أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل حبه - جراح تجميل














المزيد.....

جراح تجميل


عادل حبه

الحوار المتمدن-العدد: 4648 - 2014 / 11 / 30 - 22:50
المحور: الادب والفن
    


جرّاح تجميل
للكاتب التركي الساخر عزيز نسين
تعريب عادل حبه

في أحد الأيام توجه أحد المواطنين إلى عيادة جراحة التجميل، وطلب من الطبيب أن يقوم بعملية تجميل لوجهه، على أن يكون أحد نصفيه مبتسماً على الدوام، والنصف الآخر في حالة بكاء شديد. سأله الطبيب عن السر وراء هذا الطلب العجيب؟؟. عندها بادر المراجع إلى رواية قصته.
في يوم من الأيام ذهبت إلى دعوة ضيافة أقامتها الدائرة بمناسبة عيد ميلاد كمال آتاتورك زعيم تركية. وقام الجميع بتبادل الأحاديث والضحكات وتناول الشراب والحلويات والفواكه. وقمت بدوري بتناول قدح من النبيذ وتوجهت نحو أحد المناضد وجلست لوحدي هناك. لقد وضع المضيفون مزهرية وزهرة جميلة على كل منضدة بمناسبة عيد ميلاد آتاتورك. كما وضع شمعدان غرست فيه شمعة جميلة بالمناسبة. وما أن بدء تأثير النبيذ، وبدأت النشوة تدب في أوصالي، حتى اقتربت من بعيد فراشة جميلة وبدأت تحوم وتدور حول الشمعدان. أخذت أحدق في منظر الفراشة وهي ترقص بشكل جميل، وتدور حول شُعلة الشمعة إلى أن طالت شعلة الشمعة جناح الفراشة واحترقت. وقتها استذكرت قصة الشمع والزهرة والفراشة. بدء النبيذ يفعل فعله، وبحالة لا إرادية ترقرقت الدموع من عيناي حزناً على مصير الفراشة .
مرت تلك الليلة بسلام، وفي الليلة التالية استدعاني حرس الدائرة، وأبلغوني بوحوب الذهاب إلى مديرية الأمن التركية لتقديم بعض التوضيحات. ومن الطبيعي أن ينتابني الخوف والرعشة وذهبت إلى المكان. وما أن عرفت نفسي حتى شرع المحقق بتوجيه الصفعات يميناً ويساراً، دون أن يوضح سببها. واكتفى المحقق بالقول.... احمق ..ابن العاهرة .. لقد طغى على الجميع السرور والحبور في حفلة عيد ميلاد آتاتورك، فلماذا كنت تجهش بالبكاء والنواح؟. وأخرج المحقق صورة لي التقطها أحد مراسلي الصحف ونشرها في صحيفته، حيث كنت أجهش في البكاء على مصير الفراشة، مما دفع مديرية الأمن التركية إلى استدعائي والتحقيق معي. خلاصة القول، كلما حاولت أن أشرح له الدافع وراء هذا البكاء، إلاّ أن المحقق لم يصدق أية كلمة من حديثي. وأكتفى المحقق بالقول أن بكاءك والحزن في وليمة عيد ميلاد آتاتورك كان له دوافع سياسية!!.
وفي النهاية، وبعد اصراري والتماسي وطلب العفو عن ذنبي، وبعد تقديم تعهد ثبت في الاضبارة، تم إطلاق سراحي. مرت هذه الحادثة بسلام إلى أن جرى حادث وفاة ابن عم كمال آتاتورك اثر سكتة قلبية أودت بحياته. وقامت الإدارة بمجلس فاتحة على روح المرحوم. وتوجهت، أن إبن الخائبة، بالذهاب إلى الفاتحة لتقديم فروض العزاء. وما أن وضعت أقدامي على المكان حتى بدأ وجع الرأس. اقترب مني النادل المسؤول عن تقديم القهوة وضيافة المدعوين، وكانت ربطته غير معقودة بشكل ملائم وبدت عقدة الرباط عوجاء بحيث كان هيكل وقيافة النادل في حالة تثير الضحك. أجبرت نفسي بالقوة على تفادي الضحك، وسعيت إلى أن أظهر بمظهر الحزين والبائس.
وفي الزاوية الأخرى من المجلس، وقف أحد الأشخاص خلف الميكرفون وشرع بتعداد مناقب المرحوم وحسناته وحبه للخير والإحسان، مع بضع كلمات خونفشارية وبألفاظ حافلة بالأخطاء بحيث أصبحت على قاب وقوسين من الضحك، ولكنني سيطرت على اعصابي وتظاهرت بالحزن والبؤس.
وفي خلال الحديث عن حسنات المرحوم، حصل تماس في أسلاك الميكرفون مما أدى إلى قطع البث بين حين وآخر، وتداخلت كلمات المتحدث بحيث أصبح حديثه مثيراً للسخرية والضحك. لا أدري كل شىء بدا مضحكاً في تلك الليلة، بحيث أضحى حتى النظر إلى ركيزة الحائط تثير الضحك لدي. ولكنني وبعد كدس من المتاعب استطعت السيطرة على مشاعري كي لا أقع في مشكلة.
وفي اليوم التالي وعندما توجهت إلى الإدارة، لمحت شخصين متنمرين بانتظاري، وسرعان ما جرجروني إلى مديرية الأمن التركية العامة. وتكرر التحقيق السابق معي، يرافقه قدراً من الضرب والشتم ثم سقطت طريحاً في وسط الغرفة. شرع المحقق بالحديث مذكراً بأنني قد ذرفت الدموع في المرة السابقة بسبب احتراق الفراشة!!، والآن ماذا تقول يا أحمق عن سبب ضحكك في مجلس الفاتحة؟؟. فكرت كلياً بما حدث في تلك الليلة حيث سيطرت على مشاعري كما أتذكر. ولكن ما أن رأيت الصورة التي التقطها مراسلو الصحف حتى تبين إنني كنت على خطأ. فقد أظهرت التصاوير مظاهر ضحكات مليحة على وجهي عندما كان المتحدث أمام الميكرفون يعدد حسنات المرحوم.
خلاصة القول، لا أريد أن إثير الوجع لديكم ، فبعد فصل من الضرب وبعد استخدام بطل المشروبات، وقعت في دائرة الكر والعر، وحاولت أن أشرح للمحقق تفاصيل ما جرى. كنت محظوظاً، فقد بدا المحقق أنساناً معقولاً، وأغلق القضية بتقديم تعهد. وطلب مني أن أراقب حركاتي وتصرفاتي. وبعد إطلاق سراحي قال المحقق... أقول لك من منطلق الصداقة، إنني على يقين بأنك برئ ولكن الحظ المنكود هو الذي أوقعك في هذا الفخ. ولكن تذكر أن لك اضبارتين في الأمن التركية، وإذا ما حصل وأن نُظمت اضبارة أخرى لك بقضايا سياسية لا سامح الله، فإنك ستقع في ورطة لا يستطيع حتى الشمر إخراجك منها، وسترسل حيث تستخدم الخيزرانات العربية.
ولهذا رأيت أن الحل الأمثل هو أن ألوذ بكم حضرة الطبيب من أجل أن تقوم بعمل جراحي تجميلي لوجهي، بحيث يبدو نصفه الأول في حالة ضحك دائم، والنصف الثاني في حالة بكاء دائم. وبذلك استطيع أن أغطي النصف الضاحك بالمنديل عند ذهابي إلى مجالس الفاتحة، وبالعكس عندما أذهب إلى حفلات البهجة والسرور كي لا أتعرض إلى أية شبهة سياسية ومشكلة.



