عصام صلاح سقيرق
الحوار المتمدن-العدد: 4647 - 2014 / 11 / 29 - 16:32
المحور:
القضية الفلسطينية
فلسطين و إسرائيل ( 6 )
نعم , حيفا تقولها هذه المرة ....
نعم , و أنا إبن حيفا , و إبن فلسطين , و إبن القدس , تراثي , جذوري , ترابي , أرضي , أجدادي , وطني , بلدي , حياتي , جيناتي , دمي , عيوني , لون بشرتي , عرض أكتافي , جلدي , روحي ....
كلها من تراب فلسطين , من جبل الكرمل العظيم , من حي أجدادي العظام .....
نعم , أنا الذي يحق له أن يقول :
لقد أمضيت عمري في المنفى , و أنا أحلم بالعودة إلى بيتي في حيفا , مجزرة دير ياسين عام 1948 أبعدتني عن ترابي و أرضي , بعد أن عشت آلاف السنين أنا و أجدادي في حيفا , فلسطين .
أيتها المعمورة , أيها الناس , أيتها البشرية .
نعم سأكرر مقولتي المعهودة , لا يوجد في هذا العالم الذي نعيشه اليوم , و لا في العالم القديم , و لا في التاريخ , و لا في الحياة و لا في الدنيا , شيء إسمه شعب الله المختار , أو وعد من الله بأرض ما , لشعب ما .....
هذه أسطورة صغيرة , معيبة , لا يصدقها أحد اليوم .
ليست مهمة السماء تقسيم أو توزيع الأراضي .....
لقد قال اليهود , هذا القول منذ آلاف السنين , منذ 3300 سنة , منذ خروجهم من مصر , هذا كلام كذب و رياء .
و بدأت الحرب من وقتها , و إلى اليوم , على أرضي الطاهرة فلسطين و في بلدي حيفا .
بعد وفاة النبي موسى , إنتقلت القيادة إلى يشوع بن نون .
تقول التوراة (( العهد القديم )) أن يهوه , أمره بعبور الأردن , و قد قضى على 31 ملكا من ملوك فلسطين , و كانت أريحا أولى المدن الكنعانية التي احتلها الإسرائيليون , فنحروا كل من في المدينة من رجل , أو إمرأة , و طفل , و شيخ , حتى البقر و الغنم و الحمير بحد السيف .
أحرقوا المدينة بالنار , و كل ما بها , إنما الفضة و الذهب و أواني النحاس و الحديد جعلوها في خزانة بيت يهوه (( الله )) .
و بعد مرور كل هذا العمر و في عام 1933 , هاهم الألمان يتابعون ما قاله اليهود قبل 3300 عام على لسان زعيمهم الديكتاتور أدولف هتلر بإنجيل النازية كفاحي .
يقولون .....
على الألمان أن يقتنعوا و هم مرتاحوا الضمير , بأن إرادة الله تقتضي أن تكون للألمان كل أراضي أوروبا , و كل روسيا , و كل الشرق , فليس من العدل أن يحال بيننا نحن الألمان , و بين إحراز المدى الحيوي لنمونا و بقائنا , هذا وعد من الله للألمان , لأننا شعب الله النقي , و لقد فضلنا الله على العالمين , و اختارنا بين شعوب الأرض .
نعم هذا حلم الألمان مجسدا بزعيمهم الديكتاتور أدولف هتلر .
و ماذا كانت النتيجة أيها الإسرائيليون ......
لقد دمر الألمان العالم , و دمروا أوروبا , و دمروا ألمانيا , و إنتحر الديكتاتور و النتيجة ( 50 مليون قتيل ) , إستجابة لوعد خيالي أسطوري معيب بدماغ رجل مجنون , عشناه نحن جيل الحرب العالمية الثانية , و لا نزال لليوم نعيش نتائج الحرب العالمية الثانية , و بشكل خاص نحن الفلسطينيون , جيل المأساة , و جيل النكبة 1948 .
نعم حيفا تذكركم بآلامها , و بعذابها , الذي تحملته بعد أن عاشت هادئة , جميلة , نضرة آلاف السنين .
عمر حيفا اليوم عشرة آلاف سنة , و حين خرجت منها مطرودا , كان عمري ثلاث سنوات , و اليوم أنا عمري تسع و ستون عاما أحارب , و أناضل , و أسالم من أجل العودة .
صدقوني ستروني قريبا في مدينتي الحيفاوية الجميلة .
أيتها البشرية .
الحق أقول لكم :
العودة إقتربت إلى حيفا فلسطين , إنني أراها و الله قريبة و اليهود يرونها بعيدة .
