أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين الموزاني - عندما يتحوّل الدين إلى سياسة















المزيد.....

عندما يتحوّل الدين إلى سياسة


حسين الموزاني

الحوار المتمدن-العدد: 4678 - 2014 / 12 / 31 - 21:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حسين الموزاني

عندما يتحوّل الدين إلى سياسية

مما لا شكّ فيه هو أنّ العلاقة بين الشرق الإسلامي والغرب المسيحي كان يغلب عليها طابع العداء والكراهية والحرب منذ نشوء الإسلام وإقامة دولة الخلافة الإسلامية وإلى اليوم، كما لو أنّ هذا الصراع المتعدد الأبعاد والأشكال أصبح قدراً لا فكاك منه. وقد بُذلت على مرّ العصور محاولات حثيثة لتوسيع النفوذ والتنافس بين الديانتين الإسلامية والمسيحية، وحتّى عبر شنّ الحروب الاستعمارية، ثم لحقت بهما الديانة اليهودية التي تحوّلت إلى أداة سياسيّة وعسكرية تستغلها القوى الغربية وتسخرها لتنفيذ أهدافها ومآربها. وكانت هذه الديانات السامية التبشيرية تحاول بشتى السبل إقصاء بعضها البعض وتهميشها، وقد بلغت هذه العلاقة المتوترة والملتبسة بين الدول الإسلامية والمسيحية مرحلة مخيفة من انعدام الثقة المتبادل في الوقت الراهن على نحو خاص. وتعرّض المسلمون، ومازالوا يتعرضون، وبغض النظر عن إيمانهم أو عدمه، إلى حملات تشويه مغرضة تستند إلى الأكاذيب وتزوير الوقائع التاريخية لغرض الحطّ من شأنهم وتسفيه معتقداتهم ومن ثمّ شنّ الحرب على بلدانهم وتدميرها وتشريد سكّانها مثلما حدث ويحدث في أفغانستان والعراق وسوريا.
وكان الكتّاب والمؤرخون الغربيون، ما عدا استثناءات قليلة، يكنون العداء السافر للإسلام وكتابه ونبيّه، ويشوهون عن عمد الوقائع التاريخية الثابتة ويروجون الإشاعات والأكاذيب عن سكّان المشرق، والعرب منهم بصورة خاصة، ومعتقداتهم وحياتهم الاجتماعية. فنرى البعض يصفهم في القرون الوسطى بأنهم منحلون اجتماعياً وكلّ من يضع عصاه على باب دار يحقّ له أن يقضي وطره مع صاحبة الدار، مثلما كتب الألماني يوهان بويموس في مطلع القرن السادس عشر. وقال إنهم فاسدون وكسالى ولا يعرفون التجارة والصناعة ويعيشون في بيوت متداعية وخالية من الحماية ويعتاشون على الأفاعي ولحوم الإبل ويرقدون كلّهم رجالاً ونساءً وأطفالاً في فراش واحد ويخوضون الحروب مع بعضهم البعض لأسباب تافهة. ووجدت هذه الأحكام المسبقة والتصورات المشوهة عن العرب سبيلها لدى طائفة كبيرة من الكتّاب والمفكرين والسياسيين إلى يومنا هذا. واستعرض إدوارد سعيد في كتابه "الاستشراق" بعضاً من مظاهر العداء للعرب في كتابات الغربيين.
بيد أنّ واقع الحال يتحدث بلغة أخرى، مختلفة تماماً ويقدم صورةً ناصعةً للعرب، باعتبارهم صنّاع حضارة ومؤسسيّ ثقافة جديدة وديناً شاملاً ولغةً فكريةً وأدبيةً رصينةً، مازالت حيّةً ومتجددةً إلى يومنا هذا. وساهموا مساهمة فعّالة في إحياء الفلسفة والعلم الإغريقيين، ممهدين الطريق إلى حقبة التنوير الحاسمة التي شهدتها القارة الأوروبية. ويعترف البعض بفضل العرب في اكتشاف العلوم الحديثة وبراعتهم في الطبّ والرياضيات والجغرافيا والفلك والفلسفة والأدب وعلم الاجتماع. وأحصى أحد الباحثين نحو مئتيّ مصطلح في مختلف المجالات العلمية والتطبيقية، انتقلت بدورها إلى اللغات الأوروبية وباتت متداولةً إلى يومنا هذا، ومنها الجبر والكيمياء والكحول والصكوك البنكية والملاحة البحرية وفنون الحرب وما إلى ذلك. وانتشرت هذه المعارف في جميع أنحاء القارة الأوروبية عبر اللغة اللاتينية ثم الفرنسية والإنجليزية فالألمانية.
