أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خليل كلفت - الثورات الشعبية عفوية بالضرورة














المزيد.....

الثورات الشعبية عفوية بالضرورة


خليل كلفت

الحوار المتمدن-العدد: 4664 - 2014 / 12 / 16 - 09:41
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



لا مناص من أن تكون الثورات الشعبية ثورات عفوية. وإذا أحببنا أن نعرف معنى كونها ثورات عفوية فلا بد من أن نعرف أوَّلا معنى الثورة ولماذا تكون ثورة شعبية بالضرورة. ولا حاجة بنا هنا إلى إجراء تفكيك لغوىّ معمَّق. فالثورات تعنى أن يثور شعب احتجاجا على الشقاء الذى يفرضه عليه حكامه. ويمكن أن يكون الاحتجاج صغيرا أو متوسطا أو كبيرا بحجم الشعب، ويمكن أن تمتد أو لا تمتد فترة الاحتجاج. والثورة بصورة نموذجية احتجاجات كبيرة بحجم الشعب، حتى فى وجود حزب كنبة كبير، على العكس من الاحتجاجات الصغيرة والمتوسطة التى تجدر بتسميات أخرى. ومهما كانت تفضيلات بعضنا لتسميات كالانتفاضات أو التمردات أو الاحتجاجات أو غيرها فإن الواقع المقصود واحد على كل حال.
ولا تكون الثورة إلا ثورة شعبية، حيث يكون الاحتجاج الشعبى على حُكْم وسياسات وممارسات الحكام والطبقات التى يمثلونها. ولا تكون الثورات إلا ثورات شعبية لأنها لا تكون إلا احتجاجات بحجم الشعب.
وتعنى العفوية أو التلقائية نقيض العلم والمعرفة والوعى المنظم. ولا تكون هذه الثورات إلا عفوية. فالجماهير الشعبية التى ثارت واعية بفقرها وشروط الحياة الفقيرة البائسة المفروضة عليها، واعية بأنها جماهير مُذَلَّة ومُهانة، واعية بأنها تعيش حياة مفزعة من تردِّى المأكل والمسكن والملبس، واعية ببؤسها وحرمانها، وهذا الوعى إدراك مباشر لحالة أوضاعها دون أن يرتفع إلى مستوى معرفة العوامل التى أدت إليها ودون إدراك شروط الخروج الحقيقى منها.
ونحن بعيدون هنا عن أىّ معرفة لدى الشعب بأسباب استغلاله ولا بعوامل تغيير حياته، ولا تتجاوز ثورته تغيير الحاكم بافتراض سطحىّ هو أنه المسئول الوحيد عن شقائهم. وهى بالتالى انفجار شعبى واسع المدى غامض الأهداف مهما رفعت الاحتجاجات شعارات بسيطة مثل"عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية". ويتمثل تقديس العفوية أو الشعب أو الجماهير أو الثورة فى دعاوى أسطورية حول الثورات، وعندما لا تتحقق تلك الدعاوى تُلْقِى الثوار إلى براثن قوى الثورة المضادة أو بؤس اليأس.
وتكون الثورة، أىُّ ثورة، شعبية وعفوية. شعبية لأن جماهير الشعب، وليس "جماهير" الأغنياء والحكام، هى التى تقوم بها، ولأن هدفها هو إنصاف الشعب.
وهى عفوية لأن هذه الجماهير لا تدوسها تحت أقدامها متلازمة الفقر وحدها، بل يشكِّل الجهل أو الوعى الزائف بالضرورة مكوِّنا من مكوِّنات هذه المتلازمة، لأن الوعى الثورى لم ينتقل إلى الجماهير ممن يُفترض فيهم امتلاكه، ويشترط انتقاله شروطا إلزامية منها تطور الحركة الشعبية الجماهيرية العفوية، وتطور الحركة الفكرية الثورية حقا، ويتوقف على جدلهما تطور حركة ثورية حقيقية.
وحتى عند اكتمال هذه الشروط تكون للثورة الشعبية حدود لا تتجاوزها. وفى مصر ظلت جماهير وقيادات الثورة مفتقرة إلى فهم واضح لطبيعة وحدود الثورات الشعبية التى لا تتجاوز آفاقُها حدود الديمقراطية الشعبية من أسفل، التى لم يفهم الثوريون والثوار أنها بكل عناصرها تمثل المكسب الوحيد ولكنْ الكبير لثورة شعبية، بل ظلت ثورتنا تركز على تحقيق أوهام وتهويمات ومن هنا كانت الهرولة وراء ما تسمِّيه الثورة المضادة الحاكمة بإعادة بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية، بدلا من التركيز الكُلِّىّ على انتزاع مستويات من الديمقراطية الشعبية من أسفل. وبحكم غياب المفهوم النظرى للثورة "كحدث"، والديمقراطية الشعبية من أسفل "كهدف" بديهى للثورة، ضاعت وتضيع مكاسب ممكنة للثورة الشعبية.
وهناك مَنْ يفترض أن التنظيم الواحد لليسار كان كفيلا بتحقيق الحد الأقصى من المطالب. وتتمثل المشكلة هنا ليس فقط فى أن مواقف اليسار كان يتبناها يسار متشرذم أو منظم وموحَّد بل تتمثل فى أنها كانت فى آن معا مواقف ذيلية إزاء الثورة المضادة ومنافقة إزاء الثورة. وكان يسارنا، ومن باب أولى جماهيره، لا يحمل مفهوما نظريا سليما وواضحا عن الثورة ولهذا جاءت مواقفه خاطئة وذيلية. والحقيقة أنه لا فائدة تُرْجَى من تنظيم يسارى موحّد على مثل هذه المواقف، وكان وما يزال المطلوب هو أن يقود تنظيم يسارى واعٍ، موحَّد أو متعدد، جماهير الثورة التى لا مناص من عفويتها وسذاجتها، وليس توحيد اليسار المفتقر إلى نظرية واضحة للثورة. حيث ثارت جماهير فقيرة احتجاجا على نظام الفقر والإفقار فتصدت لها الثورة المضادة المتمثلة فى المؤسسات القمعية وغير القمعية للدولة وتوشك على هزيمتها؛ لأنها استهانت بالهدف الثورى للثورة فتركته، وتبنت الهدف غير الثورى للثورة، فسارت وراء مبادرات مؤسسات الثورة المضادة المتمثلة فى الدولة التى هزمت الثورة فكريًّا قبل أن تهزمها قمعيًّا. وهكذا هزمت قوة الثورة المضادة ضعف الثورة، وهزم وعيُها السليم بهدفها غياب الوعى الثورى بالهدف السليم لدى الثورة والثوار.
ولا تتقاطع الثورة الشعبية الاحتجاجية فى ظل نظام إقطاعى خالص، مع التحول الرأسمالى، لأنه غير موجود أصلا، فهى ثورة احتجاجية على مظالم الإقطاع ضد الأقنان. وتأتى الثورة الشعبية الاحتجاجية فى ظل مراحل أولى من تطور رأسمالية صاعدة بحكم الازدواج القائم بين استغلال إقطاعى متراجع واستغلال رأسمالى متصاعد، وتكون هذه الثورة الآتية فى إطار نظام اجتماعى مزدوج ثورة شعبية احتجاجية مزدوجة على مظالم بقايا إقطاع متراجع ومظالم نظام رأسمالى متعاظم، وكذلك الحال مع ثورة شعبية احتجاجية فى حالة ازدواج بقايا الإقطاع مع صعود رأسمالية تابعة. وقد تؤدى ثورات الاستقلال الوطنى، السلمية أو المسلَّحة، فى العالم الثالث، التى تأتى متشابكة مع ثورات طبقية احتجاجية محلية، إلى استقلالات دستورية، غير أنها لا تؤدى إلى التحرُّر من التبعية الاستعمارية.
أما النظام الرأسمالى المتقدم المستقرّ فإنه يشهد بالضرورة صراعات واحتجاجات ولكنه لا يشهد ثورات شعبية احتجاجية، بحكم الأوضاع الاجتماعية-السياسية الأفضل نسبيًّا للطبقات الفقيرة، وبحكم الآليات المنظمة لمعالجة مشكلاتها النقابية.
21 نوفمبر 2014



