أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ئازاد توفي - قصة قصيرة .. نزهة الضميرعلى شاطىء الإنحطاط...















المزيد.....


قصة قصيرة .. نزهة الضميرعلى شاطىء الإنحطاط...


ئازاد توفي

الحوار المتمدن-العدد: 4697 - 2015 / 1 / 22 - 10:48
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
نزهة الضمير على شاطئ الانحطاط
كان الجو الخريفي المنبهر مسيطرا على أحداث الصباح مع زيد في مكتبه في المؤسسة الحكومية التي يعمل فيها, وكعادة صباحية بعد شرب الشاي مع اصدقائه في العمل والمناقشات العقيمة في السياسة وشتى مجالات الحياة اليومية والتي لا تعطي رؤية واضحة للواقع اليومي الذي يعيشه الغالبية في المؤسسات الحكومية ينتهي النقاش الى نقطة اللا حل في كل صباح , زيد كانت له ميزة خاصة اثناء العمل حيث أولى اهتماماته هو تحضير كوب من القهوة السريعة التجهيز وليرافقه كنديم طوال رحلة العمل اليومية وباعترافه بانها احدى القشور الغربية التي تعلمها في الغرب.
بدأ زيد بعد أخذ اول رشفة من القهوة, بالجلوس على مكتبه المخصص له مع جهاز الحاسوب للقسم الذي يعمل فيه, ولقلة النشاطات في موسم الخريف, بدأ رحلته اليومية مع أخبار الصباح في الصحف والمواقع الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية. بعد رحلة استغرقت أربعين دقيقة وحول العالم وأغوار الشبكة العنكبوتية, نهض زيد من على الكرسي فتح باب الغرفة وأول ما خطر في ذهنه الذهاب الى الغرفة الملاصقة لغرفته حيث غرفة صديق العمل الحاج محمد والآخر حمود حيث كونه مسؤول القسم وأحد أذرع مدير المؤسسة وحاجبه الأمين و كاتم أسراره, أستفتح الحاج محمد الحديث وكلامه المعسول بالترحيب الحار وسعادته بزيارته الغرفة وبادر مسؤول القسم بابتسامة خفيفة.
الحاج محمد : حللت اهلا و وطئت سهلا يا زيد, أين أنت يا رجل تعال هات ما عندك لنضحك
قليلا, أنت تعلم كم أنا بحاجة الى جرعة من الضحك..... هيهها.
زيد : ماذا دهاك يا رجل وهل انا جحا او مجنون القرية لأضحكك ؟
الحاج محمد : لا يهم, أمتعني وهات من عندك كي اضحك قليلا !!
والحاج محمد, إنسان خفيف الدم, من الأصدقاء المرحين في العمل, نزيه وميسور الحال, محب ومحترم ودائما يحب الطرفة والضحك, لا يحمل أي حقد أو ضغينة لأحد. جلس زيد على كرسي فارغ بعد السلام عليهم وتناول سيجارة ليدخنها مع ابتسامة عفوية من جراء حديث الحاج محمد الساخر, بعد برهة أومأ زيد الى الحاج محمد بأنه لا يحضره أي شيء كي يعطيه جرعة من الفرفشة والضحك الآن ربما يأتي بعد وقت فصير ..
ضحك الحاج محمد : لا داعي سنضحك اليوم كثيرا لأنك ستركب ظهر الحمار معكوسا في
أقرب وقت ...هيهها.
زيد : كيف ؟ لست كصاحبنا علي لأن بقي له ستة شهور وسنركبه الحمار معكوسا !!
الحاج محمد : هيهها .. لا لا .. سنركبك على ظهر الحمار معكوسا قبل علي !!!
زيد : كيف يا حاج ؟ لا أفهم ! ما الذي تقوله ؟ هل خرفت ؟
استهزأ أيضا مسؤول القسم حمود وكاتم أسرار مدير المؤسسة و قهقه عالية إمتلئت بها الغرفة , لم يعجب زيد هذه السخرية , و خرج من الغرفة بأسلوب وكأنه لم يهتم بالموضوع وكانت مجرد مزحة اليوم ... من باب الصدف عندما هم زيد بالخروج من الغرفة المجاورة دخل الى الغرفة السيد رامز أيضا موظف في المؤسسة ومن الأصدقاء الحميمين أيضا ل زيد وذو صلة قربى للحاج محمد أيضا وابتدأ رامز بقوله :
- أضحكوني أيضا !! أريد أن أعرف على ماذا تضحكون ؟؟
الحاج محمد : هيهها .. سنركبه على ظهر الحمار معكوسا ...هيهها!!
