أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد العزيز الخاطر - النظام المعرفي في المجتمع القطري















المزيد.....


النظام المعرفي في المجتمع القطري


عبد العزيز الخاطر

الحوار المتمدن-العدد: 4709 - 2015 / 2 / 3 - 12:57
المحور: المجتمع المدني
    



النظام المعرفي في المجتمع القطري " الغرض من هذه المقالات معرفي بحت ولايحتمل أي إسقاطات ايدلوجيه
مقدمه
لفهم أي مجتمع لابد من ملاحظة وإستكشاف النظام المعرفي السائد فيه, وكيفية تشكله من فترة إلى أخرى. ومدى إرتباطه بالوعي السائد. لماذا يختلف مجتمع عن مجتمع آخر؟ لماذا يختلف القطري مثلا عن البحريني أو عن السعودي أو الكويتي, من ناحية نظرته للأمور وللواقع ؟ لماذا يختلف مستوى الرضا من مجتمع خليجي عن مجتمع عربي آخر أو حتى عن مجتمع خليجي آخر. ماهي حقول اكتشاف هذا النظام المعرفي ؟التي يتشكل ويسطر من خلالها على نمط الحياه الاجتماعيه ؟ ماهي القوى الفاعله فيه ؟ علينا أولا تحديد الارضيه التي يقوم عليها النظام المعرفي بالنسبة لمجتمع كالمجتمع القطري. تقوم بنية النظام المعرفي للمجتمع القطري على صدفتين إحداهما جغرافيه والأخرى تاريخيه, أفرزتا نظاما معرفيا أوليا لم يكن نتاجا لديالكتيك مجتمعي تاريخي بقدر ماكان نتاجا لبعدين ماديين هما " الريع" حيث الصدفه الجغرافيه , و"القبيله" حيث الصدفه واللحظه التاريخيه التي مكنت للسيطره على المجتمع وفرض رؤيه أو نظاما معرفيا معينا متعلق فقط بمصلحة هذه البنيه, لذلك سنرى أن هذا النظام المعرفي عبر المرحله التي سنعرض لبعض صوره وتشكيلاته وهي المرحله الممتده من اوائل الستينيات حتى الوقت الحالي لايتغير الا بقدر ما يعيد انتاج وتجديد هاتين اللحظتين او الصدفتين الجغرافيه" الماديه" و التاريخيه. كما يبدو الدين والعادات الاجتماعيه كذلك شكلا من اشكال النظام المعرفي السائد في المجتمع ,
أولا:لابد أولا من تعريف ماهو النظام المعرفي ؟ يعرفه" فوكو" بأنه الارضيه التي تقوم عليها معرفة عصر معين وهو المرتكز الاساسي لخطاب ذلك العصر والفضاء الذي تنتشر فيه موضوعاته والمجال الذي يفرض فيه اكراهاته""1.
ثانيا: ماهو الحقل؟ يتشكل الحقل حسب"بورديو" عالم الاجتماع الفرنسي من جملة من العلاقات الموضوعيه لاي نوع من النشاطات في المجتمع الاقتصاديه او الاجتماعيه او السياسيه , و علاقة الفاعلين فيها مع بعضهم البعض ومع المجتمع من ناحية أخرى.2"
والجدير بالذكر ان الانظمة المعرفيه السائده في مجتمعاتنا العربيه هي انظمة إكراهات وليس أنظمه إنسانيه , بمعني ان لاتستجيب للمطالب الانسانيه للشعوب الا مكرهه, لذلك نرى دائما أن هناك إنشطارا وصراعا للنظام المعرفي العربي بين جزءه الايديولوجي الموروث كالدين والعادات والتقاليد الاجتماعيه وبين جزءه المتحقق من اقتناص الفرصة او الصدفه سواء الجغرافيه" الثروه" او التاريخيه" القبيله أو العسكر".
بالنسبة للمجتمع القطري لم يكن موضوع النظام المعرفي يشغل بال اي مواطن في السابق , ولكن يبدو اليوم الأمر مختلفا
ويمكن من حيث التبسيط توضيح ثلاثة أنماط من اشكال النظام المعرفي سيطرت على المجتمع القطري على النحو التالي
1- من الستينيات حتى بداية السبعينيات : كان التشابه هو السمه الغالبه للنظام الاجتماعي , وكانت الطمأنينه هي الشعور السائد في المجتمع نتيجة لهذا التشابه.
2- من السبعينيات حتى منتصف التسعينيات: كان التموضع والاتزان سمتا النظام المعرفي السائد, التموضع بمعنى تمكين المتعلمين من القطريين من مفاصل الوظائف وقيام طبقه وسطى حكوميه والاتزان بمعنى التأثير المتبادل بين الدوله مع الخارج
3- من منتصف التسعينيات حتى اليوم:التباين والتناذر والقلق والازدواجيه ,سمات النظام المعرفي في هذه المرحله, مع ملاحظة ان في كل هذه المراحل الثلاث كان النظام المعرفي مفعولا به وليس فاعلا و بمعنى انه نتيجة لتعامل السلطه" البعد التاريخي , مع الريع " البعد الجغرافي" الاقتصادي المادي بعيد عن أية مؤثرات اخرى أو ردود فعل أو تغذيه راجعه من المجتمع الذي يستقبل دونما أن يرسل. وبادىء ذي بدء علينا أن ندرك أن أهم مايميز النظام المعرفي العربي السائد هو أنه نظام ديني يتواطىء مع السياسه باستمرار فهو ليس وعيا خالصا بالانسان الا بقدر ما يعكس ارتباط هذا الانسان بمعتقد ديني يميزه عن المعتقدات الاخرى حتى داخل الدين الواحد. ولذلك اسباب كثيره منها عدم قيام عمليه سياسيه حقيقيه داخل هذه المجتمعات دون ربطها او استنادها على الدين, وثورات الربيع العربي الاخيره تدل دلالة واضحه على ذلك حيث لم تلبث حتى تحولت الى شكل من اشكال الدين او الصراع الديني . فالنظام المعرفي العربي هو انعكاس لصورة الزعيم او الرئيس او الملك المؤمن في ذهنية المجتمع, بل ان أول ما يهرع اليه الزعيم هو تصويره وهويؤدي الصلاه , أو ادعاءه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أيده في المنام , أو أنه رأى جبريل وأقره السلام وغير ذلك من الادعاءات التي كانت الاحداث الاخيره في عالمنا العربي مسرحا لها, فعلى الرغم من أن الاسلام دين التوحيد , إلا أن النظام المعرفي منذ البدء نظاما شركيا في حقيقته السياسه وكل من يحاول الخروج من هذه الشركيه يقصى أو يقتل أو يجرى التخلص منه بدعوى دينيه في المقام الأول . لذلك يبدو الخروج من ثلاثية الاقتصاد والدين والقبيله سواء العرقيه أو العسكريه , أمرا صعبا للغايه , وهي ثلاثيه انتهازيه دينيه في الحقيقه عبر التاريخ حيث تجعل من الحكم والثروه والعرق إصطفاءا إلهيا, لذلك فالمجتمعات العربيه في الأصل لاتبني نظاما اجتماعيا بقدر ماتمارس أدوار تنسجم مع النظام الاجتماعي القائم , من هنا ظهرت أزمة "النفاق العام" المستشري حقبة بعد أخرى وشكلا بعد آخر بما يتناسب مع ظروف كل عصر وكل زمان.ومن هنا ايضا برزت ظاهرة سيطرة "فقهاء الدين" على الدوله العربيه , بصفتهم حماة لإستمرار هذا الشكل من النظام المعرفي السائد بعيدا عن تفاعل قوى المجتمع أو عن الرؤيه الحقيقيه لتطور العصر , فإذا كان "فوكو" مثلا يتصور أن القرن العشرين هو قرن الانسان بمعني محوريته في الكون حيث لم يكن ذلك قائما قبل ذلك , وبأن القرن القادم سيعلن نهاية الانسان كمحور للكون بعد تقدم التكنولوجيا والتقنيه لتصبح هى محور الكون , فإن عالمنا العربي يحتاج ربما الى قرون لبداية عصر الانسان فيه , من هنا أرى ضرورة الانتباه عندما نتكلم عن أوضاع نظامنا المعرفي في منطقتنا العربيه وفي الخليج بالذات أن ننتبه الى ثلاثة ملاحظات:
الأولى: أن واحديتنا يشوبها ظلال من الشرك
الثانيه: ان الانسان موجود وجودا للإستخدام كوجود المطرقه في يد النجار
ثالثا:أن كل مجتمع يتحرك ضمن هاتين الملاحظتين السابقتين بعدا أو قربا بمقدار ما يفيض عليه من بقايا الريع.الستينيات: المسافه بين اقانيم النظام المعرفي
من الجدير بالذكر ان النظام المعرفي في منطقة الخليج عموما قبل النفط يختلف عنه في مرحلة مابعد النفط.قبل النفط كان هناك نظاما معرفيا يظهر قيمة التعايش في ابهى صورها , والعلاقه الانسانيه في ازهى تجلياتها , نظرا لحالة التشابه الكبير بين مكونات المجتمع من ناحيه وبين طبيعةمصادر التلقي من ناحية اخرى التي يمثلها الدين والعادات والتقاليد فهو نظام معرفي تلقائي صوفي النزعه بالمعنى المجرد واقتصاديا يتعامل مع الحاله الطبيعيه القائمه على مصادر الطبيعه الاوليه والظاهره في البيئه المعاشه وما يمكن استخلاصه منها تلقائيا كذلك بعيدا عن استحكامات السلطه ايا كان مصدرها واكراهياتها . فيمابعد ظهور النفط إختلفت مصادر النظام المعرفي تدريجيا لصالح الجانب المادي وتشكلت بالتالى بنية اقتصاديه تحتيه تنتج بناء فوقيا يحمل خصائص بقائها واستمرارها, ونظرا لعدم إمتلاك المجتمع لورقه تفاوضيه في اللحظة التاريخيه المصيريه المحدده في مسيرته , ولغياب اي شكل من اشكال القدره الذاتيه لديه في املاء شروطه لحفاظ حقوقه مستقبلاو اصبح وضعه مستقبلا لامرسلا و سلبيا لافاعلا, وهذه النقطه تختلف فيها دول الخليج من دولة الى اخرى نظر لتطور كل مجتمع ومكوناته الاجتماعيه وقدرتها على الاستقلاليه والتأثير.
إستمرت سمة التشابه في المجتمع القطري قائمة بشكل لاباس به خلال فترة الخمسينيات والستينيات واوئل السبعينيات ويمكن قياسها من عدة مؤشرات منها:
اولا: العلاقه مع الحاكم
كانت علاقة المجتمع بالحاكم علاقه مباشره ومفتوحه, والحقيقه ان العلاقه بين حكام قطر وشعبهم على مر التاريخ علاقه مباشره ومفتوحه ولكن الاختلاف ياتي من تدرج النظره للمواطن التي تاثرت بالنظره الى الريع نفسه من حيث هو ريع للمجتمع او ريع يوزعه الحاكم على المجتمع , ونظرة المواطن نفسه إليه في ذلك الوقت المبكر حيث كان لايزال يشعر بانه مشارك اوشريك ذلك الرعيل الاول .
ثانيا:العلاقات كانت الى حد كبير أفقيه وقويه بين افراد المجتمع و وأمتداداتها الرأسيه مع الحاكم ليست على حساب أفقيتها, وارتباط المصاهره كان قائما اكثرعلى المشابهه المعنويه "النسب " من اي بعد آخر.
ثالثا: القوى الفاعله في المجتمع
فبالاضافه الى العائله الحاكمه , كان هناك عدد من التجار إلا ان العلاقه لم تختلط بشكل يصبح الشيوخ تجار والتجار شيوخ بشكل يوثر على المجتمع ويقلل من فاعليته ووجوده المعنوي. كما أن الحجابه وهي من القوى الفاعله جدا في كل مجتمع تقليدي كانت من أهل قطر او مايسمون ب"خدام الشيوخ" وهم مجموعه من اهل قطر المحترمين الذين يعرفون العوائل والقبائل القطريه مما أيضا كان يُشعر المجتمع بإ ستمرار فاعليته.
رابعا:المزاج العام
ويمكن ملاحظته من خلال بعض مؤشرات نفسيه وعاطفيه تفرزها اولا الطبيعه الدينيه للمجتمع وبقدر ما يكون النظام متوافقا معها بقدر ما يكون مقبولا, نظرا لان الدين في مجتمعاتنا ياتي أولا قبل الدوله, فهو ليس حالة خاصه ضمن الدوله بقدر ضرورة انتظامها معه .
1 : التوافق هناك حالة من التوافق والرضا بين الرؤيه للماضي وقبول الحاضر والتطلع للمستقبل, بمعنى ليس هناك وضع يجعل من المواطن في حالة حنين الى الماض او الشوق اليه
2: المنافسه: لم يكن يشعر المواطن بأي نوع من المنافسه و فهو في عين الوطن , مع قيام الدوله بمشاريع التعليم والصحه التي كانت مرتبطه بأجنده اجتماعيه كبيره من خلال المساعدات بجميع اشكالها العينيه بالذات التي كانت توزع على الطلاب مجانا خلال الصيف والشتاء, كذلك بالمغريات الماليه لجذب الطلبه الى المدارس والى النظام التعليمي.
3 : التعاطف: درجة التعاطف خلال تلك الفتره كبيره جدا ولاتقتصر على المناسبات كالعزاء او الزواج , وانما يمكن مشاهدتها وملاحظتها بشكل يومي بين ابناء المجتمع فهم كانوا يعيشون بين المسجد والمجلسو واعتقد ان نمط التجمع السكاني الطبيعي والتلقائى الذي تغير لاحقا كان له اثر كبير في اعلاء قيمة التعاطف هذه لدى المجتمع في تلك الفتره.

رابعا:التأثير الخارجي: كان المجتمع في تلك الفتره اكثر استجابة للتاثير الخارجي من الدوله او السلطه الامر الذي سنرى لاحقا انه مر بمرحلة توازن ثم بعد ذلك في مرة منتصف التسعينيات وما بعد اصبحت دولة قطر دولة تؤثر بقدر ما تتأثر أو ربما اكثر مما تؤثر حينما تغيرت ديناميات النظام المعرفي نتيجه لتغير دور الدوله محليا ومناطقيا وعالميا. فقضية فلسطين والمدً الناصري في ذلك الوقت جعل من الشخصيه القطريه تتأثر كذلك بالنظام المعرفي العربي العام الأمر الذي خفف من تركيزها على تاثيرها في طبيعة انتاج نظام المجتمع المعرفي واهتمامها اكثر بالايديولوجيا ولم تستفيق من ذلك الا وقد كانت بنية النظام المعرفي الاقتصاديه قد استحكمت تماما ولم يعد هناك مجال للمفاوضه او للمقايضه مهما كان ضيقا.
