أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - قصة قصيرة : ذبذبات من الضفة الأخرى...‼-;-














المزيد.....

قصة قصيرة : ذبذبات من الضفة الأخرى...‼-;-


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 4700 - 2015 / 1 / 25 - 23:59
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة : ذبذبات من الضفة الأخرى...‼-;-
إدريس الواغيش

كما لو أنني رأيته لأوّل مرة، يشبهني أو يكاد قليلا، انتصب أمامي فجأة في المرآة، قبل أن يمرّ في الرواق اللولبي سريعا كشبح خرافي أتى لتوِّه من عالم آخر. ظننته للوهلة الأولى جبرائيل جاء ليأخذ أمانته إلى مستقرّها الأخير. خفت، تردّدت...، مع ذلك قلت: فلأقترب...، وليكن من أمري ما يكون!.
استرجعت اللحظة على عجل وركبت أجزاء الصورة على بعضها من جديد، كان وجهًا عبوسًا وغامضًا.
اقتربت منه أكثر فأكثر ثم أمعنت النظر، فشككت في أمرها. الأكيد أن المرآة ساقطة ومتملقة وكاذبة كما عهدي بها في الغالب. كثيرا ما ضحكت عليّ، وأظهرتني على عكس ما أبتغي. كانت ضبابية بعض الشيء، وجوانبها باهتة ومتآكلة. الذي أعلمه علم اليقين ومتأكد منه هو أنها فقدت مصداقيتها معي، و لم تعد تطيق رؤيتي كما كانت في البداية، لذلك كنت على حقّ وأنا أتخذ قرار عدم الثقة بها إطلاقا ولا في أمثالها حتى في الأماكن العامة. هل كنت على صواب؟ أم كان عليّ فقط أن أنظف ما علق بها من غبار و كآبة، لتنجلي الصورة فيها بشكل أفضل؟ لم أفعل!.
هل أتعِبتني شهواتي الغامضة...، هل نسيتُ أن أنزل ستائر منتصف الليل كما تعوّدت، فاستفقت على ضوء حارق في جبهتي، أم لأن حُلمي نفسه كان مرهقا منّي؟ حالة ، حتى وإن كانت عابرة، فهي لا تنفع معي هاهنا في شيء.
مع ذلك قمت بصعوبة، رغم أني كنت في حاجة إلى المزيد من المنام، لأستنفذ ما تبقي فيّ من ذبيب الشهوة إلى الحلم. لكني كنت مستعجلا في أمري، و لم يكن في إمكاني تأجيل ذلك إلى الحلم المقبل، فقد يئست ، وإن مؤقتا، من حالي و أحلامي.
بدأت أحدث نفسي في البيت جيئة وذهابا، في انتظار أن تأتي خطيئتي الأبديّة، تذكرت الأبخرة الداكنة في بيت خالتي الريفي، فراغات الحقول في الفصول الشتويّة وحين تتعطل رغبة المحبين إلى الحب.
نظرنا إلى بعضنا في دهشة وارتياب، كنا معا كمن يبحث عن خصمه منذ زمن سحيق، فوجده فجأة وهو يستعد للرحيل.
كِدْنا معا ننسى خصوماتنا المتكررة ونتصافح، نتعانق بحرقة الأحباب كأننا التقينا بعد غياب طويل، لكنه في الأخير ورغم كل المحاولات غضب مني، فغضبت عليه.
قلت له :
- لم أنت هنا، هل تستريح مني أم من ركوب البحر؟
قال لي: وما خطبك أنت من تواجدي هنا؟
قلت: ما عهدتك باسما ولا راكب بحر، هل جئت لتراني؟!
قال لي : انْس أني هنا .... ، أنا هنا لست أنت !!
هممت بمصافحته، فاختفى. أجهدت نفسي في البحث عنه في كل زوايا البيت دون جدوى. قلت مرة أخرى مع نفسي: فلأثق هذه المرة في المرآة حتى وإن احتالت عليّ‼-;-
أعدت النظر إليها، كانت مختلفة تماما، بدت لي برّاقة وصافية على غير العادة، لكن فيها مكر وخديعة. مع انعطافتي الأولى، سمعت صوتا هاتفا يردد بلا أثر: لا أريد أن أراك ...!.
حاولت التأكد من مصدر الصوت، لم تكن إلا المرآة واقفة أمامي خالية من أي صورة.
متعب ومنهزم غادرت المكان، عدت إلى نفسي. حاولت أن ألملم قواي وأستجمع صور الحلم - الرؤيا كما بدت لي في الحلم، لم أقوى على تذكر كل ما جرى من أحداث.
ظهر لي ثانية في لمح البصر، همَمْت بمصافحه، فأمسك يديه واستعصم قبل أن يغيب من جديد كما فعل في المرة الأولى!.
قال لي مناديا دون أن أراه أو يراني، والانفعال مازال يسكنني:
- مكانك ...، لا زلنا بعيدين عن بعضنا !!
تمنيت لو أني قطعت البحر أو المحيط بقفزة واحدة، مُغْمض العينين ودون انتظار طويل على الصخر المسنن قرب الشاطئ. أصَخت السمع إلى الأمواج الهادرة بداخلي، فإذا بأصوات الغجريات والشقراوات تأتي ضاحكة على شكل ذبذبات من الضفة الأخرى.
تطول جَلساتي في كل مرة، حتى يَغلي رأسي من التعب فأعود خائبا من ذاتي إلى ذاتي. ودَدت لو أني سجّلت كل الضحكات التي تأتي من الضفة الأخرى لتؤنسني في خلوتي، ترتسم كل الابتسامات والصور التي تخيلتها في أحلامي لتغيّر من جغرافية وحدتي.
هل أجرؤ على النوم بعد اليوم، أحلم من جديد بعوالم سعادة أبدية، بعيدا عن قلق يهزني كلما أمعنت النظر في الحدائق المغتصبة منذ أيام الطفولة في ذاكرتي. السعال القادم من البيت المجاور يفسد عليّ خلوتي، إنه من دون شك للأب العليل منذ سنوات في ذاكرتي. أستحضر صورته فيزداد توتري. تُجافيني صحة الأم التي لم تعد تحافظ على فُتُوّتها، فتبدو لي حزينة ومهمومة على غير عادتها. قمت أبحث عن فتيل لثورة العميان بداخلي، فبدوت هذه المرة في هادئا في المرآة وغير متحفّز لأي خطوة أخرى. كنت غير متوتر ومتّزن الحركات كمحاسب منعزل وراء مكتبه، ينتظر ما يجود به آخر الشهر‼-;-.



