|
الأخ رشيد في قناة الحياة ، يتطرّف ..!!
أبو السراج الحسني
الحوار المتمدن-العدد: 4688 - 2015 / 1 / 11 - 14:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أثناء متابعتي لحِصّة الأخ رشيد في قناة الحياة المسيحية التي كانت بعنوان " مملكة الكراهية " سجّلتُ ملاحظات عديدة اختصرْتُها في هذا العنوان " الأخ رشيد يتطرّف " . لماذا ؟! لنْ أسْتوفيَ لنفسي ولا للمسلمين عندما أسلّطُ الموضوعية على الأخ رشيد ، وإنما أستوفي فقط للحقيقة الغائبة التي اجتمعتْ عليها ظروفٌ معروفة فاحتجبتْ ، وصار من الصعبِ على كليل البصيرة أن يصِلَ إليها . مع احترامي الكامل للقناة وللأخ الرشيد ، أقول : إذا كانَ الإسلامُ هو دينُ الإرهابِ ، أفلا يُوجدُ عَبْرَ تاريخه أيّ دورٍ له في إعادة السيادة ولو لشخصٍ واحدٍ مظلوم ؟! . إذا عجزَ الأخ رشيد أن يستحضر آية من القرآن تكشفُ عن رحمانية الإسلام العالمية مثل قوله تعالى { وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين } ، فليَعُدْ إلى التاريخ وليَقْرأْ كيف كان وضْعُ العالم قُبيلَ الإسلام . ألَمْ تكنْ دولتا فارس والروم غارقتين في ظلامٍ دامس لا يختلفُ عن عصور الظلام التي أزرَتْ بأوروبا ؟ أينَ هو دور المسيحية مِن هذا كله ؟ ألمْ تتحالف المسيحية والسلطة في مناطق عديدة من العالم ، فمُورس الاستعبادُ وانتهاك حقوق الإنسان ..؟ هذه عناوين قصيرة ، وتفاصيلها محفوظة في التاريخ ، يعرفها أبسطُ المُثقفين . وعندما كان الظلام مهيمنا على الروم وفارس، ما هو الأملُ الذي كان يتطلّعُ إليه الإنسان الضعيف ؟ وهلْ كانَ وضْعُ العالَم ـ آنذاك ـ يَجْري نحو التحسّن لو افترضنا أنه لا يوجدُ إسلامُ ولنْ يوجد ؟! . وهل كانتْ المسيحية أمَلاً للضعفاء ولو بالافتراض ؟ لماذا هذا الجحودُ الأكبر لِدَور الإسلام في إنقاذ الإنسانية مِنْ براثن الهمجية والبربرية التي تسلطتْ على المرأة والأطفال والمستضعفين ؟ . هل كانَ يُجْدي مع هذا الوضع المأساوي أنْ نُعلنَ المحبّة كشعارٍ ، ونترك الضعفاء للبوار والدمار ؟! . إنّ المحبة التي لا تبْعثُ على روحِ مقاومة الظلمِ والاضطهاد وانتهاك حقوق الإنسان هي أقربُ للدروشة منها إلى أن تكون قيمة دعا إليها السيد المسيح عليه السلام ؟ . لقدْ أعلنَ الإسلامُ المحبة والرحمة كقيمٍ مُطلقة ، عَبّرَ عنها القرآن بما يعكسها بالتمام أو يفوقها عندما أخبر عن مجيء محمّد للبشرية { لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم } ، هي ليستْ محبة أو رحمة وحَسْب ، بل هي تألمٌ على مأساة الإنسان وحِرْصٌ على حقوقِه . وليس من المحبّة أو الرحمة أن يقِفَ المسلمُ متفرّجًا ، وإخوانُه في الإنسانية يذوقون سوءَ العذاب من جبابرة أولئك العصور ، سوف يتحوّلُ هذا المسلمُ بدافع المحبة والرحمة إلى جنديّ يبدّدُ هذا الظلمَ ويملاُ الكونَ عدْلا ورحمة ومحبّة ، ولا دَخْلَ له في مُعتقداتِ الناس ، مادامتْ سليمة من النزعة العدوانية . وبالفعلِ ، قَصَّ علينا التاريخُ نبأ عمر بن الخطاب عندما دخل بيتَ المقدس وأكرَمَ إخواننا المسيحيين ولمْ يُجبِرْ أحداً