خامسا: المثقف في تلك الفتره كان الفداوي والخوي بالمعنى الحقيقي وليس المجازي الذي سنرى لاحقا أنه عاد الى الظهور مرة اخرى
وهما مصطلحان معروفين ولاداع لشرحهما
يبقى أن أشير الى أن محددات أو اقانيم النظام المعرفي لمرحلة ما بعد النفط هي الريع والحكم والمجتمع والمسافه بين هذه الابعاد الثلاثه فكلما كانت هناك مسافة مثلى نوع ما كلما كان هناك نظاما معرفيا اكثر انسانيه وتطور ويمكنه الانتقال بالمجتمع الى مرحلة جديده والعكس صحيح كذلك
بينما كانت المسافه قبل ذلك هي بين افراد المجتمع والبحث عن سلطه تمثله وتعبر عن ارادته بعيدا عن أي تأثيرات أخرى

في السبعينيات حتى اواخر الثمانينيات سيطر خطاب الحكومه على النظام المعرفي في المجتمع القطري , وبرز الموظف المدني والموظف العسكري كرمزين لتلك المرحله وكمرتكز لطبقه وسطى حكوميه واضحه آخذة في التشكل, وبدا النظام المعرفي في المجتمع بالسماح في اعتماد العلم كقيمه وظيفيه في الحياه , وبالتالي في الانعتاق من الاشكال الريعيه الوظيفيه السابقه كالفداوي والخوي والخادم. لذلك أسميت النظام السائد في تلك المرحله بنظام" التموضع" بمعنى تمكين المواطن من الوقوف مستقلا الى حدً ما بين الريع والسلطه. واعني بالسلطه ليس المفهوم السياسي وانما المفهوم الاجتماعي أي اصحاب السلطه وهم العائلات الحاكمه في الدول العربيه في الخليج .و اعتقد ان وجود هذه المسافه بين الريع والسلطه في ذلك الوقت هي سمحت بالاتجاه نحو دور اكبر للحكومه وللمجتمع , وليس بسبب طلب داخلى على ذلك , ولكنها رؤيه كانت تتسق مع الوضع العربي السائد في حينه المتمثل في المواجهه مع اسرائيل ثم وقوع الحرب الايرانيه العراقيه وتأثيرها المباشر على المنطقه. وكما ذكرت سابقا فالريع هو الريع عبر تاريخ المجتمع القطري لكن رؤية السلطه له هو الذي يسبب الاختلاف من مرحلة الى اخرى ويفرز بالتالى نظاما معرفيا بناء على ذلك الاختلاف والتبدل.
أولا:مثلت الوظيفه الحكوميه نطاقا فاعلا في تلك الفتره نتيجه للخطاب المعرفي الذي تبنته السلطه مع احتفاظ المجتمع بصورته التراثيه السابقه المتمثله بوجود "الشيوخ" ووجود الوزراء من كبار السن والوجهاء ومجلس الشورى الذي كان في حينه مناسبا لتلك المرحله وفعالا جدا وفي اتساق تام مع النظام المعرفي السائد حينئذ. مع ان وجود مسافه بين جميع هؤلاء الفاعلين جعل من المجتمع الى حد ما في مرحلة توازن.
ثانيا:البحث عن القطري بقوه كان شعار تلك المرحله وتقطير الوظائف كان هدفها, إلى درجة ان أصبحت هناك روشته إسمها"أنا قطري" الأمر الذي احدث ردة فعل قاسيه جدا عندما تخلت الدوله نوعا ما عنها تحت دعوى التحديث أو التنويع أو المنافسه.
ثالثا: غلبت لغة "التصحيح" على معظم تلك الفتره , بمعنى أن هناك وضعا خطأ علينا تصحيحه , لكنها لم تستمر حتى نهاية تلك الحقبه.

رابعا: ظل المسجد والمدرسه يؤديان دورهما في اتساق تام , ولعل الملاحظ يلحظ بسهوله متانة ثقافة ولغة ذلك الجيل وتمكنه كذلك من اللغه الانجليزيه . وبمنهج ديني واحد ضمن المنهج العام التعليمي.
خامسا: شكلت الحكومه والديوان الأميري ثقل التفاعل مع المجتمع وحل مشاكله بصوره اكثر مما كانت عليه سابقا من ناحية التنظيم والاداره .ولازلت اتذكر توصية الديوان الاميري بشأن سماع الوزراء والمسؤولين لبرنامج "وطني الحبيبط وضرورة التجاوب معه وحل مشاكل المواطنين.
سادسا: تلك المرحله الوطنيه يمكن تقسيمها الى فترتين , الاولى فترة ماقبل تحول المسؤولين الى تجار , والفتره الثانيه بعد ما اصبح المسؤولين تجارا. وهي بدايه مرحله خطيره أثرت بشكل سلبى على المجتمع وعلى بنيته المعرفيه فيما بعد,, حيث اصبح الريع ينتج تجارا دونما هيكليه تجاريه وعلى الوجه الآخر يبقى المواطن لاهثا خلف جزرته.
