أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمار مجيد كاظم - الديمقراطية والشورى















المزيد.....

الديمقراطية والشورى


عمار مجيد كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 4661 - 2014 / 12 / 13 - 16:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الديمقراطية والشورى
يقول السيد محمد باقر الصدر في كتابه "فلسفتنا"، حول رؤيته للنظام الإسلامي ، وبشيء من التصرف والاختصار من قبل الباحث (ص ص 38-43.): "أما السبيل الذي سلكه النظام الإسلامي فهو في تطوير المفهوم المادي للإنسان عن الحياة، فلم يبتدر إلى إبطال مبدأ الملكية الخاصة، وإنما غزا المفهوم المادي عن الحياة ووضع للحياة مفهوما جديدا، وأقام على أساس ذلك المفهوم نظاما لم يجعل فيه الفرد آلة ميكانيكية في الجهاز الاجتماعي، كالنظامين الماركسيين الاشتراكي والشيوعي، ولا المجتمع هيئة قائمة لحساب الفرد، كالنظام الرأسمالي. بل وضع لكل منهما حقوقه، وكفل للفرد كرامته المعنوية والمادية معا. فالإسلام وضع يده على نقطة الداء الحقيقية في النظام الاجتماعي للديمقراطية، وما إليه من أنظمة، فمحاها محوا ينسجم مع الطبيعة الإنسانية، بإيجاد قاعدة فكرية جديدة للحياة والكون، فجعل الإنسان يؤمن بأن حياته منبثقة عن مبدأ مطلق الكمال، وإنها إعداد للإنسان إلى عالم لا عناء فيه ولا شقاء، كما نصب له مقياسا خلقيا جديدا في كل خطواته وأدواره، وهو رضا الله تعالى. فليس كل ما تفرضه المصلحة الشخصية هو جائز، وكل ما يؤدي إلى خسارة شخصية فهو محرم وغير مستساغ، بل الهدف الذي رسمه الإسلام للإنسان في حياته هو الرضا الإلهي، والمقياس الخلقي الذي توزن به جميع الأعمال إنما هو مقدار ما يحصل بها من هذا الهدف المقدس، والإنسان المستقيم هو الإنسان الذي يحقق هذا الهدف، والشخصية الإسلامية الكاملة هي الشخصية التي سارت في شتى أشواطها على هدي هذا الهدف، وضمن إطارها العام. فرسالة الدين هي في توحيدها بين المقياس الفطري للعمل والحياة وهو حب الذات، والمقياس الذي ينبغي أن يقام للعمل والحياة، ليضمن السعادة والرفاه والعدالة. فحب الذات وهو المقياس الفطري يتطلب من الإنسان أن يقدم مصالحه الذاتية على مصالح المجتمع ومقومات التماسك فيه، أما المقياس الذي ينبغي أن يحكم ويسود فهو المقياس الذي تتعادل في حسابه المصالح كلها، وتتوازن في مفاهيمه القيم الفردية والاجتماعية.
وتتخذ رسالة الدين أسلوبين في توحيد هذين المقياسين. ويتمثل الأسلوب الأول: في تركيز التفسير الواقعي للحياة، وإشاعة فهمها في لونها الصحيح، كمقدمة تمهيدية إلى حياة أخروية، يكسب الإنسان فيها من السعادة على مقدار ما يسعى في حياته المحدودة هذه. في سبيل تحصيل رضا الله. فالمقياس الخلقي أو رضا الله تعالى هو الذي يضمن المصلحة الشخصية، في نفس الوقت الذي يحقق فيه أهدافه الاجتماعية الكبرى. فالدين يأخذ بيد الإنسان إلى المشاركة في إقامة المجتمع السعيد والمحافظة على قضايا العدالة فيه، التي تحقق رضا الله تعالى، لأن ذلك يدخل في حساب ربحه الشخصي، ما دام كل عمل ونشاط في هذا الميدان يعوض عنه بأعظم العوض وأجله. أما الأسلوب الثاني الذي يتخذه الدين ، للتوفيق بين الدافع الذاتي والمصالح الاجتماعية فهو: التعهد بتربية أخلاقية خاصة، تعني بتغذية الإنسان روحيا، وتنمية العواطف الإنسانية والمشاعر الخلقية فيه. لكي يصبح الإنسان محبا للقيم الخلقية والمثل التي يربيه الدين على احترامها ويستبسل في سبيلها، ويزيح عن طريقها ما يقف أمامها من مصالحه ومنافعه".
