أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الحامدي - كيف نقتل في اجيالنا الصاعدة روح الاختلاف ونحولها الى ببغاوات















المزيد.....

كيف نقتل في اجيالنا الصاعدة روح الاختلاف ونحولها الى ببغاوات


عادل الحامدي

الحوار المتمدن-العدد: 4659 - 2014 / 12 / 11 - 00:31
المحور: الادب والفن
    


عبر صديقي طارق الذي شاركني مقاعد الدراسة لسنوات عن راي مخالف لراي اولي الامر فاوشك ان يرفت من المدرسة وخلفت في نفسيته وتقكيره ردود فعلهم المتوحشة القامعة لتلك المحاولة الجريئة التي اقدم عليها تاثيرات لاتمحي وخلقت فيه خشية غريزية من مخالفة غيره الراي مفضلا عليها المداراة والنفاق لكيلا يتعرض الى رد فعل محطم مماثل لذلك الذي تعرض له وهوصبي على مقاعد الدراسة سولت له نفسه المتمردة والمتطلعة الى فضاء حر تملاه النزاهة وعقله المنفتح على افق ارحب من دائرة (نعم صحيح سيدي )المنافقة التي فرضها عليه محيطه ان يعترض على سلوك المتفقد بشان احد التلامذة عندما اتهمه بالمحاباة والكيل بمكيالين تجاه اثنين من التلامذة كلاهما يعاني من نفس العاهة : الوكوكة في النطق التي يتعسر معها التلفظ بالكلمة الا بعد جهد جديد من قبل صاحب العاهة ومن قبل المستمع اليه ...
اما الاول ففتاة بورجوازية شقراء والدها ثري احتلت المقعد الاول من القسم وكلما ارادت الكلام غلبتها الوكوكة فتظل تردد :..كككككك كه كه ككككك قبل ان يسعفها لسانها بالمرور الى الكلمة الموالية فكان المتفقد ووراءه معلمها – فهو طوال وقت حضور المتفقد الذي غالبا ما يطول لا يملك من زمام الامر شيئا حيال سطوة هذا الاخير – يعاملها بتفهم شديد ويمنحها من الوقت ما تحتاجه لانهاء كلامها متذرعا بان لا ذنب لها في عاهتها ..كان يمكن لكلامه ان يكون ذا مصداقية وتاثير لولا ان موقفه يتغير 180درجة كلما شرع صديقنا بلقاسم الاسمر اللون رث الثياب الذي تبين عليه بجلاء ملامح ابناء الدواخل المفقرين في الكلام مستهلا كلامه هكذا ..:عككك عكك عككككككك كككك عك عك كهههه فيسارع المتفقد بوضع اصبعيه على اذنيه فرارا من هول ما يسمع ..ويصرخ في وجهه امرا اياه بالصمت فيصمت بلقاسم مبهورا لاهث الانفاس فهو عند متفقدنا العتيد ردئ الصوت ...ثقيل الكلام ...ركيك الفكرة ولو كان في راسه فكرة واحدة تستاهل ان يفضي بها لما عجز عن الافضاء بها كل هذا العجز واذن فبلادته وركاكة عقله هي المسبب الاول لثقل كلامه وعليه معالجتها اولا والصمت ثانيا ....
ويصمت بلقاسم مغلوبا على امره محطم المعنويات والنفسية ..ثم لا يلبث ان يشتد غباءه فلا يعي من محتوى الدرس شيئا ..فهو حاضر معنا كجسد لا اكثر
لم يطق طارق صديقنا الجسور صبرا على تحامل المتفقد وتواطئ المعلم فقال مرة بصوت عال وقد شاهدا كلا التلميذين يتدخلان ويواجهان ردي فعل متباينين من المتفقد بعد ان تغلب على خوفه
- هذا فرض وهذا سنه..هذا تعلي وهذا تهبط ...
فالتفت اليه المتفقد متفاجأ ثم زم شفتيه ولاحت في عينيه نظرة مظلمة ثم ما لبث ان غادر القسم متجها الى مكتب المدير حيث قعد يتربص بطارق الى حين انتهاء حصته لينتقم منه على راحته ..بينما لم تبدر من المعلم اي ردة فعل وان يكن تجنب النظر الى بلقاسم او مخاطبة طارق طوال الوقت المتبقي من الحصة او الرد على اي من اسئلتهما .....قبل انتهاء الحصة بدقائق جاء من يستدعي طارق الى مكتب المدير فغادر الى هناك وفرائصه تصطك من الرعب فالرسول كانت تبين على ملامحه صرامة مخيفة وهو ينادي :
- هل في قسمكم ولد يدعى طارق ؟؟
اشار المعلم بيده اشارة خشنة مليئة بالاتهامات في اتجاه طارق امرا اياه بالخروج وتلبية داعي المدير مع الرسول متجهم الملامح ..
في مكتب المدير انعقدت حلقة تعذيب لطارق كان ابطالها :المدير والمتفقد واثنان من المعلمين كبر عليهما ما اتاه طارق وعجزا عن استيعاب موقفه الشاذ وكلمته الحاطة بقدر المتفقد وقد تبدر منه كلمة مماثلة تجاههما – فحلفهما مع المتفقد كان دفاعا عن نفوذ مثل طارق تهديدا خطيرا له ...
