أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مثال غازي - مسرحية ليلة ماطرة















المزيد.....


مسرحية ليلة ماطرة


مثال غازي

الحوار المتمدن-العدد: 4677 - 2014 / 12 / 30 - 01:07
المحور: الادب والفن
    


بقلم الكاتب المسرحي (مثال غازي)
المشهد الاول
عبارة عن منزل قديم-اب-ابنة-ابن، ام تدور طول الوقت كما النادلة توزع الاطباق بصمت حيث الجميع ياكل بنهم شديد.
نشعر بتوتر الاب وقلقه ازاء لامبالاة الابن والابنة (صوت رعد)

الاب: (بفارغ الصبر) عليكم ان تحترموا الوقت الذي تعيشونه
(صمت)
ليس بوسعكم سوى ان تحترموا الوقت الذي تعيشونه
(صمت)
ولكن الوقت يمر دون حتى ان تعيشونه
(صمت)
(يضيق ذرعاً وهو يتذوق الطعام بصعوبة)
ربما علي ان افعل شيئاً
(يصرخ)
ملح
الابنة: (وهي تتذوق الطعام بصعوبة)...م...م...ملح
الابن: (بتوسل وهو يذوق الطعام).....م....م....ملح
(تمر الام بين الاطباق لتضع الملح في الصحون)
الاب: (وهو ينظر الى السقف)
ان الامر يزداد سوءاً ربما قبل ان ياتي الصباح
(صمت)
او ربما بعد ان ياتي الصباح، لا ادري
(صمت)
ربما قررت وانتهى الامر، اللعنة على مجيء الصباح قبل كان ام بعد.
الابنة: بابا... لم نعد نعرف متى ما ستقرر شيئا لتفعله، قبل ام بعد ان ياتي الصباح.
الاب: لا اعرف، ولكن علي ان اقرر وفي الحال رغم اني لا اعرف مرة اخرى، فالامر يزداد سوءاً، كما ان الوقت يمر دون ان تعرفوا مغبة الوقت الذي تعيشونه وبسوء.
الابن: (وهو ياكل) ابي لم نعد نعرف ماذا ستقرر ولاي شيء، كما اننا لا نعرف أي امر ذلك الذي يزداد سوءا، فلا شيء يدعو الى القلق سوى...قلة الملح
(يحاول الابن شيئا اتجاه اخته)
الابنة: (تصفعه) بل لا شيء يدعو الى القلق سوى قلة الادب
الاب: (وهو ينظر الى السقف) ولكن الوقت يمر بسرعة وليس بوسعنا ان نعيشه ولكن بسوء، فالجو غائم ولا استطيع ان اقرر شيئاً الا بعد ان يحل في الامر سوءا...ف...ف
الابنة: (باستغراب حيث تسقط الملعقة من بين يديها فزعة)
ف....
الابن: (بخوف) ف....ف...ف...ماذا يا ابي
الاب: الا بعد ان يحل في الامر سوءا...ف...ف...فتمطر، فالليلة غائمة وذلك ما ينذر بالسوء
الابن: (ينظر الى اخته)
ولكن اليس جميلا ان تكون الليلة غائمة ومظلمة
الاب: (بعصبية) هو ليس جميلا ما دام المطر على الابواب
الابن: ولكن اليس جميلا ان تمطر الليلة
الاب: (يصرخ) ثمة ثقب في سقف المنزل سيفضحه المطر ايها الاغبياء
الابنة: ربما علينا اصلاحه، اليس كذلك يا ابي؟
الاب: ليس هناك وقت كاف لاصلاحه، فربما هناك المزيد منها.
