أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يحيى محمد - حقائق اللاشعور















المزيد.....

حقائق اللاشعور


يحيى محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4674 - 2014 / 12 / 27 - 01:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يمتلك اللاشعور الكثير من الحقائق، ويمكن اجمال أبرزها عبر النقاط التالي:
أولاً: يعتبر اللاشعور -عموماً- حالة مرنة ونسبية، وهو يقبل الشدة والضعف، كما يقبل الزيادة والنقصان.
ثانياً: تختلف شدة اللاشعور ومرونته من فرد لآخر لدى الحالة الواحدة. فلكل فرد قابليته الخاصة فيما يتعرض إليه من حالات اللاشعور السابقة.
ثالثاً: ان الإنسان لا يشعر بكل ما يواجهه من الإحساس بالخارج، فهو يلتفت لبعض من ذلك دون البعض الآخر، رغم أنها تندس وتتسرب إلى عالم اللاشعور. كما لا يمكنه أيضاً ان يشعر بكل ما في نفسه من إدراكات، فالقسم الأعظم منها يبقى خفياً ومظلماً ضمن اللاشعور، وهو ما يجعل الوعي محدوداً ونسبياً. وعادة ما يستقطب الأخير كل شيء يثير اهتمام الفرد، أما خارج هذه الدائرة من أشياء فالفرد يمر بها مرّ الكرام، حيث تكون محجوبة باللاشعور، بمعنى أنها لا تندثر ولا تزول.
رابعاً: للاشعور حالات وصور عديدة، وقد يجتمع بعضها لإنتاج نمط محدد للسلوك. فقد يجتمع التطبع والإلفة والضغط الإجتماعي معاً لتكوين حالة سلوكية للفرد ذات خصائص معينة للاشعور.
خامساً: يطغى اللاشعور على أغلب حياتنا، فسلطته علينا أشد من سلطة الشعور وضغطه، فأعرافنا وعاداتنا وميولنا وأمزجتنا وتفكيرنا ومواقفنا وغير ذلك كلها تنطوي على نسبة أعظم لهذا العالم مقارنة بالشعور.
وجاء في الحديث: الناسُ نِيام فإذا ماتوا انتبهوا .. وقال تعالى: ((لَّقَد كُنتَ فِي غَفلَةٍ مِّن هَذا فَكَشَفنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ اليَومَ حَدِيدٌ)) . وتتحدث الآية الكريمة عن بعض الناس يوم القيامة كيف أنهم يتنبهون للحقائق التي غفلوا عنها في الدنيا. وتبدي الآية أن الحقائق شديدة الوضوح إلى الدرجة التي تجعل بصر الإنسان في غاية الحدة.
وبحسب ما يراه يونغ فان الوعي يشكل ظاهرة ثانوية تشيّد على الفعالية النفسية الأساسية التي تدعو اللاوعي إلى تأدية وظيفته، واننا نقضي الجزء الأكبر من حياتنا في اللاوعي: ننام أو نحلم أحلام يقظة.. ولا يليق بنا ان ننكر ان وعينا يعتمد على اللاوعي في كل وضع هام من أوضاع حياتنا. بل حتى من الناحية التاريخية فان اللاوعي يعود إلى زمن أقدم بكثير من الوعي، انه المعلومات أو المعطيات البدئية التي تؤدي إلى نشأة الوعي من جديد .
وهناك من يقرّب المعنى الذي يمكن ان تفعله حياتنا اللاواعية عبر وجود معرفة واعية لاشعورية، حيث يمكن ان تعبر عن نفسها بما يلي:
«أتحقق واعترف ان هناك عاملاً نفسياً فاعلاً في داخلي، يمكنه أن يضع في رأسي أكثر الأفكار غرابة، على الرغم من تمكنه من الافلات من ارادتي وحضوري الواعي بصورة لا تصدق، يستثير فيّ الأمزجة والوجدانات المفاجئة، ويدفعني إلى أفعال مفاجئة لا أستطيع تحمل مسؤوليتها، ويعكّر علاقتي مع الآخرين بصورة مزعجة. أشعر أني عاجزة في مواجهة هذا المعطى الذي دفعني ويحركني، والخطورة القصوى أني مأخوذة به مما يجعلني في دفاعي السيء عن نفسي أمامه لا أمتنع عن الاعجاب به» . ولدى يونغ ان المشاعر تعمل بشكل مستقل بذاتها «وتنبثق من اللاوعي متى شاءت، ولما كانت لا متمايزة وجزءاً لا يتجزأ من اللاوعي، فانها تُعرف بصفتها الناشئة أو الطفولية البدائية، الغريزية والبدئية. ويفسر هذا الأمر السبب الذي يجعلنا نشاهد الأفعال المتصفة بالمزاج المتقلب، والبدئية، والمندفعة في الأفراد الذين يبدون وكأنهم غرباء كلياً عن طبيعتهم كما نعرفها» .
سادساً: تمثل حياة الإنسان صورة من التفاعل بين الشعور واللاشعور، فكلاهما ضروري للحياة، وغالباً ما يجتمعان في موضوع واحد معاً، ولكن تختلف الجهة التي يتعلقان بها. وتتحدد هذه العلاقة التفاعلية بكون كل منهما يمهِّد لظهور الآخر، فعند ضعف أحدهما يقوى الآخر ويتسلط، وهو ما يفسر لماذا تظهر أحلامنا كثيرة عندما يضعف تركيز الوعي لدينا بسبب المرض والتعب الشديد، فعند تعب الوعي ينبجس اللاوعي.
سابعاً: انه سواء في العقل الظاهر للوعي، أو اللاوعي الباطني، فإن لكل منهما طبقات بعضها عميقة الجذور خلافاً للبعض الآخر. ففي العقل الظاهر تقف القضايا الأساسية للإدراك المنطقي كأقصى حالات الوعي العميقة، رغم انها تمارس دورها وفق العقل الباطن، ويظهر أثرها لدى الاستدلالات المنطقية. لذا فمن الأخطاء الدارجة الاعتقاد بأن العقل الباطن هو غير منطقي خلافاً للعقل الظاهر. وقد يُستدل على ذلك بظاهرة نصادفها كثيراً في الأحلام والغفوات، وهي ان المعاني الواردة فيها غير متسقة حقيقة، ومثلها أن اللغة الدائرة فيها تبدي أحياناً ليس لها معنى، بل مجرد لغو، رغم أننا خلال الأحلام والغفوات نشعر باتساق المعاني ومعنى اللغة بلا خلل. وبالتالي نجد الإختلاف واضحاً بين الوعي المنطقي لليقظة واللاوعي اللامنطقي للحلم. وهو مما لا
وهو أمر مؤكد، لكن للعقل الباطن علاقة أخرى منطقية، إذ لو كان هذا العقل غير منطقي دائماً لما أمكن تفسير كيف يمكن للبشر أن يمارسوا الاستدلال الصحيح حدساً من دون وعي بالخطوات المنطقية التي يتم فيها هذا الاستدلال.
وفيما يخص جذور اللاوعي الباطني فهي تمتد إلى مناطق غائرة كتلك المتمثلة بالدوافع اللاشعورية التي يصعب تحديد علتها، ومثلها الخواطر النفسية التي لا يعرف لها سبب محدد.
ثامناً: ينقسم اللاشعور إلى ثلاث مساحات أو عناصر مختلفة، هي: الفعل والإنفعال والتعتيم، كالذي عالجناه في مقالة مستقلة (انظر: العناصر الأساسية للاشعور)
تاسعاً: يسبق اللاشعور وجود الشعور. فالمراحل الأولية لحياة الإنسان تبدو على هيئة تصرفات لاشعورية. فالإدراك المقصود عندها مفقود وغائب. فرغم وجود الإدراك من التصورات البسيطة، إلا انها تفتقر إلى حالة الوعي، فيخرج السلوك اعتباطاً ويعبر عن إستجابة لمنبِّه مادِّي أو كونه إستجابة لمنبِّه غريزي.
ثم بعد ذلك ينشأ الشعور والوعي ويتنامى شيئاً فشيئاً. وتتخذ عملية النمو والتطور شكلين مختلفين؛ أحدهما كمي، والآخر كيفي. فالشكل الكمي للشعور يقتضي القوة والضعف، بمعنى أن الشعور يبتدأ ضعيفاً ثم يتطور فيصبح إحساساً شديد القوة. أما الشكل الكيفي فيعني خلق مجالات جديدة للشعور تبتدئ بشكل ضعيف ثم تتنامى بالشدة والوضوح وفقاً للتطور الكمي.
ومن أبرز حالات اللاشعور لدى الطفل ما يظهر لديه من الكلام المسترسل اللاواعي مع نفسه عندما يلهو مع ألعابه.
عاشراً: تنطبع لدى الإنسان في بداية نشأته جملة من الاعتقادات اللاشعورية نتيجة التأثر بعدد من العوامل، كالعادة والمؤثرات الخارجية الشديدة الوقع على النفس، فهي تنشأ بشكل إنطباعات نفسية تشمل حتى المعارف القبلية أو العقلية كالذي فصلنا الحديث عنها في دراسة مستقلة (انظر: المعرفة العقلية والانطباعات النفسية للطفل).



