أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد البكوري - اختلالات نمط الحكامة بالمغرب - الفساد الاقتصادي نموذجا- اليات التبلور و اواليات المكافحة















المزيد.....


اختلالات نمط الحكامة بالمغرب - الفساد الاقتصادي نموذجا- اليات التبلور و اواليات المكافحة


محمد البكوري

الحوار المتمدن-العدد: 4695 - 2015 / 1 / 20 - 07:25
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


خلال ترؤسه الاجتماع الاول للجنة الاشراف على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ليوم الخميس15يناير2015 ،اكد عبد الالاه بنكيران ،رئيس الحكومة ان"تكلفة الفساد بمختلف تجلياته كالرشوة و استغلال النفوذ و الاثراء غير المشروع و الاختلاس و الوساطة و المحاباة وتضارب المصالح و الغدر و الابتزازوغيرها تفوق 2في المائة من الناتج الوطني الاجمالي" .وبذلك فان قضية الفساد تشكل- يضيف بنكيران-"افة حقيقية تضرب في الصميم المجهود التنموي وتنعكس سلبا على صورة المغرب دوليا وتؤخر تصنيفه على مستوى مؤشرات النزاهة من جهة وتسهيل الاعمال وجودة مناخ الاستثمار من جهة اخرى". ومن ثم -يؤكد ينكيران-يتحتم " الاسراع في اطلاق التدابير العملية اللازمة للتقدم في هذا الورش الافقي الوازن و المؤثر في مجموعة من السياسات العمومية الاخرى". ان كل ذلك يؤشر و بقوة على الجرح الغائر الذي ينخر جسد مجتمعنا "الصاعد" ويعمق بالتالي اليات العطب التي تسم / تمس نمط حكامتنا الانتقالي . بداية، يمكن القول ان المغرب اضحى يعيش "خللا"حقيقيا على مستوى نمط حكامته منذ اواسط فترة السبعينات -من القرن الماضي -وهو الخللLe dysfonctionnementالذي مافتئت التقارير الدولية و المهتمة اساسا بالتنمية البشرية تعمل على تشخيصه ووضع مؤشرات عديدة لدراسته و تحليله واليات وادوات كثيرة لتقويمه و اصلاحه .ولعل ابرزها ما عرف ببرنامج التقويم الهيكليProgramme d ajustement structruelوالذي ينبني على ضرورة القيام باصلاحات ومراجعات بهدف ادخال تغييرات على البنيات و الاختيارات التي تقف وراء مظاهر الاختلال.(عبد الغني عارف"الدول النامية و اثار الدين الخارجي ،برنامج التقويم الهيكلي نموذجا . موقع الحوار المتمدن. العدد1393بتاريخ8دجنبر2005) . عموما ،واذا كانت بلادنا ، ومنذ بداية الالفية الثالثة ،قد قطعت اشواطا مهمة في سبيل تحسين نمط حكامتها ،عبر القيام بجملة من الخطوات "التصحيحية" في اواليات تدبيرها ،ومنها الاخذ بالرؤى الاستراتيجية و الخطط الاستشرافية على مستوى اقتصادها (المخطط الاخضر الفلاحي ،المخطط الازرق السياحي، برنامج "اقلاع " الصناعي برنامج" رواج" التجاري) والقادرة على ايجاد الصيغ الممكنة لبناء صرحها التدبيري- التنموي بناءا متينا ،ومن ثم بلوغ المبتغى المامول في الانخراط المحوكم في منظومة الدول ""الصاعدة ،فانه على الرغم من كل ذلك مازالت مجموعة من الكوابح" المزمنة"تفرمل وتتحكم في سرعة الوصول الى هذا المبتغى الاخير وتجعل منه الخيار الصعب ، ولكن بطبيعة الحال لايبدو كخيار مستحيل ، ان توفرت الارادة الجمعية القوية والعازمة على تحقيقه . هكذا سنقف هنا في دراستنا هاته ،على اليات الفساد الاقتصادي ،باعتبارها من ابرز هذه الكوابح المزمنة و المدمرة لكل طموح في بناء حكامة اقتصادية جيدة، و بالتالي لانبثاق اقتصاد "ريادي" ان لم يتم التعامل وبحزم على اقتلاع هذه الاليات المحبطة من الجذور،كورم خبيث ينبغي استئصاله، لضمان حيوية الجسد الاقتصادي واستدامة الحياة الاقتصادية ككل ، من خلال ايجاد الميكانيزمات الضرورية لمكافحته .