أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي القسيمي - مسرحية الإله















المزيد.....


مسرحية الإله


سامي القسيمي

الحوار المتمدن-العدد: 4664 - 2014 / 12 / 16 - 20:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


طالما الهمتنا مسرحيات شكسبير وإدموند روستان وألبير كامو وفلسفاتهم في الوجود والحب والموت والثورة والمقاومة والحرية والشعر ولكن ثمة مسرحية اعتبرها ملحمية وتحمل في طياتها أسرار الخلق وحيرت القرّاء وأصحاب الدّين من فهمها وفك طلاسمها وماتحتويه من غموض رغم أن المسرحية كلها عبارة عن آية واحدة فقط في سورة البقرة ولكنها تحتوي على عدة شخصيات لها أدوار رئيسية وهي: (آدم) أو (يسوع) والملائكة والجن وابليس والإله،وكاتب السيناريو المفسرون ابن كثير والطبري والمسيحيون والقرآنيون، والمتفرج هنا ليسوا المسلمون لأنهم يؤمنون بكهنوت المعبد ماقال لهم يعتمدوه ويسجدوا له دون البحث في معاني الآية فهم مسلمون بالوراثة ولايقرؤون القرآن كذلك ولو قرؤه لايفهمون يريدون فقط صكوك وحسنات من قراءتهم للقرآن بشكل سريع وعدة مرات لينالوا الجنة وحور العين كما حدثهم ووعدهم كهنوتهم ، فالجمهور المتفرج هنا هم باقي الديانات والذين يتفرجون على هذه المسرحية الهزلية .

الآية 30 من سورة البقرة:
قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ)-(آية 30 – البقرة).
طالما وقفت مرار وتكرارا عند هذه الآية من سورة البقرة لما فيها عدة تساؤلات وشبهات وأسرار بداية الخلق ( خلق آدم) فقد أختلف كل علماء التفسير القديم (التراث الإسلامي) والحديث من شرحها فهذا ليس بجديد فعلماء المسلمون دائما مختلفون وغير متفقين أبدا إلا في آيات القتل والسبي والعداء لباقي الديانات وحين يفسرون الآيات يحتقرون القارئ المسلم ومستوى تفكيره فيزيدوا من المحدّثين أو العنعنة وسطور التفسير ليتوه المسلم في المعنى وفهم الآيات وذلك لعدم فهمهم ،ولايريدون الإعتراف في ذلك مهما يكن وكأنها حرب وتحدي على حساب الإنسان المسلم،من الناحية الأخرى تكفل وفسرها المسيحيون وبما يتماشى مع كتابهم المقدس ومن وجهة نظرهم وكذلك القرآنيون،وكلهم يلعبون ويتبادلون الأدوار في نفس المسرحية الملحمية.

هنا سأعرض تحليل كل المفسرون ومن ثم نحلل الآية بشكل نقدي.
أولا :- المفسرون المسلمون
• تفسير الطبري
(إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ):
اختلف أهل التأويل في قوله : " إني جاعل " فقال بعضهم : إني فاعل .
عن الحسن وقتادة قال الله تعالى ذكره لملائكته : ( إني جاعل في الأرض خليفة ) قال لهم : إني فاعل.
وقال آخرون : إني خالق .
عن أبي روق ، قال : كل شيء في القرآن ( جعل ) فهو خلق .
قال أبو جعفر : والصواب في تأويل قوله : ( إني جاعل في الأرض خليفة: أي مستخلف في الأرض خليفة ، ومصير فيها خلفا) . وذلك أشبه بتأويل قول الحسن وقتادة . وقيل : إن الأرض التي ذكرها الله في هذه الآية هي ( مكة).
حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن عطاء ، عن ابن سابط : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : دحيت الأرض من مكة ، وكانت الملائكة تطوف بالبيت ، فهي أول من طاف به ، وهي ( الأرض ) التي قال الله : ( إني جاعل في الأرض خليفة ) وكان النبي إذا هلك قومه ، ونجا هو والصالحون ، أتاها هو ومن معه فعبدوا الله بها حتى يموتوا . فإن قبر نوح وهود وصالح وشعيب ، بين زمزم والركن والمقام .

