أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالواحد مفتاح - حول تجربة الشاعرة سكينة حبيب الله














المزيد.....

حول تجربة الشاعرة سكينة حبيب الله


عبدالواحد مفتاح

الحوار المتمدن-العدد: 4639 - 2014 / 11 / 20 - 15:38
المحور: الادب والفن
    


من نافل القول أن سكينة حبيب الله شاعرة متميزة، شواهد غفيرة دلت على ذلك، لكن ما يثير الشعر في الحديث عن هذه الجميلة، هو ذلك الإصرار وثيق الصلة بينابيع الطفولة، على ارتكاب المشي الحفيف فوق المسالك الوعرة لهندسة الكتابة، وخطاطاتها الخطيرة، المسنودة بتلك الحالة البعيدة والمضيئة للضعف الإنساني، الذي هو سند القصيدة عندها، وهي قصيدة خلعت منذ وقت مبكر رهان البلاغة عن أنوثتها،
فالدالة الشعرية في قصيدة هذه الشاعرة لا تكترث لماضي اللغة الحاملة لها، وهي لغة مسكينة بهذا المعطى، لا كبيرَ دورٍ لمادتها في تكثيف هذه الدلالة وانتشارها الاستهلاكي، فهي دلالة منحوتة عن فيض ذات الشاعرة نفسها، لتصير بذلك الكتابة هنا نفي لكل سلطة وهو ما يجعلني أنظر إلى هذه القصيدة وهي تسوق دلالها تماما كما يسوق الراعي قطيعه.
الشعر هو وسيلة سكينة حبيب الله لتَجْدير عراكها الضاري مع اللغة والعالم، هذا العراك الذي تستأجر خفة لاعب سرك لتسديد الأسئلة منه وعبره، فالكتابة عندها ليس إعادة ترتيب الواقع في إطار هَوى رومانسي، بقدر ما هي فعل مغايرة للشكل والجوهر تبزغ عنه عدائية للقواميس والبلاغة الفخمة، تتحكم في توليد المنطق الشعري لديها، وهي عدائية متسامحة مع عديد حمولتها، لتصير بهذا فعل تدريب على الطيران لا أكثر.
إن المستوى الأسلوبي والبناء الدلالي، لدى هذه الشاعرة يُعَمّدان مجاز إزميلهما، بِأثمن رأسمال تملكه القصيدة وهو روحيتها الفياضة، وهي بهذا قصيدة تضيء عن نظارة لتفتح شاشات كلماتها، هذه التي تفرض عليّ هنا في هذه الورقة المقتضبة، إعادة النظر في مفهوميتي للشعر وأدوات قراءة النص الذي يغازل المخيال العام بشكل جبان إزاء كل ما اعتدناه من متماسك ونهائي.
نصوص سكينة حبيب الله هي عوالم مبنية من قبل المنفتِح عن الذات، وهي هنا غير مطابقة الجملة اللغوية بالوحدة النفسية، بقدر ما هي اقتناص لغوي عن مهارة تماما كما الطلقة عن الوعي المباشر بالتصدعات التي تنبت عن العالم، بتفاعل علائقي بين إصابة النص والقدرة الفاتنة عن التبليغ عن ما خُطّ لافتعاله، بيد ترتعش وعينين واضحتين وقلب يحك طرفه بصدقية الشعر، لهذا تجدها لا تَرْتُق المعنى بخيط مرئي. وهو ما أقف أمامه وأنا أعْلي من ادعائي بشكل فاشل على القدرة على تحديد بؤرة التدليل وأشكاله داخل نص هذه الشاعرة، التي لا ترضى لقصائدها إلا قواما رشيقا كنجمات السينما، بشعر أشقر وقد مليح، هو كل ما يشدني هنا للكلام بارتياح كسول وعينين مغرمتين.
فقراءة قصيدة سكينة حبيب الله هو بالضرورة قرع لأجراس الدواخل، وتسريب عاهل بالحميمية إلى قارورة كُحلها السحري وهو كحل ينثر شعره فوق سماءٍ بأكملها.
سماء منطفئة عن زرقة بلاغتها لتتلألأ بها اللغة البسيطة، اللغة المحكية عن النفس لأختها النفس.
ضروب من شبق وكلام عن هذه التجربة الشعرية وهو كلام بحاجة للغة غير مسبوقة، لغة عالِمة وشريرة، في نفس الآن لغة لها قدرة لا بأس بها على تفجير نفسها مع كل سطر شعري في قصيدتها، هذه التي تتشح بشفافية مخادعة ونزقة، شفافية ملساء لا تمنح نفسها لمريدها بسهولة. فهي لا تسعى إلى التوصيف والتعيين بقدر ما هي آلة تنتج سلسلة من الإحالات اللامتناهية.
صحيح أن قصيدة سكينة حبيب الله لا تثير قطيعة مع ما سبق لكنها وهذا مربط شعريتها لا تنسخه. يتسيّد صيغتها ارتياب واثق بقدرته على الخلخلة، لتصير بذلك قصيدة لها قدرة شفيفة على قرع الطبول العميقة للإنسان عبر بث روح الجَمال داخل لغة يتخبطها الزيف والتكرار المر لتشبيهات فارغة مملحة باستعارات معلبة.
أشياء كثيرة يلزمني عدم إغفالها لتكون ورقتي هذه، قد حققت شيئا عن رهان الحديث عن تجربة هذه الشاعرة، أحس أني هنا تماما كما أستعمل إنجليزيتي العرجاء، التي لا تسعفني حتى على قول صباح الخير بشكل جيد، رغم الابتسامة البلهاء المكوية بعناية التي أظل أرسها بوجهي في انتظار أن تقفز الكلمة اللعينة إلى رأسي. الكلمات أحيانا تكون ماكرة تأتي ولا تصل –هذا ما اكتشفته قبل دقيقة.
قصيدة سكينة حبيب الله بسيطة غير أنها تتمنع في عذوبة ما تسطره، تفتح زجاج كلماتها ليطل منها المبني والمركب، من فوانيس إنسانية ملقاة للتداول على جسدها، الذي يُفرج بياضه عن طروحات هامة على المستوى السيميائي والتيمي من موتيفات راهنية حَقّ النقاش حولها.
إن توليف الملفوظات الدلالية في لغة هذه الشاعرة، هو استكناه عن رحم رؤية متوقدة للشعر والحياة، بلغة قائمة على تناصات كنائية تعتمل ومبدأ المجاورة والكثرة داخل الدال الواحد، لمعمارها المشيِّد لتركيبتها الفنية وموسيقالية البناء داخله، لنصير كأننا أمام اِلتقاطات مثمرة ولذيذة لقصيدة معبرة عن لوحة بمنظور تشكيلي ‘’EKPHRASIS’’.
فعل الكتابة عند سكينة حبيب الله ، ينطلق من « لُمْجَة » خاصة ترتب لذائذيتها عن مهاوِ الذات وتَبَصّرها المرتعش بالعالم، وهي لُمجة تَسْند كُنه بعضها البعض بافتعالية باذخة للشعر ولا تسأل عن معانيه.افتعالية مسكونة بهاجس القلق الذي يُبَّلغ عن نسغه بروحية شفافة، هي نفسها الروحية التي نصطلح عليها هنا بروح النص لدى الشاعرة سكينة حبيب الله



