مؤتمر - لا تخجلوا - للمعارضة في لندن : رحلة نحو جثة العراق !

المكتب الإعلامي للتيار الوطني الديموقراطي العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 339 - 2002 / 12 / 16 - 15:24
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

   
[email protected]
[email protected]

15/12/2002

        مؤتمر " لا تخجلوا " للمعارضة في لندن : رحلة نحو جثة العراق !
 

     كتب المحرر السياسي لمكتبنا من لندن :
 
  كلمة السر الدائرة بين الحاضرين هنا تلخصها عبارة  "مرحلة ما بعد صدام" والعبارة نفسها تعني الشيء الكثير جدا . إنها عبور على ما هو لازم . يقول أحد المتابعين ، إذا كان المجتمعون هم من أبناء البلاد فلا بد ان يكونوا مهتمين أولا وقبل كل شيء  بالطريق الموصلة الى ما بعد صدام ، وسوى ذلك فان كل شئ يصبح بمثابة  خديعة  يمارسها الحاضرون ، ليس ضد الآخرين  بل ضد أنفسهم . و أمام  باب الفندق ،وقف عدد من المتظاهرين حملة اليافطات المحتجه يفوق تعداد المؤتمرين بعدة مرات ، وكانوا خليطا من أعضاء في الحركة الإسلامية  وحزب  الشيوعي العمالي جاءوا لكي يذكروا بالأولويات ، قال أحدهم  : يبدو أن ما يجري هنا هو عملية "تدمير" وليس" تغيير" عكس ما يدعي أصحاب المؤتمر ،  ثم سكت وراح يتفحص هيئة الصحافي العربي الذي وجه له السؤال وعاد ليكمل بصوت صارم وقاطع فقال : هذا أفظع اختصار يمكن تخيله في التاريخ  لمصير بلاد ولشعب بأكمله .
   هل التغاضي عن وسائل العبور الى ما بعد "مرحلة صدام حسين" هو خروج من دائرة الجريمة الوشيكة الوقوع والمتمثلة بالغزو الأمريكي وضرب العراق وشعبه بالسلاح النووي  أم هو غوص فيها ؟ يعتقد أحد المعنيين أن حلقة المهتمين بالدلالات ضيقة للغاية  وان أيام التحضير للمؤتمر قد أظهرت عمق الاستعداد للغوص في المماحكات والمنافسات التي لانهاية لها ، ولكن ، ومع ساعة إغلاق الأبواب والإعلان  عن بدء جلسة الافتتاح شعر البعض بثقل الضمير الذي بدأ يطل برأسه بعد أن تأمن للبعض مقعد في القاطرة ، واستراحوا مطمئنين ،والمشابهات و الأمثلة  تتردد هنا، وتتناسل محاولة وفق تقليد عراقي معروف لإعطاء صورة ثاقبة وراسخة عما يجري ، ومن بين تلك التشبيهات التي جرى ابتكارها على عجل ذلك الذي يسمي المؤتمرين بركاب الطابق الأعلى  من "الباص" اللندني . والمثال يقول بأن هؤلاء الذين طلب منهم ان يطلوا من النوافذ العليا وهم يلوحون بأيديهم للمارة رافعين شارة النصر القريب تم تصعيدهم الى الأعلى  من دون ان يسمح لهم حتى بالنظر داخل الطابق السفلي وكان  بعضهم  لا يعلمون فيما إذا كانت المسيرة ستأخذهم الى بغداد او الى الهند !
   المشكلة التي لاحل لها إذن هي :كيف يمكن التوفيق بين أغراض وأهداف  دولة كبرى قررت هي ،ولأسباب خاصة بها ، "تغيير" النظام الحاكم ، وبين دور قوى عاجزة تماما وغير مؤهلة حتى بوجود الولايات المتحدة للعب أي دور في التغيير، فحتى بالمقارنة بالحالة الأفغانية  أظهرت تقصيات الأمريكيين  انعدام أية  إمكانية لدى "المعارضة العراقية" على القيام بدور ما . ولقد جهد الأمريكيون بناء عليه حتى يوجدوا لهؤلاء دورا محدودا ما،   فاقترحوا هذا المؤتمر الذي يمثل بحد ذاته فضيحة سياسية مدوية  لأنه يثبت اقتصار مهمة المؤتمرين على تأييد وتغطية عملية "التغيير " العسكري الأمريكي ،و التي هي ليست سوى عدوان يحقق مصالح الولايات المتحدة خطط له  لكي يحقق أهدافها الاستراتيجية  واليوم فقط قال مسؤول أمريكي ما يؤكد جوهر هذه الملاحظات حول دور التابع والذيل المخصص لهذه المعارضة ومؤتمرها فقد قال ( أكثر من ذلك لا أرى حاجة ملحة لإعطاء المعارضة العراقية المزيد من السلطة / جريدة الشرق الأوسط / الأحد ) !
 وهنالك من يحيل الأمور الى سلسلة التصريحات العلنية التي أطلقها المسؤولون الأمريكيون حول احتلال العراق وإقامة حكم عسكري على نمط ما نفذ في اليابان بعد الحرب العالمية الثانيه  ، ليلاحظ بان تلك التصريحات سرعان ما سحبت من التداول بسرعة ، وراح المسؤولون الأمريكيون يلملمون الخسارة التي لحقت بهم بسببها ، فهم قد خدموا النظام العراقي وقتها وكادوا يجهزون على المعارضة تماما.