(خَلِيفَةً):
والخليفة الفعيلة من قولك : خلف فلان فلانا في هذا الأمر ، إذا قام مقامه فيه بعده . كما قال جل ثناؤه ( ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون( )سورة يونس : 14)، يعني بذلك أنه أبدلكم في الأرض منهم ، فجعلكم خلفاء بعدهم. ومن ذلك قيل للسلطان الأعظم : خليفة ، لأنه خلف الذي كان قبله ، فقام بالأمر مقامه ، فكان منه خلفا . يقال منه : خلف الخليفة ، يخلف خلافة وخليفى .
عن ابن إسحاق : ( إني جاعل في الأرض خليفة( يقول : ساكنا وعامرا يسكنها ويعمرها خلفا ، ليس منكم .
فإن قال قائل : فما الذي كان في الأرض قبل بني آدم لها عامرا ، فكان بنو آدم منه بدلا وفيها منه خلفا ؟
قيل : قد اختلف أهل التأويل في ذلك:
عن ابن عباس قال :أول من سكن الأرض الجن فأفسدوا فيها وسفكوا فيها الدماء وقتل بعضهم بعضا . فبعث الله إليهم إبليس في جند من الملائكة ، فقتلهم إبليس ومن معه حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال . ثم خلق آدم فأسكنه إياها ، فلذلك قال : )إني جاعل في الأرض خليفة ( ، فعلى هذا القول : ) إني جاعل في الأرض خليفة( من الجن ، يخلفونهم فيها فيسكنونها ويعمرونها .
عن الربيع بن أنس قال : قال : إن الله خلق الملائكة يوم الأربعاء ، وخلق الجن يوم الخميس ، وخلق آدم يوم الجمعة ، فكفر قوم من الجن ، فكانت الملائكة تهبط إليهم في الأرض فتقاتلهم ، فكانت الدماء ، وكان الفساد في الأرض .
ابن مسعود وابن عباس : إني جاعل في الأرض خليفة مني يخلفني في الحكم بين خلقي . وذلك الخليفة هو) آدم ومن قام مقامه في طاعة الله والحكم بالعدل بين خلقه) .
والذي دعا المتأولين: أن معنى الخلافة التي ذكرها الله إنما هي خلافة قرن منهم قرنا غيرهم لما وصفنا .

(قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ):
عن ابن عباس قال : فأول من سكن الأرض الجن . فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء وقتل بعضهم بعضا .
عن عطاء بن السائب ، عن عبد الرحمن بن سابط ، قوله : " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " قال : يعنون الناس .
حدثنا به الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : " أتجعل فيها من يفسد فيها " قال : كان الله أعلمهم إذا كان في الأرض خلق أفسدوا فيها وسفكوا الدماء ، فذلك قوله : " أتجعل فيها من يفسد فيها
وقال بعض أهل العربية : قول الملائكة : " أتجعل فيها من يفسد فيها " على غير وجه الإنكار منهم على ربهم ، وإنما سألوه ليعلموا ، وأخبروا عن أنفسهم أنهم يسبحون . وقال : قالوا ذلك لأنهم كرهوا أن يعصى الله ، لأن الجن قد كانت أمرت قبل ذلك فعصت .

• تفسير ابن كثير
(إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً):
أي قوماً يخلف بعضهم بعضاً قرناً بعد قرن، وجيلاً بعد جيل، كما قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ).(آية 165– الأنعام).
وليس المراد ههنا بالخليفة آدم عليه السلام فقط كما يقوله طائفة من المفسرين، إذ لو كان ذلك لما حسن قول الملائكة:(أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) .قال ابن جرير: وإنما معنى الخلافة التي ذكرها اللّه إنما هي خلافة قرن منهم قرناً قال: والخليفة الفعيلة من قوله: خلف فلان فلاناً في هذا الأمر، إذا قام مقامه فيه بعده.
(فِي الأرْضِ):
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو سلمة ، حدثنا حماد حدثنا عطاء بن السائب ، عن عبد الرحمن بن سابط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (دُحِيت الأرض من مكة ، وأول من طاف بالبيت الملائكة ، فقال الله : إني جاعل في الأرض خليفة ، (يعني مكة) ).

(قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ):
إنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك، يقولون: يا ربنا ما الحكمة في خلق هؤلاء، مع أن منهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء؟ فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبِّح بحمدك ونقدِّس لك أي نصلّي لك ولا يصدر منا شيء من ذلك، وهل وقع الاقتصار علينا؟ قال اللّه تعالى مجيباً لهم عن هذا السؤال: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ).

ثانيا:- المفسرون المسيحيون
• كما هو معلوم أن المسيحيين ينسبون إلى ورقة بن نوفل الأسقف المسيحي وبحيرة الراهب الذي كان لهما تأثيراً كبيراً على محمد والآيات القرآنية التي تحويه، وكانا لهما الفضل فى وضع الكثير من المعتقدات المسيحية فى بعض السور القرآنية وفى ثناياها من منطلق عقائدي مسيحي وردت ذكرها فى التوراة والإنجيل.ومن هذا المنطلق فسروا هذه الآية والآية 34 من نفس السورة يوضح الله من هو ( الخليفة ) فيقول:(وإذ قُلنَا للملائكة اسجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إلاَ إبلِيس أبَى وأستَكبَرَ وكَاَنَ مِنَ الكَافِرِينَ)-(آية 34 – البقرة).
معنى خليفة في الآية :-
أبن الله لأن معنى كلمة خليفة تأتى بمعنى الأبن .
تحليل:
1- ان الله قال للملائكة: ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً). وخليفة الله من نفس جوهره، كما للأبن يحمل صفات ابيه كذلك الخليفة يحمل صفات من يخلفه.
2- لو كانت الآية تقصد أن ( خليفة الله ) هو ( آدم المخلوق ) الذى سيعمر الأرض من ذريته، لما قال الله للملائكة بالسجود لآدم فقط دون ذريته الذين فى صُلبه، بل يقول مثلاً ( أسجدوا لبنى آدم أجمعين).
3- عندما قالت الملائكة لله (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) ( بصيغة الجمع ) بعد قول سبحانه (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) ( بصيغة المفرد ) ، من هذين القولين السابقين فهما متناقضان ، لأن الله يتكلم عن خليفته لفرد واحداً فقط لا غير يتم السجود له . أما قول الملائكة تفيد الكثرة من بنى آدم أو الخلفاء وليس لآدم كفرد وإنما كجماعة هو ومن فى صلبه وذريته القادمة، لأن سفك الدماء والإفساد فى الأرض تعنى إنه لا بد من وجود كثيرين من البشر بحيث يسفك كل منهما دم الآخر، ويعيث بعض منهم ضد البعض الآخر في الفساد والفسق والرذيلة، ولا يمكن لهذا الخليفة الواحد أن يسفك دم نفسه ويقتلها ويظل حياً ؟. ، أو يعيث في نفسه ومع نفسه الواحدة الوحيدة فسادة وفسقاً وفجوراً؟!. لذا يبدوا من القولين التناقض، ولكي نزيل هذا التناقض بين كلام الله وكلام الملائكة، لا بد وأن يكون الخليفة كائن آخر يختلف عن جنس آدم من البشر.
4- كان فى مقدور الله وهو القادر أن يختار لفظاً آخر غير كلمة( خليفة) مثل كلمة( خليقة) لكي يكون أكثر تحديداً ودقة فى أن يكون الخليقة هذا إنسان مخلوق. ( خليفة الله ) تختلف تماماً عن( خليقة الله )، فالإنسان هو خليقة الله وليس خليفته .
