سعد عودة رسن
الحوار المتمدن-العدد: 4654 - 2014 / 12 / 6 - 20:12
المحور:
الادب والفن
القصيدة المفقودة ل (عبد الامير جرص)
قبل حوالي سنة نشرتُ مقالة استذكرُ فيها الشاعر التسعيني عبد الامير جرص ,كيف التقيتهُ في مقهى ابو نوار في باب المعظم وقصة القصيدة الفائية الذي قرأها لي في ذلك المقهى ,كانت صورة وجهه وطريقته القلقة في القراءة ظلت ملتصقة برأسي حتى بعد ان تركت التواصل مع اصدقائي ومنهم عبد الامير بعد 1995 نتيجة لظرف شخصي جعلني احرق كل اوراقي وأبيع كل كتبي وانزوي في عالم يحتاج الى شيطان لا الى شاعر ,لكن بعض كلمات جمال الحلاق وصالح الربيعي ومقطع كنت اتصوره لحسن علوان الدرويش اتضح لي انه لعبد علي الرماحي ,بعض نصوصي التي كتبتها في تلك الفترة و بيتان وعجز بيت من قصيدة عبد الامير كنت ارددهم كأنهم اغاني لسعدي الحلي ,واعني البيتين اللذين وضعهما في ديوانه الاول (قصائد ضد الريح) والذي احرقته من ضمن ما أحرقت حينها اما عجز البيت فكان يقول (وهل بغير سوانا تملأ النجف).
بعد سقوط الصنم بدأتُ ابحث عن اوراقي القديمة ,لم اعثر إلا على بعض الوريقات موجودة في مكان ما من البيت ,كان حسن علوان الدرويش هو الوحيد الذي التقيه في فترات متباعدة وهو من اخبرني بوفاة عبد الامير غريبا في كندا ,في تلك اللحظة احسستُ بحاجة هائلة للقصيدة ,احاول ان اتمسك بتفاصيل وجهه من خلال كلماتها وكانت سعادتي كبيرة عندما نزل علي وجيه ديوانه (قصائد ضد الريح) مصور في مكتبة الادب المعاصر على النت لكنني كنت اريد القصيدة كاملة لذلك كتبتُ المقالة وذكرت فيها انني لن اودع صديقي إلا بعد حصولي على ألقصيدة
بعدها نشر الشاعر حسين علي يونس مجموعته الكاملة ومنها (13) بيت من قصيدته من البيت رقم(1) حتى البيت رقم (13) ورغم انني كنت اعرف ان الديوان طبع في 1993 لكن حسين علي يونس ذكر ان الديوان مطبوع سنة 1994 مما جعلني غير متأكد من ذكرياتي خاصة وإنني لم اجد عجز البيت ضمن القصيدة التي نزلت في نسخة حسين علي يونس ,شككتُ كثيرا في ذكرياتي وكان خرف جمال الحلاق يحتلني بالكامل (نسبة الى ديوانه تقدم ايها الخرف) .
قبل يومين دخل لي على الخاص رجل اسمه (محمد الطيب) اخبرني انه كان زميل عبد الامير جرص وانه قرأ مقالتي التي اطلب فيها القصيدة الفائية كما اخبرني ان هذه القصيدة قد خطها هو بخط يده لان خط عبد الامير كان سيئا الى درجة كبيرة ,وفعلا التقينا في اليوم التالي في المتنبي وكانت سعادتي لاتوصف وإنا ارى القصيدة تستلقي بين يدي بكامل ابياتها ومن ضمنها العجز الذي علق في ذهني منذ استقبلتها أذني من فم عبد الامير نفسه ..