والى أن تستطيع رسالة الدين بهذين الأسلوبين آنفي الذكر أن يوجد ذلك الإنسان أو الشعب المسلم المشبع بروح الإيمان والأخوة والإيثار والتضحية من أجل دينه وأمته والملتزم بجميع ضوابط الشريعة قولا وفعلا، والذي يشكل العنصر الأساسي للنظام الإسلامي، حيث يشكل هذا العنصر التطبيق العملي لقانون الجدل الإسلامي المتمثل بقانون الترابط، حيث أن المؤمنين أخوة وهم كالبنيان المرصوص يشد بعضهم أزر بعض، (عن أبي موسى الأشعري -;- قال: قال رسول الله -;-: -;-المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه-;- رواه البخاري ومسلم). كما فعل الرسول -;- مع مجتمع عصره، خلال حياته الشريفة. أما العنصر الثاني للنظام وهو القيادة السياسية، فستنبثق، كأمر ضروري وحتمي وتلقائي، من العنصر الأول أي من نفس الشعب المسلم وبشكل سلمي وديمقراطي واستنادا إلى مبدأ الشورى الإسلامي، على اعتبار أن مبدأ الشورى الإسلامي من المبادئ المثيرة للجدل والاجتهاد بل وكانت السبب كما يرى الباحث في تعدد المذاهب الإسلامية، حيث أن الخلاف المذهبي حول مبدأ الشورى هو في أساسه سياسي وليس فقهي، وبالأخص ما بين الشيعة (مدرسة الامامة أو أهل البيت) والسنة (مدرسة الصحابة)، لأن هذا الخلاف كان السبب في نشوء نظام الخلافة الإسلامية بعد وفاة الرسول -;-، والذي تحول فيما بعد إلى خلاف في فقه العبادات كرد فعل أو كإثبات وجود، لذا يمكن الاجتهاد بالقول بأن الديمقراطية المستندة لانتخابات حرة ونزيهة والتي تمثل حكم الأغلبية من الشعب هي نوع من أنواع الشورى الإسلامية.
أن تفصيل الأمر في قضية العلاقة بين النظام الديمقراطي وبين نظام الشورى في الإسلام. هل هما بمنزلة واحدة أم أنهما يختلفان اختلافا بعيدا أو قريبا؟ سنرى ذلك من خلال ما يأتي:
- أما الديمقراطية فهو مصطلح سياسي غربي يوناني ويعني حكم الشعب، وان الشعب مصدر السلطات، وهذا المفهوم جزء من كيان الحضارة الغربية، وقد ظهر في الغرب كرد فعل للاستبداد والظلم والدكتاتورية التي شهدتها المجتمعات الغربية، وهي أسلوب من أساليب الحكم يقوم على الرأي العام، وانه نظام يستلهم شكله من رأي الأمة.
والمعنى الشائع للديمقراطية في العالم اليوم يطلق على المجتمع الذي له إدارة سياسية تضمن الحد الأعلى من الحقوق والحريات الفردية، وهذا المفهوم ذو اتجاه فكري علماني وهو بهذا المعنى لا وجود له في الإسلام، لان الفكر السياسي الإسلامي ظهر قبل أن تعرف أوروبا تطبيق مبادئ الديمقراطية أو الانتخابات الحرة لتعيين ممثلي المجالس المحلية والمسؤولين والحكام.