سابعا: ومع ذلك كان نمط العلاقات المجتمعيه تتوسطه الأفقيه الى حد ما حيث لم يزل المجتمع يحتفظ بكثير من رموزه وشخصياته سواء من الشيوخ أو من اعيان المجتمع وشخصياته , ولم تكن السلطه تعمل على شده الى اعلى او ربطه بها مباشرة الى في بعض الأمور وليس كلها.
ثامنا:بقى القطري بعيدا عن المنافسه الا في حدود ضيقه جدا إلا ان الدوله لم تستطع أن تقيم توازنا بين اغراءات المنصب والوظيفه وبين مجموع قطاعاتها و فتكدس الطلب على قطاع دون آخر وعلى وظائف دون اخرى , الأمر الذي احدث تشوها في الهياكل الاداريه , ولم تستطع كذلك من ربط الجهاز التعليمي بمتطلبات التنميه فوجدنا لاحقا خريجون يبحثون وظائف ووظائف تبحث عن خريجين.
تاسعا: كانت هناك روح للمجتمع لاتزال واضحه ففي كثير من الحالات كانت فعاليات المجتمع الشعبيه تتدخل لدى الحاكم مناشدة اياه فيما يعتقدون انه ضرر بالمجتمع وببنيته الاجتماعيه, وهذا اثر للنظام المعرفي السابق كذلك .
عاشرا: كان مثقف تلك المرحله هو الموظف الحكومي والعسكري اللذان كان يمثلان جانبي الاستقلال والانفكاك من الاطار المعرفي للمرحله السابقه.
أحد عشر: تبقى حقيقة واضحه يجب إعتبارها عند الحديث عن النظام المعرفي وهي التفريق بين نظام معرفي تنتجه البنيه فهي التي تتكلم وليس الافراد سوى لسان ينطق بها كما هو الحال في مجتمعاتنا, فالفرد في مجتمعاتنا لايتكلم وانما البنيه التقليديه الاقتصاديه والاجتماعيه التي افرزت وعيه دون حول منه هي التي تتكلم في داخله, وبين بنيه معرفيه ينتجها الافراد ويتكلمون بها وتحتملهم وتحتضنهم داخلها لانها نتاجا طبيعيا لإرادتهم كما هو موجود خارج عالمنا العربي يعتمد النظام المعرفي في تشكله في دول الخليج العربي قاطبة كما اشرت , على دور المجتمع في الاسهام في اللحظه التاريخيه التي تتشكل فيها البنيه السلطويه , في كل مرحله من مراحل المجتمع, أو هو المسافه بين المجتمع وبئر النفط المتفجر في أرضه, وهل يقطعها بشكل يحفظ له ارادته , أو يتغلب الوعي الفطري على النظره المستقبليه التي تضع شروطها في حينه بما يخدم المجتمع مستقبلا في ظل تغير الظروف ةالاحوال .فاكثر نظام معرفي قائم اليوم ومعبر الى حد ما عن ارادة المجتمع , هو النظام المعرفي في دولة الكويت نظرا لتواجد المجتمع عند صياغة بنية السلطه في حينه وبوعي وادراك من الامير السابق الشيخ عبد الله السالم رحمه الله. أماالانظمه المعرفيه في دول الخليج الاخرى, فهناك درجة من الاختلاف نظرا لطبيعة كل مجتمع وتفاعله الايجابي مع اللحظات المصيريه في تاريخه واستمرار هذا التفاعل وعدم انقطاعه,ووجود الريع وقدرته على تغطية التباين , فيبنما يبدو النظام المعرفي في المجتمع القطري متماثلا مع طبيعة السلطه أو هو بالاحرى نتيجة لها حيث لم يكن المجتمع متواجدا او حاضرا بفعاليه عند بزوغ اللحظه او اللحظات التاريخيه التي اعيد فيها تأسيس العلاقه بين الاقتصاد "الريع"والسلطه الأمر الذي جعل خطابهما واحدا , يظهر النظام المعرفي البحريني تباينا واضحا وربما نوعا من التصاد م مع السلطه, التي تنتج وعيها وخطابها بعيدا عنه واستنادا على وعي الطائفه التي تختلف عنه طائفيا,فهو وعي تاريخي لايستند على الريع بقدر ما يستند على التاريخ والطائفه . أما النظام المعرفي السعودي الرسمي فهو في حالة استنفار دائم , لاسباب كثيره منها اتساع رقعة البلاد واختلافها العرقي والطائفي , وسوء الاداره ومركزيتها وكبر حجم وامتيازات العائله الملكيه وتركز السلطه في الجيل الأول الذي بدا في الانقراض فهناك اكثر من بنيه معرفيه تنتج خطابها داخل المملكه على الرغم من وقوع الريع داخل خطاب السلطه ,أما النظام المعرفي الاماراتي فقريب من النظام المعرفي القطري من جهة التماثل إلا أنه اقل تماثلا من ذلك نظرا لوجود اكثر من رؤيه لأن الدوله مكونه من عدة إمارات أوجد نوعا من الاختلاف والتباين , يفيض عليها الريع احيانا واحيانا اخري تنفر منه الى الايديولوجيا .