5- وإذا قلنا أن الإنسان هو خليفة الله على الأرض، معنى ذلك أن الله غير موجود على الأرض وجعل آدم خليفته ليقوم بوظيفته وبعمله على الأرض.
6- الله يطلب من الملائكة السجود ( لخليفة الله )، فسجدت الملائكة ؟! ، ويبدو أن الملائكة فهمت من هو سيكون الخليفة المتميز عن آدم بعد قول الله لهم ( إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) لأن سجود الملائكة لآدم جاءت فى الآية 34، والاعتراض منهم جاء قبلها فى الآية (30) من نفس السـورة، أمــا إبليس فقد فهم أيضاً كما فهمت الملائكة ولكنه لم يسجد له فأصبح من الكافرين ؟!.
7-يترتب على البند السابق (6) أن يكون خليفة الله هو روح الله متجسداً وسيأتي فى هيئة آدم وليس هناك تفسيراً غير ذلك.
إذن إن هذا الخليفة ليس هو آدم البشر المخلوق، وإنما هو كائن من نوع آخر حتى لو كان هذا الآخر فى صورة آدم. والمسيح هو روح الله فى صورة آدم، وآدم ليس كذلك كما جاءت بالقرآن.
في الإنجيل وجدت آية شبيهة تماماً لتلك الآية القرآنية والتى جاءت فى سورة البقرة، وهى جاءت في الإنجيل في عبرانيين (1: 6 )، يقابله فى القرآن نصاً وروحاً فى سورة البقرة فى الآيتين ( 30، 34 ). والمفسرون المسيحيون فى جميع تفسيراتهم قالوا أن هذا البكر هو ( السيد المسيح )، وهو ( آدم الثانى).وهى آية إنجيلية واحدة تقابلها آيتين قرآنيتين وهى:
( وأيضاً متى أدخل البكر ( الخليفة ) إلى العالم (1)، ولتسجد له كل ملائكة الله (2) )
وهذه الآية الإنجيلية السابقة تشمل نصين لآيتين قرآنيتين:
النص الأول (1): تقابل الآية 30 من سورة البقرة: ( وإذ قاَلً ربك للملائكة أنى جَاعِلّ فى الأرضِ خَليفَةَ … ).
وتطابق هذه الآية القرآنية 30 مع الجزء الأول من الآية الإنجيلية تطابق عجيب والمعنى واحد تماماً مع اختلاف الأسلوب، وفي كل منهما الله سيدخل أو سيجعل فى المستقبل كائن ألهى (خليفة الله ) فى صورة آدم إلى العالم الأرضي !.
والنص الثاني (2): تقابل الآية 34 من سورة البقرة يأمر الله الملائكة للسجود لهذا الخليفة:( وإذ قُلنَا للملائكة اسجُدُوا لآدَمَ …… ) .
وتطابق هذه الآية القرآنية 34 أيضاً، مع الجزء الثاني من الآية الإنجيلية تطابق عجيب والمعنى واحد تماماً مع اختلاف الأسلوب، وفى كل منهما الله يأمر الملائكة للسجود لآدم ( خليفة الله).
أي : متى أدخل البكر ( الخليفة ) إلى العالم (الإنجيل) = أنى جَاعِلّ فى الأرضِ خَليفَةَ (القرآن).
و :ولتسجد له كل ملائكة الله (الإنجيل) = وإذ قُلنَا للملائكة اسجُدُوا لآدَمَ (القرآن).
من المقارنات السابقة توضح أن الله أمر الملائكة بالسجود لآدم، وآدم هو خليفة الله. وخليفة الله هو المسيح الأبن ( البكر ). جاء فى صورة آدم متجسداً.
وبحيرة الراهب هو الذي قام بنقل الآية الإنجيلية بشأن بكر الله وأبنه بكلمة مرادفه لها وهى كلمة خليفته، ووضعها فى آيتين قرآنيتين من سورة البقرة 30، 34 بقصد أن الخليفة هو المسيح الذي سيأتي في صورة آدم ينبغي له السجود، وليس آدم أول خليقته البشرية.