إن الديمقراطية السياسية Political Democracy : هي أن يحكم الناس أنفسهم على أساس من الحرية والمساواة فلا تمييز بين الأفراد بسبب الأصل أو الجنس أو الدين أو اللغة. أما الديمقراطية الإدارية Demo Administration فتدل على القيادة الجماعية التي تتم بالمشورة والمشاركة مع المسؤولين في عملية اتخاذ القرارات. أما الديمقراطية الصناعية Industrial Demo فهي عبارة عن تنظيم الصناعة على أسس ديمقراطية بإشراك العمال في الإدارة والتخطيط ورقابة العمليات الصناعية عن طريق اللجان، مثل لجان الإنتاج، ولجان فض المنازعات ولجان المقترحات ولجان المنشآت إلى غير ذلك من اللجان. أما الديمقراطية المركزية Demo Centralism فهي نظام أساسي في المبدأ الشيوعي يتضمن انتخاب جميع أعضاء الحزب من القاعدة، وتقديم تقرير دوري عن سير العمل إلى القادة، كما يتضمن خضوع الأقلية للأغلبية وقيام الأجهزة السفلى بتطبيق قرارات الأجهزة العليا، وهذا هو الجانب المركزي. فهذه مجموعة من المعاني التي ألقت عليها لفظة الديمقراطية، بل مصطلح كلمة ديمقراطية سواء أكان هذا المصطلح منطبق على المعنى الذي وجد من أجله أم لا.
وموجز القول في معنى مصطلح الديمقراطية، أن السيادة للشعب فله أن يمارس أرادته كاملة بوضع دستوره وقوانينه ونظم حياته، كما أن لهذا الشعب أن يمارس إرادته باختيار حكامه دون ضغط أو إكراه، ولأجل أن يتمكن من ذلك كله-وضع الدستور والنظم والقوانين واختيار الحكام-كانت الحريات العامة هي الأساس الذي يجب توفيره لكل فرد حتى يتمكن من المشاركة في الحكم والمشورة والاختيار، كما أن هذا هو الأصل الذي قامت عليه بقية التسميات لها. كما أنها تعتبر مبدأ قائما بذاته وهو المبدأ الرأسمالي–الذي سمي بالرأسمالي من باب تسمية الشيء بأبرز ما فيه-وإلا فهي العقيدة التي يقوم عليها المبدأ الرأسمالي: وذلك أنه نتيجة للصراع الدموي بين الكنيسة والأمراء، ومحاولة الكنيسة بسط هيمنتها على كل شيء في حياة الناس، وعدم قدرة أي من الفريقين على حسم الموقف لصالحه، قام جماعة من المفكرين ينادون بالديمقراطية، أي ترك الناس يختارون حاكمهم ونظمهم وقوانينهم مع بقاء سلطة الكنيسة على ما هو من اختصاصها، وبهذا وجد المبدأ الديمقراطي أي الرأسمالي وجعلت عقيدة فصل الدين عن الحياة قاعدة فكرية له، والأساس الذي يقوم عليه المبدأ، وجعلت كرامة الفرد الإنسانية وقيمته الأساس الذي تنبثق عنه نظم الحياة وقوانينها ومن هنا كان لا بد لهذا الفرد حتى يستطيع القيام بهذه المهمة من التمكن من مباشرة سيادته، أي ممارسة إرادته وذلك بإعطائه الحريات العامة أي الحريات الأربع، حرية العقيدة، وحرية الرأي وحرية التملك، والحريات الشخصية، حتى أصبحت هذه الحريات هي أقدس المقدسات عند حملة هذا المبدأ، حيث أنها –حسب تعبيرهم جعلت الفرد سيد نفسه، ولا سلطان لأحد عليه وهذه هي الفردية في المبدأ الرأسمالي، إلا أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه ولا يعيش بمفرده، ولهذا فقد اتفق حملة هذا المبدأ على نظرية العقد الاجتماعي في تكوين المجتمعات ونشوئها، وهي التي تقضي بأن يتنازل كل فرد عن جزء من حريته لفئة منهم تقوم بحماية حرية الأفراد، ومنع الاعتداء عليها ولما كانت المجتمعات والكيانات السياسية تقوم على علاقات دائمة بين أفرادها كان لا بد من وضع دستور يحدد شكل الدولة وأجهزتها وعلاقات هذه الأجهزة مع بعضها، وعلاقتها بالدولة وعلاقتها بالأفراد، وأن يضع