الابنة: ومالذي يتوجي علينا فعله في هذه الاثناء
الاب: ان ننتظر على الاقل سقوط المطر لنعرف عدد تلك الثقوب اللعينة
(صوت رعد)
(يصاب الاب بغصه في الطعام من الخوف وهو يصرخ مختنقاً)
ماء
الابنة: (مستغربة) ماء ام مطر
الاب: (يصرخ وهو يختنق)...ماء...ماء ايها الاغبياء
(تاتي الام مسرعة لتسقيه القليل من الماء حيث يشعر بالراحة)
اللعنة
الابن: (دون اكتراث) لا عليك يا ابتي فليس هناك ما يخيف، فالمطر لن يسقط الان
(صمت)
الابنة: (تصغي فجاة حيث تتوقف عن الاكل، حيث الكل ينتبه اليها)
الاب: ماذا
الابنة: اسمع شيئا
الاب: (باهتمام بالغ)....ماذا
الابنة: (تترك المائدة وهي تبحث عن مصدر الصوت الذي تسمعه)
شيئا ما اسمعه
الاب: (يدور خلفها قلقاً) شيء ما تسمعينه
الابن: (خلفهم) هل انت متاكدة
الابنة: متاكدة...وهو يسقط ايضا
الاب: (يصرخ) يا الهي
(يحتمي الجميع تحت الطاولة)
الابن: ولكن لا شيء يسقط حتى الان
الابنة: ولكنه يسقط
الابن: عن ماذا تتحدثين
الابنة: (تخرج ويخرجون من تحت الطاولة)
هو في مكان ما
(تبحث في ارجاء المنزل والجميع خلفها)
الاب: ما
الابنة: يسقط
الابن: (بنفاذ صبر)...اوه...واي شيء هو الذي سوف يسقط
الابنة: هنا
الاب: (بفزع) هنا
الابنة: او ربما هناك
الاب: هناك
الابنة: عليكم ان تنصتوا
الاب: (بنفاذ صبر) الى ماذا
الابنة: للذي اسمعه ويسقط
الاب: (يردد خلفها) للذي تسمعينه ويسقط
الابنة: (تهزه) بابا...
الابن: (يصرخ) فليسقط
الابنة: ربما هناك من ترك انبوب الماء مفتوحاً
الاب: (بغضب) يجب اغلاقه وفي الحال . اللعنة على كل شيء. من السخرية ان لا يرعبني شيء في هذا العالم غير بضعة قطرات من الماء يسفحها انبوب الماء.
(صوت الرعد)
وصوت الرعد ايضا
(يعود الجميع الى الطاولة لمعاودة الاكل حيث الاب اخر الجالسين وهو ينظر الى السقف بقلق)
(صمت)
الاب: يجب ان نفعل شيئاً
الابنة: مثل ماذا فالامر لم يصل الى مستوى ان نفعل شيئا، فالمطر لم يسقط حتى نفكر ما نفعله بعدها.
الاب: ولكن الليلة غائمة وبالضرورة سوف تمطر
الابن: ولكن ربما بالضرورة ان لا تمطر وقد لا يتحقق شيئا من ما نخافه
الاب: (بعصبيه) ولكنه سيحصل
الابنة: فليحصل يا ابي، فربما لم يكن هناك ثقب كما قد لا يكون هناك اكثر من ثقب، كل شيء في دائرة الافتراض، ربما انت تبالغ كثيرا في حجم المشكلة يا ابي.
الاب: لم اعد احتمل فليحدث ما يحدث، ولكن بسرعة
الابن: (ينبهه) ولكن من السوء ان يحدث ما تريده سوءا وبسرعة
الاب: اقصد لا اريد سوى ان يتوقف ما لا نريده، وفي الحال ان سقف المنزل مهترأ تماما وهو قد لا يحتمل المطر وسقوطه كما ترون.
