|
القومية العربية والمشروع الامريكي الجديد في المنطقة
سعدي الابراهيم
(Saaide Alabrahem)
الحوار المتمدن-العدد: 4661 - 2014 / 12 / 13 - 20:00
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
قبل اكثر من قرن من الزمان كانت بريطانيا هي الامبراطورية الاكثر نفوذا في العالم ، الى الدرجة التي وصفها البعض بأنها الامبراطورية التي لا تغيب عن مستعمراتها الشمس . وكان المشروع البريطاني في المنطقة العربية يقوم على اساس دعم الفكر العربي القومي ، على حساب الفكر الاسلامي ، والغرض من ذلك هو تشتيت قوة الدولة العثمانية واضعافها ، من خلال كسر شوكتها التي كانت تعتمد كثيرا على الاسلام في ضمان ولاء الاقوام الخاضعة لسيطرتها ، ومنهم العرب . وفعلا نجحت بريطانيا في ان تحرض العرب للوقوف بوجه الدولة العثمانية والثورة عليها ، اذ اصبحت العروبة لدى الانسان العربي اولا ، والاسلام ثانيا ، ومن اجل تدعيم هذا المشروع وضمان عدم الارتداد عنه دعمت تشكيل دول عربية على اساس قومي ، كما هو الحال في العراق ومصر . ومع نهاية الحرب العالمية الثانية ، كان النفوذ البريطاني العالمي قد قل تأثيره وتراجع شيئا فشيئا لصالح الاقطاب الجديدة ، وهي الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي ، الا ان الاتحاد السوفييتي كان اكثر نفوذا في المنطقة العربية من الولايات المتحدة الامريكية ، والاتحاد السوفيتي ايضا يمقت الفكر الديني لذلك استمر بدعم الدول العربية التي تجعل من الفكر القومي أيديولوجية سياسية للحكم . الا ان هذا الأمر لم يعد يروق للولايات المتحدة الامريكية بعد ان انفردت بالقطبية الاحادية بعد عام 1990 عشية انتهاء الحرب الباردة ، فقررت ان تعيد صياغة العالم العربي الذي لم يكن لها دور في تشكيله في بدايات القرن العشرين ، وتعتبر القومية العربية والفكر العربي القومي الذي كان مدعوما بقوة من قبل بريطانيا ، خاصة في فترة ما بعد الحرب العالمية الاولى ، ومن قبل الاتحاد السوفيتي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية ، من اول الاشياء التي عملت الولايات المتحدة الامريكية على مسخها وتغييرها بصيغ جديدة حسب رؤيتها للعالم وكيفية ادارتها لمصالحها العالمية . اما ما هو البديل الذي تريد الولايات المتحدة الامريكية ان تزرعه في المنطقة العربية كبديل عن الفكر العربي القومي ؟ ، فالإجابة على مثل هذا السؤال لا تحتاج الى الكثير من التفكير ، اذ ان الاحداث التي مرت بها الكثير من الدول العربية بعد عام 2011 تثبت بما لا يقبل الشك بأن الفكر الاسلامي هو الوريث الشرعي للفكر العربي القومي ، طبعا المقصود بالفكر الاسلامي هنا هو الاسلام السياسي الذي ترضى عنه الولايات المتحدة الامريكية والمسيطر على ايقاعاته من قبلها . وهكذا ، فاذا كانت بريطانيا قد دعمت الفكر العربي القومي في بدايات القرن العشرين ، فأن الولايات المتحدة قد دعمت الفكر الاسلامي في بدايات القرن الواحد والعشرين . ولكن اذا كان الهدف البريطاني من دعم الفكر العربي القومي هو أضعاف الدولة العثمانية وانهائها ، فما هو هدف الولايات المتحدة الأمريكية من دعم الفكر الاسلامي ؟ في الحقيقة ليس لدينا اجابة واحدة على هذا السؤال ، بل عدة اجابات ، لعل ابرزها هي لأضعاف الرابطة العربية القومية التي كان العرب يشعرون بوجودها دون ان يتمكنوا من ترجمتها الى ارض الواقع بدولة عربية كبرى . واظهار الاسلام عاجزا عن حل مشاكل الدول التي تعتنقه ، كما فشلت العروبة في ان تحلها ، وبالتالي ستتخلى الشعوب العربية عن الاسلام السياسي كما تخلت عن الفكر العروبي من قبل ، وهكذا ستتأمن مصالح الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة وحلفائها وعلى رأسهم اسرائيل ، لأن الفكر العربي القومي ، والفكر الاسلامي ، يتفقان من حيث المبدأ على معاداة الغرب واسرائيل ، وبالتالي فأن الولايات المتحدة تجد ان من حقها التخلص من الاثنين معا ، عن طريق ضرب بعضهما بالبعض الأخر . وهو ما يحدث الآن في المنطقة العربية .
#سعدي_الابراهيم (هاشتاغ)
Saaide_Alabrahem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التحليل السياسي
-
العراق علامات غير رسمية في مواقع رسمية
المزيد.....
-
هاريس تدعو للتهدئة بالشرق الأوسط وتحذير أممي من اندلاع حرب ش
...
-
ليس بالصبر الإستراتيجي وحده تحيا إيران الآن
-
-ميلتون- المدمر يتسبب بسقوط قتلى ويقطع الكهرباء عن الملايين
...
-
ماذا قال أوباما عن الرجال السود الذين سيصوتون لترامب بدلا من
...
-
-وول ستريت جورنال-: دول عربية تبلغ واشنطن رفضها استخدام أراض
...
-
بري: الأمريكيون يتواصلون معنا ويقولون إنهم مع الحل في لبنان
...
-
ميلوني تعلن موعد انعقاد المؤتمر القادم حول أوكرانيا
-
بوتين يصل إلى تركمانستان في زيارة عمل
-
-واينت-: إسرائيل تعتقل صحفيا أمريكيا لكشفه الأضرار الناجمة ع
...
-
-نيويورك تايمز- تتنبأ بموجة غضب شعبي عارمة ضد زيلينسكي بسبب
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|