#يحيى_محمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعرفة العقلية والانطباعات النفسية
- الإعجاز الفلسفي للإدراك
- أوهام بيكون والاضافة الجديدة
- عذاب الآخرة والحفر في الصخر!
- المفكر الصدر ومذهبه الجديد في المعرفة
- إحياء.. تجديد.. إصلاح..
- وظائف الدليل الإستقرائي
- الفهم الديني ومنهج التوسعة والانفتاح
- العقيدة والرأي
- المسلك التوحيدي في الفهم والتفسير
- كيف فهم الصدر نظرية برنولي؟
- وجود الله أعرف من كل معروف!
- الاعتقاد القاتل وغياب الضمير (2)
- الاعتقاد القاتل وغياب الضمير (1)
- الإفتراض الآخر
- موقع جديد: فلسفة العلم والفهم
- ما الذي يمكن ان يقدمه الفهم الديني للعلم؟
- أساليب التوالد المعرفي (قراءة نقدية لما جاء في الاسس المنطقي ...
- مسلمات العلم والفهم: مبدأ السببية والقصدية
- نظم العلم والهرمنوطيقا (6)


المزيد.....




- المخابرات الألمانية تصنّف حزب البديل من أجل ألمانيا على أنه ...
- إسرائيل تعلن شن غارات جديدة على سوريا.. وتوضح الهدف
- -لحماية الدروز-..هل تصعد إسرائيل بسوريا؟
- سجن قاضية أممية في بريطانيا لأكثر من 6 سنوات بتهمة -استعباده ...
- مصدر مصري: إسرائيل تغلق معبر رفح من الجانب الفلسطيني وتمنع د ...
- الجيش الإسرائيلي يكشف عن المواقع المستهدفة في الغارات الأخير ...
- الخارجية الأمريكية توافق على عقد بقيمة 310.5 مليون دولار لصي ...
- إعلام: الولايات المتحدة تجهز عقوبات جديدة ضد روسيا قد يرفضها ...
- مرافعة تاريخية للجامعة العربية أمام العدل الدولية
- زعيمة حزب ألماني تتحدث عن خطأ ارتكبته أوروبا في قضية الأزمة ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يحيى محمد - حقائق اللاشعور