الابن: (فجاة يشعر بشيء ما يسقط في كاسه، ينظر الى السقف باهتمام بالغ دون ان ينتبه اليه احد، فيصرخ)
ماء
(تقوم الابنة بضرب ظهره من الخلف، تاتي الام اليه بالماء لتصبه في الكاس، ليصرخ)
مطر
الاب: (بفزع) ماء ام مطر
الابن: (مشيراً الى الكاس) انظروا الى هنا
الاب: ماذا
الابن: (مشيراً الى السقف) انظروا الى هناك
الابنة: ماذا
الابن: (يرفع الكاس عالياً في السماء وهو يقف فوق الطاولة)
وثمة قطرات تسقط من السقف تباعاً على الكاس، الجميع يجتمع حوله باهتمام بالغ وهو يصرخ)
انه المطر
الاب: (يصرخ)....اللعنة
اتعم الفوضى بهستيرية بالغة داخل المنزل، تهب الام فزعة لتحمل الاطباق من على المائدة)
الاب: (يصرخ) يجب ان نفعل شيئا والا غرقنا جميعا
الابنة: يجب ان نفعل شيئاً
الابن: شيئا علينا ان نفعله
الاب: (يعد الثقوب) ثقب واحد
الابن: (يعد خلفه) واحد، شيء حسن ان يكون في السقف ثقب واحد
الاب: انهما اثنان
الابن: اثنان، شيء سي ان يكون في السقف ثقبان
الابنة: بل ثلاثة
الاب: يا الهي
الاب: يا الهي
الابن: ثلاثة، اذن هي الكارثة
الابنة: اربعة
الاب: يجب ان نفعل شيئا وفي الحال
الابن: كاس هنا
الاب: هنا
الابن: كاس هناك
الاب: هناك
الابنة: المزيد من الكؤوس يا ماما
(تهب الام لتوزيع الكؤوس على العائلة، حيث يحاولون ان يتقوا بها قطرات المطر الساقطة من على السقف، حيث يبقى ثقب واحد لا كاس له، فتبقى الام تحته تمنع بجسدها وراسها سقوط المطر على الارض)
الاب: يجب ان يكون كل شيء جافاً
الابنة: جافاً
الاب: وقوياً
الابن: وقوياً
الاب: يجب
الابنة: يجب
ان الثقوب تزداد ونحن لا نكفي جميعا لتجنب سقوطها على الارض لكي يظل كل شيء في هذا المنزل جافاً وقوياً
الابنة: ماذا لو كانت لتزداد
الاب: يا الهي...لا تقولي هذا
الابن: انها تقول لو...لو...يا ابي
الابنة: كان علينا ان نشتري العديد من الكؤوس يا بابا
الاب: كان علينا...بينما الليلة قد تطول، عليكم جميعاً ان تشعروا بحجم المسؤولية وتنتبهوا لكل قطرة تسقط من السقف علينا ان نصمد جميعا، فالليلة قد تطول (يقولها بحزن)
الابن: انه خبر كبير كما يبدو وبقدر حجم كارثة صغيرة، اليس كذلك يا ابي؟
الاب: لن اسمح لاحد بان يهدر قطرة واحدة كي تسقط على الارض، اياكم
(يصرخ)
اياكم، هل تسمعون انه قراري ولن اتراجع عنه
الابن: اليس في القرار نقض
الاب: (يرمق الاب ابنه بعصبية)
الابن: حسناً لقد فهمت انه قرار غير قابل للنقض
الابنة: كما ان الليلة قد تطول
الابن: حينها لا يهم ان نبقى لساعات ربما او لشهور واقفين هكذا باتجاه ان لا تسقط قطرة واحدة من السقف
الاب: اني احذركم...يجب ان يكون كل شيء
الاب: جافاً وقوياً
الابنة: جافاً وقوياً
الاب: في صحة الجميع
(الجميع يشرب ما في كؤوسهم)


المشهد الثاني:
(الجميع يقف كما التماثيل لفترة طويلة وهم يرفعون الكؤوس عاليا حيث يعتلون مائدة الطعام)
(صمت)
الابنة: لقد تعبت
الاب: اعرف ذلك
الابن: (دون ان يتكلم ليعبر عن حجم معاناته والمه)
الاب: (وكان قد فهمه) اعرف ذلك، ولا داعي لان تتذمر طويلا
الابنة: هل علينا ان ننتظر طويلا
الاب: هي الليلة فقط
الابنة: وكانها قد لا تنتهي
الاب: ستنتهي
الابنة: ولكن الكاس بدا يمتلأ
الابن: وما الذي يتوجب علينا فعله فيما لو امتلأ
الاب: بامكان فمك ان يتسع لمحتوياته ان اردت، فالوقت الذي يستغرقك لافراغه بعيداً عن مكانك يكلف بضع قطرات سوف تزيد المكان رطوبة وربما سنغرق بها رويداً رويداً
الابن: اذن!
الابنة: اذن!
الاب: اذن في صحة الجميع
(الكل يشربون كؤوسهم، عدا الام حيث تعطس بشدة من البرد)
الاب: ليرحمنا الله
الابنة: جميعاً وبلا استثناء فان المطر يزداد ويزداد حتى لا اظنه سيتوقف هذه الليلة، سنملأ منه الكثير من الكؤوس كما سنملأ في بطوننا منه الكثير
الابن: ولكن، ماذا لو لم ارد افراغه في فمي، هل من بديل؟
الاب: البدائل كثيرة، هو ان تفرغه في فمك ايضا.