ذلك ماسنحاول ان نستشفه في نقطتين: تتعلق الاولى بتبلوراليات الفساد الاقتصادي( الورم )في حين ترتبط الثانية بانبثاق اواليات مكافحة الفساد الاقتصادي (استئصال الورم). اولا: تبلوراليات الفساد الاقتصادي: ان الفساد الاقتصادي هو الذي ينجم عن تركز السلطة الاقتصادية في كيانات احتكارية، تعمل على المستويين الكلي و القطاعي و امتلاكها هامشا تقريريا واسعا في القرارات التي تتخذها مع ضعف الرقابة و المساءلة عليها . ويبرز ذلك سواء على مستوى الكيانات المملوكة للدولة(المؤسسات العمومية او الهيئات الاقتصادية)، او تلك التي في يد القطاع الخاص . ففي الحالة الاولى، تكون تلك المؤسسات والهيئات، هي الاكثر عرضة للفساد الذي يتحكم في دواليبها ليبدد مواردها و امكانياتها( التي تعد اصلا ملكا مشتركا للمجتمع برمته) وتحولها في نهاية المطاف -في غياب المحاسبة- الى ثروات ريعية في يد من يتكلف بادارتها .وفي الحالة الثانية يكون الاقتصاد باكمله او اجزاء قطاعية منه عرضة للسيطرة الاقتصادية او الهيمنة اللامتكافئة ،والتي تجعل المستهلك الحلقة الاضعف في الصيرورة /الدورة الاقتصادية ،مع غلبة المنطق المقدس للقطاع الخاص ،و المتمثل في مبدا" الربح السريع باقل تكلفة"-في اطار مبادئ الليبرالية المتوحشة و المكشرة عن انيابها خاصة في دول العالم الثالث الذي مازال يئن تحت وطاة اقتصادياته المتعثرة- ولو كان ذلك على حساب القدرة الشرائية للمواطنين ،الشيء الذي يجعل الاحتكار اداة الجشع "الاقتصادي" بامتياز ، والمبتدا و المنتهى لطريق الفساد المكتظ بالاشواك ،التي تعمل على "خلخلة" البنيات الاقتصادية القائمة ،واحيانا ضربها في العمق، ومن ثم التاثير على المسارات التنموية ككل .وعلاوة على ذلك يوجد الفساد الذي يصيب المعاملات الاقتصادية في البيع و الشراء والمبادلة في الاسواق ، حيث يسود الغش والتلاعب وعدم الوفاء بالعهود و الاخلال بالاتفاقيات و العقود .فهذا النوع من الفساد لايرتبط فقط بالسلطة الاحتكارية وانمابانهيار منظومة الثقة و الضوابط والقواعد المتعارف عليها و الحاكمة لمصداقية المعاملات و المبادلات (احد صقر عاشور" مكافحة الفساد في الدول العربية :اشكالية البحث و القياس "ضمن "المشاريع الدولية لمكافحة الفساد و الدعوة للاصلاح السياسي و الاقتصادي في الاقطار العربية " .المنظمة العربية لمكافحة الفساد. الطبعة الاولى 2006ص62 .ان تمظهرات الفساد الاقتصادي ،وفق هذه الزوايا التحليلية و المرصودة على مستوى جملة من الممارسات الاقتصادية ،يؤكد بالملموس اختلال نمط الحكامة الاقتصادية ببلادنا، مع ما يعنيه ذلك من سيادة لمفاهيم الريع و الاحتكار و التركيز الاقتصادي وغياب لمبادئ المنافسة الشريفة المتوازنة و الشفافية و المحاسبة ومعظم مبادئ الحكامة .هذه الاخيرة التي تعتبر ضرورية في الممارسات الاقتصادية ،الا ان المغرب ما زال متاخرا على هذا الصعيد، بل ان نقطة الضعف الرئيسية ،التي يشكو منها المغرب ،هي نظام الحكامة .فهذا الاخير لايلعب سوى دور ثانوي لحساب المواقع الريعية التي تحتكر لعب الدور الجوهري، والتي تهيمن عبر ذلك على مجمل الحياة الاقتصادية ،مما يجعل اوجه الخلل المرتبطة بها بادية للعيان ومنغرسة في شتى ابعاد و انماط الاقتصاد السائد .