|
غمامة الإبداع
سوسن أحمد سليم
الحوار المتمدن-العدد: 4668 - 2014 / 12 / 21 - 12:13
المحور:
الادب والفن
أقصوصة .. سيكونُ طفلها المدلل رغم العبث ! أن تقبلَ بالإعاقةِ وتقدسَ حاملها ، لهوَّ دلالةٌ صارخةٌ على مقامها وحاملها في وجدانكَ ، وإشارةٌ لحجمِ مااقتطعت من روحكَ ، وهائلِ شغفك برؤيةِ صورتها ، حتى ولو لم تكتمل المعاني الظاهرةَ منها فيما أردتَ ورغبتَ من إيجادها بشكلٍ ، رغمَ سكنهِ فيكَ ، غيرَ أن استعجالاً اقتضاهُ أمرُ ألحَّ عليكَ ، لم يدع شهورَ الحملِ تكتملُ ، ليكتملَ باكتمالها مولودكَ المنتظر ، وفي المخاضِ الصناعي خطرٌ محتمل على الوالدةِ والمولود على حدٍّ سواءَ ، وللوالدةِ النصيبُ الأكبر في احتمالها ، للولادةِ المبكرة ، والمخاضِ الصناعي ، واحتمالاتِ الإعاقةِ أو النقصِ في بنيةِ مولودِ الروحِ قبلً الرحمِ ، وتبعاتِ هذا النقصِ في القادمِ من الحياة . تعبٌ ستحملهُ راغمةً حتى لو كانت راضيةً بما أشكلَ على الفهمِ من القضاءِ والقدر ، الذي يكونُ لنا فيهِ المشيئةَ المبتدأةِ برغبةٍ في استمرارٍ للحياةِ منا بشكلٍ آخر . هي امرأةٌ مولعةٌ بتربيةِ الأطفالِ وبارعةٌ فيها ، العنايةُ بهم حتى أدقِّ تفاصيلهم أكثرُ ماأجادتهُ من همومِ الحياةِ منذ أضحت أماً لأولهم ، بل منذ كانت تلاعبُ دميتها . لم تنتبه أنها بلغت مشارف الأربعين حين قيلَ لها : أمٌّ كأنتِ ، قدمت للحياةِ هذهِ الزهراتُ اليانعاتُ ، عليها أن لاتتوقفَ عن الإنجابِ ، أطفالٌ فارقتِ الترفَ منذُ وعيها ، وخطت على محملِ الجدِّ حتى في الهزلِ ، ثروةٌ تضيفُ وتتقنُ البناءَ بشكلٍ يليقُ بمعنى الوجود ، بل يبلورُ المعنى الحقيقي لهُ، حيثُ الفهمُ والعلمُ والهمةُ والصبرُ ، في كلٍّ منهم كتابٌ يقتضبُ المعاني فيهِ ، ويطلقها بفعلٍ يترجمُ ، كم اعتنت هذهِ الأمُّ ، وكم كانَ الثمرُ يانعاً ، يحملُ كل الخصائصِ المفترضةِ في إنسانٍ خُلِقَ ليعمرَ هذهِ الأرضَ ، ويكونَ خليفةً للإلهِ عليها ، يحققُّ مشيئتهُ في الخلقِ ، نشر الحب . بعضُ الرغباتِ تستعصي على الفهمِ ، وتسقطُ من الإدراكِ في الجلبة ، ربما هي إرادتها في أن تعطي أكثر ، فهي ليست من النوعِ الغرور ، وماظهرَ منها يوماً إلا غيرةً إيجابيةٍ همها البناء ، رغمَ كل العبثِ الذي ربما بات يجدُ العذرَ لمهتمٍّ يبدو أنه يحفرُ في الصخرِ ، فيما لو توقفَ عن الحفرِ ،لما يطولُ أمدُ التطويعِ في هزلٍ باتَ مظهراً عاماً ، حتى كادَ أن يلبسَ في الأذهانِ الصورةَ الحقيقيةَ للحياة والمرادِ منها وفيها ، في استمراءٍ لها ، ربما فرضتهُ فسوتها على الأغلبيةِ ، لكن الصدقَ يفرضُ على من وعى أن يعيدَ لها ثوبها الحقيقي ، وهذا كانَ دأبها . وهذا ماجعلَ من حولها من قريناتها يستعجلنها في مولودٍ جديد قبلَ أن تبلغَ سنَّ انقطاعِ الحيضِ ، في قصدٍ منهنَّ أظهرنَ منهُ كسبَ المؤسسة الإنسانية لفردٍ فاعلٍ جديد ، ومالم يظهرَنَّهُ، أنَّ في انشغالها بهِ ، طيٌّ لوجودها الفاعلِ حينَ تدورُ رحى المقارنةِ بينها وبينهنَّ . هي رغبتها على حال ، رغبةٌ مستعصيةٌ على الفهمِ أسقطت الإدراكَ منها في هذهِ الجلبة ، فحملت دونَ اسشارةِ طبيب . اليومَ .. قالَ لها الطبيب : طفلكِ سيكونُ معاقاً ، وحملكِ ضعيفاً ، ولكِ القرارُ في أن تسقطيهِ ، أو تتركيهِ لقدرٍ ليسَ لكِ منهُ نجاة في احتمالِ مغبة القرار .. هو طفلُ روحي على كل حال ، القرارُ صعبٌ ، وربما في الاستشارة ، إستنارة . قالت لها صديقتها المقربةُ : أسقطيهِ ولكِ أن تحاولي مرةً أخرى إن شئتِ مع متابعةٍ طبيةٍ وعنايةٍ منذ البدءِ ، الطبُّ اليومَ قادرٌ إلى حدٍّ كبيرٍ على معالجةِ الألم بطرقِ الوقايةِ قبلَ أن يكون . وأنتِ مازلتِ قادرةً ، أسقطيهِ ولاتبتئسي ، ولاتترددي في القرار . الباقياتُ قلنَ لها : أكملي حملكِ ، وإن تعرضتِ لولادةٍ مبكرة ، فالحواضنٌ موجودة ، ولن يكونَ هو الطفلُ الوحيدٌ المعاقَ في هذا الكون ، مثلهُ كثر ، قتلُ النفسِ حرام ، ثم إن كمالَ إخوتهِ سيغطي على إعاقتهِ ولن تشعري بها ، ومن يحبكِ لن يفرقَ بينهُ وبينَ إخوتهِ في الدلال ، هو وجودٌ صعبٌ حاضر سيحملهُ الماضي السهل المشرق . هي الآن في غرفة المخاضِ ، وربما ولدت بجراحةٍ قيسرية ، رغمَ ألمها ، ضائعةٌ في أمنية لم تفصح عنها ، مابين أن تحصلَ معجزةً ويولدُ الطفلُ معافاً لا معاقاً ، يسيرُ على مدارجِ إخوتهِ ، أو أن .....
#سوسن_أحمد_سليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكاية ..
-
ثكلى
-
ابن الشآم
-
سوريون
المزيد.....
-
مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
-
روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
-
“بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا
...
-
خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر
...
-
الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا
...
-
الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور-
...
-
الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
-
على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس
...
-
الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
-
“جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|