أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مثال غازي - مسرحية دم يوسف















المزيد.....



مسرحية دم يوسف


مثال غازي

الحوار المتمدن-العدد: 4683 - 2015 / 1 / 6 - 00:31
المحور: الادب والفن
    



المنظر عبارة عن جب كئيب تتداخل فيه رؤى عديدة تمثل عزلة الامكنة وضبابية الذات البشرية واخطاء التاريخ المستترة...الى ان ينبعث بصيص من النور يخترق الظلمة الموحشة لينير احدى زوايا المكان الذي يجسد كائنا ممسوخاً يصارع الوحدة والقبح والاخطاء بصيحات مستذئبة.
الصدى: ايهما انا...ايهما ماماماما..انانانانا.
المستذئب: ((بعدها يميط اللثام عن وجهه متالماً))
راسي يكاد ينفجر...يا للهزيمة...حتى صوتي يحاول خناقي..ويلي...ويلي...ويلي
اذن من الاخرين ((يكررها)) ((بعدها يطلق صرخة مستذئبة تتعالى اصدائها بشكل مخيف داخل الجب ثم يعود الى لثامه)).
زليخا: ((تدخل زليخا مثخنة بالجراح))
كم الهبنني بسياطهن بالذي لمنني فيه، هل حكم علي ان لا افارق الجب، أي رؤى يمكن ان تفتقدها حواسي واي زمن ذلك الذي يضيع سدى، لازلت في جب يوسف لا املك حراكاً لنفسي، انجديني ياكل قوى الارض
((متوسلة، وهي تبحث عن يوسف وسط الظلام)).
امنحني يا يوسف فرصة كي ارى النور الذي تتمثله انت او فك اساري حيث انتهيت ((يطلق المستذئب صرخة مخيفة تهرع زليخا نحو الصوت دون ان تعثر على مصدره وسط الظلام)) ((ثم تعود خائبة)).
يالصوتك يوسف...كم تؤرقني هذه الاباطيل لتلقي بي الى جبك هذا دون رجعة.
((منادية وكانها تبحث عن يوسف وسط ظلام الجب))
يوسف...يوسف...يوسف
يهوذا: ((متالماً))
كفى...سيخنقني هذا الصوت لم اعد اطيق سماعه لو قدر لي ان انبعث مرة اخرى
واخرى لما ترددت لحظة واحدة عن...
((متوقفاً عن الاستمرار في الكلام بصعوبة))
المستذئب: ((مقاطعاً اياه))
عن ماذا يا هذا
يهوذا: عن....عن
((صوت رعد شديد يردعه عن مواصلة الكلام))
((يصاب الجميع بالذعر))

زليخا: ((تحاول اسكات يهوذا))
اصمت عليك اللعنة، الظلام اشد وضوحاً مما تعتقد هنا كل شيء، الان، انا وانت والكثير من الاسرار التي لو قدر لها ان تنبعث من جديد لكانت...
يهوذا: ((يقاطعها))
ولكن لا شيء هنا غير الحجارة الصماء المطبق و...
زليخا: ((تقاطعه))
ويوسف
يهوذا: ((منفضاً))
كلا..انا ما جئت باحثاً عن يوسف ذاته بل جئت باحثا عن نفسي في ملكوت هذه الصحراء لقد ابتلعني يوسف ومن قبله الذئب، فهل تعلمين اذن، أي مستقر انا فيه، في جوف من وفي جب من؟
زليخا: ضجيج الحياة اشد هواناً على نفسي من صمته
يهوذا: كفى...كفى
((يهجم عليها ليقبض بيديه على شعرها بقوة)).
انت لا تعلمين ايتها العاهرة ما الذي اصبحنا عليه الان، لقد اصبحنا نصف هذا العالم ونصف اخطائه القادمة لقد اصبحنا الظلام..الرهبة...الخوف
زليخا: ويوسف
يهوذا: ((يبتعد عنها مستسلماً))
يوسف نصفه الاخر
((تعود اصوات الذئاب ليصاب بالرعب))
ياللخيبة..سوف تمزقني هذه الذئاب الجائعة.
((يصرخ مستنجداً))
انقذوني اخرجوني من هنا...النجدة
زليخا: ((تطلق ضحكة داعرة)).