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة جدا: مسافات
- الصبح في بلدي
- «أجنحة وسبع سماوات» جديد الشاعر المغربي إدريس الواغيش
- تعب السنين
- ملتقى جائزة القصيدة العربية يحتفي بتجربة الشاعر الرائد عبد ا ...
- الحوارية وشمولية اللغة في -ذكريات عصفورة-
- الحاجات لا تؤلمني
- فرع سايس لحزب الاتحاد الاشتراكي بفاس يحتفي بعدد من مناضبيه
- جائزة القصيدة العربية بالمغرب دورة 2014
- مهرجان فاس للموسيقى العريقة: البحث عن المعنى الإنساني في الل ...
- مسافاتٌ لا تنتهي
- رواية« والد وما ولد» لأحمد التوفيق تعيد النبوغ المغربي إلى ا ...
- قيدوم الصحافيين بفاس الأستاذ محمد بوهلال أثناء تكريمه بقصر ا ...
- مهرجان مشرع بلقصيري للقصة القصيرة يكرم القاص الراحل مبارك ال ...
- الملتقى الوطني الثاني عشر للقصة القصيرة بفاس
- « وصمة زعفران» في أصيلة
- نصوص قصيرة جدا : أخ واحد وسبع نجوم
- جزمة قديمة
- قلب واسع وسبع سماوات
- - نهر الصبايا - رواية جديدة تضاف إلى ريبرتوار الأديبة سمية ا ...


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - قصة قصيرة : ذبذبات من الضفة الأخرى...‼-;-