على هذا الاساس، من الصعب القول، بان اقتصاد المغرب هو اقتصاد ليبرالي لان الدولة - ولو بشكل ضمني- مازالت هي الفاعل الاقتصادي الرئيسي ، سواء تعلق الامر بالاستثمارات او بتوفير فرص الشغل ، مع شبه غياب للفاعل الاقتصادي الدينامي ،ولان الريع مازال قويا ولم تبدا مسارات القضاء عليه ،الابشكل ارهاصي فالريعيون-كما يرى ذلك المحلل الاقتصادي الراحل ادريس بنعلي-يسيطرون على الاقتصاد و دواليب الدولة ،كما ان قواعد اللعبة مازالت غير واضحة و لاتطبق على الجميع، رغم ان الاقتصاد الليبرالي يعني تطبيق القانون و اعتبار الجميع سواسية امام مقتضياته ،لضمان شروط المنافسة الشريفة، في حين نجد ان عددا من الفاعلين الاقتصاديين يتمتعون بالحظوة و الامتيازات و الريع(الاقتصادي الراحل ادريس بنعلي في حوار مع اسبوعية الحياة العدد الثالث14/20مارس2008). ولعل ابرز مظهر لذلك ،هو مجال الصفقات العمومية ،حيث مافتئ الفاعلون الاقتصاديون و ممثلو رجال الاعمال و كذا الراي العام يثيرون بعض المؤاخذات التي تهم اساسا مجال تدبير الصفقات العمومية - خاصة اذا علمنا ان قيمة الصفقات العمومية بالمغرب تبلغ اكثر من مائة مليار درهم -وتتمثل في سيادة الرشوة ،المحسوبية ،اختلاس الاموال العمومية، سوء تدبير الممتلكات العمومية ،غياب الشفافية ،عدم المساواة بين المقاولات ،السلطات التقديرية الممنوحة للموظفين المسؤولين عن تدبير الطلبيات العمومية ،شكلية مسطرة الدعوة للمنافسة و غياب مراقبة فعلية في مجال التدبير. وقد اثارت الدراسات المنجزة حول هذا الموضوع انتباه الحكومات المتعاقبة اساسا الى ضرورة وضع الوسائل الكفيلة بالحد من الاختلالات التي تعتري مجال تدبير الصفقات العمومية المنظم بمقتضى نصوص قانونية متجاوزة ،لا تستجيب للمعايير و الضوابط المعتمدة دوليا في هذا الشان .مما يفسر الاستجابة لهذا المطلب عبر القيام باصلاحات عديدة فيما يخص نظام الصفقات العمومية (كان اخرها مرسوم 20مارس 2013 ،والذي حاول اضفاء ابعاد من الشفافية في هذا المجال) .عموما ،ان مسالة الفساد تشكل في الادبيات الاقتصادية ،كابحا اساسيا من كوابح النمو الاقتصادي .و بالتالي فهي كابح امام عملية التنمية البشرية برمتها ،على الجميع وفي اطار تشاركي ،وعلى مستوى كل الميادين الاقتصادية ،السياسية ،الاجتماعية و الثقافية... العمل باستراتيجيات ناجعة على محاربته و مكافحة اثاره السلبية كآفة عويصة ،بامكانها ان توقف نبض حلمنا"الجميل" في بلوغ مدارج "الدول الصاعدة "،باعتبارها عائقا بنيويا ،من العوائق التي تقف سدا منيعا امام ترسخ الحكامة الجيدة ،وهو العائق الذي يمثل تجسيدا من التجسيدات الجلية للعوائق الاقتصادية ،من سوء التدبير المالي و البطالة و الرشوة و الزبونية و المحسوبية و اقتصاد الريع وغياب شفافية الصفقات العمومية وحضور ثقافة الاحتكار و التركيز الاقتصادي ... بالاضافة الى عوائق اخرى، من قبيل، الجفاف الذي ظل ببلادنا و لزمن طويل معطى هيكلي وكذا الولادة المتكررة للازمات المالية والاقتصادية ،وغيرها مما يشكل العقبات الحقيقية امام تبلور حكامة اقتصادية رائدة . ثانيا : انبثاق اواليات مكافحة الفساد الاقتصادي : ان محاربة الفساد بشكل عام و الفساد الاقتصادي بشكل خاص ظلت الشغل الشاغل لدى حكام المغرب في مختلف الازمنة و العصورف("المولى اسماعيل، حسب رواية احد الاسرى المسيحيين -كان يراقب صناعة الخبز وكان ياتي بالخبز من مختلف الافرنة ،واذا كانت النوعية غير جيدة و اذا كان الوزن لايطابق مايتطلبه القانون، فان الخباز يعاقب بالموت .و كان السلطان يتصرف بنفس الطريقة بالنسبة لتجارة الفواكه .و المحتسب ،هو الذي يؤدي حياته ثمنا او يفقد فقط مهمته وخيراته اذا كانت السلعة فاسدة"CH.de la veronne Vie de moulay ismail d apres Joseph de Leon1708/1728 P48،وهي الرواية الواردة في دراسة الباحث ادريس ابو ادريس المنشورة في مجلة امل ،العدد30/31 سنة2006والمعنونة ب "الاقتصاد و التدبير: العناصر المحركة و المسيطرة واوجه الخلل و التوازن نموذج دولة المولى اسماعيل1672/1727"ص79،هذه الدراسة القيمة وقفت على بعض اوجه الفساد الاقتصادي السائدة انذاك ، وكيف عملت الدولة على محاربتها ،من قبيل، تهافت الاحتكارات الداخلية و الخارجية وتعدد الوساطات و الامتيازات)هكذا شكلت محاربة الفساد بشتى تجلياته ،بما فيها الاقتصادية ، وعبر تاريخ الزمن المغربي اولوية الاولويات .وهي المسالة التي زكاها المغرب المستقل ووطد دعائمها مغرب العهد الجديد ،والذي سعى اساسا ،ومن منطلق المفهوم الجديد للسلطة - بما فيه فهمه الاقتصادي -الى تبني اواليات جديدة ،عبارة عن اجراءات متعددة ،لايقاف النزيف المتواصل لافة الفساد ومنها ،الحرص الاكيد على تخليق الحياة العامة ككل و تعزيز اسس ترسانة وقائية-علاجية قوية ،تصارع كل اشكال الفساد ،و تجابهه باعتباره العائق الرئيسي امام المسارات التنموية وعلى شتى الاصعدة: السياسية، الاقتصادية ،الاجتماعية، البيئية ،القيمية و الثقافية ...عموما يمكن الوقوف على اهم الاواليات ،التي تم احداثها من اجل الخروج من براثن هذه الافة المقيتة -خاصة في اطار محاربة الفساد الاقتصادي -من خلال مايلي: الاوالية الدستورية ،الاوالية المؤسساتية ، الاوالية القانونية. *الاوالية الدستورية: يلاحظ الكثير من المهتمين بالدراسات الدستورية، ان المشرع الدستوري ،وعلى امتداد الدساتير المغربية المتعاقبة- مابين 1962و 1996لم يولي تمام العناية ولم يبدي كامل الاهتمام للمسائل الاقتصادية ،خاصة على مستوى محاربة الانماط المتبلورة للفساد الاقتصادي .الاان نقطة التحول -كما يرى الباحث جواد النوحي في دراسة له "دور مقتضيات دستور 2011 في تخليق الحياة الاقتصادية"ضمن مؤلف جماعي "دستور2011النص و البيئة السياسية ".سلسلة بدائل قانونية وسياسية 2.تنسيق محمد الرضواني. مطبعة المعارف الجديدة الرباط الطبعة الاولى2014- ستبدا مع المراجعة الدستورية لسنة1996وستتقوى بشكل اكبر في دستور2011الذي وضع معالم"دستور اقتصادي مغربي"، تتوزع مقتضياته بين وضع المبادئ التي يتعين، ان يتاسس عليها الاقتصاد، اسوة بالمنهجية المتبعة في العديد من الدساتير العالمية ،ثم بين تضمينه مقتضيات تهم تخليق الحياة الاقتصادية، في مسعى الاستجابة لمتطلبات الشفافية و الحكامة الجيدة ،التي تشكل جزء من خطاب الدولة وجزء من شعار النخبة السياسية، ومعها العديد من مواقف و تصريحات فاعلين اقتصاديين و اجتماعيين. ان المقتضى الاخير يبدو ذو اهمية في دساتير ما بعد "الربيع العربي"، وهو التحول الي ارتبط باتجاه المشرع الدستوري في هذه البلدان للاستجابة لحاجات و مطالب المحتجين ،التي رفعت شعار الحكامة و تخليق الحياة الاقتصادية ص99 .وبذلك كان لزوما على دستور 2011المتقدم ،ان يرسخ المبادئ الكبرى الضامنة لتبلور نمط اقتصاي فعال و ناجع ومحاربة كل اشكال الفساد التي قد تهدد تواجداته، ومن هذه المبادئ الحكامة الجيدة ،الشفافية ،النزاهة ،المحاسبة، المساواة ، جودة الخدمات، حرية المنافسة .