هذا الدستور مجموعة الأفراد الذين يتكون منهم المجتمع، لذلك كان على هؤلاء الأفراد أن يختاروا نفرا منهم يضع هذه النظم، وأن يعهدوا إلى فئة بسن التشريعات والقوانين لأنهم المصدر الوحيد للتشريعات والقوانين ما دام أن الدين لا يجوز له أن يتدخل في حياة الناس وعلاقتهم مع بعض، ومن هنا فقط أطلق على عقيدة هذا المبدأ، عقيدة فصل الدين عن الحياة، كما أن على هؤلاء الأفراد أن يختاروا حاكمهم أو حكامهم ليقوموا بتنفيذ تلك التشريعات والقوانين. إذن فهؤلاء الأفراد هم الذين يضعون دستورهم ونظمهم وقوانينهم وتشريعاتهم، وتقوم الهيئة التنفيذية التي اختاروها واستأجروها بتطبيق تلك النظم والأحكام على الناس ولا دخل للدين، ولا لرجال الدين، ولا للكنيسة، ولا للاكليروس-الهيئة الكنسية-دخل في وضع تلك الأحكام وتنفيذها. ولما كان من المستحيل أن يجتمع جميع الأفراد، أو أن يجمعوا على وضع كل حكم من الأحكام، أو على حكم واحد منها، وذلك لتعذر اجتماعهم جميعا في مكان أو أمكنة متعددة، ولتعذر اجتماعهم جميعا في مكان أو أمكنة متعددة، ولتعذر إجماعهم كذلك بسبب التفاوت والتناقض والاختلاف والتأثر بالبيئة بين الأفراد، فالطاقات العقلية والجسمية متفاوتة قوة وضعاف ولا ريب، والخلفيات النفسية والفكرية متناقضة ومختلفة بين الناس، كما أن مواطن العيش واختلاف البيئات حقيقة ثابتة تترك بصماتها على الأفراد، لكل هذا فقد اتفقوا على النزول على رأي الأكثرية النسبية بغض النظر عن كونه صوابا أم خطأ هذا هو الأساس الذي تقوم عليه الديمقراطية أي المبدأ الرأسمالي.
من هنا نقول أن الديمقراطية بكافة معانيها تقوم على قاعدة واحدة هي عقيدتها، وهي قيادتها الفكرية، وهذه العقيدة هي فصل الدين عن الحياة، وأن الإنسان هو الذي يضع نظم حياته وقوانين سلوكه ولا يتأتى له ذلك إلا إذا تحققت له السيادة وتوفرت له ممارسة الإرادة أي تمكينه من الحريات العامة وممارسته لها. ولهذا فان البحث في صلاح فكرة الديمقراطية أو فسادها، إنما يكون ببحث الفكرة التي تقوم عليها أي عقيدتها وكذلك ببحث الأصل الذي بنيت عليه وهو الحل الوسط-ثم بحث المصدر التشريعي لها-أي جعل الإنسان هو الذي يضع التشريعات جميعها من دستور ونظم وقوانين، فإن ثبت أن هذه الأصول الثلاثة للديمقراطية فاسدة فإن جميع ما يصدر عنها من معالجات وما يبنى عليها من أفكار يكون فاسدا قطعا، وبالتالي فإنها تؤدي إلى شقاء الإنسان وتعاسته بدلا من أن تؤدي إلى رفاهيته وسعادته.
- وأما بالنسبة للشورى فإليك بيان أهم ما يتعلق بها ليتضح لك من خلاله معرفة الفرق بينهما. معنى الشورى: تتلخص معاني الشورى في أنها محاولة إجماع الآراء حول القضايا المهمة ومعرفة الصحيح منها من مجموع تلك الآراء وقد وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم في أكثر من موضع ولجوانب مختلفة فيها الثناء والامتنان والإرشاد.
- ففي بعض الآيات الثناء من الله تعالى على المؤمنين حينما تتآلف القلوب وتتحد الأهداف ويمثل الجميع جسما واحدا. قال تعالى: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) [الشورى: 38]، أي لا يبرمون أمرا حتى يتشاوروا فيه ليتساعدوا بآرائهم. وفي بعضها أمر من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بأن يشاور أصحابه وأن هذه المشاورة منهم له هي رحمة من الله تعالى واصطفائه بالأخلاق الفاضلة قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [ آل عمران :159].