أبتسم رامز بكل هدوء ولكن دون سخرية , ولم يتفوه بأية كلمة وأعتبر المسألة فقط مزحة اليوم . انزعج زيد كثيرا من هذه السخرية والضحكات العالية جدا التي امتلأت بها الغرفة , وفورا أتجه الى غرفته و جلس على كرسيه الخاص, تناول سيجارة أخرى وبدأ ينفث الدخان بشكل مركز في جو الغرفة, منزعجا من السخرية التي وجهت له من قبل أصدقائه في الغرفة المجاورة. فطن الى مؤامرة قد تحاك له من قبل المدير وبعض حاشيته, وبدأ يفكر في الأمر مليا قبل اتخاذ أو القيام بأية خطوة تجاه المؤامرة إن وجدت.
زيد كان بدوره إنسانا حاذقا, ذكي جدا في هكذا أمور وهذه الاشارات المرسلة من الغرفة المجاورة و بالأخص من صديق حميم كالحاج محمد, حاول أن يطرد الفكرة من رأسه وبدأ مرة أخرى في الولوج الى الشبكة العنكبوتية, بينما هو منهمك في قراءة إحدى المقالات على أحدى الصفحات, دخل رامز الى الغرفة وجلس على المنضدة الأخرى, وبدأ منهمكا في تحضير القهوة له, كان بين الحين والآخر يرمي بنظراته على زيد ويحاول أن يقرأ وجه زيد وتأثره بالذي حدث في الغرفة المجاورة, لكن زيد أنتبه الى رامز والى ماذا سيكون زيارة رامز الى الغرفة ؟؟؟
رامز : أراك مهموما !؟
زيد : كيف ؟ وهل يظهر علي ذلك؟
رامز : ممم, لا أعرف ..!
زيد : الى أي أية نقطة تريد أن تستفسر يا رامز ؟
رامز : أراك انزعجت من سخرية الحاج وحمود ؟!!
زيد : لا, عادي جدا, لكني فطنت واكتشفت شيئا !!!
رامز : ما هو قل لي ؟
زيد : رامز أنت لك علم بالموضوع, نحن أصدقاء, لنبحث عن شيء آخر نتكلم عنه !!
رامز : أي موضوع ؟ و لماذا أقحمتني في المشكلة ؟
زيد : أية مشكلة رامز ؟ آها فهمت !!
رامز : ماذا فهمت ؟ لم أعني ...!
زيد : كفى يا رامز فهمت ؟ هناك شيء يحاك ضدي !!
توقف رامز عن الكلام , وأحتسى بقية كوب القهوة برشفة واحدة , وهم بالخروج سريعا من الغرفة, ونوه بالرجوع لزيارتي في أقرب وقت أثناء الدوام . انزعج كثيرا من الكلام الذي أثير اليوم من الأصدقاء, وتفاجئ بهذه الخطوة الدنيئة من قبل المدير إن كان صحيحا , ورجع بذاكرته الى أول يوم من مباشرته العمل في المؤسسة بعد عودته من الغربة القاتلة , حيث تم تكليفه بمسؤولية القسم الذي هو فيه رغما عنه من قبل المدير السابق وفي نفس الوقت الذي لم يكن ضمن اختصاصه العلمي, ومع ذلك بدأ رحلته مع هذا القسم من الصفر الى الوضع الذي كان القسم فيه من الإهمال وكيف بكفاءته وحنكته وبعد الجهد الكبير الذي بذله من أجل القسم, محاربة الفساد, محاربة الروتين القاتل, والقيام بما يرضي الله والضمير من أجل رفع مستوى هذا القسم في الأداء. حاول زيد وبكل قوته أن يطرد الشكوك في نفسه, لكنه فشل في ذلك, وأعاد التفكير ذهنه مرة أخرى الى الموضوع وكيف للمدير أن يفعل هذا به, علما إنه يعتبر المدير من أعز أصدقائه و رفاقه, وكان له كل ثقة به, إنه أصيب بصدمة قوية جدا ليس من أجل القسم وترأسه له, بل من هول الصدمة من قبل مؤامرة أعز صديق وهو المدير نفسه !!!
