيعي، قد استحضروا مفهوم التملك والملكية في تفسيرهم لظهور فكرة المجتمع، فان المفهوم حظي بنظر الفلاسفة السابقين، فارسطو مثلا فصل في مفهوم الملكية، بل صنفها ضمن المقولات العشرة. ويقصد بالتملك " مقولة عقلية تعبر عن تبعية الشيء بالنسبة لشيء آخر مثلا: لفلان أطراف أو كتاب ". وهذا معناه أن الملكية هيئة حاصلة للشيء بالنسبة لما يحيط به، وينتقل بانتقاله. والملك يقابله الحرمان. ولمقولة الملك شرطان :
الأول: الإحاطة، إما بالطبع، كجلد الإنسان وإما بغيره : إما بكل شيء، كحال الهرة عند إرهابها، وهو ذاتي. أو ببعض الشيء كحال الإنسان عند تختمه، وحال الفرس عند إلجامها وإسراجها، وهو عرضى. والثاني: أن ينتقل بانتقاله، كالأمثلة السابقة. أما إن وجد أحدهما دون الآخر، فلا يكون ملّكا، فوضع القميص على رأسه، وإن كان ينتقل، لا يكون ملكا ؛ لعدم الإحاطة. والحلّول فى الخيمة، وإن كان مشتملا علّى الإحاطة، لا يكون كذلك ؛ لعدم الانتقال.
وحتى بعض الفلاسفة المعاصرين أولوا اهتماما لمفهوم الملكية في علاقتها بباقي قضايا الإنسان. فقد لاحظ مثلا إريك فروم " أن الاختيار بين التملك والكينونة، من حيث هما مدلولان متعارضان، لا يثير لدى الحس المشترك أي انتباه. ويبدو أن التملك وظيفة عادية لحياتنا، فمن أجل أن يحيا المرء، عليه أن يتملك بعض الأشياء. ومن ناحية أخرى، يجب علينا تملك بعض الأشياء بغية الحصول على لذة من هـذا التملك ". وقد استشهد بمعلمي الحياة الكبار الذين جعلوا من الثنائية "التملك أو الكينونة" الموضوع الرئيسي لمذاهبهم. فبوذا يعلمنا أن علينا ـ من أجل أن نقدر على التوصل إلى مستوى رفيع في التطور الإنساني ـ ألا نترك شهوة التملك تستولي علينا. كما أن المسيح يقول : "من يود إنقاذ حياته سيفقدها، لكن الذي سيفقدها بسبـبي سينقذها." بل إن إيكهارت Eckhartيعلم الناس بأن الطريق الوحيد للتوصل إلى الثراء والقوة الروحيين هو ألا يملك المرء شيئا وأن يجعل ذاته مفتوحة و "فارغة". كما ان ماركس قال بأن الرفاه رذيلة مثله في ذلك مثل الفقر، وأن علينا أن نجعل هدفنا هو أن نكون أحسن لا أن نمتلك أكثـر. – "مقالة التملك والكينونة"، مجلة فكر ونقد، ترجمة محمد سبيلا -.
يبدو إذن، أن النظر الفلسفي للتملك له أهميته. وهذا ما يظهر من الألفاظ الدالة عليه، ومنها عبارة " هذا لي " التي تترادف مع " ceci est à moi ". ويفيد هذا القول تملك الشيء، وكذا تملك الشخص. فرغم زوال العبودية في شكلها القديم، حيث كان تملك البشر أمرا جائزا وعتقه حلا للتحرر، فإن الإنسان المعاصر مازال، شعوريا أو لا شعوريا، يلهث سعيا للمزيد من التملك البشري. فنجد الزوج يدعي تملكه لزوجته، والأب يعتقد تملكه لأبنائه، والأستاذ يعلن عن تملكه لتلامذته، والرئيس يتوهم سيطرته على رعيته... هذا طبعا يضاف لادعاء الإنسان اللاهث بتملكه للأشياء، المال، العمران، السيارة، المتاع، الأرض...
هذا التملك المزدوج يجعل الإنسان اللاهث يستخدم ألفاظا تدل على ذلك مثلا : هذه زوجتي، هذا ولدي، هذا تلميذي، هذه سيارتي...
ويمكن أن نلاحظ أن السعي للكسب، للتملك، وللمزيد من التملك هو الذي يدفع إنسان الحس المشترك ليسعى لتحصيل المزيد من الأشياء ومن الأجساد. بل هذا الطموح هو الحافز الذي يغذي ثقافة الإنسان اللاهث. هذا الإنسان الذي يرهن سعادته وكينونته بالتملك.
والمعلوم أن اللهجات لا تخرج هي الأخرى عن هذه الخاصية. وهذا شيء طبيعي مادامت اللغة تحمل سمات من يتكلمونها. ومن الدارجة المغربية نسوق بعض الأمثلة :
- يقال " هذا ديالي ". وليس المقصود بذلك النقاش الذي أثارته مسرحية " ديالي " ولا الزوبعة البرلمانية " ديالي كبر من ديتاك ". ما نقصده هو حب التملك الذي تحمله دلالة العبارة. حب يصل إلى الرغبة في التعبير عن الامتلاك لحد المتعة، فيقال " متاعي أونتاعي ".
- يحيل اللفظ الدارج " هذا ديالي " و "ديالنا " أحيانا إلى شيء آخر، إلى الزبونية والمحسوبية. فيقال " هذا ديالنا ". بمعنى الثقة. فينبغي إن نتعامل معه بالمرونة ونيسر له الطريق.
- يقال " هذا ديالي " للتعبير عن الولاء، التبعية، العبودية في شكلها الجديد.
وتتولد العبارات لتشمل التسلط، التملك المفرط. وكل مجتمع كانت فيه السيادة لهذا اللفظ يصنف رعاياه بالإنسان اللاهث.



#تفروت_لحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القرف والاشمئزاز في المجتمع المعيف ( المعيوف )
- الإنسان الهجين و ثقافة - البغال -
- - أنا مدمن، إذن أنا موجود، عفوا أنا معدوم -
- راهن الفلسفة ورهان الفكر النقدي
- إشكالية تحديد معايير اختيار الكتاب المدرسي بالتعليم المغربي
- نيتشه : الفيلسوف طبيب المجتمع
- لدروس الخصوصية لعلوم التربية : صورة جديدة لأزمة التعليم المغ ...
- - الفلسفة كما نحيا بها - : تجربة بيير أَضُو Pierre Hadot
- الفلسفة والتربية : الإبهام المزدوج
- في الحاجة الى -الفلسفة التطبيقية-
- الفلسفة في متناول الجمهور : انتعاش أم انكماش
- درس الفلسفة بين : - الأستاذ - الطبيب - و - الأستاذ - الكناشي ...
- بعض مفارقات - مفهوم العقل - عند عبد الله العروي
- في التربية على حقوق الإنسان


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - تفروت لحسن - الإنسان اللاهث أو - إنسان : - هذا لي -