#خليل_كلفت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انظر أمامك فى غضب
- مفهوم جديد للثورة الشعبية
- تسييس محاكمة مبارك وعصابته
- تهجير رفح المثير للجدل
- مصير الثورات الإسلامية الراهنة
- تاريخ وتحليل الثورات الشعبية فى مصر عند لويس عوض
- المسألة الفلولية
- العنف .. فى جوهر الإسلام؟
- الثقافة ومستقبل مصر
- ثورة أم ثورتان؟
- الثورة الشعبية: داية أم احتجاج؟
- استدراك بشأن الثورة الاجتماعية-السياسية والثورة الشعبية
- مقدمة عن اليسار العربي والثورات العربية
- ليس من حق رئيس الجمهورية
- حدود الثورات الشعبية
- داعش والداعشية
- كفى ترويجًا لأوهام جديدة
- عرب 48 وعرب 67 فى إسرائيل
- الفلسطينيون بين الحصار والترحيل
- مجلس النواب وفصل السلطات


المزيد.....




- العدد 556 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك من الخميس 16 إل ...
- ألمانيا.. كلبان في مهمة خاصة لحماية البيئة
- انتخابات البرلمان الأوروبى وصعود اليمين المتطرف
- التصريح الصحفي للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع ح ...
- فاتح ماي 2024 كشف زيف خطاب الدولة الاجتماعية
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 555
- في الذكرى ال76 للنكبة الوطنية ، «الديمقراطية»: آن الأوان للت ...
- العثور في نصب لينين على الكبسولة الزمنية الضائعة
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية  ...
- منطقة عربية فريسة للضواري الامبريالية


المزيد.....

- كيف درس لينين هيغل / حميد علي زاده
- كراسات شيوغية:(الدولة الحديثة) من العصور الإقطاعية إلى يومنا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رؤية يسارية للأقتصاد المخطط . / حازم كويي
- تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خليل كلفت - الثورات الشعبية عفوية بالضرورة