المطر كثير والكؤوس قليلة واسئلتكم كثيرة
الابنة: الا توجد هناك وسيلة لاصلاح السقف الان
الاب: من المستحيل اصلاح السقف الان، فليس علينا سوى الانتظار
الابنة: وربما البلل
الابن: والزكام
(تعطس الام)
الابنة: وامي
الاب: (يحاول تجاهلها) في صحة الجميع
المهم ان لا تسقط قطرة واحدة، وهذا من ما يجعلنا دائما جافين واقوياء
(تعطس الام مرة اخرى)
الابنة: باستثناء واحدة طبعا
الاب: اقصد في الغالب اننا كلنا جافين واقوياء، مع قليل من التضحيات
الابن: (بعصبية) المهم ان تنتهي هذه الليلة سريعا
الاب: ما دام كلاً منا يؤدي واجبه في حماية هذا المنزل (يلتفت الى الام)، طبعاً كل على طريقته الخاصة لنمنع هذا البلل، لنقف جميعا صامدين امام خطر تلك الثقوب فحسب
الابنة: ولكن هل علي ان اقف طويلا بانتظار قطرات تسقط في كاس احمله
الاب: يجب ان تعتادي على ذلك
الابنة: ولكني لم اعد استطيع يا ابتي
الاب: بل تستطيعين ان كان هو الملل ما يتسرب اليك، فبامكانك ان تتبادلي وموقعك مع اخيك كي لا يصيبك الملل.
الابن: فكرة جيدة
الابنة: والماما
الاب: هي لم تطلب ذلك كما تطلبوه، كما انها لا تملك كاسأ مثلكم
الابنة: يبدو ان اللعبة ستكون صارمة حتى على الماما
الاب: لكل شيء قانون، هذا هو النظام، بامكانكم ان تتبادلوا الاماكن فيما بينكم، ولكن اياكم ان تخرقوا قانون اللعبة في ان لا تسقط قطرة واحدة على الارض والا...
(يتبادل الابناء اماكنهم بفرح لكسر الملل)
الابناء دائما هم الابناء
(بعد فترة من الزمن)
الابن: لقد امتلأ الكأس مرة اخرى
الاب: اشربه
الابن: ولكني لا اريد
الاب: بل تريد
الابن: (بسخرية) هل ثمة سفينة في الجوار
الابنة: عن أي سفينة تتحدث
الابن: صدقا، هل ثمة سمك في الجوار
الابنة: مجنون
الابن: لقد تذكرت، فانا بحاجة الى زورق ومرفأ وطيور نورس كي ابتلعها جميعاً كي ارسم في بطني خارطة لمحيط الماء، (يسال)
ما بالنا لو انتفخنا جميعا كما المحيطات بهذا الحجم الهائل من المطر المتساقط من السماء او ربما من السقف،
الا تدرك يا بابا حجم المحيط
الاب: ليس بوسعي حساب الليلة، كفى هذياناً
الابن: بل لا هذيان سوى الليلة، سيكون بوسعك حساب هذه الليلة وحتى الصباح، فالمطر يشتد وكان المطر قد اختار منزلنا المهتري ليسقط عليه، ثمة خيانة في التوزيع الجغرافي لحجم تلك الغيوم
(يمسك الابن شوكة ليحاول غرزها في بطنه)
(يصرخ)
خيانة
ماذا لو امتدت رقعة تلك الثقوب فكان هناك ثقب اخر في المنزل لا تعرفه، ماذا لو ظهرت الثقوب فينا وليس في السقف
الاب: هراء
الابنة: انه يهذي هذا البالون المنتفخ بالماء
الابن: (يصرخ) ماذا لو كان في المنزل سمكة صغيرة لاستطاعت ان تختصر حجم هذا الالم وهذا العذاب
الاب: اتكالي
الابنة حقير
الابن: (يلتفت الى امه وهي ترتجف)...والماما
الاب: انت لم تطلب مني ذلك قبلاً، في ان احضر لك سمكة ايها التافه الغارق حتى اذنيه بالماء
الابن: ماذا لو استمر المطر بضعة ليال
الاب: (يصرخ) ليس علينا سوى الانتظار
الابن: (يتوسل) ولكني لا استطيع
الاب: بل تستطيع
الابن: سيتحول بيتنا الى حوض سباحة وربما الى...
الاب: الى ماذا؟
الابن: الى حوض اسماك
الاب: انت تهذي
الابن: اهذي، ولما علي ان اهذي وفي بطني ما يكفي بحراً، الا تستطيع ان تخبرني لما علي ان اهذي
الاب: يجب ان يظل كل شيء جافا وقوياً هذا ما اريده ان يبقى دائما..جافاً..وقوياً هكذا كما كان
الابنة: ولكننا جميعاً نشعر بالتعب والارهاق
الاب: لا يهم الجنود دائما يخسرون شيئا من دماءهم
الابن: ولما على الجنود ان يخسروا شيئا من دماءهم، فما الذي يربحونه.
الاب: كي يبقى كل شيء في مكانه
الابن: (يضحك) بينما هم يخسرون شيئا من دماءهم...يا للغباء
الاب: انت لا تعرف شيئا
الابن: المهم اني لا اريد ان اخسر شيئا. ثم لماذا علي ان اخسر دائما بينما هناك من يربح دائما...(يتوسل) ابي
الاب: (يصرخ) ماذا
الابن: لا اريد ان يبقى كل شيء في مكانه كما اني لا اريد ان اخسر، كما اني اشعر بالجوع الان كما اشعر بالعطش
الاب: رغم كل ما شربت..لابد انك تهذي
الابن: انه البحر يا ابتي، انت لا تعرف ما معنى ان يكون البحر في داخلك حيث يتحول الشاطيء بحرا، فلا بحر يخاف المطر، ولا اسماك تخاف الماء، ثمة نقطة ضوء هنا فالتسقط، بل ثمة نقطة ضوء هناك فالبحر قويا لا يخاف من ثقب في جدار من مطر في السماء، البحر قوياً يا ابتي فلا يمكن لقطرة ان تجعله ضعيفا، رطباً، زلقاً، لا بحر يسقط ولا اسماك تخاف المطر...(يصرخ) ماء..
في بطني اسماك تسبح، ساطلقها للبحر حيث الشاطيء والشمس وسماء اخرى غير سماءك يا ابتي
الابنة: لم نعد اقوياء كالسابق
الابن: لم يعد كل شيء جافا وقويا كما يريد ابي
الابنة: بابا...ثمة شيء هنا يسقط (تشير الى بطنها)
الاب: فليسقط ما دامت الارض غير مبللة وغير رطبة وغير زلقة
الابن: ربما علينا ان نفكر في توزيع جديد لجغرافيا الامكنة على المائدة يا ابتي، فلابد من التغيير
الاب: (ينهره) كفى هذيانا، فلا تغيير قبل ان ياتي الصباح
الابن: (بحزم) بل لا تغيير بعد ان ياتي الصباح
الاب: والثقوب والمطر والمنزل
الابن: (يفقد صبره) فليذهب كل شيء الى الجحيم، فنحن بحاجة الى الماء قبل ان نشتري سمكة وزورقاً وشاطيء جميل، فالماء يجعل من كل شيء حياً وجميلاً.
الاب: والمنزل ايها الاحمق من الداخل
الابن: وماذا عن الحياة في الخارج، ستجد اختي هناك شاطئاً جميلا وبحرا ورجلا ينتظرها هناك، اما انا فاجد امراة تنتظر رجلا على شاطيء يطل على البحر كي ارى ما يفعلانه خلف الصخور. وانت عليك ان تعثر على رجلا يقف خلف صخرة وهو يراقب امراة تنتظر رجلا على شاطئاً يطل على البحر
الاب: مجنون
الابن: بل جائع
الاب: ليس بعد ان ينتهي كل شيء
الابن: بل قبل ان ينتهي كل شيء
الاب: المهم ان نكون جافين واقوياء
الابن: واغبياء
الابنة: (تنظر الى امها) ولكننا لم نعد اقوياء
الاب: ولكننا جافين
الابن: اذن
الاب: اذن
الابن: اذن عليك وحدك من يحافظ على كل شيء في مكانه ما دمت انت الوحيد الذي لم يخسر في النهاية
الابنة: والماما
الاب: في صحة الجميع
(صمت)
الابن: لماذا علي ان احمل كاساً ان كان بامكاني ان احمل مظلة...(يقرر) ساغادر
الاب: (بخوف) ماذا
الابن: ساغادر
الاب: الى اين؟
الابن: لابحث عن مظلة
الاب: ومكانك وموقع الثقب ومكان سقوط المطر
الابن: علي ان افكر فقط الان بمظلة ولا شيء غير ذلك