من يدخل وجر الذئاب لا يملك ان يخرج حافياً على قدميه
يهوذا: ولكننا جميعاً فريسة الخطا، لا يمكن تحميلي على شيء لا طاقة لي على منعه، زليخا انت كل النساء بما يردن وانا كل الرجال بما يريدون، الجب ميدان رائع لممارسة الخطأ، ستجدين هنا ان لا مفر...ان لا نجده...ان لا خروج.
زليخا: اخفض صوتك لا داعي لكل هذا الصراخ، سعادة اصطنعتها اوهامنا، لابد ان نحقق عندها كل ما فقدناه في حقيقة امرها.
((فجاة تسطع عينا المستذئب وسط الظلمة)) ((عندها تتذكر وهي تشير اليه))
لقد اراد في ساعة ما...اقسم انه...اراد شيئاً ومنعته اشياء عن...اه...عندما تتوقد ذاكرتي افقد عندها كل حريتي.
((تنظر الى السماء))
ايتها السماء انا لا ارنو اليك طلبا للرحمة ولكنني اتضرع لعذاب اخر اريده ان يوصلني الى شيء اعتقدته فيه وكذبتني قوى هي اكبر مني ومنه.
يهوذا: الى ماذا تنظرين ايتها المبتذلة، لقد مسختك الظلمة ومسخت حواسك الداعرة.
زليخا: ((بخوف مشيرة الى عينا الذئب)).
الذئب قرار اسئلة حزينة عيناه تتطلعان الى وتبرقان بكوامن لا نملك فك طلاسمها.
يهوذا: ستطيح الظلمة بعقولنا، لابد ان نفعل شيئا للخروج من هنا. ((يصرخ))
ايتها القوافل السيارة رفقا بما نحن فيه، النجدة الا تصغون الى صدى سنواتنا العجاف المثقلة بالذنوب الا تعون...الا تسمعون...الا...الا
المستذئب: ((مع نفسه)).
ما الذي يبغونه مني...يلاحقوني حتى في وحدانيتي، الا املك حقا حتى وحدتي لا اعرف لماذا اراهم امامي كلما توجست نفسي عزلتها.
زليخا: انت لا تملك حتى نفسك
المستذئب: ان لم املك نفسي فما الذي املكه اذن!
زليخا: انت لا تملك سوى اخطائنا
يهوذا: ((نتيجة للظلمة وتداخل الاصوات تعيق يهوذا في ان الكلام موجه اليه))
ومالي واخطاؤكم دونكم هذه الرياح وهذا الظلام.
((يسقط على الارض وهو يصارع الامه المفاجاة ليستنجد))
الرحمة...الرحمة...انجدوني...النجدة
زليخا: ((تتجه نحو يهوذا لتخطابه معتقدة انه المستذئب)).
كان عليك ايها الذئب ان ترمح في هذه الفلاة وتقتات ما تشاء لا ان تحسبنا حقيقة تلاحقها اينما حلت، ما الذي علي ان اخاطبه فيك الان هل هي غرائزك ام حتمية لا جدوى مما تفعل.
المستذئب: ((بغضب)).
ومن منا يتبع الاخر؟
يهوذا: ((يهذي)).
القافلة في احشاء الذئاب ويوسف في احشاء القافلة وانا وانت في احشاء يوسف والعالم في احشائنا.
احشائي تشتعل نارا وتكوي ما في داخلي بجمرات من سعير...مزقي يا زليخا ما تستطيعه من جسدي.
((يتساقط عدد كبير من القمصان المليئة بالدماء، فتقوم زليخا بلحاقها وتمزيقها)).
مزقي...مزقي.
زليخا: من يلجم حواس امراة تتقاذفها امواج الشهوات العارمة.
يهوذا: مزقي.
زليخا: الوحدة شياطين تاكل طمانينتك وتؤدي بك الى سنوات خانقة.
يهوذا: مزقي.
زليخا:الوحدة موت اخر وقبور مظلمة وقداس اخر.
يهوذا: مزقي
زليخا: الوحدة يوسف ويوسف الوحدة
المستذئب: ((ينتفض))
كلا...كلا...اتركوني وحيدا اواجه خذلان نفسي واصارع خذلان قطعان الذئاب.
يهوذا: ((متالماً))
احشائي تتقد لا اقوى على هذه الالام التي تنتابني كلما سايرت مرمى هلاكي.
زليخا: ((تبحث عن يوسف وسط ظلام الحب)).
لابد انه في مكان ما من هنا...يوسف...يوسف
المستذئب: سيعود مرة اخرى بخطى مثقلة بجراحاتكم.
زليخا: ((غير مصدقة، وكانها تشعر بصوت يوسف قريبا منها))
أي صدى جميل تتقاذفه جدران الجب.. يوسف...يوسف
يهوذا: من يرحمني الامه
زليخا: ساعود امراة اخرى تعيش بطمانينة لا مثيل لها حيث لا وحدة بعد اليوم، سيعود رخاء كل النساء بما ضيعنه في تيه امراة اختارت ولم تعي بما اختارت من كوارث.
المستذئب: ((بتشكك))
لم يعد الامر على ما هو عليه كما هو في السابق ولكن سيعود كي ينقذني باي شكل من براثن شكوكم في، لا احد يبحث حريته وسط الظلام، لابد ان يحل نوره سماء الجب.
يهوذا: ((يضيق ذرعاً بوجوده))
لابد لنا من الخروج
زليخا: ((تعود في البحث بين القمصان المتناثرة عن يوسف الذي تظن)).
اني اسمع صوته..اني اراه..اني اشعر بوجوده..لعله هنا...ولربما هناك.
المستذئب: ((يلملم شتات ما قطعته زليخا من قمصان خلفها)).
لا يمكن ان تمضوا تاركين اخطاءكم القادمة..في كل قميص يوسف تمزقونه
يهوذا: ((هو الاخر يبحث بين القمصان المتناثرة)).
لا يمكن للانصاف ان يفترقا، انه نصفي انا، ولا يمكن ان يبتعد عني هو اقرب مني الي، هو ظلي، وكل هزائمي، الساعة لن يجد خلاصاً لنفسه ولا لنفسي ((يصرخ))
يوسف...يوسف.
((تتداخل الجمل الاخيرة ما بين يهوذا وزليخا والمستذئب بتداخل يوحي بالتمرد على الوضع القائم حيث يؤدي الى الفوضى والاضطراب)) ((ترافق عملية التداخل عملية البحث عن يوسف الى ان يعم الهرج والمرج)) ((صوت رعد شديد يشتت وجودهم حينها يعم الظلام)).
((بعد قليل تظهر زليخا مستلقية على السرير وهي في حالة لذة محمومة، في لجة من الاغراء المتواصل شبيه بالاحتضار))
زليخا: اه...اه...اغيثوني
يهوذا: ((يتجه نحو المستذئب))
انها تموت يجب ان تفعل شيئا، الا يمكنك ان تفعل شيئا عدا افتراسنا.
زليخا: يوسف
((وكانها تتلفظ اخر انفاسها))
المستذئب: انا اخر من يستطيع انقاذها، عاجز انا من ان افعل شيئا لها، شيء ما يمنعني من ان انقذها قد يكون خوفي او عجزي او لربما هزيمتي
((اثناء ذلك يقترب منها بتمعن تغمره النشوة والدهشة))
زليخا:يوسف
المستذئب: زليخا ((يقترب اكثر)) ((صوت رعد شديد يمنعه من التقدم ليبتعد عنها منتفضاً بقوة ليحطم عدة اعمدة تحيط به))
يهوذا: ((يتهم المستذئب))
امثالك لا يستحقون عيشا لهم او حتى ان يغترفون باشداقهم من هذا الهواء، امثالك تماثيل مهجنة مصقولة من خشب وحجارة وحديد، تحفه ثمينة في كهف مهمل اسمه التاريخ، سياكلك الزمن فشيئاً فلا تبتاس للندم الذي يتحسس عزلتك، ستصدا اسنانك وتموت جوعا، ليت سيفي بقادر على طعنك لأزلت بطعني اياك رواسب روحك المقيدة في ظلال دائمية لا شمس لها، ماذا تنتظر.
((يحاول تحريضه على التقدم نحوها)).
ماذا تنتظر ايها الذئب الشاة في حظائرك فلم لا تقتلها، انها تثغو امامك كأي نعجة تائهة سهل عليك افتراسها فتقدم، ما الذي يمنعك هل هو جبنك ام ماضيك الذي قادنا الى هنا، تتطلع الى سماء لا تتفقدنا وفي نهاية الامر نحن واياك في فوهة واحدة نتفقد من خلالها ذنوبنا...الا تعسا لك..تعسا لنا ولكل القادمين...جميعنا في بطن واحدة هي بطنك يا ((صوت رعد شديد) يا... ((متالما))..يا.
المستذئب: انا فريسة الجميع فصدقوني والا ما كنت هنا معكم ابحث عن اخطائي فيكم، نبذتني كل الذئاب وعدت وحيداً الملم ما فرق مني ((يتداعى)) انه بداخلي يقارعني بسيف من لهب، يقطع اوصالي ويزدري كل افعالي بقتلي انه سجني الذي لا استطيع الفرار منه انا الاخر اطلب نجدة اخرى فلا من مجيب.
((يجثو على ركبتيه امام زليخا وهو ينظر اليها))
زليخا: ((هائمة في ملكوت حلم اسمه يوسف)).
مجنونة انا بصدى مجنون يخترق كل هذه الصحراء ليجثو امامي طلباً للمغفرة، سعادة مستهجنة لا اريدها، ولا حتى تصديقها، حقيقة كانت ام خيالا، لقد فقدت حقا ان اصدق او ان لا اصدق.
يهوذا: ((مستغرباً ومستهزءاً في ان واحد))
انه يجثو
((يضحك بجنون))
انه يجثو...اغفري له يا زليخا فبعد الان لن تري منظرا جميلا كهذا، الذئب تحت اقدام النساء..ياللسخرية، وجه اخر لحقيقة بشعة يا للنصر الذي نترنح فيه يا زليخا، لقد تساقطت كل الحجارة وما عاد للزيف من مكان في هذا الجب.
المستذئب: من حقك ان تسخر ما تشاء لانك لم تر الحقيقة يوما سوى وجهك القبيح.
يهوذا: انا...اوه ه...على الاقل انا عندما اقف امام المراة لن اجد اسوا انسان عرفته في حياتي.
المستذئب: ما كان علي ان اظهر اكثر مما اظهرته، الان اعترف باني فقدت كل شيء ولكم ان تغترفوا من خطأي.
يهوذا: اووه ه..خطأه كم انت بارع ايها الذئب في رسم اكاذيبك الصغيرة دائماً انت من يبتلعنا في النهاية لا حاجة لمفترس مثلك الى تبريرات هي في الاخر مجرد كلمات عقيمة، القباحة في ان تفعل وأشد قباحة فيما تنطق.
المستذئب: لست بحاجة الى ان تصدقني فالامر سيان لدي.
زليخا:لا اكاد اصدق
المستذئب: بل صدقي يا حبيبتي، انا الان اشد حرية مما تتصورين، لقد نبذتني الذئاب بشكل يؤهلني في اني لست بهذه الدرجة من السوء لاكون ذئباً.
يهوذا: وقد تكون اشد سوءا مما كنت بشرا.
المستذئب:اصمت، الست من سولت له نفسه قتل اخيه الست من احالني الى مستهجن ليس له قرار.
يهوذا: ((يقاطعه))
الست من ابتلع اخي ونبذته كل الذئاب فيما فعل
المستذئب:كلا...من قال ان يوسف قد مات..انه في مكان ما هنا، انه في ومني وعلي...هو كل هؤلاء معا، بل انت من ابتلعه، وراح يوزع الاتهامات على الاخرين
يهوذا: انا
المستذئب: نعم انت...لقد جئت الى هنا كي تمحوا اشد اثارك سوءا في اخيك انت هنا كي تقتل اخر اثر لك فيه، اينما سرت يحيطك الجب بظلامه في كل يوم تقتل رجلا ظنك منك انه هو حتى استطعمت طعم الدماء التي تريقها كل يوم، اصبح لا هم لك الا ان تقتل وتسير على جماجم فرائسك، هل عرفت الان من منا هو الذئب يا...يا هذا، وما عودتك الا لترتكب جريمة اخرى تعيد فيها زمنا اخر، كنت بطلا فيه يوما ما، لن تغسل عارا ارتكبته بعار اخر.
يهوذا: لست الوحيد الذي يحتضن بذرة الشر تلك، انا ما سولت لي نفسي قتله جزافاً، وانت تعرف جيدا اننا لا نملك ما نعتقده ملكا لنا هذه البذرة كادت ان تنبت فيه سلسلة من الاثام لولا....
((صوت رعد شديد))
المستذئب: ((بغضب))
لولا ماذا...لولا مذا
يهوذا: لولا هذا الشتاء اللعين وبرده القارص.
زليخا: الدفء...سأموت ولا احد بقادر على نجدتي
المستذئب: ولكني هنا...قريب منك
زليخا: ((بسخرية)) قريب مني...انها مجرد اصداء تتعالى تتسرب من بين اصابعنا تنفلت كالماء من بين ايدينا لا تلبث ان تتلاشى.
المستذئب: ولكني الان حقيقة لا خيالا تتوهمينه
زليخا: ومن قال ان الذئاب تامن البشر، انت الان مجرد ذئب كبير يلفظ انفاسه الاخيرة في وجره مستكينا مستسلماً لما يخباه القدر له وان كان لابد من قربك فاني اتوسك اليك الا تقضي علي الا بعد ان اضمه بين ذراعي هاتين
المستذئب:كلا، صدقيني يا زليخا انا لست كالسابق، انا قادر الان ان امنح كل شيء دون حساب، انا لك منذ الان بشرا يعيش اخطائه بكل يسر.
((يدخل رجل اعمى يتكأ على عصاه باحثاً عن ظل يقيه حر الصحراء اللاهب)).
الشيخ: خلف كل خطى حزينة سماء اخرى ترنو الى الاحياء بوجه مستفيض، خلف كل هوان ضياع يستتر خلف ظلالات السنين... أي ظل يحمي شيبتي من هوان فقد بصري واي ريح تحمل اخباره الي.
يوسف....يوسف.
المستذئب: ((يتفاجا بصوت الشيخ ودخوله الجب)).
يا الهي
الشيخ: لم يعد نبضه دليلي منذ ان اختار بطون الذئاب
...((مناديا))
يوسف....يوسف.
زليخا: ((منتبهة)).
يوسف: يوسف هنا...واه لقلبي الذي لا يخطا.... انه هنا
المستذئب: ((يصرخ بشدة))
كفى ..لست يوسف كي تطلبون نجدته... لست...لست...لست هو.
((يطلق صرخة مستذئبة غاضبة، ليصيب الجميع بالرعب، والخوف، اصوات ذئاب)).
يهوذا: لقد عادت الذئاب
زليخا: النجدة
الشيخ: رجل كهل مثلي لا يبالي بالموت ان جاء
المستذئب: ((منتفضاً))
لقد ضقت ذرعاً بكم وبهذا الجب اللعين...ما كنت يوماً يوسف ولا اريده...لست يوسف...لن ارضخ لما تطلبونه مني، انا الان في حل منكم...انا الان معنى من معاني الحرية.
((ينتحل المستذئب فجاة صفة اخرى لشخصية ينقلب فيها الى امير متهور في مصر حيث يرتدي عباءة ملكية ويحمل سيفاً)).
((يصرخ))
ايها الحراس عليكم بيوسف في التو واللحظة...انا لا اريد هنا من يدنس قصري..لا اريد سماع صوته.. لا اريد احدا يذكرني بتبعيتي له.
الشيخ: ((يسمع صوت الامير))
ولدي.
يهوذا: ((يقترب من الشيخ ليهمس في اذنه))
علينا ان نمضي من هنا في الحال والا قطع هذا المسخ رؤوسنا جميعا، ولنترك مصر ونعود.
المستذئب: ((يقاطعه))
تعود..انت الوحيد الذي لا يستطيع ان يعود حياً على اقدامه يا يهوذا، لن تعود بعد ان اصبحت انا كل شيء هنا.
((يضحك باستهتار))
كلنا رائعون انا والتاج وجلادي... ((منادياً))
ايها الجلاد
((يدخل الجلاد))
الجلاد: سمعا وطاعة يا مولاي
المستذئب:عليك برؤوسهم
زليخا: ((تمنعه من الولوج في غيه))
كلا
المستذئب: ((يرفض ممانعتها))
لن اجعل من نفسي مسيحا اخر يتضرع الى جلاديه من الصلب
لا مكان للصليب في مملكتي، اغلقوا الابواب وسوروا قصري بالحديد والنار، الخطر هو انفسكم فحصنوا ذاتكم من ارجاسها لا تامنوا اخا او صديقا خلف ظهوركم.
زليخا: ((تقترب منه لتهداته))
اهدا يا حبيبي مالك ولهذه الثورة..فاهدا.
المستذئب:زليخا يا حبيبتي لا اعرف حقا ما الذي اصابني لا اريد ان اموت سريعا ((وكانه يعود الى رشده)) كوني لي وطنا لا اتوجس منه خيفة، احرسيني من الشر الذي يحيط بي من كل جانب، روحي تشتاق الى الطمانينة الان، انا احوج اليها اكثر من أي وقت مضى.
زليخا: رفقا بنفسك
المستذئب: ((يتذكر انه ارتكب اثما بالذي امرهم بالقتل حين كان في مصر داخل قصر المملكة))
لقد ارتكبت اثما لا مغفرة له، هيا اسرعي كي تنقذي من امرت له بالقتل، اسرعي ما استطعت في طاقتك كي تنجدي ضالا اغوته قوى هي اكبر منه، اسرعي فلا رحمة من ما فعلت.
زليخا: عن ماذا تتحدث يا ذئبي العزيز...انت هنا داخل وجرك..داخل هذا الجب المظلم فلا تبتاس من ما لم تفعل
المستذئب: ((مستكيناً لها))...احقا ما تقولين
زليخا: انت لا تجرؤ على قتل أي كائن فلا تاخذك في نفسك لومة لائم.
المستذئب: ولكني لست يوسف الذي يظنون.
زليخا: ((تمنعه من مواصلة الكلام))
ارجوك...الليلة لا شيء يمنع ما اجتمعنا لاجله، المراة والرجل والتفاحة التي حاولت مرة ان تدفع غرائزك عن التهامها، أي ذئب انت يا حبيبي الان فقط يستعيد التاريخ مساره الصحيح فتمعن جيدا بمن تحب وتشتاق، لا شيء في هذه الاصقاع المترامية بمانع يمنعك عما تريد، المكان الحقيقي لعزلتك يكمن في استلهام اسقاطاتك من عوز ذاتك الذئب في ان تفترس لا ان تفترس، اتبع ظلا انت فيه يضمن صورتك فيمن تحب، اعدو كيفما تشاء واختر انثاك بحرية واصرخ كحال ابواق النصر المؤزرة بالحرية.
الشيخ: ((وكانه يهيم في الصحاري)).
أي ريح هي ريحك، لقد سكن الهواء فلم اعد ار وجهه...ايتها الريح ما الذي اخرك عن الهبوب لتمنحي بركاتك وجه الارض الذي مات منذ زمن بعيد، خذلتني الاسماء والارحام والطبيعة فلم يعد لمقصدي قصد اعيش لاجله، لا شريعة هنا غير شريعة الذئاب.
يهوذا: ما احوجنا اذن يا ابي الى سماء اخرى..غلبنا الجب وابتلعتنا الذئاب ومثلت باجسادنا اصداء ما نبحث عنه.
الشيخ: ولكن ...في كل مكان يوسف.
يهوذا: ((يحاول ان يثنيه عن عناء البحث))
القافلة مرت من هنا وانتهى الامر، القافلة ابتلعت الاخرين وغادرت دون ان تترك عنوانا لوجهتها.
الشيخ: قد نصيب منها خيرا.
يهوذا: لم اعرف ما هو خير من ما هو شر، الذئب هو اخي ام اخي هو الذئب
الشيخ: ((منتفضا))
انتم من حمله ذنوبكم واثقلتم بكاهله النوائب.. بدأت اخاف ضياعه من ضياعكم اللعنة على ارحامكم حيثما تشعبت بكم الارض.
يهوذا: كانت رؤى بغيضة تستفحل ذاكرتي حتى كادت ان تغتالني كل يوم دون كلل، التاريخ يبتدا من الخطا وليس فيما نعتقده صواباً، الجب رحم الجميع وابتداء الخلق، من هنا ولد يوسف وليس من صلبك يا ابي وها انا اعلن ولادة اخرى لي وله بعيدا عنك.
الشيخ: ((متهماً)) ولكنك...انت من دفع ولدي الى طريق الخطيئة
يهوذا: ((يضحك بانتصار))
الخطيئة...الان يا ابي اعلن ولادتي فرحاً بالقادم الذي اقتص من ماض ما عاد له من وجود
الشيخ: ((يندب حظه))
يا لخيبتي لا يمكن ان يضيع كل شيء بهذه السهولة سابحث عن منجاة لولدي..