منهم على أنْ يدخلَ الإسلام ، لأنّه كان متشبعاً بقيم القرآن التي ترفض الإكراه والإجبار حيث يقول الله { لا إكراه في الدين } . إذن ، الإسلامُ لا يُعلنُ الجهاد أو المقاومة إلا لحماية الإنسانية عندما يكون هناك فراغٌ من أيّ جهازٍ نظامي يحترمُ حقوق الإنسان ، وإذا كان هناك نظامٌ قائمٌ بذاته يُحقق العدل بين أبنائه ويكفلُ حقوقهم ، فالإسلامُ حينئذٍ سوفَ تلتقي قيَمُه معَ قيم هذا النظام ، ويتآزران ويتعاونان على فعل الخير لكل إنسان مهما كانت ديانته ، سواءٌ كان يهوديا أو نصرانيا أوبوذيا أو طاويا..إلــخ ، والدليل هو دعوتُه الصريحة إلى التعارف والتعايش مع كافة الأديان والألسنة حيث يقول تعالى { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا } . متى زاحمَ الإسلامُ السلطة العادلة أو انقلبَ عليها ؟ ربّما يقول القائل : إنّ الإسلامَ بحدّ ذاته كان هو السلطة ..!! نعم هذا صحيح ، لكن هل كان ذلك مع قيام سلطة أخرى عادلة مُراعية لحقوق الإنسان ، أم كانَ في ظلّ فراغ لا يملؤهُ إلا استعباد البشر وتكريس الطبقية ؟ لقد أجابَ التاريخُ ، وكفى به شهيدا . إذا لمْ يمْلأ الإسلامُ هذا الفراغ ، فربما ستملؤه فكرة رجل مصلح تنتشل الناس ، أو ربما سينشأ نظامٌ من طرف أناس رحماء ، فلا مُشاحّة في الاصطلاح ، ولا يَهمُّنا ما هو اسم الجهاز الذي سيُنقذ الإنسان ، سواء كان دِيانة أو مُصلحا اجتماعيا أو فيلسوفا ، العبرة بالنتيجة التي تحققتْ . وإذا وقعَ ـ بعد مُضيّ زمنٍ طويل ـ تقصيرٌ من هذا الجهاز أو السلطة فلا يعني ذلك فساد أصْل الفكرة الأولى التي قامتْ بواجبها . ما يقومُ به بعض المنتسبين للإسلام من تطبيقات خاطئة ، لا يُمكن أن يتحمّلَ وِزْرَها الإسلامُ ، لأنها كالتطبيقات الخاطئة التي مارستها الكنيسة عندما تحالفتْ مع السلطة فأنتجتْ عُصوراً مُظلِمة ، فهل يقولُ عاقل : إنّ المُشكل في المسيحية أم المشكل في رجال الدين الذي صاروا يُتاجرون بالدين ويقمعون باسمه وينتهكون حقوق الإنسان ..!! وأخيراً ، أتمنى من الأخ رشيد أن يتحلّى بشيء من الإنصاف ، وأنْ ينظرَ بعين الرضا ، فقد قال الشاعر : وعينُ الرضا عنْ كلّ عيبٍ كليلة +++ ولكنّ عينَ السُخْط تُبدي المساويَ .
#أبو_السراج_الحسني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القرآن يقول : ( لتعارفوا ) والكهنة يُضيفون شرطاً !!
-
تطبيق الحدود الشرعية على ابن تيمية والكهنة ( 1 )
المزيد.....
-
حامل ومعها 3 أطفال.. انقاذ تلميذة اختطفتها جماعة بوكو حرام ق
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو
...
-
معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
-
-مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن
...
-
تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة
...
-
اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
-
تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
-
تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ
...
-
المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|