لكنّ هذا التأثير الذي كاد أن يكون أحاديّ الجانب والذي مارسه العرب على أوروبا اختفى شيئاً فشيئاً في عهد السلطنة العثمانية بصورة خاصة، واكتشاف الأوروبيين "لإرثهم" الإغريقيّ القديم فصاروا ينقلون عنه مباشرة، دون المرور بالعرب الوسطاء ونقلة الحضارات القديمة. فخبا بريق العرب وتلاشى دورهم واضمحل وتحولوا إلى مجرد أثر ماضوي يلهب مخيلة الرومانسيين والشعراء الحالمين بعوالم ألف وليلة وليلة.
ونحن لا نرى في الوقت الحاضر سوى الانحطاط وانعدام دور العرب، ونعني هنا الأنظمة العربية بالدرجة الأولى، في صياغة الوعيّ البشري الشامل وإقامة الأنظمة الاجتماعية المتكاملة، الاشتراكية منها أو الرأسمالية، على غرار ما فعله ويفعله الأوروبيون والآسيويون والأمريكيون. وهناك من يلقي بالذنب على عاتق إسرائيل والصهيونية العالمية وآلتها الدعائية العملاقة الرامية إلى تشويه صورة العربي بغية تسهيل عملية الإجهاز عليه، دون مراجعة الأخطاء الذاتية والأزمات الاجتماعية.
وسائل الإعلام الغربية تحاول جاهدةً أن تبرز ظاهرة التطرف والإرهاب وتلصقها عمداً بالعرب، دون أن تتعرض إلى أنظمتهم المرتبطة بالغرب سياسياً واقتصادياً وأمنياً وعسكرياً. فبات العربي مشبوهاً بسبب ذنب لم يقترفه أصلاً، وصارت تلصق به التهم الجاهزة، وأخذت وسائل الإعلام الدعائية الموجهة تتفنن في تفسير المصطلحات العربية مثل "النقاب" و"البرقع" و"الجهاد" و "الانتفاضة" و"الفتوى" و"القاعدة". وأضحت مصداقية العربيّ موضع شكّ أينما حلّ، وعليه أن يثبت براءته ونزاهته أمام الرأي العام ووسائل الإعلام، ويجدد الولاء لأنظمة الدول الغربية ومؤسساتها ويبرر سلوكه وتصرفاته، على الرغم من أنّ هذه الأنظمة تعترف بأنها هي التي تسهّل عملية التحاق المتطرفين الإسلامين في مناطق القتال ليقوم البعض منهم بعمليات انتحارية مثلما تؤكد اعترافات أحد المسؤولين الكبار في مكتب حماية الدستور الألماني، وذلك تحسباً واحترازاً لئلا ينفّذ هؤلاء المتطرفون جرائمهم الإرهابية في بلدان الغرب مثلما حدث مؤخراً في العاصمة الكندية أوتوا على سبيل المثال.
صحيح أن العرب، وبالأخص نخبهم السياسيّة والثقافيّة، يتحملون مسؤولية كبيرة في ترسيخ هذه الصورة القاتمة التي رسمها الغرب عنهم، لكنّ من الثابت أيضاً هو أنّ وسائل الإعلام الغربية تحاول بخبث وإصرار وبشكل يومي على تشويه صورة الإنسان العربيّ والطعن في كرامته ومصداقيته ومحاربته نفسياً وتهميشه ثقافياً وزعزعة ثقته بنفسه والإجهاز على روح المقاومة في داخله. فتحوّل الإنسان العربي الليبرالي المنفتح على الآخر، والمبدع العربيّ قبل كلّ شيء، إلى ضحية سهلة ومشروع لا ينضب لبثّ السموم الدعائية الغربية وشنّ الحرب بشقيّها العسكري والنفسيّ عليه وعلى شعبه وبلده وثقافته دون أدنى وازع أخلاقي أو مبرر قانونيّ.



#حسين_الموزاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إرهاصات الحداثة
- مفهوم الحرب لدى زيغموند فرويد
- سياسة منح الجوائز الأدبية في ألمانيا
- هل هناك هويّة ثقافيّة مشتركة في العراق؟
- حوار مع حسين الموزاني
- مفهوم الحرب لدى فرويد


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين الموزاني - عندما يتحوّل الدين إلى سياسة