|
التحليل النفسي والسياسي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
سعدي الابراهيم
(Saaide Alabrahem)
الحوار المتمدن-العدد: 4671 - 2014 / 12 / 24 - 23:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التحليل النفسي والسياسي للرئيس المصري عبد الفتاح السياسي انتهى عصر الزعامات العربية بانتهاء الثلاثة الكبار : حافظ الأسد ، صدام حسين ، معمر القذافي ، طبعا مع الاختلاف في درجات التأثير الذي تركه كل من هؤلاء الثلاثة في شعوبهم وفي المنطقة العربية والعالم ، فتأثير صدام حسين كان اكثر من تأثير القذافي ، وتأثير القذافي كان اكثر من حافظ الأسد . الا انتهاء هؤلاء الثلاثة كان قد صاحبه ولادة كارزمة جديدة في العالم العربي ، تمكن في لحظة من لحظات الزمان العربي المعاصر ان يكسب ود الجماهير وتعاطفهم وتأييدهم ، ليس فقط في الدولة التي ينتمي اليها ، بل وفي بقية الدول العربية الاخرى ايضا . والكارزمة الجديدة ، او الزعيم العربي الجديد هو الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي ، ولكن هل اشتاق العرب للدكتاتورية والاستبداد الذي لم يتخلصوا من البعض منه الا بشق الانفس وبالأشراف الامريكي والاسرائيلي المباشر وغير المباشر ؟ ، ربما ان الاحداث غير المستقرة التي اعقبت موت الزعماء الثلاثة اعلاه قد اضطرت العرب للبحث عن زعامات جديدة . ولكن لماذا وقع اختيار الكثير من العرب على عبد الفتاح السيسي بالذات ؟ ، وهنا لا بد من ان نحلل شخصية هذا الرجل ونفسيته ، وباختصار ، فبدلته العسكرية الممتلئة بالنياشين والانواط ، و بلونها الصحراوي غير الداكن ، احيت في النفس المصرية والعربية ذكريات قديمة مشرفة ومشرقة في ذات الوقت ، كانت تتوفر في شخصية كارزماتية عربية كبيرة ، اثرت في الفكر العربي والقومي المعاصر اكثر من تأثير اي شخصية اخرى على مر التاريخ ، الا وهو شخصية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر . خاصة وان كلا الرئيسان ينحدران من نفس المؤسسة التي يحترمها العرب ، الا وهي المؤسسة العسكرية ، حتى طريقة كلامه تتشبه احيانا بجمال عبد الناصر ، فهو يتحدث بهدوء و ببطء ويحرك نظراته ذات اليمين وذات الشمال ، ويحاول ان يجد له عبارات خاصة به ، من الممكن ان يحفظها طلاب المدارس الابتدائية ، او تتخذ منها القنوات الفضائية و وسائل الاعلام الاخرى لافتات لها . ولا تختلف الظروف التي عاشها السيسي في ايام طفولته الأولى عن الظروف التي مرت بها شخصية جمال عبد الناصر كثيرا ، فكلاهما يعرفان الفقر والحرمان ، ويعرفهم الفقر ايضا . وكلاهما يحبان الظهور والقيادة ، وربما حتى الاستبداد والدكتاتورية ، لعلهما يعوضان الاحساس بالنقص الذي رافقهما في طفولتهما المبكرة . واذا كانت هذه بعض ما تتميز به نفسية الرئيس عبد الفتاح السيسي والتي قلنا بأن لشخصية ونفسية جمال عبد الناصر اثر كبير وفعال فيها ، فماذا عن اداءه السياسي ، هل هو ايضا مشابه لأداء جمال عبد الناصر ؟ ظاهريا يختلف الرئيس عبد الفتاح السيسي عن الرئيس جمال عبد الناصر من حيث الاداء السياسي ، اما باطنيا فلا توجد اختلافات كبيرة بينهما ، ولكن كيف يمكننا ان نفهم ذلك ؟ كان الرئيس جمال عبد الناصر الآب الروحي للقومية العربية في فترة حكمه ، وكانت قضية توحيد الأمة العربية ولملمت شعوبها في دولة عربية كبرى ، هدفه وغايته الاساسية ، اما فلسطين فهي مثل القاهرة والاسكندرية منطقة عزيزة يجب ان تسترد عاجلا ام اجلا . في حين ان الرئيس عبد الفتاح السيسي ليس له موقع مهم في الفكر العربي القومي ، او بالأحرى ليس للفكر العربي القومي من حيث الظاهر مكان مهم في سياسات الدولة التي يترأسها الداخلية او الخارجية ، ولا حتى في سلوكياته السياسية هو بصفته اعلى سلطة في البلاد . وفي الوقت الذي كان جمال عبد الناصر ، لا يكف عن تهديد اسرائيل والسعي الجاد والحقيقي للقضاء عليها ، ورميها في البحر كما كان يردد ذلك في خطاباته القومية ، فأن عبد الفتاح السيسي ظهر وكأنه غير مهتم بهذه الدولة وليس لديه اي رغبة عدائية تجاهها . وتفسيرنا لهذا الاختلاف الظاهري بين الرجلين ، هو ان الظروف التي مر بها كل منهما اثناء توليهما للرئاسة المصرية مختلفة ، فالرئيس جمال عبد الناصر ظهر في فترة كان لدى العرب استعداد لتبني الفكر العربي القومي ، ولديهم استعداد ايضا للقتال من اجل فلسطين . اما الرئيس عبد الفتاح السيسي فقد ظهر في فترة صعود المد الطائفي (السني – الشيعي) على المد العربي القومي ، ومشكلة الطائفية عند العرب هو ان البعض منها له قواعد خارج المحيط العربي ، لأن الدين ليس له وطن ولا تقف بوجهه حدود . وهكذا ، نستطيع ان نقول وبكل ثقة بأن عبد الفتاح السيسي هو جمال عبد الناصر مرة اخرى ، ولكن الشعوب العربية اليوم هي ليست نفس الشعوب العربية في فترة الاربعينيات والخمسينيات . لذلك يضطر هذا الرئيس ان يتلون بلون الشعوب العربية وان يتخلى عن الكثير من قناعاته التي هي ذاتها كانت قناعات الرئيس جمال عبد الناصر .
#سعدي_الابراهيم (هاشتاغ)
Saaide_Alabrahem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق يتسول
-
كيفية كتابة البحث العلمي
-
الولايات المتحدة الخليجية
-
القومية العربية والمشروع الامريكي الجديد في المنطقة
-
التحليل السياسي
-
العراق علامات غير رسمية في مواقع رسمية
المزيد.....
-
فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا
...
-
احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت
...
-
-مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت
...
-
اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف
...
-
تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
-
اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
-
غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما
...
-
-إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت-
...
-
الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور
...
-
القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|