|
لامساومة ، لامتاجرة سياسية - 5 - ويلهلم ليبكنخت
سعيد العليمى
الحوار المتمدن-العدد: 4661 - 2014 / 12 / 13 - 21:07
المحور:
الارشيف الماركسي
البورجوازى والبورجوازية لم تحرز البورجوازية السلطة السياسية ابدا فى المانيا كما حدث فى فرنسا وانجلترا . ورغم ان البورجوازية الانجليزية قد ازاحت منذ اكثر من قرنين ونصف والبورجوازية الفرنسية اكثر من قرن مضى كل النفاية القروسطية ، فان البورجوازية الالمانية لم تكن ابدا فى وضع يجعلها تقوم بثورة سياسية وتحقق فى الدولة مايسمى بالحرية السياسية . خسارة التجارة العالمية نتيجة لاكتشاف امريكا ، وارتباطا بذلك اعاقة نمو النشاط الصناعى ، والانقسام السياسي وخراب المانيا ، شلل الروح القومية لحد الموت تقريبا ، ونشوء مصالح امبراطورية معادية للشعب وللتنوير ، كل هذا منع نمو مواطنة قوية . عندما لاحت فرصة متأخرة فى 1848 لم تكن لدي الشعب الالمانى حتى حينئذ القوة للقيام بثورة سياسية . بعد استمتاع قصير بالحرية احنت رأسها مرة اخرى للنير القديم . خوفا من العمال ، التى اشتمت منهم قوة جديدة وخطرة ، فأصبحت رجعية ، دون ان تكون ابدا ثورية ، لقد كفرت عن احلامها الثورية ، التى بدت لها وكأنها طيش شباب ، والقت بنفسها فى احضان الرجعية السياسية ، ولم يشغلها سوى مثال واحد باق ، وهو ان تثرى . اختفى المواطن من المجال السياسي واصبح اما غير مبال من الناحية السياسية او رأسمالوى .ان تكون راسمالويا يعنى ان تعترف وتساند الحكومة بدون شروط ، على ان تكون حكومة طبقية وتمثل وتروج بشكل حصرى مصالح الراسمالية . حتى نمنع الانطباعات الخاطئة وسوء الفهم ، يجب ان نكون واعين تماما بالفارق بين " السياسي" و " الرأسمالوى " . هاتان الفكرتان ، اللتان يمكن ان نخلط بينهما بسهولة بسبب التباس الكلمة الالمانية " Burger " ، لابد ان نفصلهما بوضوح الواحدة عن الاخرى . فى فرنسا فان كلمة بورجوازى bourgeois "" التى كان لها فى القرون الوسطى نفس معنى كلمتنا " burger " ( تعنى فى اللغة الالمانية : اهل المدينة ، شخص ميسور الحال ، او مواطن – المترجم ) ، اتخذت فى مجرى الزمن والتطور الاقتصادى تدريجيا معنى " راسمالى كبير " ، بينما نستعير نحن الالمان للفكرة الاخيرة الكلمة الفرنسية " bourgeois" ولكننا نستخدم ايضا الكلمتين الالمانيتين " burger " و" burgerlich " دون ان نلاحظ الفارق . ومن ثم ينشأ التباس اللغة الذى يمكن ان يفضى لأى شئ عدا وضوح المفهوم . نحن نتحدث عن المجتمع ال "burgerlich " ونعنى المجتمع البورجوازى الرأسمالى الحديث . ونتحدث عن الروح ال " burgerlich " ، والحرية ال " burgerlich" ، ونعنى الروح الديموقراطية للحرية التى كانت لدى المواطنين فى الازمنة القديمة حينما كانوا يحاربون الكهنة وامراء الاقطاع ، وهى الروح التى تتعارض تماما ، على اية حال ، مع الروح الراسمالوية ، ومن ثم الرجعية ، والمواطنين الذين يدللون الكهنة وملاك الارض ، او بورجوازية اليوم . ان صواب مايسمى بالمفهوم المادى للتاريخ ، الذى يعتبر ان التطور السياسي يعتمد على الاقتصادى ، لايمكن ان يخطر فى ذهننا بشكل مقنع وصارخ باكثر مما يدلل عليه التغير الذى حاق بالبورجوازية خلال مجرى القرن التاسع عشر . يمكن لنا ان نبين باكبر قدر من الدقة كيف ادى تغير علاقات الانتاج الى تغير فى النظرات والمواقف السياسية للبورجوازية . كانت كل خطوة للامام فى التقدم الاقتصادى خطوة للامام فى تطور التناقضات الطبقية وخطوة فى اقتراب البورجوازية ناحية اعداءها القدامى ، ملاك الارض والكهنة ، وخطوة فى تخطى البروليتاريا الناهضة ، التى لابد لها من اجل تحقيق تحررها ان تدافع عن الحقوق المتساوية لكل البشر والمبادئ الديموقراطية التى سبق وان دعمتها البورجوازية . فى اللحظة التى تتقدم فيها البروليتاريا الى الامام بوصفها طبقة منفصلة عن البورجوازية ولها مصالح متعارضة معها ، تكف البورجوازية من هذه اللحظة عن ان تكون ديموقراطية . يتحقق هذا فى بلدان القارة الاوروبية بطريقة نموذجية تماما فى فترة توصف عادة بانها ثورية بامتياز – فى فترة ثورات فبراير