- و في بعضها أمر وإرشاد للمؤمنين في حال الخصومة بينهم أن يلجأوا إلى التشاور فيما بينهم للوصول إلى الأمر الذي يصلح به كلا الفريقين فقال تعالى في شأن النزاع بين الزوج وزوجته: (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) [البقرة:233]. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم دائما يشاور أصحابه امتثالا لأمر الله تعالى له وكان يأخذ بالرأي السديد من أي شخص كان إذ أن طالب المشورة إنما يبحث عن الرأي الذي يبدو أنه يحقق المصلحة فقد شاور الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق، و في غزوة بدر، و في أسارى بدر، و في غزوة أحد، وفي غيرها من المواقف الكثيرة. والسؤال الوارد هنا هو هل هذا المفهوم للشورى في القرآن الكريم و في السنة النبوية هو نفسه المفهوم الذي تحمله الديمقراطية؟ وما هو الدافع لكثير من المسلمين القول بأن الشورى في الإسلام هي نفس مفهوم الديمقراطية؟.
الديمقراطية بمفهومها الأساسي كما سبق ذكره تعني حكم الشعب لنفسه دون أن تستأثر طبقة أو جماعة أو فرد بهذا الحكم، ومن دون أن يصبح كل أفراد الشعب حكاماً، فيصبحوا بحاجة عندئذ إلى شعوب يحكمونها. وبهذا التعريف تأتي الديمقراطية رديفة للشورى في بعض الوجوه من حيث إعطاء حق المشاركة للشعوب في صناعة القرار وإدارة شؤون الحكم، عدا أن الشورى نظام تميزت به الشريعة الإسلامية باعتباره جزءاً من العقيدة، بينما الديمقراطية نظام وضعي أي من وضع الإنسان فهي نظام سياسي اجتماعي غربي النشأة عرفه الغرب من الحقبة اليونانية ودخل عليه تطوير في الحضارة المعاصرة، كما أنها تنظم العلاقة بين الفرد والمجتمع والدولة من منطلق مبدأ المساواة بين المواطنين، ومنح حق المشاركة في صنع التشريعات، وسن القوانين التي تنظم الحياة العامة وفق مبدأ أن الشعب مصدر السلطات، فالسلطة في النظام الديمقراطي، هي للشعب بواسطة الشعب، أما الشورى الإسلامية فهي صورة من صور المشاركة في الحكم تستمد جذورها من أصول الدين وجذوره، وهي من أهم المبادئ الشرعية التي يقوم عليها النظام السياسي في الإسلام، بل إن بعض الباحثين يرى أن الشورى هي النظام السياسي ذاته، وليس واحداً من مبادئه، أو قاعدة من قواعده، نظراً لما يترتب على الشورى في المنظور الإسلامي من بيان العلاقة بين الحاكم وأهل الشورى، والتزام الدولة بالقواعد المشروعة
إذا اعتبرنا الديمقراطية مذهباً اجتماعياً قائماً بذاته فليس لنا أن نقول إنها من الإسلام، أو أن الإسلام يقبلها ويستسيغها ويتضمنها، إذ هما مذهبان مختلفان في أصولهما وجذورهما، أو فلسفتهما ونتائج تطبيقها، ولكننا إذا نظرنا إليها على أنها اتجاه يحارب الفردية والاستبداد والاستئثار والتمييز، ويسعى في سبيل جمهرة الشعب ويشركه في الحكم، وفي مراقبة الحكام، وسؤالهم عن أعمالهم ومحاسبتهم عليها، فالإسلام ذو نزعة ديمقراطية بهذا المعنى بلا جدال، أو أن للإسلام ديمقراطيته الخاصة به أي نظامه الذي يمنع استبداد الحكام واستئثارهم، ويمكّن الشعب من مراقبتهم ومحاسبتهم.



#عمار_مجيد_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية العمل والقيمة في الاقتصاد الاسلامي
- نظرية العمل والقيمة في الاقتصاد الإسلامي
- ثورة الحسين دائمة
- فكرة القانون الطبيعي في النظامين الإسلامي والوضعي
- اشتراكية الاسلام
- لماذا نكره ماركس
- المسلمون الشيوعيون


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمار مجيد كاظم - الديمقراطية والشورى