الليبرالية الجديدة وتغيير الواقع الثقافي للمجتمعات

حسين عوض

الحوار المتمدن-العدد: 4646 - 2014 / 11 / 28 - 09:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

كتب فوكوياما وهو من أهم المفكرين الأمريكيين المعاصرين وصاحب كتاب (نهاية التاريخ) الذي أعلن فيه فشل النموذج النيوليبرالي للرأسمالية, وضرورة تجاوزه وعلاج سلبياته قال:- (إن الاضطهاد والنظم الشمولية قد ولى عهدها وانتهى إلى دون رجعة مع إنتهاء الحرب الباردة وهدم سوربرلين, لتحل محله الليبرالية وقيم الديمقراطية الغربية, وفيما بعد توالت الدراسات والمؤتمرات التي تعيد النظر في السياسات النيوليبرالية على المستوى السياسي.
يقول رئيس وزراء بريطانيا الأسبق جوردن براون إن اجتماع واشنطن الذي ظل مسيطرا لمدة اربعين سنة ومؤيدا لسياسة الأسواق, وهو كلام اقل ما يوصف به أنه يعد انقلابا جذريا على الحرية وقد وصل إلى نهايته. إنها سياسات السوق كما أن مقولة (دعه يعمل دعه يمر) اطلق هذا الشعار الفيلسوف والباحث الاقتصادي الاسكتلندي آدم سميث, وفحوى هذا الشعار تقليص تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية بهدف دفع التنمية وتطورها.
نستطيع القول:- لا يمكن أن يحدث أي تغيير في الواقع الثقافي للمجتمعات ما لم يتم فك الارتباط بالسياسات النيوليبرالية, لقد أضرت نتائج الليبرالية الجديدة بالمجتمعات المتقدمة, وكيف يمكن أن يكون لها تأثيراعلى المجتمعات التقليدية, حيث أن مساوئها تزيد كثيرا عن محاسنها, هذا إذا كانت الأفكار الليبرالية شكلت منظومة لإيديولوجية متكاملة والتي عبرت عن مرحلة تاريخية محددة هي مرحلة الرأسمالية الوليدة والصاعدة, والليبرالية الجديدة هي زيادة الغني غنى والفقير فقرا, وتتضح الليبرالية الجديدة في تطبيقاتها العملية والفكرية وكذلك المسائل الاقتصادية, واصبح لليبرالية السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية موقفا استراتيجيا يحد من الصراعات الطبقية في المجتمع.
لقد تعارضت الليبرالية الجديدة مع الليبرالية الكلاسيكية لاعتبار أنها ترفض السيادة, وستكون المصالح الكبرى على حساب الدول الفقيرة ودول العالم الثالث, وتجريد الأفراد من خلق مشاريعهم من خلال ربطهم بالمشاريع الكبيرة.
إن التغيير الاجتماعي الذي يترتب على تحديث المجتمعات التقليدية يسير بالمجتمعات في عملية تباين ثنائي وظيفي حيث أن غايته العليا هي أن يتجاوز المجتمع الإطار التقليدي, باعتبار أن المجتمعات التقليدية لم تصل بعد إلى مرحلة النضج, فالمجتمع في البلدان النامية لم يصل بعد لمستوى التطور في المجتمعات الحديثة.
إن عملية التغيير الثقافي في المجتمع بحاجة للحوار والتفاعل وقبول الآخر والتخلص من رقابة القمع التي تمارس على الصحافة والمطبوعات والكتاب والفنانين والمنظمات الشعبية والنقابات, واليوم العديد من الكتاب والمثقفين في العالم العربي يروجون لسلطة الاستبداد التي باتت ثقافة هذه المجتمعات هي ثقافة السلطة, كما أن أنصار الليبرالية الجديدة هم من يساهمون في افساد العلاقة بين المثقف والسلطة يروجون ويبررون ممارساتها عندما تقوم بخرق القوانين .
وأخيرلكل مجتمع من المجتمعات البشرية ثقافته الخاصة التي تعبر عن واقعه من تراث فكري وحضاري الذي يحدد المكانة الحضارية لهذا المجتمع, وبالرغم من تباين هذه الثقافات إلا أنها تتفاعل مع ثقافات الشعوب الأخرى, ويمكن القول أن تأثير الليبرالية الجديدة على التغيير الثقافي للمجتمعات التقليدية لا يتم التأثير بشكل كامل لاعتبار أن هذه المجتمعات لها عاداتها وتقاليدها عبر مراحل طويلة, فأي عملية تغيير في هذه المجتمعات بحاجة إلى فترة اطول مما نتصور.

#حسين_عوض (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات