نبيل هلال هلال
الحوار المتمدن-العدد: 4608 - 2014 / 10 / 19 - 20:50
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أثبتت التجربة السياسية الإسلامية فشلها الذريع إذ وقعت أزمَّة الأمور في أيدي الخلفاء والسلاطين والنخب من المنتفعين , ولم يُجْدِ التشدق بأن الدين سياسة والسياسة دين , إذ بقي الدين محصورا في الشعائر والعبادات , وبقي المسلم محبوسا بين المساجد والمقابر, ولم يمارس حرية أو يشارك في حكم ,وظل مقهورا مسلوب الإرادة طوال تاريخه. وإن قيل إن الإسلام يتضمن أصول السياسة التي تضبط أحوال الناس كما ينبغي , نرد بأن ذلك الانضباط في أحوال الناس لم يتحقق في الواقع التاريخي لأمة الإسلام منذ 1400 سنة هي عمر الإسلام ( باستثناء مدة بسيطة تبلغ 18 سنة هي وقت خلافة الشيخين أبي بكر وعمر وست سنوات من خلافة سيدنا عثمان بن عفان , وفيها اقترب المثال من الواقع على نحو لم يتكرر بعد ذلك , وهذا الاقتراب شمل الحاكم والمحكوم , فمع عدل الحاكم كانت يقظة المحكوم ودرايته بحقوقه وعدم خوفه من المطالبة بها ).وإذا قال قائل بأن ذلك ليس عيبا في الإسلام بقدر ما هو عدم التزام من المسلمين أنفسهم بتطبيقه , فذلك كلام يحمل أسباب تفنيده . فلو كان قد تعذر على المسلمين طوال 14 قرنا تطبيق الجانب السياسي من الدين , فهذا دليل على عدم إمكان تطبيقه بعد ذلك , فلن تتحقق العدالة الاجتماعية أو الحرية أو المساواة بمجرد أداء الجانب الشعائري من الإسلام , فقد بقيت أصوله مجرد نصوص جامدة نظرية تشهد على المفارقة الهائلة بين الواقع والمثال في حياة المسلمين , والأمر أعقد من ذلك بكثير, إذ يتطلب اضطلاع الناس أنفسهم بالحصول على هذه الحقوق , والمسألة ليست دينا أو عقيدة . فأسس الحق والعدل والحرية لا تتاح للناس إذا اكتفوا بإقامة صلواتهم وأداء زكواتهم , فالمسلمون يصلُّون خمس مرات يوميا , ويحجون كل عام , ومع ذلك لم يحصلوا على حقوقهم السياسية ولم يشاركوا في حكم أنفسهم, ولم يتقوا تسلط السلاطين وقهرهم , ولم تَحُل صلواتهم دون أن ينهب الخلفاء أموال بيت المال . وسكوت النص القرآني عن تحديد شكل محدد لنظام الحكم , إنما يحيل الأمر إلى مستجدات الزمان , لذا فالتجربة السياسية الإسلامية غير مُلزِمَة من وجهين: أولهما وجوب إخضاعها لمتغيرات الواقع-كما أسلفنا -وثانيهما: وهو الأهم- ثبوت فشل هذه التجربة الإسلامية طوال 14 قرنا. وما لا نص فيه منطقة شاغرة يمكن شغلها بما لا يخالف النصوص الأخرى وسائر المبادئ الإسلامية , فكل القضايا الواقعة في دائرة المسكوت عنه إنما هي متروكة لمستجدات التاريخ وتغير الظرف المكاني والزماني بحيث تكيف هذه القضايا في أي شكل يحقق مصالح عموم الناس , فالقطع بها من البداية في القرآن يجمدها على شكل يظنه الناس مقدسا فلا يغادرونه حتى وإن تغير الظرف وأصبح غير مناسب . (يُتبع)-من كتابنا :خرافة اسمها الخلافة -قراءة في سقوط الدولة الدينية-لنبيل هلال هلال
#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