وقبل انتهاء الدوام بحوالي النصف ساعة, لا يزال في حيرة الأسئلة والإرباك النفسي الذي حصل له اليوم, عاد رامز الى الغرفة مجددا, و جلس كعادته على الكرسي المقابل ل زيد وبدأ متسائلا؟
رامز : يا زيد ما بك اليوم ؟ أرى إنك أخذت المزحة على محمل الجد ؟
زيد : وهل هذه تسمى مزحة يا رامز ؟ وأنا آخر من يعلم بالمؤامرات ؟
رامز : أية مؤامرات يا رجل ؟
زيد : رامز, الحليم بالإشارة يفهم , وصلتني الإشارة !!
رامز : سأبوح لك بشيء يا زيد, وأريد أن تحفظ السر بيني وبينك ؟
زيد : رامز الا تثق بي ؟ أقسم لك أسمك لن يأتي في أي موضوع !! حسنا يا أخي فأني فهمت
الإشارة من الحاج محمد وهذا يكفي ؟!!
رامز : أنصحك كصديق و أخ لي, دافع عن نفسك و أبحث عن وساطة تبقيك في مكانك !
زيد : هل وصل الى هذه الدرجة ؟ هيهها ..يا لسخرية القدر ... وكأنني ملك, رئيس دولة
وهناك انقلاب على ذاتي !!!
رامز : أخي لن أقول أكثر , ابحث عن وساطة يبقيك في مكانك, حياتنا هكذا البقاء للأقوى ولا
أملك أكثر لكي أقول لك !!!
زيد : على العموم شكرا أخي , ولو تأخرت في النصح , تعرفني جيدا وكبريائي لن أتوسل
بأحد, أنا وحدي سأواجه الأمر وسترى ماذا سأفعل بهم ؟
رامز : لم يبق على انتهاء الدوام سوى دقائق , على العموم أحفظ سري معك, ولك الحرية في قراراتك !!!
زيد : شكرا رامز, لن انسى جميلك معي ولو جاءت متأخرة.
رامز : لا تنزعج كثيرا أخي .. حياتنا هكذا تدار !!!
كانت الساعة الثانية والنصف بعد الظهر, بعد أن قفل عائدا الى البيت وتناوله وجبة سريعة من الطعام في مطعم الوجبات السريعة على مسافة طريق العودة الى بيته, كان متخبطا بجملة من الأفكار والتساؤلات من جراء الذي حدث له اليوم في موقع العمل, و وصل به الحال انه نسي كيف كان يقود سيارته وتناوله وجبة الطعام من جراء التفكير بالموضوع وكأنه شريط سينمائي سريع ليوم حافل بالتناقضات. لم يصدق حينا من تحركات المدير و من حوله, حينا كان يحتسبها مزحة أو مقلب من أصدقائه في العمل ووووو كثير من الأوهام ساد تفكيره الى أن وصل به الحال الى الغور في أعماق الشخير والنوم العميق على الأريكة في غرفة الجلوس وغط في نوم عميق بعد أن أرهقه التفكير.
نهض من نومه وكان بحالة مزرية وأصابه بعض الصداع بسبب نومه الخاطئ على الأريكة, وخطى بتثاقل الى غرفة النوم لكي يغير ملابسه, بعدها أخذ حماما ساخنا لينفض عنه التعب القاتل على جسده ونفسه, وبعدها سحب سيجارة من علبة الدخان, وعلى الشرفة بدأ يدخن على مهله مع كوب من الشاي الساخن حيث قام بتحضيره بعد الحمام الساخن, ولم يسلم من إعادة التفكير في نفس الموضوع الذي أرهق يومه بالكامل في المؤسسة التي يعمل فيها. ومن تلقاء نفسه ودون تفكير سحب جهاز الهاتف من على المنضدة , وباشر بالاتصال ب حمود خازن أسرار المدير, وبعد برهة رد على الاتصال من قبل حمود وبادر:
- أهلا زيد, خير إن شاء الله !!