اليوم فقط استطيع ان اودع عبد الامير ,صديقي الذي تركنا في الوقت الخطأ,شكرا للأستاذ محمد الطيب لأنه جعلني الوح مودعا صديقي عبد الامير
واليكم القصيدة كاملة مع صورة لها بخط الاستاذ محمد الطيب
الثلاثينية
اطعتُ نَفسي على نَفسي واعترفُ
اني معي دائما في الرأي أَختلفُ
اذ غالبا ما أرى مالا ترى مُقلي
ولا يُرى البؤسُ,والحرمان يُكتشفُ
فأخبر عيونَ المها او قل لها أزفي
اذ قد يحلُّ بعينٍ حلوةٍ أزفُ
(ان العيون التي في طرفها حَورٌ)
قد تخطئ القصد احيانا وتنحرفُ
وما أغضَّ ضحىً عن جارتي طرفا
اني على العكس مني يسرح الطرفُ
فأقفلُ العينَ بالمفتاح أغمضها
كي لا ترى العين غيري حين اعتكفُ
وكم خرجتُ لها من مضجعي غَضبا
وكان يشغلها عمّا ارى تّرفُ
وبّختها وظلامُ النفس يَصحبُني
فرحتُ اذرفُ ايامي..وانذرفُ
اذ ليس من مجهرٍ للصّدق سيدتي
ولا يُكبّرُ كالجرثومة الشَّرفُ
وليس من احدٍ قد عاش معظمهُ
بين التعسِّفِ مثلي,تَخدعُ الصحفُ
ان يُبدِ لي قصب الاهوار خضرتهُ
فليس تخفى على مستنقعٍ جِيفُ
وكم شَممتُ على بعدٍ مؤامرةً
وكان يلهو بشمِّ الوردةِ الشَغِفُ
وقفتُ ضدي وكان الكلُّ يحفر لي
فهل رأيتِ وحيدا ضدهُ يقفُ
يا حَبّة العين واو العطف ما عطفت
ولا بها هذهِ الاضداد تأتلفُ
لكن على لغة المستعمرين أنا
أجرُّ بالواو من قلبي وانعطفُ
كلًّ على ما انطوى لو قيس سيدتي
لما استوى إلا من معناه والعنفُ
فكلُّ شعب يرى في امنهِ امَنَا
ومجلس الامن منه الناس ترتجفُ
وما مقاصدُ امريكا بخافيةٍ
عن عين من صفقوا حتى ومن هتفوا
فكلّ معنى بلا معنى يبررهُ
وكل شئٍ الى لا شئ ينجرفُ
انا افكرُ في نفسٍ مجرّدةٍ
اذا انا ضدها او احمقٌ صلِفُ
قد ضاقَ بي الالفُ ميلٍ من تسلطَّها
وقد يضيقُ بحرٍّ واحدٍ ألِفُ
هذا العراقُ عراقيُ الهوى كأبي
يَحارُ في فهمهِ ذو اللبِّ والخَرِفُ
مبالغٌ ان قسى تبكيهِ قَسوتُهُ
وشاعرٌ ان هوى في حسّهِ رهَفُ
يخلدُ الإثم في اقصى مصائبهِ
وليس ينسى مسيئا حين يقترفُ
لما تزل امُّنا يُدمي مشاعرها
ذكرُ الحسين ومن سيقوا ومن نزفوا
ولا نزالُ على الضَّراء نحسدُهم
يا ليتنا معهم يا ريت ننقطفُ
يا حبةَ العين ان العين مثقلةٌ
فلا تظُنّي اذا اغضّت بها كَسَفُ
لم تكسف الشمس في عينيَّ طائرةً
اني بعينيكِ ان حدقت أنكسفُ
ولا ارتجفتُ وقد دوت قذائفهم
ياحبة العين اني منكِ ارتجفُ
فما صواريخ امريكا مقصرةً
عمري ولا هي تحميهم اذا انخسفوا
كلٌّ الى الموت مأخوذٌ بساعتهِ
وهل بغير سوانا تملأ النجفُ
انَّا كأسمائنا حبرٌ على ورقٍ
ومثلما تُحذفُ الاسماءُ ننحذفُ
#سعد_عودة_رسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