ثالثا:-المفسرون القرآنيون
1- يزعم كاتب المقال(4)، أن الجنة هي الأرض وأن الجنة في الماضي كانت الأرض كذلك منذ البداية طبعا معتمدا في ذلك على القرآن فقط ووضح ذلك كالآتي :-

(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)
أي في الأرض وليس في السماء ،وآدم عليه السلام من قبل كان على الأرض وكان يأكل هو وحواء من الجنة على الأرض وليس في السماء، يقول تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ)-(آية 35 – البقرة).
وكما نعلم وتعلمون أن الشجر ينبت من الأرض، ولو كانت الجنة التي كان فيها آدم علية السلام في السماء لقال الله تعالى (أني جاعل في السماء خليفة) ثم لو كانت أيضاً الجنة في السماء كما يعتقد الكثير من العلماء والكثير من الناس الذين لا يقرؤون في القران وإذا قرءوا لا يتدبرون لماذا سوف يخلق الله يوم القيامة سماوات وأراضي أخرى، يقول تعالى: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)-(آية 48 – ابراهيم).
من الذي سوف يسكن الأرض بما أن أهل الجنة سوف يكونون في السماء؟!.. وقد قال الله تعالى عن أهل الجنة:
(وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)-(آية 74 – الزمر).
من أين أتت الناس بموضوع أن الجنة سوف تكون في السماء؟!.. هل أوحى لهم الله بذلك؟!.. هذا لم يحدث، وقد صور لنا الله بعض المواقف أيضا عن أهل الجنة وأهل النار لكي ندرك ونعلم أن كل شيء سوف يكون على الأرض.
(قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ{51} يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ{52} أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَدِينُونَ{53} قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ{54} فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ{55}) - (سورة الصافات).
إن القرآن لم يذكر فيه ولا في آية من آياته الكريمة عن أن الجنة سوف تكون في السماء.

2- في حوار مع المفكر الإسلامي الدكتور أحمـــد صبحي منصور في قناة الحياة ببرنامج سؤال جرئ عندما سئل على هذه الآية 30 من سورة البقرة قال:
أن خليفة هم خلفاء بني آدم الذي يخلفون يأجوج ومأجوج. حيث أن قبل آدم كان هناك جنس سابق مخلوق على الأرض الذي هو يأجوج ومأجوج ،بعد ذلك أراد الله أن يأتي بخليفة وهم آدم وأبناءه .
وكما جاء في سورة الكهف وسرة الأنبياء أن يأجوج ومأجوج أقفل عليهم في باطن الأرض من قبل ذو القرنين وقبيل قيام الساعة سيخرجون وهذا من علامات الساعة معللا كذلك أن العلم يتكلم الآن عن وجود حياة في الأرض وعن وجود آثار سابقة لثقافتنا بالتقدم العلمي من ضمنها الهرم الأكبر وكذلك على الظواهر الغريبة التي حدثت في مثلث برمودا من إختفاء الطائرات والسفن ووجود أطباق طائرة ...الخ.