- زيد طول لسانك اكثر ...تعطيني درس ؟؟ يا ابن الدواخل المنتنة ؟؟ وفي رأسك من القمل اكثر مما فيه من الشعر......قال المتفقد ذلك وهو يجلس والخيلاء تملئه ناظرا بعجرفة الى طارق المرتجف وهو يقف لصق الباب لا يجرؤ ان يتقدم خطوة الى الامام فالمدير حرم عليه ذلك وهو يلوح بعصا كم عرفها طارق وكم خبر ويلاتها ...
- رديت على حضرة المتفقد الكلام ؟ وجلبت على مدرستك العار لتعير بين المدارس بانها لم يتخرج منها غير صحاح الرقع ومنعدمي الاخلاق ؟؟ايها الركيك ...
لم يكن امام طارق غير ان يتلقى سيل التقريع اللاسع منتظرا باستسلام انتقال المدير الى العقاب الفعلي ..وهذا لم يتاخر ....فالمدير عاد يخاطبه بصوت قارع :
- يدك اليمنى ...ونال على تلك اليد 5 كعبات ساخنة اذابت انسجة يده الطرية
- ثم يدك اليسرى..ونال عليها 5 كعبات هي الاخرى ..وصرفاه مدميا روحا وجسدا ...
بيد ان هذا لم يكن كل شئ
فخبر تحدي طارق للمتفقد وانحيازه لبلقاسم قد بلغ الى ابيه فطار صوابه وخشي من عواقب كارثية على ولده جراء تلك الشجاعة ...
...ما ان وصل الى البيت حتى عقد الوالد حلقة تاديبية لتلقينه اصول السمع والطاعة تجاه الكبار وهو مغمض العينين ...
- اش قلت للمتفقد ؟؟تبازز ؟؟اش مكلفك واش مجبدك واش مدخلك في سراهم ؟؟تحب يطردوك ولا يدوبلوك ؟؟
وعندما هم بالخروج الى عطار الحي بعد ان كلفته امه بشراء خبزة بادره هذا بالكلام حالما رءاه :
- باش تجبد معاي وتطيحلي قدري كيما عملت مع المتفقد ؟؟الله يبارك ويزيد
...وعندما التقى ابناء حومته كانوا يزورون عنه خوفا من ان يتهم احدهم بتشجيعه وممالئته على ذوي النفوذ في ذلك المحيط المنكوب بعبودية افراده وخضوعهم لقانون الاقوى ....ومن وراءه مؤسسة القمع التي يحرسونها كلهم ويعمل دولابها في العقول فلا ينفك عنها حتى تستحيل عقول الناشئة الى نسخ متماثلة ومعلبات معباة بصورة ميكانيكية .....
كانت شبكة جهنمية تلك التي تتشكل سريعا للقضاء على روح الاستقلالية والنزاهة والميل الى الانصاف وتسمية الاشياء باسماءها في نفوس الاجيال الصاعدة وتحويلها الى قطعان داجنة تردد وتعيد ما تسمعه وتخضع الى شريعة الاقوى ولا تبالي بمعاناة انسان فتلك في عد كبارنا صفقات خاسرة ...وان عايشوها عيانا ...
ماذا حدث تاليا لابطال هذه القصة الصغيرة ؟؟؟
بلقاسم تحول الى جهادي انتقم لنفسه من المجتمع الذي احتقره ..هان على المجتمع فهان عليه المجتمع ...ومن غير المستبعد ان يكون على رأس الموجة الانتحارية التي تغزو المدن وتفجر الناس بالجملة ...
ابن المتفقد وصنيعته والولد المدلل في القسم صار اطارا بنكيا يشار اليه بالبنان يتصرف في المليارات ويختلس منها بغير حساب ..
طارق تحول الى انتهازي يميل مع الريح حيث تميل لا يؤمن بغير المصلحة الشخصية وقد استخلص درسا قاسيا ترك حفرا غائرة في نفسيته من تلك الحادثة التي عاشها طفلا
اما الفتاة فلم تذهب بعيدا في بناء اركان حياتها بفعل روح التواكل والمباجلة التي غرسها فيها المتفقد والعائلة فتحولت بعد ان انسدت في وجهها اخيرا الابواب وكشر الناس بانيابهم الحادة في وجهها الى بائعة هوى تجوب الشوارع وتداري عيبها الخلقي بابراز اكثر ما يمكن من جسدها لطلاب اللذة المتهافتين ..ولم تسعفها محاباة ذلك الرجل بل كانت وبالا عليها باعتبار انه عودها على التدليل والتبجيل دون موجب وعلى حساب غيرها وافتكاك حقه ......ونسيت ان لكل شئ ثمنا
هذه قصة صغيرة من واقعنا عسى ان ناخذ منها درسا ...
ولكن هل حقا مازال الوقت يسمح لنا بتلقي الدروس ؟؟؟
ام ان الحياة باشرت انتقامها منا بعد ان اضعنا الوقت كله في الضجبج وان ان نستمع الى صوت الحقيقة القارع .....
ومتى كنا عبرنا على اهلية لتلقي الدروس واستيعابها اصلا ؟؟



#عادل_الحامدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - احزان سعيدة - رواية حول عمل ومعاناة النساء في االارياف الت ...


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الحامدي - كيف نقتل في اجيالنا الصاعدة روح الاختلاف ونحولها الى ببغاوات