فيما يتعلق بالنظام المعرفي في المجتمع القطري منذ منتصف التسعينيات الى اليوم , فلا اعتقد ان هناك نظاما معرفيا واضحا ينتجه المجتمع ولو بقدر قليل , وانما هناك فقط وعيا معرفيا للسلطه تدير به المجتمع بشكل مباشر , وعلى الرغم من ان المسافه بين المجتمع وبين الريع سابقا كانت مقدره اجتماعيا دون وسيلة ضغط أيا كانت وتحمل نوعا من الابعاد التاريخيه , الا ان ذلك اختفى او في طريقه الى الاختفاء . لذلك تبدو العلاقات الانسانيه في المجتمع تتأخذ شكلا عموديا مباشرا , ومع زيادة عدد سكان البلاد وانخفاض نسبة القطريين الى حدود 17% كما تشير بعض الاحصائيات, فانه حتى العلاقات الافقيه المتبقيه بين افراد المجتمع في طريقها الى الاندثار والتآكل.
في حين أن عدم مشاركة المجتمع أو عدم اعتباره في انتاج الخطاب العام جعلت منه مثل اللعبه المضغوطه في صندوق صغير ما أن تفتحه حتى تقفز وتظهر وتثبت وجودها , فهو محصور الظهور في شهرين أو ثلاثة اشهر من السنه يمارس فيها نشاطاته , وبعد ذلك يعود الى الاختفاء , فليس له خطاب مستمر فهو مجتمع موسمي , وكل ما اخشاه من تقاطع الخطابات داخل المجتمع الواحد , خطاب التراث وخطاب الحداثه ,خطاب البداوه ,خطاب الحضاره و خطاب الدين باشكاله والخطاب المدني بتفرعاته القوميه وغيرها كل هذه الخطابات التي تشكل انظمة معرفية مختلفه موجوده في المجتمع . وتعمل الدوله بين الحين والاخر على تلافي اخطاءها بإعادة الاعتبار للغه العربيه وللنظام التعليمي بعدما شعرت بخطورة وعدم ملائمة توجهها السابق , لكنها في حاجه ماسه الى المشاركه في انتاج الخطاب المعرفي مع المجتمع وهذا هو الاساس وليس العوده اليه واصلاحه كمنتج . وبما ان الدوله التزمت بالتزامات دوليه مستقبليه أملت عليها شروطها , فإننا حتى المستقبل المنظور , أمام نظام معرفي يتشكل بناء على ذلك بين الدوله وبين التزاماتها الخارجيه. فلم يعد هناك خطاب معرفي قطري واضح وأنفرد الريع مباشرة في تكوين نظام معرفي بعيدا عن الاعتبار لأية مسافة بينه وبين المجتمع يحده مستوى الطموح المرتفع لدى السلطه نتيجة لهذا الالتزام وأحدث ذلك خللا ثقافيا ناهيك عن التغييرات الماديه السريعه التي اوجدت فجوه بين التاريخ وذاكرة الجيل في مده قصيره جدا , فيمكن بالتالي ملاحظة أن هناك تنوع في جميع المجالات الى درجة الازدواج وهناك تقسيم ثقافي لايقوم على الاثراء بقدر ما يقوم ارتباطه كوسيله للعيش ,فأصبح المواطن يثقف نفسه في المجال الريعي الذي تنتجه السلطه وليس املا في الثقافه كقيمه أو زيادة في الاثراء, والشعور بالوجود والتأثير وعلى سبيل المثال أنه من الصعب عليك اليوم أن تحصر كم منشوره أو مجلة ابحاث تصدر من قطر ولكن المجتمع لايدرك ذلك لتوجهها لفئات معينه دون غيرها , وأنا شخصيا , وجدت جهلا كبيرا وعزوف وعدم