#عبدالواحد_مفتاح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة وتدبيرها الرمزي والتنموي في المجتمع المغربي
- اليسارالمغربي وامتحان 20 فبراير
- المعنى ولمعانه قراءة في لوحة عبد الله الهيطوط


المزيد.....




- رعب وأبطال خارقون ومخلوقات خطيرة.. 8 أفلام تعرض في يوليو
- -كاسونغو-.. قصة فقدان وحب تختبئ خلف الإيقاعات الراقصة
- -كاسونغو-.. قصة فقدان وحب تختبئ خلف الإيقاعات الراقصة
- العمود الثامن: في حكاية الشيخ والشاعر !!
- الاحتفاء بالشاعر والمترجم ياسين طه حافظ بمناسبة اختياره رمزً ...
- جاهزون يا أطفال .. أحلى الأفلام الكارتونية على تردد قناة سبي ...
- مجزرة النصيرات في فيلم استقصائي على -الجزيرة 360-
- مجزرة النصيرات في فيلم استقصائي على -الجزيرة 360-
- يحصل على جائزة أفضل فيلم صيفي لعام 2025 “فيلم مشروع أكس”
- رابط مباشر نتيجة الدبلومات الفنية الدور الاول برقم الجلوس فو ...


المزيد.....

- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالواحد مفتاح - حول تجربة الشاعرة سكينة حبيب الله