أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - الدين كهوية قومية..!!














المزيد.....

الدين كهوية قومية..!!


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 4695 - 2015 / 1 / 20 - 15:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لاحظتُ، في زيارة سبقت تفكك الدولة اليوغسلافية بوقت قصير، أن هوية مسلمي تلك البلاد، كانت قومية لا دينية، لم يكونوا مختلفين بالمعنى العرقي عن بقية الأقوام السلافية، ولم تكن الشعائر الدينية شائعة، والمساجد في بريشتنا، وسراييفو، وسكوبيا، وبلغراد، وأغلبها يعود إلى زمن السلطنة العثمانية، كانت شبه مهجورة. واللافت أن قوانين الدولة اليوغسلافية نفسها أسهمت في تكريس الإسلام كهوية سياسية قومية في نظر هؤلاء.
تستمد هذه الملاحظة جدواها، في الوقت الحاضر، من استدعائها لحقيقة أن جماعات الإسلام السياسي، وشبكاته المعولمة، وقوى في الإقليم والعالم، ومنذ أربعة عقود مضت، تُسهم في خلق انزياح داخل المفهوم التقليدي للأمة، في الحقل الديني، فتضفي عليه دلالة سياسية تجعله أقرب إلى الهوية السياسية القومية بالمعنى الحديث للكلمة: هوية قومية، يجتمع فيها الهندي، والماليزي، والعربي، والصيني، والتركي، بطريقة لا تختلف كثيراً عن هوية مسلمي يوغسلافيا السياسية قبيل انهيار الاتحاد. وأغلب تجليات هذه الهوية القومية نجدها في أوساط مجتمعات المهاجرين في الولايات المتحدة، وأوروبا.
وكما أسهمت الدولة اليوغسلافية في تكريس الهوية الدينية كهوية قومية سياسية حديثة، أسهمت الولايات المتحدة، وأوروبا، في تكريس الهوية نفسها. ففي نظرها يتحوّل كل القادمين من بلدان عربية، وآسيوية، وأفريقية، إلى مسلمين، بصرف النظر عن الهوية القومية لبلدانهم الأصلية. وقد نشأ خلال السنوات الماضية تعبير جديد ابتكره الأميركيون، فبدلاً من الكلام عن العالم العربي، أو تركيا، أو إيران، أو عن الشرق الأوسط، مثلاً، يستخدمون الآن في مناسبات كثيرة تعبير البلدان ذات الأغلبية المسلمة.
وفي سياق هذا الأمر، نشأ ما لا يحصى من الجمعيات، والشبكات، التي تدعي تمثيل المسلمين، وتقبلها الدولة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي، وتتعامل معها، بهذه الصفة، وبالتالي ضاع الفرق بين العربي، والتركي، والصيني، والهندي، والأفغاني، والإيراني.. الخ.
لم يكن الأمر، دائماً، على هذا النحو. فعندما ارتحل السوريون أهل الشام، في القرن التاسع عشر، وكانوا جزءاً من شعوب السلطنة العثمانية، إلى أميركا اللاتينية، لم يُطلقوا عليهم، هناك، تسمية المسلمين، أو المسيحيين، بل أسموهم الأتراك. وما تزال بقايا هذه الصفة في اللغة اليومية والمخيال الشعبي هناك، وحتى في الأدب، فقد كان سنتياغو نصّار، الشخصية الرئيسة في وقائع موت معلن لماركيز أحد هؤلاء.
وبالقدر نفسه، عاش الشوام في أوروبا، والأميركتين الشمالية والجنوبية، في الفترة نفسها، وحتى سبعينيات القرن الماضي، كعرب، وسوريين، ولبنانيين وفلسطينيين. ونشأت هناك روابط المهجر الأدبية والثقافية والسياسية، التي أغنت الأدب والسياسة في العالم العربي.
الانزياح في الهويات دائم وقائم، ويحدث لأسباب سياسية. في إسرائيل، مثلاً، ولطمس هوية اليهود العرب، والقادمين من بلدان عربية، وشرق أوسطية، أطلقوا عليهم تسمية المزراحيم، والسفارديم، ورفضوا الاعتراف بهم كيهود مصريين، وعراقيين، أو كيهود عرب، ومشارقة. لذا، يُعترف في إسرائيل باليهودي الأميركي، والبولندي، والروسي، أما العربي، أو الشرق أوسطي، فمشطوب في اللغة والتاريخ الرسميين، وفي كثير من التشريعات التي استهدفت طمس هوية هؤلاء، ولم تندمل جراح ما خلقته تلك المحاولة بعد.
الانزياح اللغوي، والمفهومي، وبقدر ما يتعلّق الأمر بتحويل الهوية الدينية إلى هوية قومية، يحدث في العالم العربي، أيضاً. بل ويمكن القول إن الهوية القومية الجديدة، التي تحاول الحلول محل، وشطب، الهوية القومية العربية، تُنجب هويات قومية فرعية كالقومية الشيعية، والسنية..الخ. لم يعد الكلام عن الطوائف والمذاهب بالطريقة التقليدية ممكناً بعدما تعلمنت وتسيست.
ربما لن نجد مفراً من التعامل مع فرضية كهذه، في سياق كل محاولة لفهم التفكك السريع لدول كانت قائمة، والمصاعب الحقيقية، التي تعترض إعادة توحيدها. فما أن تتراخى قبضة الدولة المركزية لأي سبب من الأسباب، حتى تتسارع وتائر التفكك، والنزعات الانفصالية، والانهيار.
وربما ينبغي التعامل معها، أيضاً، في سياق كل محاولة لفهم وتحليل القاعدة، والدواعش، ودولة الخلافة (وما شئت من تسميات) باعتبارها تجليات تنظيمية، وعسكرية، وثقافية، وسياسية، نجمت عن انزياح في مفهوم الهوية الدينية، التي تحوّلت إلى قومية سياسية، يتدفق لنصرة "طليعتها" متطوعون من جاليات المهجر، ويبايعها "شعبها" في بلدان مختلفة، بل وينخرط فيها أوروبيون من أصول غير إسلامية. ولنلاحظ أن "الطليعة" و"شعبها" ليسا متدينين، بالضرورة، على الرغم من الحضور الكثيف للرموز الدينية في خطابهم.
أخيراً، نعود إلى حكاية البلدان ذات الأغلبية المسلمة، التي يتكلّم عنها البيت الأبيض، وتتردد في بيانات وزارة الخارجية الأميركية. في إدارة أوباما أميركيون مسلمون من أصول هندية وباكستانية (لم يأمنوا للعرب بعد) وهؤلاء يشتغلون في مجلس الأمن القومي، ومن بينهم اختار أوباما شخصاً يدعى رشاد حسين (قريب من الإخوان المسلمين) وعيّنة مندوباً للإدارة الأميركية لدى منظمة التعاون الإسلامي، و"البلدان ذات الأغلبية المسلمة". في حفل التكليف أشاد الرئيس الأميركي بمناقب المذكور، ومن بينها إيمانه ومعرفته العميقة بالإسلام، وهذا يمنحه مكانة خاصة، والكلام لأوباما، في أوساط جاليته.
يعني السيد أوباما لا يرى أبعد من الهوية الدينية لشعوب متعددة الهويات والثقافات والقوميات، ووسط تلك الشعوب لا يرى العرب، ولا هويتهم ومشاكلهم وخصوصياتهم القومية، فلا فرق بينهم وبين الهنود والأفغان والباكستانيين والأتراك والإيرانيين. والأهم من هذا كله أن المؤهلات الدينية للدبلوماسيين الأميركيين لم تكن من ضمانات نجاح السياسة الأميركية، بل ربما كانت الدليل على التلاعب بالمقدس لتحقيق أمور دنيوية تماماً. وهنا نعثر، أيضاً، على مصدر من مصادر الانزياح، وتحويل الهوية الدينية إلى هوية سياسية قومية، يدفع العالم تكاليفها الآن.



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف ولدت البربرية..!!
- عن داعش والمسلسلات الرمضانية التاريخية..!!
- القديم والجديد في الاعتداء على الجد والحفيد..!!
- تونس: كل ما ينبغي أن يُقال..!!
- هذه لعبة مُقرفة، العب غيرها..!!
- جماعة الإخوان، كيف صعدت ولماذا سقطت..!!
- ولماذا يقتلك التركي!!
- الانتفاضة الثالثة إذا وقعت، وعندما تقع..!!
- فتنة الدواعش..!!
- مُراد الدنماركي..!!
- شارة رابعة في الزاوية اليمنى لصورة النعيمي..!!
- الحق على الصينيين هذه المرّة..!!
- حبات الكستناء على مائدة نوبل العامرة..!!
- جدلية العلاقة بين حجازي وفلسطين..!!
- سطو مع سبق الإصرار والترصّد..!!
- حماس على الجانب الخطأ للمتراس..!!
- عنتر وعبلة بين الصيّادين أم الطرائد؟
- قال: انهض، أنا أخوك سميح..!!
- السوق التي أنجبت الوحش..!!
- هيلاري ومفاجآتها، للجادين فقط..!!


المزيد.....




- سلوفاكيا: تشخيص -إيجابي- لصحة رئيس الوزراء ومنفذ محاولة الاغ ...
- تونس.. البحث عن 23 مفقودا شاركوا في عملية -حرقة- من سواحل قر ...
- إلغاء 60 رحلة في مطار ألماني بسبب احتجاجات -الجيل الأخير-
- -كتائب القسام- تستهدف مروحية إسرائيلية من طراز -أباتشي- بصار ...
- منظمة -رصد الجرائم- في ليبيا تطالب بوقف فوري لإطلاق النار ف ...
- رئيس بلغاريا: من المستحيل هزيمة روسيا في النزاع الأوكراني
- خبير بريطاني: الغرب لن يتدخل إذا أطاح انقلاب عسكري بزيلينسكي ...
- فقدت آثاره عام 2017.. معلومات استخباراتية أمريكية تشير إلى و ...
- بالفيديو: أوكراني يطلق مسيّرة تحمل العلم الروسي وشرائط النصر ...
- دبلوماسي بريطاني سابق في موسكو: إبعاد الملحق الروسي من لندن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - الدين كهوية قومية..!!