اهتمام وعدم درايه لدى قطاع كبير من الشباب عن المجلات البحثيه المتخصصه والمكلفه التي يصدرها المركز العربي لابحاث السياسات في الدوحه , وعدد الفضائيات كذلك يتزايد وعدد المؤسسات بالاضافه الى الوزارات والادارات الحكوميه لايمكن حصره عند المواطن , كل هذا التنوع جميل لو ان القاعده السكانيه والتطور التاريخي هما اللذان يفرزان ذلك . فإذا كان الريع هو "الابستمي""الشرط"" الرئيس " الذي يشكل النظام المعرفي في المجتمع فلا يجب تقسيمه بشكل يشكل , للقطريين ا نظاما معرفيا تراثيا بدويا تقليديا وإعلاميا خاصا بهم ولباقي السكان نظاما معرفيا حداثيا ذو خطاب مدنيا خاصا بهم يخاطب به العالم.
أ اعتقد ان الريع نفسه أصبح ثقافه مباشره في هذه المرحله دون ان يحتاج للمرور من خلال المواطن بشكل يحفظ نوع من المسافه ولو حتى شكليه واصبجنا امام مرحله يسيل فيها اللعاب أمام سحر الريع بشكل غير مسبوق بحيث يصبح مفهوم المثقف أشبه بمفهوم الطلل الذي يظهر من بعيد فقط متأملا ما يحدث دون القدره على الولوج والتأثير نظرا لكونه كان احد خيارات الريع وليس من صميم كينونته .



#عبد_العزيز_الخاطر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -العرب- و -العربي- وعىً جديد أم كراهيه مستجده؟
- متلازمة الهويه القاتله
- الطبقه الوسطى ....مرةُ أُخرى
- قطريون ...... لكن فقراء
- تميم......الوطن فى إبتسامته
- كفو ..... مهب كفو
- أزمتنا مع التاريخ
- إصلاح أم إيجاد؟
- قابلية العوده الى الصفر
- -الفاروق- بين مسلسه وأمته
- كيف يُغير -تويتر- من مجتمعنا
- تصريحات اللواء وتجربة الإخوان
- -دستورنا القرآن- مقوله سياسيه
- الانتخاب بين طائفة-مرسى- وقبيلة-شفيق-
- مجتمعات فى حالة سيوله
- سقوط جدار الخوف الخليجى
- الموقف الثقافى أو النفاق الإجتماعى
- محاضرة بدريه البشر الممنوعه
- الابعاد الحقيقيه لكارثة-قيلاجيو-
- الدوله السلطانية الديمقراطية العربية


المزيد.....




- مساعد وزير الخارجية الأسبق: عرقلة منح فلسطين عضوية بالأمم ال ...
- اعتقال أكثر من 100 شخص خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين في جامعة كو ...
- السعودية تأسف لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع عضوية فلسطين ا ...
- فيتو أمريكي يمنع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وتنديد فلسطين ...
- الرياض -تأسف- لعدم قبول عضوية فلسطينية كاملة في الأمم المتحد ...
- السعودية تعلق على تداعيات الفيتو الأمريكي بشأن عضوية فلسطين ...
- فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي ...
- حماس تحذّر من مساع -خبيثة- لاستبدال الأونروا
- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد العزيز الخاطر - النظام المعرفي في المجتمع القطري