زيد : أخ حمود عذرا على اتصالي بك الآن, ولكن لي سؤال على موضوع يحيرني ؟!
حمود : تفضل , خير ؟
زيد : صباحا لمست من كلامكم, إن هناك تغير في مواقع المؤسسة والمسؤوليات, وسؤالي
سيشمل من معي في التغيير ؟ وأسبابها ؟ ولماذا ؟
حمود : من قال لك هذا ؟ لم أسمع بها !! كذب ولا يوجد أي تغيير !!!
زيد : أخ حمود , أرجوك بلا خداع أو مماطلة , فكلام الحاج محمد كانت إشارة, وفهمت من
مزحتكم إن هناك شيء, أرجو منك كصديق أن توضح لي ؟

حمود : كنا نمزح فقط !!
زيد : أخي وصديقي , لا أخونك ولكن قل الحقيقة ؟
حمود : مم , هناك رأي من المدير بتغير بعض مسؤولي الأقسام !!!
زيد : من معي ويشمله التغيير ؟
حمود : يقال أنت, السيد نواف, السيد علي , السيد حامد !!
زيد : أنت والسيد هشوم والباقين ؟
حمود : الباقين سيبقون حسب رغبة المدير !!
زيد : والسبب في التغيير ؟
حمود : لا أعلم , أقسم لك لا علم لي بالأسباب !؟
زيد : أخ حمود , لن أقبل بالوضع وأحذر المدير عن طريقك وأوصله تحذيري اليه , سيندم
على فعلته إن لم يكن التغيير جذريا , وساقف بالضد في تغييره , وأرجو أن تنقل
تحذيري حرفيا اليه ؟!!
حمود : أخي أنا لست طرفا في هذا ! وأرجو أن تبعدني في هذا الموضوع ! ولا دخل لي في
هذا !
زيد : أخ حمود لن أقف مكتوف اليدين وسأحاربه بكل قوتي إن لم يكن الموضوع في صالح
العام ... وآسف على الإزعاج ...
أقفل الهاتف وأزاح الكثير من الثقل على نفسه بعد المكالمة الهاتفية مع كاتم أسرار المدير, لأن الرسالة ستصل الى المدير كالبرق من قبل حمود حتى لو كان ساعة متأخرة جدا من الليل, ارتاح كثيرا من الخطوة ونقل رسالة تحذير الى المدير.
وبدأت الافكار تخفف الوطيء عن كاهله تدريجيا وبدأ الموضوع يقل أهميته في نظر زيد, وشرع في كتابة بعض المواضيع والخواطر على جهاز الحاسوب, وأمضى ليلته بخير نوعا ما. أعتبر تحذيره للمدير عن طريق ساعده الأيمن حمود بداية لدق ناقوس الحرب من لحظة المكالمة, وبدأت الهواجس تدخل تفكيره والخطوة الثانية بعد التحذير للمواجهة. والمدير السيد كامل, إنسان آت من قاع الفقر والعوز وكان موظفا بسيطا في إحدى الشعب التابعة للمؤسسة وبقدرة عامل الوساطة تحول من موظف بسيط في إحدى النواحي الى مدير للمؤسسة , وأصاب المؤسسة الذهول والصدمة في حينه عندما ولوه المنصب كمدير للمؤسسة , لكنه من النوع الذكي جدا في فنون التملق والتزلف ومن النوع الذي ينتهز الفرصة من الآخرين, كمعرفة الموظفين به كان إنسانا عاديا في العمل ولا يملك خبرة في الإدارة الى درجة تسنمه الإدارة كاملة في المؤسسة, ومع هذا استخدم المرونة والخطوات الهادئة جدا مع الموظفين وأدى دورا كبيرا من انتزاع الثقة من الموظفين, ومقابل هذا الأسلوب نجح في ترويض العاملين في المؤسسة وأقترب منهم جدا لمساعدته في الإدارة, ونجح في هذا, كان زيد من الأوائل الذين ساعدوه في نجاح مهمته في الإدارة , لذكاء المدير في استمالة العاملين في المؤسسة الى جانبه..
وحسب فكر زيد بأنه حان الوقت للمدير للتخلص من الذين تعلم منهم أو إبعاد الخطر عن الكرسي الذي وصل اليه السيد كامل, والمدير أيضا من النوع الذي يتفاخر بنفسه وإدارته, جهوده ويظهر نفسه للعيان إنه ضد الفساد والوساطات وغيرها من الأمور, لكن زيد كان يفهم لغته وأحتاط للأمر كثيرا من مغبة حدوث شيء مبهم يدار من قبل المدير ضده.
في صبيحة الأحد الذي يبدأ أول أيام الأسبوع في العمل, دخل زيد المؤسسة وذهب مباشرة الى غرفة المدير لكي يوقع على سجل الحضور, ولكي يرى بنفسه أثر التحذير الذي وصل اليه أم لا, المدير أيضا ذكي في هذا المضمار ولعوب جدا حيث أظهر نفسه عاديا ولم يصله أي شيء وبدأ زيد مبادرا بالسؤال:
زيد : صباح الخير سيادة المدير ؟ كيف الحال؟
المدير : أهلا زيد تفضل بالجلوس .
زيد : لا , شكرا , سأذهب لأحضر لنفسي كوبا من القهوة .
المدير : آها , خذ راحتك !
ذهب زيد الى غرفته متعجبا من دور السيد كامل البارع في التمثيل, وقام بتحضير قهوته الصباحية المعتادة , وتطرق الى ذهنه فكرة الجلوس في غرفة السيد حمود وأثر التحذير عليه أيضا, وقام بقراءة حركات الوجه والحركات الأخرى للسيد حمود و أكتشف إن التحذير بان مفعوله على حمود وحركات وجهه المضطربة وعدم ارتياحه من جلوسه طويلا في غرفته وزياراته المتكررة لغرقة المدير ورجوعه الى الغرفة, والدور التمثيلي البارع ل زيد وظهوره بعدم الاكتراث لخطوات المدير و عدم الاهتمام بالموضوع بتاتا مما ولد نوعا من الرعب في نفس حمود, وبعد برهة من الزمن دق جرس المدير, وتنبه زيد بل أخذه الحدس القوي بأن المدير سيرسل في طلبه في الحال, وفعلا حدسه كان قويا بأن أرسل المدير في طلبه !!!
زيد : تفضل سيد كامل , أرسلت في طلبي ؟!!
المدير : نعم, حول موضوع المشاريع , هل لك أن تنشأ لي جدولا بأسم المشاريع المنفذة
ضمن نطاق مديريتنا ؟
زيد : نعم , ربع ساعة من الزمن ويكون عندك الطلب. هل من أمر آخر .
المدير : لا, وماذا عندك من أخبار جيدة أو سيئة ؟
زيد : أخ كامل أظن الاخبار عندك , وأنت أعلم بها مني ..هيهه
المدير : مثل ماذا ؟
زيد : لا أعلم, بشكل عام, وإن كان عندك شيء لا نعرفه, أعلمنا ؟
المدير : لا أملك اي شيء ؟
زيد : حسنا سأقوم بعمل جدول مشاريع لك .
تعجب زيد من طلب المدير من عمل جدول له , لأنه جهز المدير مرتين أو ثلاث بكافة المعلومات والجداول خلال الشهر, لكنه فطن الى أسئلة المدير حول الأخبار ومحاولة المدير في رمي الكرة الى ساحة زيد, وكان أسلوبا قديما للمدير من هذه المحاولة وكان أذكى من المدير في رمي الكرات بحيث أرجع الكرة مرة أخرى الى ساحة المدير, وأثناء رجوع زيد الى غرفته عائدا لتلبية طلب المدير وتحضير الجدول, كان مراقبا من قبل حمود عن كثب ليرى انفعالات زيد بعد المقابلة, وتلاعب زيد ب حمود أيضا وتصرف و كأنه هو المنتصر بعد المقابلة بحيث و بدون وعي من حمود سأل زيد عن سبب طلب المدير له :
زيد : لقد طلبني لمناقشة أمر هام .
حمود : و ما هو؟
زيد : الا تعلم ؟ وأنت ساعده الأيمن !
حمود : لا !