دولة فلسطين الديمقراطية , أراها أمامي مرسومة على حدود عام 1967 , دولة مسالمة علمانية حضارية , يعيش فيها شعبي الفلسطيني و اليوم تعداده ( حمسة عشر مليون فلسطيني ) يؤمنون بالسلام , و المحبة , و التعايش .
نعم , لقد أصبحت أكره المنفى , إنني أتذكر هنا والدي رحمه الله و كيف توفي من الإكتئاب الذي أصابه , و كان والدي رحمه الله بعد خروجنا من دارنا في حيفا , كان قليل الكلام , و هادئ , و صبور , و متروٍ , و لا يتدخل بأحد , كان يفكر دائما في محله في حيفا و بجبل الكرمل , ينتظر أن يعود إلى بلده هناك , و لقد تعود الإنتظار و الصبر .
كان دائما أقرب منه إلى الحزن , سريع البكاء , و كان كلما يودعني و أنا مسافر إلى دراستي تترقرق الدموع في عينيه و ينعكس ذلك علّيَ أيضاً , و كنت أشعر دائما بأنه يبحث عن شيء أضاعه , ربما مفاتيح داره في حيفا , أو ربما هويته , لقد ورثت من جيناته جينات كثيرة , حب الأرض , و حب حيفا , حب فلسطين ,حب العمل , طيبة القلب , الصبر , كان كل منا مكمل للآخر , كان يريدني أن أكمل له مسيرته بالعودة إلى بيته , و دياره , إلى المكان الذي ولد فيه و أبيه و جده , و أجداده في حيفا , رحمه الله , و هاهم أولادي اليوم يتابعون مسيرتي في العودة إلى حيفا .
نعم لقد تفوقنا نحن الفلسطينيون على اليهود بكل شيء , بأخلاقنا , كفاحنا , حياتنا .
لقد جاء اليهود لبلدنا فلسطين زوار غربة , و تركناهم فترة من الزمن و عاشوا معنا و توراتهم تحدثهم بذلك .
ثم جاء عام 70 ميلادية و غادروا لمدة 2000 سنة ( ألفي عام ) ثم قرروا العودة للزيارة , لقد تركوا أرضهم و حياتهم في أوروبا بعد 2000 سنة ماهذا الغباء , و ما هذه الحماقة , هل هذا ذكاء اليهود الذي يفتخرون به ؟!
نحن نطلب اليوم دولتنا الفلسطينية , و نعطيهم وعدا بالسلام و التعايش , و لكنهم يرفضون .
صدقوني الحق أقول لكم : هذه الفرصة الأخيرة للسلام .
لقد قبلها إسحاق رابين سابقا و قتلوه .
و الآن نتنياهو الديكتاتور المكروه , لا يمل الكذب و التضليل .
و ما دامت إسرائيل تستمر في الإحتلال العسكري الظالم للضفة الغربية و إقامة المستوطنات , فلن ترى السلام .
ما ذنبنا نحن الفلسطينيون , إذا كان الإسرائيليون يخافون و هم يعيشون في بيوتنا , و ينامون على أسّرتنا , و أسرة أولادنا , كيف يرتاحون و هم يعلمون أنهم قد سلبوا و سرقوا كل هذا , أرضنا , بيوتنا , عماراتنا , ترابنا .
كفى يا نتنياهو , إستيقظ من هذا الوهم الذي تعيشه .
تريد كل فلسطين , و كل الأردن , و كل سوريا , و كل لبنان , كفى .
فهناك قريبا سيكون في بيتك عشرون مليون فلسطيني , و حولهم نصف مليار عربي , و أنت تعلم ماذا تعني كلمة عربي ؟
أيها الإسرائيليون , و الله الحق أقول كم :
في عام 1988 قبلنا نحن الفلسطينيون تقسيم أرضنا الفلسطينية التاريخية إلى دولتين , و تم تكرار ذلك في وثائق أوسلو , و وافق الفلسطينيون بصراحة على فكرة التقسيم .
و هو ما يرفضه الديكتاتور نتنياهو الفقير التفكير .
العالم اليوم , لا يقبل بحروب الإبادات , أن تبيدوا عشرون مليون فلسطيني , هذا لا يقبله العالم , و بل هذا مستحيل .
إياكم أيها الإسرائيليون أن تصدقوا نتنياهو بأنكم أنتم أمريكا .
لا يوجد في هذه البقعة من الأرض سوى حل واحد و هو السلام .
الفلسطيني سيبقى فلسطينياً للأبد .
د عصام سقيرق
حلب في 18/11/2014
#عصام_صلاح_سقيرق (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