هذه الاخيرة، التي تم الرفع من درجة تضمينيتها ،عبر تكريس دسترة مجلس المنافسة ،و الذي اوكلت له مهام محاربة كل مامن شانه ان يدخل في خانة الفساد الاقتصادي . *الاوالية المؤسساتية :ان المأسسة المرتبطة بمحاربة الفساد، هي الكفيلة بالقضاء على هذا الفساد ،الذي اضحى بدوره - ولاعتبارات عديدة -ممؤسسا ومتجذرا في عمق المجتمعات. في هذا الصدد- وعكس مايراه الخبير في البنك الدولي دانيال كاوفمان في دراسته "الخرافات و الحقائق المرتبطة بادارة الحكم و الفساد " في "المشاريع الدولية لمكافحة الفساد و الدعوة للاصلاح السياسي و الاقتصادي في الاقطار العربية مرجع سابق- في ان مكافحة الفساد بالاعتماد على انشاء المزيد من اللجان العاملة على مكافحة الفساد و الوكالات المختصة باداب المهنة تعتبر مغالطة وخرافة من خرافات محاربة الفساد. ص181-يمكن التاكيد على ان خلق مؤسسات تسهر على مجابهة اليات الفساد ،هو الكفيل بتوفير الجوانب الردعية امام كل من سولت له نفسه العبث بالمنظومات الاخلاقية و القيمية ، الموطدة للكيانات المجتمعية السائدة ، شريطة منح هذه المؤسسات كل الامتيازات ،التي قد تيسر لها القيام بمهامها، ومنها نقلها من الاتسام بالطابع الاستشاري الى التوسم بالصفة التقريرية و تخويلها الضمانات القانونية و الدستورية اللازمة. ان ماسبق ،هو ماتم استحضاره في الدستور المغربي ل2011،و الموصوف لدى العديد من الاشخاص و الهيئات ب "دستور الحكامة" ،اذ ان الحرص على دسترة المؤسسات المكلفة بمحاربة الفساد بشكل عام ، كالهياة الوطنية للنزاهة و الوقاية من الرشوة ومحاربتها، ومجابهة الفساد الاقتصادي بشكل خاص ، كمجلس المنافسة، ظلا من ابرز رهانات هذا الدستور المتطور، الذي ينص على الاوالية المؤسساتية في محاربة الفساد الاقتصادي في فصله166و المتحدث عن هذه الهياة، باعتبارها من ابرز هيئات الحكامة الجيدة و التقنين، كما يلي:"مجلس المنافسة ،هياة مستقلة ،مكلفة في اطار تنظيم منافسة حرة و مشروعة بضمان الشفافية و الانصاف في العلاقات الاقتصادية ،خاصة من خلال تحليل وضبط وضعية المنافسة في الاسواق و مراقبة الممارسات المنافية لها و الممارسات التجارية غير المشروعة وعمليات التركيز الاقتصادي و الاحتكار" .و بالاضافة الى مجلس المنافسة، كاوالية مؤسساتية لمكافحة الفساد الاقتصادي ،هناك اواليات مؤسساتية اخرى يمكن ان تقوم بنفس الدور، ونذكر منها، وحدة معالجة المعلومات المالية ،والتي تم التنصيص عل احداثها في القانون رقم43-05المتعلق بمكافحة غسل الاموال .و تتكون هذه الوحدة المحدثة لدى رئاسة الحكومة من ممثلين عن جميع القطاعات الحكومية المعنية بجرائم الفساد وغسل الاموال ،اضافة الى ممثلين عن المؤسسات المالية و البنكية .وقد انيطت بالوحدة مهمة جمع و معالجة المعلومات المرتبطة بجريمة غسل الاموال مع تخويلها امكانية الاحالة على النيابة العامة . * الاوالية القانونية :في دولة الحكامة، يظل مبدا حكم وسيادة القانون مرجعا اساسيا من مراجع ترسيخ اسس دولة الحق و القانون . ان هذا المبدا يجعل الاحتكام الى القانون هو جوهر الصرح الديمقراطي لاية دولة من الدول . في هذا الصدد، يتم التعامل مع هذا المبدا ،بنوع من السمو الضامن لترسخه في اعماق المجتمع، كمجمع لقواعد قانونية ملزمة ،سواء كانت قوانين داخلية او بنود في اتفاقيات دولية .في هذا السياق ،يمكن القول ان المغرب سعى الى اغناء الترسانة القانونية الناظمة لاليات محاربة كل اشكال الفساد ،وهوما يستشف في قانونه الجنائي ،الذي عمل على تجريم جملة من اشكال الفساد من قبيل :الاختلاس و الغدر(الفصول241و242و243و244و245و246و247من القانون الجنائي)الرشوة واستغلال النفوذ(الفصول 248و249و250و251و252و253و254و255و256).وعلى مستوى الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الفساد ،وبالنظر الى كون الدستور المغربي في ديباجته يؤكدعلى"جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب ،وفي نطاق احكلم الدستور وقوانين المملكة وهويتها الوطنية الراسخة تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية و العمل على ملاءمة هذه التشريعات مع ماتتطلبه تلك المصادقة" ،وبالنظر كذلك الى توقيع المغرب على العديد من الاتفاقيات الهادفة الى مكافحة ومحاربة كل تمظهرات الفساد ،من قبيل اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد التي وقع عليها المغرب سنة2003وصادق عليهاسنة2007( صدرت الاتفاقية في1اكتوبر2003ودخلت حيز التنفيذ في14ديسمبر2005،وقد شكل اعلان الامم المتحدة لمكافحة الفساد نقطة الانطلاق في عملية بناء التوافق الدولي حول هذه الاتفاقية ) وهي الاتفاقية التي تشكل-حسب عادل عبد اللطيف في دراسته المعنونةب"الاصلاح السياسي في الدول العربية في ضوء المعايير الدولية و المقاربات الاقليمية "ضمن "المشاريع الدولية لمكافحة الفساد مرجع سابق ص95-"خطوة مهمة ،اذ انها تعتبر الوثيقة القانونية الدولية الوحيدة التي تتناول موضوع الفساد بهذا الشكل المتكامل و الشامل ،وتاتي نتيجة اجماع دولي غير مسبوق حول خطورة الفساد كظاهرة تهدد التنمية و تعيق الاصلاح، بما في ذلك الاصلاح السياسي .وتتضمن- كما يرى سليمان عبد المنعم في دراسته المعدة لبرنامج الامم المتحدة الانمائي برنامج ادارة الحكم في الدول العربية2004 والمعنونةب"ظاهرة الفساد: دراسة في مدى مواءمة التشريعات العربية لاحكام اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد"-احكاما متعددة تمثل في مجملها تطورا سواء على صعيد وسائل وادوات المكافحة اوعلى صعيد المفاهيم و الاليات الي استحدثت خصيصا للاحاطة بظاهرة تتخطى حدود الدول وتتجاوز اليات المكافحة التقليدية ،لاسيما في الشق المتعلق بنقل و تهريب الاموال المتحصلة عن جرائم الفساد" .وعموما، ان من شان الاوالية القانونية -الداخلية و الخارجية -ان تؤطر الابعاد البادية و المستترة ،الضمنية والصريحة ،الكفيلة باستئصال افة الفساد المشينة ،وعلى جميع المستويات ،بما فيها المستوى الاقتصادي. وعلاوة لكل ماسبق ، يمكن القول ان المغرب استحدث جملة اخرى من الاواليات الاستراتيجية لمكافحة الفساد ،ومنها اساسا -وفي اطار تجميعي-التوفر - ومنذ سنة2005-على استراتيجية وطنية، شاملة لمكافحة الفساد ،تتكامل فيها كل الجوانب القانونية و المؤسساتية والحقوقية والسياسية و الاقتصادية و الاجتماعية وتتضافر فيها جهود كل مكونات وعناصر الحكامة من دولة ومجتمع مدني وقطاع خاص ومواطنين و فاعلين اجتماعيين ومجموعات مهنية، من اجل تعزيز ودعم قيم النزاهة و الشفافية و المساواة و الانصاف و الارتقاء بها و النهوض بجميع الخطوات القمينة بالوقاية من الفساد و محاربته وصياغة معالم خطة وطنية فعالة في مجال