((يصرخ)) ....يهوذا الى اين تقتاد ولدي هذه المرة لا يمكن ان اسمح لك ان تتركه وحيدا تبتلعه الذئاب، عد الي يا ولدي واياك ان تسمع منه.
يهوذا: ستفضح الرياح بشاعة ما تعتقدونه صوابا فيه، ويل لكم بما اخترتم وهنيئا لكم بما تلقون
زليخا: ((تحاول طمانة الذئب باية وسيلة))
نم يا صغيري على حجري كي تتوسم خلاصك من انبعاثات جسدك الحي الذي لم يعرف النور ابدا.
المستذئب: ويل لي...ويل لي
زليخا: جسدي مسكنا لندمك، انظر الي ستجد ارضا واسعة ومروج خضر وازاهير منمقة واجواء من جنة عذبة طيب هواءها.
المستذئب: ((متوجسا)) وانى لي اقترابك يا زليخا، طعنة تهز جنباتي تحيلني الى ركام يذر عيون ذراري من بعدي يمنعني ان اجتاز كل ما تريدينه مني، مسافة هائلة من العدم تفصلني عن نوازع ذاتي المتناحرة، قبائل وحروب، ضحايا وكوارث صراخ وموت وشر مستفيض ووحول آسنة، انى لي اقترابك يا زليخا.
زليخا:: ((مستبشرة)) بل تستطيع، انى لجميع البشر قوتك وجمالك وانى لهم ضعفك وخوار نفسك فتهيا لخطر قادم ان لم...
(تسكت متوجسة)
المستذئب: ((يقاطعها)) ان لم ماذا...
زليخا: ان لم تصغي لنواقيسك التي اكلها الصدا
المستذئب: ((يبدا برمي ما عليه من ملابس ليظهر بهياته الذئبية))
ساصغي فاقرعي يا زليخا ساصغي فرممي عظامي بشجن العوز المزمن الذي سرق راحتي، تعسا لكل المرايا التي ابتذلت روحي حد الهوان، لا اريد من يذكرني بي.
((يقترب من زليخا المستلقية ليقعد منها مقعد الرجل من امراته))
زليخا: مرحى لهذا العطش المتوقد في خبايا ما كتبته السنين فيك
المستذئب:سارمي ما علي الان كي اقطف تفاحة اخرى مسطورة في لوح ابي.
زليخا: مرحى
المستذئب: طيبة عذبة هوائها
زليخا: مرحى
الشيخ: ((يحاول منعه)) كلا.. ((صوت رعد وهبوب رياح عاتية))
يهوذا: بل دعه يا ابتي ما كان لك ان تفرق بين ابناءك في شخص يوسف، جميعنا ابناءك، السن يعني السيادة وانا احق بها منه، الان ما عادت لاخطائي اية قيمة امام ما ترى
الشيخ: ((بسخرية)) ارى..بوسعي الان انقاذه حتى لو كلفني ذلك قتله.
يهوذا: قتله...كلا لن اسمح لك. هو اخي لا احد يقربه حتى لو كنت انت يا ابي. اتركه اتوسل اليك.
الشيخ: ((يكلم المستذئب)) استحلفك بالله ان لا تقربها، المراة ليست مصيرك المحتوم فدع قضاء غير قضاءك يستبد اللحظة الحاضرة، جنب نفسك اقدار النساء، ابتعد عنها ما استطعت فلن ترى النور بعد الان، العزلة خير دواء لك فتنصل مما انت فيه وعد الى هذه الصحراء التي استوعبتك صغيرا ولفظتك رجلا يشق طريقه نحو الخلاص.
يهوذا: ((يحول بينه وبين المستذئب وما يفعله))
ويلك ابي، لقد ضقت ذرعاً بافعالك التي تنقص من اقدارنا بين الناس، لن اسمح لك بعد الان من الاقتراب منه، يوسف لي انا وهو حصتي فيما اريده، سيعيدني الى زمني بهامة ملؤها الفخار فتنح جانبا ايها الشيخ الضرير، دع اخي واترك ولدك يشق عصاه بعيدا عن قضاءك.