   طبعا هنالك من يعتبرون أنفسهم بارعين جدا ،وانهم قد حققوا نصرا مبينا لأنهم  استطاعوا أن يقنعوا بعض الأطراف في الإدارة  الأمريكية بعدم تكرار تلك التصريحات، وعدم الجنوح الى اليأس  و إغلاق  الباب على المعارضة لأنها في زمن الإعلام وقوته الهائلة يمكن ان تلعب دورا إعلاميا  هاما لصالح الحملة الأمريكية ، وهكذا أصبح هذا المؤتمر من ضمن اهتمامات الأمريكيين  الذين مولوه وتدخلوا في كل تفاصيله وبالاخص إلغاء الجزء الأهم منه أي قضية سبل  وكيفية تغيير النظام  في العراق وكأنهم يقولون للجميع كل شيء مسموح النقاش فيه إلا شن الحرب وتدمير العراق  فهو قرار أمريكي متخذ ولا  يجب أن يعترض عليه أحد .
   هنا تتحدد فعليا القضية التي يتحدث عنها البعض بجهل ،والبعض الآخر  بديماغوجية مقصودة حين يقولون انهم يستفيدون من "الدعم الدولي" ولا يذكرون العدوان الأمريكي  الوشيك حصرا ، ويتغاضون عمدا عن الطرف المحرك والممسك بأطراف آلية  عملية التغيير.
    و قد تحدث البعض عن أن السيد حسين الصدر ،الذي أثار حضوره الاستغراب، صاح داخل قاعة المؤتمر مطالبا بإدانة العدوان الأمريكي ، ومع أن كلمة السيد مسعود البارزاني تضمنت بعض عبارات  ضد التدخل الخارجي والعدوان  غير أن وجوده ضمن المؤتمرين وعدم اقتراحه ضرورة مناقشة موضوع وسائل التغيير قبل القفز نحو "مرحلة ما بعد صدام" ، أضاع مغزى كلماته وزاد من تناقض موقفه . وقد  قال معلق يعمل في صحيفة عربية كبيرة ، انه مؤتمر إعلامي هدفه منح الشرعية للعدوان الأمريكي والأمر لا علاقة له بالتغيير على الإطلاق .فالتغيير مطلب وطني شامل وكل العراقيين يريدون الخلاص من الدكتاتورية والانتقال الى الديمقراطية  ولكنهم  لا يرون أن هذا الهدف يمكن ان يتحقق عبر العدوان الأمريكي .
    و يتساءل  الكثيرون : حسن ، ولكن هل ثمة من طريق آخر؟ الجواب هو هل المقصود حل لا يعكس أزمة شاملة تعاني منها المعارضة قبل النظام أو معه ، حل يرتكز الى فهم للمصالح الوطنيه وللقرار المستقل للعراقيين ؟ حيث يجب في مثل هذه الحالة أن تجتمع المعارضة لكي تقول نحن ضد العدوان الأمريكي المزمع شنه ضد العراق ونريد من المجتمع الدولي مساعدتنا على تغيير النظام في بلادنا سلما وتجنيب وطننا وشعبنا العدوان العسكري الذي تخطط له الولايات المتحدة.
  قيل هذا الرأي في مناسبات عديدة ،وكرره اليوم شخصية معروفة مثل السيد حسين الصدر ، ولكن  قلائل ،كانوا مستعدين لسماع هذا الصوت الذي جرى التشويش عليه من قبل أصحاب الخيار الأمريكي  الذين لا يريدون التفكير أو مناقشة أي احتمال آخر وهم يباهون بالدعم المالي و الإعلامي  والسياسي الأمريكي الذي جعل مثل هذا المؤتمر يعقد في نهاية المطاف بدكتاتورية الدعم المتعدد الوجوه والمال ، وقبل هذا وذاك هم يعولون على "امكانية واقعية" يجسدها الهجوم النووي الوشيك على العراق لإزالة  "النظام القائم " أي انهم يستقوون بالعدوان فيسكتون عنه وعن آثاره على الشعب والبلاد مقابل هامش سياسي صغير ستتصدق به الولايات المتحدة على أكثرهم " إخلاصا " لها . ولكل تلك الأسباب يمكنهم أن يفعلوا الذي فعلوه ويضعوا هذه المهزلة المبكية في سجل كارثة العراق الطويلة المتعددة المصادر والأسباب والتي لا تتوقف عن طحن شعب العراق وتدميره بلا نهاية ولا قرار ..
   لقد اجتمعوا في الطابق الأعلى  من الباص الأمريكي  البريطاني وأطلوا منه ملوحين للمارة و رافعين شارات النصر قبل أن تنتهي رحلتهم على جثة العراق المنكوب فيما يصرخ عرّاب المؤتمر أحمد الجلبي بملء الفم بالمؤتمرين : لا تخجلوا .. نعم .. لا تخجلوا من طلب العون والمساعدة من أمريكا .. لقد صدع هذا الشخص بمضمون المؤتمر وحالة المؤتمرين  الذهنية والنفسية والأخلاقية حين صاح بهم : لا تخجلوا ..! فاستحقت هذه الصيحة أن تكون عنوانا عريضا للمؤتمر :  مؤتمر " لا تخجلوا " !

 

#المكتب_الإعلامي_للتيار_الوطني_الديموقراطي_العراقي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات