|
الربة السوداء - قصة قصيرة
كفاح طافش
الحوار المتمدن-العدد: 4628 - 2014 / 11 / 9 - 10:56
المحور:
الادب والفن
على قارعة الكلام كنت واحتارت الأبجدية من أين البداية ، في تيهي المحبب وراء البحث المقدس عن الكلمات وقفت عند أطراف وجودها ، كنت وكانت كل الحكاية من الصوت الأول حتى التصفيق الأخير . دخلت القاعة دون اكتراث لكثير من التفاصيل ، رتبت جلستي في الصفوف الأولى علي التقط أنغام الاوركسترا دون إزعاج ، لم يكن غير العادي في المشهد ، موسيقيون عدة يتناثرون على خشبة مسرح ضاق بهم بفعل إرهاق الزمان وعدم قدرته على مجارات العصر ، أصوات الآلات الموسيقية عشوائيا تأتيني بنية ضبط الأوتار وتصنيف نوتات البدايات عند كل واحد منهم . دخل المايسترو وراحت الأيدي تنتظم بفعلها ترحيبا الجزء الأكبر لم يكن قد سمع به ، غير أن التصفيق اخذ ذاك القدر من الاحترام والتقدير لمن اعتقد الجمهور انه نبي المسرح الليلة ، وقف العازفون بذلك اللون الصارخ لكل الأجساد وكأنهم حكاية جنائزية محببة . بعد انتهاء الطقس الاعتيادي وعزف السلام الوطني الفلسطيني جلسنا وكانت النظرة الأولى التي انتقلت لحكاية شرعت أبوابها ولم تنتهي بعد . انطلقت أنغام الآلات تباعا وراحت تنتظم في دفقه موسيقية رائعة ، ذلك المشهد الفريد من التناغم والانسجام أحال الصورة لموسيقي واحد اخذ يرتل على مسامعنا أنغام الروح ، فلامس الوجد والقلب من الصوت الأول للآلة الأولى ، عازفي الكمان على يسار المسرح يتقدمهم قائد الفرقة الموسيقية وقد تاه من القطعة الموسيقية الأولى خارج المكان باحثا عن زمان آخر . وهي ... حكاية الحكاية وصوت الانتظام الصخب من بدايتها , حقيقة داهمتني فور التقاط العين لمجرى اليد وهي تلعب على أوتار الكمان بحكاية دمشقية غريبة ، أشبه بأسطورة قديمة للآلهة الأنثى ، سقوط الضوء على بقعه النفس المظلمة ، كل ما فيها آسر حتى تلك الروح التي أخذت تغرد من بدايات الكلام حتى تبعثره في فضاء القاعة . هي شكل اللا شكل ، وترنيمة الوجد ، هي .. أنا التائه منذ أن ولدت ولم اعش حتى الآن ، هي تلك التي أسرتني في صمتها وحيرتي ، ترددي واندفاعها ، جبروتها وانكساري ، تبدل الحال كارتفاعات الوله وعكسه ، إيمانها كفري ، وسواد حضورها ألهب بحثي عن تفاصيل جسد لفه العشق الواضح للموسيقى ، فتشت وفتشت ، بعدة حركة موسيقية واثنتين ، اكتشفت أنني أمام أنثى قد اكتملت ونضجت متفتحة على خشبةً المسح منذ أن أخذت تلاعب كمانها بحب ظاهر ، فحسدته ولعنت صورة وجودي وسالت كيف لم اخلق كمان لأكون بين يدين ارتدت اليمنى خاتم اسود في البنصر ، و اليسرى تحررت من ثقل الوعود وراحت تدوس بنهم على أوتار عشيقها . ساعة ونصف من البحث عن الذات وتفسير السؤال عن ماذا حدث ؟ وكيف ؟ استفقت آخر العرض وقد أيقنت أنني في حالة وجد أخذتني حدود التيه وأكثر ، خرجت من القاعة مسرعاً بعد انتهاء العزف وتقديم واجب التقدير بضرب الكف بالكف عدة مرات ، هربت من سلوك أحمق قد تأخذني إليه اللحظة علي أداوي ذلك الجرح النازف من حضور الألوان وعكسها على كل سواد المشهد . صرت خارج المسرح وقد ارتحت من عبئ اللحظة وكبح جماح الصمت ، صرخت معلنا تحرري من أنثى أرهقني حضورها كل ذاك الوقت ، فما قيمة أنثى تشتهيها وتعبث بك بأنغامها وأنت تعرف مستحيلها ، سرت مسرعا صوب وجهة البحث عن ذاتي بعد تيهي ذاك . نظرت إلى اليمين من مسيري ... وإذ بعازفة الكمان ذاتها تخرج أول واحدة من كواليس المسرح مسرعةً وكأنها تهرب هي الأخرى . ترددت بين الجرأة والخوف ، نظرت صوبها وإذ بها تنظر صوبي وقد تلمست ارتباك اللقاء ، في خضم جدل المشاعر قررت . مضيت في سبيلي وتركتها دون شكرها على كل ما فعلت بي ، فقد أدخلتني عالم الشك ، وأيقنت أنني الهش أمام أنثى كاملة الحضور . فهل سألقاها مجددا ، وما معنى ذلك إن حدث ؟
كفاح طافش
#كفاح_طافش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هاجس الحرية - من كتاب هواجس اسير
-
بلاد الحلم - شعر
-
ايها الموت
-
قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال
...
-
لماذا تونس
-
حكاية من زمن الردة - شعر
-
هاجس الهواجس
-
صرخة
-
عبث اضافي
-
بلاغ عاجل
المزيد.....
-
ممثل حماس في لبنان: لا نتعامل مع الرواية الإسرائيلية بشأن اس
...
-
متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 28 مترجمة عبر قناة Tr
...
-
تطوير -النبي دانيال-.. قبلة حياة لمجمع الأديان ومحراب الثقاف
...
-
مشهد خطف الأنظار.. قطة تتبختر على المسرح خلال عرض أوركسترا ف
...
-
موشحة بالخراب.. بؤرة الموصل الثقافية تحتضر
-
ليست للقطط فقط.. لقطات طريفة ومضحكة من مسابقة التصوير الكومي
...
-
تَابع مسلسل قيامة عثمان الحلقة 163 مترجمة المؤسس عثمان الجزء
...
-
مصر.. إحالة 5 من مطربي المهرجانات الشعبية للمحاكمة
-
بوتين: روسيا تحمل الثقافة الأوروبية التقليدية
-
مصادر تفنّد للجزيرة الرواية الإسرائيلية لتبرير مجزرة النصيرا
...
المزيد.....
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
المزيد.....
|