#عادل_حبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحول صوب اليسار والشعبوية في أمريكا اللاتينية
- أهو أفيون الشعوب أم سرطان الشعوب 3-3
- أهو أفيون الشعوب أم سرطان الشعوب 2-3
- أهو أفيون الشعوب أم سرطان الشعوب؟؟؟؟
- شاهنده عبد الحميد مقلد
- عبيد الله الزاكاني الخفاجي
- شبح الحزب الشسيوعي يثير الرعب لدى عبد الحسين شعبان
- هل سيلدغ الناخب العراقي من نفس الجحر للمرة الرابعة
- احياء لتراث بهجت عطية المشين
- خواطر في يوم الشهيد الشيوعي
- معالجة آثار النازية في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية
- الاحساس ممنوع
- منعطفات خطيرة في تاريخ الشعب العراقي
- اتفاقية جنيف وتداعياتها
- رعب اليمين المتطرف في ايران واسرائيل وامريكا من عملية التفاو ...
- وجهة نظر أخرى لهاشمي رفسنجاني
- ماذا لو أدليت بصوتي لصالح روحاني
- العلمانية ركن أساسي في ارساء نظام ديمقراطي
- خير الله طلفاح وصالح مهدي عماش يعودان إلى شوارع بغداد
- حكاية الحاج


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل حبه - جراح تجميل