الاعلام و التواصل للتحسيس بالاخطار الكارثية الناجمة عن افة الفساد العويصة و الحرص على ايجاد الطرق الناجعة و الكفيلة بمكافحتها و استئصالها من المنبت"الغير الطيب" ،وهي الاستراتيجية التي تمت الاشادة بمضامينها في العديد من اللقاءات والمؤتمرات الدولية ،ومنها مؤتمر الدول الاطراف في اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد و المنعقد بمراكش خلال الفترة الممتدة من24الى28اكتوبر سنة2011،كما انها نفس الاستراتيجية التي على مايبدو قد اخذت تؤتي اكلها على مستوى تحقيق العديد من المؤشرات الايجابية ،فيما يخص اقتصادنا "الصاعد "وهي المؤشرات التي وضحها رئيس الحكومة خلال الجلسة الشهرية للاسئلة الشفوية المتعلقة بالسياسة العامة، لشهر يناير2014، والتي خصصت لموضوع"تحسين ترتيب المغرب في المؤشرات الدولية"، اذ يقول رئيس الحكومة في هذا الصدد"2014سجلت تقدم المغرب فيما يتعلق بمؤشرات مناخ الاعمال و ادراك الرشوة و الحكامة وغيرها.. . فالمملكة سجلت قفزة مهمة في مؤشر مناخ الاعمال للبنك الدولي ب16درجة سنة 2014بعدما اكتسبت10درجات سنة.2013فيما تقدمت في مؤشر ادراك الرشوة الذي تصدره منظمة ترانسبارانسي الدوليةب 11درجة". ان من شان الخلاصات ،التي يمكن ان نمتحها من هذه المؤشرات الدالة ،ان توضح لنا، ان بلادنا قطعت اشواطا مهمة في مناهضة الاسس الداعمة للفساد برمته و الفساد الاقتصادي على وجه الخصوص. الا ان ذلك بطبيعة الحال لايشكل مؤشرا حتميا على نهاية المعركة ضد الفساد . فهذه المعركة تحتاج النفس الطويل ،ان اردنا تحقيق الانتصار و اجتثاث الورم الخبيث للفساد من جذوره .و الا فاننا سنظطر لرفع "الراية البيضاء" ،وتلك كارثة اخرى علينا جميعا توفير العتاد القيمي و الاخلاقي لتفاديها اومجابهتها ،للظفر بالمعركة المصيرية لبناء مغرب الغذ ،مغرب الحكامة ،المغرب الصاعد.



#محمد_البكوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لحظة صباحية
- هلوسة الربيع الشتوي
- مكونات الحكامة وادوارها في المشاركة السياسية بالمغرب: التسجي ...
- الميمية
- الفعل الجمعوي بمناطق الواحات واحة أحميدي بورزازات نموذجا -ال ...
- الفعل الجمعوي بمناطق الواحات واحة أحميدي بورزازات نموذجا - ...
- النسيج الجمعوي بالمغرب :مخاضات النشأة وارهاصات التطور - قراء ...
- المسؤولية و المحاسبة-التلازم المطلق من اجل الادراك المنشود-
- الديمقراطية المترنحة
- فرنسا،الفاجعة الكبرى و الفهم الاكبر لسوء الحكامة


المزيد.....




- المغرب وفرنسا يسعيان لتعزيز علاقتهما بمشاريع الطاقة والنقل
- مئات الشاحنات تتكدس على الحدود الروسية الليتوانية
- المغرب وفرنسا يسعيان إلى التعاون بمجال الطاقة النظيفة والنقل ...
- -وول ستريت- تقفز بقوة وقيمة -ألفابت- تتجاوز التريليوني دولار ...
- الذهب يصعد بعد صدور بيانات التضخم في أميركا
- وزير سعودي: مؤشرات الاستثمار في السعودية حققت أرقاما قياسية ...
- كيف يسهم مشروع سد باتوكا جورج في بناء مستقبل أفضل لزامبيا وز ...
- الشيكل مستمر في التقهقر وسط التوترات الجيوسياسية
- أسعار النفط تتجه لإنهاء سلسلة خسائر استمرت أسبوعين
- -تيك توك- تفضل الإغلاق في أميركا إذا فشلت الخيارات القانونية ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد البكوري - اختلالات نمط الحكامة بالمغرب - الفساد الاقتصادي نموذجا- اليات التبلور و اواليات المكافحة