رابعا:- التحليل
• مما سبق يتضح أن كل المفسرون بما فيهم أصحاب الإنجيل يختلفون في تفسير هذه الآية ولايريدون جميعهم من أن يقروا بأنهم لم يفهموها وبأن يوجد غموض كبير ،ولكن كل التفاسير السابقة لم تتطرق إلى شيئ مهم جدا وهو :-
معنى الأرض في الآية ،حسب تفسير القرآنيون كما سبق أنها الكرة الأرضية نفسها وليس هناك جنة في السماء ،وأما تفسير الطبري وابن كثير كما سبق بأن المقصود بالأرض هي (مكة).
تحليل الآية:
1- أن الأرض المقصودة هنا هل هي أرض الجنة أم الأرض التي نحن عليها ( الكرة الأرضية) ؟
2- إذا كان مقصودا من الآية الكرة الأرضية كما جاء في تفسير الطبري وابن كثير لابن سابط أنها (مكة) بمعنى في الكرة الأرضية
فلماذا يضع الله آدم في الجنة في بادئ الأمر وهو يعلم مسبقا أنه سيخلفه في الأرض ؟!.
3- يتضح من النقطتين السابقتين أن الله خلق آدم ليسكنه الأرض (الكرة الأرضية) وليس الجنة (التي لانعلم أين هي في السماء أو الأرض) فإذن هل هي حيلة من الله على نفسه أم على خلقه من أن يسكنه الجنة ثم يهبط به إلى الأرض !.
إذن سيكون مفهوم الآية أن الله خلق آدم وهو ينوي أن يسكنة الأرض (الكرة الأرضية) وليس الجنة ولذلك عمل حيلة من أن يسكنه الجنة وأن يضع الشجرة التي نهاه من أن يأكل منها فسوس الشيطان فأكل منها وطرد من الجنة ليبدء رحلته في الشقاء وتعمير الأرض.
فإذا كان الشيطان قد طرد من الجنة بعد رفضه السجود مع الملائكة لآدم ،كيف وسوس لآدم من الأكل من الشجرة ،رغم أنه مطرود من الجنة ؟
يذهب المفسروم من هنا وهناك بوجود السماء الأولى والتي هي خارج أسوار وأبواب الجنة المزعومه فهو يستطيع التواصل مع آدم لاأدري هل عن طريق الصراخ أو بوق معين أو أو ... الخ.فهذا قول ليس له أساس من الصحة ولايستطع العقل البشري تصوره.
ولكن النقطة المهمه كيف أن الله يعمل ذلك وهو يعرف مسبقا بأنه هو من سيسكن آدم الجنه ثم يطرده إلى الأرض بعد مرور حيلة الشجرة عليه من الله ومن الشيطان .
وهنا سأتطرق لعدة أسئلة مهمة جدا لما لهذه الآية من غموض :-
قال الله في كتابه المحكم :
1- (إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) – (آية 74 – ص).
من هم الكافرين الذين سبقوا ابليس؟ اليس الأصح لغويا أن يقول فكان أول الكافرين؟
2- (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ) – (آية 75 – ص).
من هم العالين الذين سبقوا ابليس؟ اليس الافصح القول كنت اول العالين ؟
3- (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) – (آية 77 – ص).
النص الإلهي واضح . اخرج فأنت رجيم لا عودة لك مرة أخرى .إذن كيف دخل ابليس الجنة مرة اخرى لاحقا ليغرر بآدم وزوجه في ايات اخرى لاحقة ؟ هل لابليس القدرة على اختراق وتغيير اوامر الله؟
4- ( وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ-;---;-----;--- يَوْمِ الدِّينِ) – (آية 78 – ص).
5- أي يوم دين هذا وآدم لايزال طين طري لم يرتكب أي معصية ؟ أي يوم دين هو وأي دين هو ؟ الخطة والمسرحية تتضح بكل الآيات.
5- ( لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) – (آية 85 – ص).
هل يحتاج الله إلى القسم والحلف أثناء حديثه مع ابليس وهو أمامه ؟! ابليس تافه بالنسبة لقدرة الله؟ وهو يعلم تماما من هو الله.
ولكن من كتب هذا الكتاب كتبه على عادة أهل الجاهلية في تكرار القسم وأسقط مفهوم القسم على الله أيضا .
6- (فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) – (آية 73 – ص).
الله أمر الملائكة فسجدت لآدم ثم إن الملائكة بفطرية شديدة قالت لله (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) هذا كان جواب الملائكة الحكيم على المشروع الرباني الطائش فماذا كان رده . رد الله بحكمة عليهم فقال (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ).
7- أما عندما لم يسجد ابليس فقد سأله الله ( قالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ) – (آية 75 – ص).
فرد ابليس بفطرية شديدة (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) – (آية 76 – ص).
وهو اعتراض صحيح فهو لايعلم إلا ماعلمه الله ، وما علمه إلا أن النار أعلى درجة من الطين.
أولم يستطع الله الرد بحكمة على عمل ابليس بعدم السجود كما رد بحكمة على اعتراض الملائكة على خلق ادم ؟
لم ينتظر الله ؟ فقد لعن ابليس حالا بتسرع شديد .وهذا ما نسميه بالإسراع والطيش بأخذ القرار .
تعتبر هذه الآية كما تقدم من أصعب الملحمات والمسرحيات التي كتبت إطلاقا لما بها من سيناريو بسيط ولكنه غامض لم يتفق عليه أحد لا من المفكرين أو المفسرين الإسلاميين فما بالك بالإنسان المسلم البسيط التي تحرجه أغلب آيات القرآن من أن يرد عليها .


المراجع /

1- تفسير الطبري
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=110&idto=110&bk_no=50&ID=115

2- تفسير ابن كثير
http://www.alro7.net/ayaq.php?aya=30&sourid=2

3- المفسرون المسيحيون
http://alkalema.net/khalifa.htm

4- القرآنيون – مقال لـ رمضان عبد الرحمن
http://www.ahl-alquran.com/arabic/---print---page.php?doc_type=1&doc_id=7533





#سامي_القسيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقد النصي للقرآن - الحلقة الثانية
- النقد النصي للقرآن - الحلقة الأولى
- العلم والدين
- افتراءات زندانية وزغلولية
- خرافة الإسراء والمعراج


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي القسيمي - مسرحية الإله