زيد : أذهب الى المدير وأساله ؟
نباهة وذكاء زيد جعلت من المتآمرين يحومون حول خططهم الدنيئة كما هو متعارف من الأمثال الشعبية الدارجة في مجتمعنا الشرقي "المجرم يحوم حول مكان جريمته " وكذلك عرف سائد في نظريات سلك الشرطة. فيما كان منهمكا في طباعة نسخة أخرى من جدول المشاريع وأخذها للمدير, تفاجأ بخروج المدير من المؤسسة الى إشعار آخر من عودته , وأرجع بالنسخة متعمدا الى غرفته لحين رجوع المدير الى العمل ثانية.
كانت الساعة تشير الى الواحدة بعد الظهر, حينما المح زيد برجوع المدير الى المؤسسة, وبعد برهة من الزمن ذهب الى المدير ومعه الجداول, وناولها للمدير حسب طلبه, والأخير من جانبه أخذ الجداول ووضعها على طرف المنضدة وتبين ل زيد بان الجداول لم تكن البيت القصيد للمدير, ولم تكن لذي أهمية عنده ..
انتهز الفرصة وطلب من المدير بأغلاق الباب ليناقش معه في موضوع مهم, و وافق السيد كامل فورا ودون تردد منه, وبعد مرور لحظة سرد زيد المشكلة والموضوع الذي تنبه له في الأسبوع الماضي وأستفسر عن مدى صحة الموضوع وأسبابها :
زيد : أخ كامل سمعت إنك تنوي أجراء تغيرات في مواقع العمل
المدير : من قال لك هذا ؟
زيد : دعنا من التساؤلات ؟ هل الموضوع صحيح؟
المدير : نعم, و سأغير المؤسسة نحو الأفضل
زيد : ومن المشمول بالتغير ؟
المدير : البعض وليس الكل !
زيد : طبعا أنا مشمول بالأمر ومن معي؟
المدير : وكيف عرفت ؟
زيد : وهل تود أن تتم العملية بالسرية؟
المدير : لا ! لكن من المفروض أن لا يعلم أحد ؟!
زيد : ولماذا وهل نحن جهة استخباراتية وعسكرية خطرة أم مؤسسة خدمية ؟
المدير : لا, المسالة عادية جدا ! لكن من الأفضل لو كانت المناقشة في وقتها
زيد مقاطعا : أظن وصلك تحذيري ؟
المدير : أي تحذير ؟
زيد : بدأنا بالمماطلة يا حضرة المدير ! وأظنك لا تجرؤ على قول نعم لي؟
المدير : ولماذا لا أجرؤ ؟ ولما المماطلة ؟
زيد : هل أنا مشمول بالتغير ؟
المدير : نعم ؟
زيد : ومن معي ؟
المدير : حسب رأيي .. أنت والسيد علي, السيد حامد و نواف مسئول المخزن
زيد : هل لك أن تفصح عن سبب تغيري والباقين ؟
المدير : بالنسبة لك أنت تدير قسما ليس من اختصاصك أما الباقين فهناك أمر بتغيرهم
بشهادات أعلى .
زيد : لكنك أبقيت على السيد هشوم في محل ليس من اختصاصه, وأبقيت على السيد حمود
ولا يملك شهادة عليا كأقرانه .
المدير: القوانين تجبرني على تغييرك , والبقية أبقيتهم لأني بحاجة اليهم بسبب خبرتهم.
زيد : وأصبح لي خمس سنوات وأدير القسم وخبرتي تضاهي أصحاب الاختصاص أنفسهم
وأنت اعلم بهذا , والسيد علي خدم أربعين عاما في مجاله ويعتبر خبيرا في المنطقة
وبقي له ستة شهور على التقاعد, وهل هذا جزائه بتنحيته من المنصب بدلا من التقدير
والشكر له بعد أربعين عاما من الخدمة , والسيد حامد وخبرته في مجال عمله
وعشرات من أمثالك لا يستطيعون إنجاز ربع ما يملكه من الخبرة.
المدير : قررت هذا ولا تبديل لموقفي !!!