ومارس . والتناقض هو تناقض واضح فحسب . لقد كانت ثورة فبراير انتصارا متأخرا للمثالية البورجوازية التى اثارت المصالح المادية للواقعية البورجوازية لحد التناقض ، والتعارض والرجعية . ان الانفجار السابق لأوانه للثورة البروليتارية ( فى معركة يونيو 1848 ، فى باريس ) ، الذى اعقب الانفجار المتأخر للثورة البورجوازية ، ساق البورجوازية الى جانب عدوها الموروث ، لأنها توقعت فى انتصار البروليتاريا سقوط الراسمالية . انتخب نابليون رئيسا فى فرنسا ، وفى المانيا تطلعت البورجوازية وهى فى شهر عسل ثورة مارس الى مخلص يكبح جماح الشبح الاحمر . وهكذا فان " الرجعية السوداء " التى اعقبت ثورتنا فى 1849 ، كانت فى الواقع ببساطة الطابع الحقيقى لهذه الثورة ، وقد نزع عنها رداءها الخادع من الجمل الرائعة المموهة . كانت البورجوازية مضطرة تحت حكم الراسمالية لأن تصبح رجعية من الناحية السياسية بقدر ماكانت راسمالوية او خضعت للنفوذ الراسمالوى . كانت " الرجعية السوداء " التى انتشرت منذ نصف قرن مضى فى القارة الاوروبية ، ضرورة تاريخية مثلها تماما مثل الرجعية الاسود لسياسة التعرج الملتوية الراهنة لقانون السجون الذى فرضته الراسمالية علينا فى نوبة يأس . يتبع
#سعيد_العليمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لامساومة ، لامتاجرة سياسية - 4 - ويلهلم ليبكنخت
-
لامساومة ، لامتاجرة سياسية - 3 - ويلهلم ليبكنخت
-
لامساومة ، لامتاجرة سياسية -2 - ويلهلم ليبكنخت
-
لامساومة ، لامتاجرة سياسية - 1 - بقلم ويلهلم ليبكنخت
-
لامساومة ، لامتاجرة سياسية - مقدمة الطبعة الالمانية - بقلم و
...
-
لامساومة ، لامتاجرة سياسية - مقدمة الترجمة الروسية لكراس و .
...
-
مقالات لينين حول ماهو الوضع الثورى؟ 5- شيوعية الجناح اليسارى
...
-
مقالات لينين حول ماهو الوضع الثورى؟ 4 - إنهيار الأممية الثان
...
-
مقالات لينين حول ماهو الوضع الثورى ؟ 3 - الأول من مايو والحر
...
-
مقالات لينين حول ماهو الوضع الثورى ؟ 2 مظاهرة الأول من مايو
...
-
مقالات لينين حول ماهو الوضع الثورى ؟ 1 - الدوما المؤجلة والل
...
-
ماهو الوضع الثورى ؟ ل . تروتسكى
-
مشكلة قوانيننا فرانز كافكا
-
ضد التشاؤم - أنطونيو جرامشى
-
الحزب اللينينى وفوضى التنظيم المجالسي - من أرشيف حزب العمال
...
-
الحزب اللينينى وفوضى التنظيم المجالسي - من أرشيف حزب العمال
...
-
الحزب اللينينى وفوضى التنظيم المجالسي - من أرشيف حزب العمال
...
-
الحزب اللينينى وفوضى التنظيم المجالسي - من ارشيف حزب العمال
...
-
دانتون لقد خدمت الإستبداد !
-
حول الارهاب والدستور والذيلية
المزيد.....
-
“اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت
...
-
هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
-
الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة
...
-
مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
-
بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو
...
-
الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة
...
-
الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك
...
-
شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم
...
-
الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا
...
المزيد.....
-
تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)*
/ رشيد غويلب
-
مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق
...
/ علي أسعد وطفة
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين
/ عبدالرحيم قروي
-
علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري
...
/ علي أسعد وطفة
-
إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك
...
/ دلير زنكنة
-
عاشت غرّة ماي
/ جوزيف ستالين
-
ثلاثة مفاهيم للثورة
/ ليون تروتسكي
-
النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج
/ محمد عادل زكى
-
تحديث.تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى
/ عبدالرؤوف بطيخ
المزيد.....
|