الاب: (يهدده) ولكنني احذرك في ان تترك مكانك
الابن: (يضحك) انت لا تستطيع ان تفعل شيئا، فكل شيء في مكانه، تلك هي العلة يا نفسك، فانت لا تستطيع ان تترك مكانك كما الجنرالات الذين لا يخسرون دائما شيء من دماؤهم بينما الجنود ينفقون تحت سرف الموت
(يصرخ) فانا الان الوحيد هنا فلا اسمح لاحد بمغادرة مكانه بينما انا اغادر مكاني
الاب: ايها اللعين
الابن: كما انني الان اتحرر من كل شيء (ينظر الى اخته) كما ان بامكاني ان افعل كل شيء ارغب به واريده
الابنة: حقير
الابن: بل ابحث عن مظلة
الاب: ويلك
الابن: بت اكره ان اكون جافا كما الاخرين، فحين تكون جافا تكون قويا، وحين تكون قويا سيكون من اسهل ان تكسر، لذلك بت اكره ان اكون قويا كي اكسر، لقد قررت ان املك مكاني لاقرر في ان يكون جافا او ليس جافا، اليس ما اقف عليه هو جزء من حقي في هذا البيت، انا الوحيد الذي يقرر ان يكون مكاني جافاً وقوياً من عدمه يا ابي وليس انت
(تنهار الام فجاة على الارض من البرد، يحاول الابن والابنة محاولة انقاذها)
الابنة: (تحاول ترك مكانها) ماما
الابن: (يصرخ) ماما
الاب: (يحذرهما) اياكم، اني احذركم ان اسمح لاحد منكم بمغادرة مكانه فالماما..وان كانت قد انهارت فهي لازالت في مكانها وعليكم ان تفهموا هذا جيدا
الابنة: هي تسقط يا ابتي
الاب: فلتسقط..فهي في مكانها وانتم في مكانكم حتى ياتي الصباح
الابنة: ولكنها تموت
الابن: لابد ان نفعل شيئا
الاب: لم يتبقى شيئا لمجيء الصباح،عليكم ان تصمدوا ولا تدعوا عواطفكم سببا في انهيار هذا المنزل وغرقه بالماء ارجوكم، فالقليل من التضحيات لا تضر
الابنة: ولكنها تضر الماما
الابن: مناسبة جميلة ان يسقط المطر وتتضح الثقوب ليزداد الامر صعوبة كي نفكر فيما نريد او لا نريد
لكل منا مكانه، لكل منا رغبته، لكن منا ما يريد، لن تترك لنا الكارثة شيئا، علينا ان نواجه المطر، نواجه الغيوم، نواجه السماء، لا ان نواجه تلك الثقوب اللعينة، فالمطر اجمل من ان يكون كارثة، اما الثقوب فهي اصغر من ان تسع احلامنا في التغيير في ليلة شتائية باردة
الابنة: يجب ان نمضي من هنا وفي الحال، ومعنا الماما
الاب: (يحاول منعهم) هذا مستحيل
الابن: بل لا مستحيل بقدر الرغبة في المحاولة، انت خائف يا ابي
الاب: هل ثمة فسحة من الوقت، فالوقت يمر والكارثة شارفت على الانتهاء
الابن: بل الكارثة شارفت على الابتداء
الاب: ماذا لو كانت تلك الثقوب لتمنحنا اشعة من دف الشمس غدا بعد هذه الليلة
الاب: ماذا لو كانت السماء خارجا تمنحنا الفرصة لبناء سقف نرمم تحته ثقوبنا
الابنة: يجب ان نترك كل شيء فالماما تسقط
الابن: ولتسقط بعدها كل تلك الكؤوس الصداة
الاب: ولكني احذركم
الابن: لا يهم..لا يهم يا ابي لابد انك تصم اذانك عن صوت انهيار السقف بعد قليل
الابنة: سنغادر
الابن: هيا
(يهرعان لاخراج الام من المنزل)
الاب: (يصرخ) سابقى..سابقى حتى لو كلفني ذلك حياتي
الابن: لكل منا رغبته يا ابتي...لكل منا رغبته

(يخرجان لينهار المنزل بعدهما)
النهاية



#مثال_غازي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية بانتظار فلاديمير


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مثال غازي - مسرحية ليلة ماطرة