زيد :
أظنك يا كامل صديقي قبل أن تكون رئيسا لي في العمل ! ولنذهب الى الصراحة بيننا , إن كان الأمر من جهة سياسية متحكمة فأنا إنسان مستقل وسأقبل التغيير وليس لي طاقة في مناطحة الجهات السياسية, وإن كان هناك خطأ مني في العمل, قل لي لكي أقتنع بالسبب, أما اذا كان بالمزاج الشخصي, فلا يهمني من أنت ؟ ومن تكون ؟ ولن تكون أكثر من ذاك كامل الفقير المتملق والمنبهر بنفسه ولن أقبل منك هذا وساقف في طريقك وأحذرك من هذا ؟
المدير: أخ زيد لم تامرني اية جهة سياسية وليس عندك اخطاء, واقول لك ليس من
اختصاصك أن تدير غير الاختصاصات.
زيد :
أنت حر , لكن قبل خطوتك أطلب منك أن تنقل خدماتي الى مؤسسة أخرى قبل القيام بالتغيير, لأني لا أتقبل أعذارك في التغيير وسأقف عائقا بوجهك وخططك أولا, أو أن تقوم بتغيير كافة الأقسام, لنكون على السواء في التغيير وسأبارك لك خطوتك ولن يهمني بعدها إن رجع هشوم وحمود الى مواقعهم أم لا , وهذه تبقى رغبتك ولا مشكلة في الأمر.
المدير: على العموم سأخذ بنظر الاعتبار تخوفاتك ولن أقوم بالتغيير الا بمناقشة الأمر مع
الجميع.
زيد :
أكرر لك حضرة المدير والصديق العزيز مجتمعنا شرقي جدا, والتغيير نقطة سلبية لنا من القيل والقال, قم بالتغيير الكامل وأرجع من تريد الى منصبه بعد أسبوع, لا أطمح في المزيد اكثر من سيجارتي وكوب القهوة , وتبين لي النزيه لا يدوم طويلا في ثوب نزاهته , الغرور عنوان من تقلد منصبا, وأنت منهم , وبعد الآن لا يهمني غرورك, ما يهمني فقط أن لا أقذف بالاتهامات مع أصدقائي , وأقول لك كصديق سأفعل المستحيل للدفاع عن نفسي حتى لو وضعت رقبتي ثمنا لدفاعي, فتمعن كيف سيكون رد فعلي إن فعلتها دون الأخذ بنظر اعتبار لي وللأصدقاء.
وبعد فترة قصيرة جدا, قام المدير بالتغيير و دون الرجوع الى الموظفين ومناقشة الأمر معهم , وفعل ما خطط له من الأمر سابقا, ودخلت المؤسسة في نقاشات حادة جدا وحدث الذي كان متوقعا من خلافات بين الموظفين وتوجيه التهم لبعضهم البعض ووصلت الى حد القطيعة وعدم الثقة فيما بينهم وكان يشهد للمؤسسة بالنزاهة والنظام وكفاءة العاملين فيها وكانوا مثالا يحتذى بهم مقارنة بالمؤسسات الأخرى. وخطوات قليلة قام بها زيد ونشر بعض الأخطاء القليلة ودخوله في تحدي للمدير ومن يساندونه على المواقع الالكترونية دفاعا عن ذاته وكرامته أمام فكرة عنجهية غير واقعية و دون مراعات للكفاءات النزيهة في العمل والجنوح لسيطرة الرشوة والتملق والتزلف السائد الذي ينخر في عقول المجتمع الشرقي, لم يبق ل زيد مكانا يهرب اليه وتحدي آخر له ولأمثاله وكانت نزهة للضمير على شواطئ الانحطاط .
AZAD TOVI ( آزاد توفي )



#ئازاد_توفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبيبتي. تلهو مع المطر
- قداس عاشق مسموم
- تراتيل في سفر الغياب
- عاطفة من الدخان
- ما أكذبها وفاء
- عيد ميلادي السعيد
- أمنية بحب باريسي
- أحلام يقظة
- آنيللي
- عناق مع السراب
- حلم مواطن بالديمقراطية
- حب من البلور
- سلوا عني ؟
- ... لا نلتقي أبدا ...
- اغنيتي الأخيرة
- عودة مهاجر
- تذكرة الرحيل
- حبيبتي تزف لغيري
- الحسين وأجل مسمى
- حلم بلادي


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ئازاد توفي - قصة قصيرة .. نزهة الضميرعلى شاطىء الإنحطاط...