الشيخ: ليتني وادتك صغيرا، اخاك في امس الحاجة الى المساعدة في شخص هذا الذئب وانت تدفع بدا تمتد اليك طلبا للنجدة.
((يتجه ببصره نحو الذئب الذي اخذ يقترب من زليخا ليصرخ))
يوسف...يوسف...يوسف
المستذئب: ولكن الصوت
زليخا: ((تحاول مشاغلته عن سماع نداء الشيخ))
انها الصحراء فيما تحمله من اصداء
المستذئب: ((يتردد)) بيني وبينك هذه الصحراء فاحتملي جحودي ان انا اذنبت في ترددي في الاقبال عليك.
زليخا: اقترب
المستذئب: بيني وبينك مسافة من الحنين المضمخ بالالام فاحتملي.
زليخا: اقترب
المستذئب: بيني وبينك اشرعة ممزقة ومرافى ثكلى وانا فيما اقصد.
زليخا: روحي فداء لما تريده فدع هواجسك جانباً واتبع خطى تريدها.
يهوذا: ((جذلا بنصره المؤكد))
يا حراس القصر لا تدعوا احد يقرب صومعة الامير، فليلة كهذه جديرة بان لا تنتهي، اسقوا ظمأ الشعب فيما يرنو اليه واطعموا كل ما تطاله ايديكم فلا جوع بعد الان ولا سنوات عجاف هو النصر فاقتربوا..هو النصر فانتبهوا.
الشيخ: القادم في ان لا تكون ستروي دماءك خنجرا قد اصطنعته ليوم لن ترى فيه النور.
((يقترب الشيخ من يهوذا وهو يخفي خنجراً في يده))
يهوذا: مرحى...مرحى ((متجها نحو الشيخ)) مرحة بنصري يا ابتي، الولادة الان والان الولادة البشرى يا ابتي ((يحتضنه))
الشيخ: ((يطعنه)) بل الموت الان ولا شيء غيره تنعم بهذا الدم المراق ودع اخيك يسكن لقضاءه.
يهوذا: ((يتمرغ مقتولا)) البشرى يا ابتي.
زليخا: البشرى.
الشيخ: لابد لي من اللحاق بركب ولدي قبل ان يصل مصر ويحدث الذي سوف يحدث ((يصرخ))
يوسف....يوسف
زليخا: ((تحاول ابعاد المستذئب عن نداءات الشيخ))
دع القافلة تسير لوجهتها لا يمكن ان يعترضها احد
المستذئب: القافلة
زليخا: حشد من اللصوص، اقترب اكثر لن اسمح لاحدهم بان يقربك انت لي، ساشتريك بكل ما املك من مال وجاه وخدم. مصر تنتظرك فدع قافلتك تسير بامان هو اماني وطمانينة هي طمانينتي.
المستذئب: ((يطلق صرخة مستذئبة تعبر عن نشوة اللقاء بزليخا))
زليخا: ها هي الابواب تنفتح، مصر جميعها تنتظرك بفرح غامر...خزائنها...عروشها...سلطانها
المستذئب:زليخا
الشيخ: ((يصرخ) ولدي اياك
زليخا: بل اياك.
الشيخ: (( يدور وسط الجب عله يعثر يوسف وسط ظلام الجب))
المستذئب:زليخا
الشيخ: لن ادعك يا يوسف قبل ان ((شاهرا خنجره نحوه))
زليخا: قبل ان ماذا يا حبيبي ((معتقدة يوسف فيما قاله الشيخ))
الشيخ((يطعن المستذئب في ظهره))
قبل ان ترتوي بدماء اخيك
((يسقط المستذئب جثة هامدة على صدر زليخا بلا حراك))
المستذئب: ((يلتفت اخيرا الى الشيخ))
أ...أ..أبت..أبتي
الشيخ: ((يحتضنه))
ولدي الان فقط ابصر نورا قد اصطنعه نور وجهك
زليخا: ((تصرخ))
يوسف....يوسف
((صوت رعد شديد ثم يعقبه المطر حيث زليخا تدور وتدور بحثا عن يوسف اخر كالمجنونة))

"انتهت"



#مثال_غازي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية مكانك ايها السيد
- مسرحية ليلة ماطرة
- مسرحية بانتظار فلاديمير


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مثال غازي - مسرحية دم يوسف