أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - النفْس














المزيد.....

النفْس


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 4608 - 2014 / 10 / 19 - 18:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن الإحساس بالنفس شعور ينفرد به الإنسان وحده. فعندما نتحدث عن "النفس" فإنما نتكلم عن وعي منا بأننا موجودون الآن، وكنا كذلك في الماضي ومستمرون مستقبلاً. وهو أحساس كان في الماضي والحاضر وسيبقى ثابتاً وبصورته الكاملة. إنه تعريف يتضمّن مكوّنات أنفسنا من قبيل: أجزائها الواعية وغير الواعية من تركيبتها "Psyche"، وأبعادها الجسمانية والعقلية والعاطفية لشخصيتنا، بالإضافة إلى الجانب الأناني والعام من أنماط سلوكنا.
عندما نستعمل لفظ "النفس" فإننا نتحدّث عن كياننا الذي نحسّ به وكما يراه ويعيه الآخرون. هذا المفهوم عن النفس يحل معضلة الجسم والروح، ويسمح لنا أن ندرس النفس البشرية على أنها وحدة متكاملة متناسقة. فالأنا "Ego" هو الإحساس الواعي المعبِّر عن "النفس"، ويتحكم في تطورها عوامل مُوَرِّثة جينية وبيولوجية وأخرى سيكولوجية وروحانية.
دعونا الآن نلقي نظرة على "النفس" من زاوية أخرى أكثر تحديداً. إننا كبشر نملك جميعاً غرائز معينة نشترك فيها مع الحيوان، وهي غرائز ضرورية لبقائنا والحفاظ على استمرار بقاء الجنس البشري. نشعر بالجوع فنبحث عن الطعام، نتألم فندرك أن خللاً حصل فنبادر إلى علاجه. بإمكاننا أن نستشفّ الخطر فإما أن نواجهه أو نتهرّب منه طلباً للأمان، كما أن لدينا الدوافع الجنسية التي بها نميل إلى الجنس الآخر في الظروف الطبيعية وغالباً ما تكون النتيجة حصول الحَمل وبه يستمر بقاء الجنس البشري. إلى جانب هذا وذاك فإن لدينا غرائز تشدّنا إلى الغير في رباط محكم، فتربطنا بقوة مع طفلنا حديث الولادة وتدفعنا إلى العناية بصغارنا وحمايتهم ورعايتهم.
في هذا المستوى من غرائزنا نتساوى مع أرقى أنواع الحيوان، غير أن هناك فارقاً أساسياً يميّز الإنسان هنا؛ فالحيوان لا يتجاوز قوانينه الغرائزية بينما الإنسان له الخيار. فتجاوُبُنا لغرائزنا الأساسية؛ أكان ذلك في الجوع أو الألم أو التّصدّي أو الهروب أو في الجنس فنجده مختلفاً تماماً عن الحيوان. قد نقرر الصيام أو إتّباع نظام خاص في الطعام (الرِّجيم)، وقد يصوم أحدنا حتى الموت تعبيراً عن موقف معيّن وغالباً لتحقيق العدالة، وقد يأكل البعض منا حتى لو لم يكونوا جائعين، وآخرون لا يأكلون حتى لو جاعوا مع أن الطعام متوفّر أمامهم (كما في حالة القَهَم العُصابي) "Anorexia-nervosa". وهناك من لا يشاركون الطعام مع الجياع حتى لو كان فائضاً عن حاجتهم. كل هذا أنماط من السلوك خاصة بالإنسان دون غيره من المخلوقات.
نرى الشيء نفسه عند الألم أيضاً. ويجب أن نبيّن هنا أن الألم ليس دليلاً على المرض في كل الأحيان. فالنموّ مثلاً قد يكون مصحوباً بالألم، أو يكون إحساسنا بالألم نتيجة مجهود رياضي عنيف، وكذلك الأمر مع المازوجيين "Masochistic" الذين يتعمّدون إيلام أنفسهم، والساديين "Sadistic" الذين يُؤْلمون الآخرين. من هذه الأمثلة يتّضح لنا أن تصرّف الإنسان تجاه الألم لا تتحكّم فيه القوانين الغرائزية البسيطة.
وظاهرة التصدّي أوالهروب "fight´-or-flight" هي أيضاً تختلف أشكالها عند الإنسان. فهناك حالات كثيرة نُؤْثِرُ فيها مواجهة موقف خطير حتى لو علمنا بعجزنا عن حماية أنفسنا، وتلك كانت طريقة غاندي وأتباعه في مواجهة تهديدات القوات البريطانية في الهند. وفي جنوب أفريقيا يقوم الأطفال والشباب والكبار الفقراء منهم والعُزَّل بمواجهة قوات الأمن القوية المدجّجة بالسلاح وهم على علم تام بأن أجسامهم في خطر.
وعلى العكس من ذلك، من الناس مَنْ يهابون الأشياء ويخافونها مع أنها غير مؤذية لهم. فمنهم مِن يرهب المرتفعات أو يخاف من الكلاب أو النّحل أو الذباب، ومنهم من يرهب التجمّعات وآخرون يخافون أن يُتْرَكوا وحدَهم. إذاً هناك العديد من أنواع الرُّهاب (الفوبيا)، وهناك العديد من المصابين به في العالم.
أما عن الجنس فإن البشر أيضاً لا يستجيبون لقوانين غرائزهم الجنسية تماماً؛ فمنهم مَن يختار أن يبقى أعزباً، أو يفضّل العلاقة الجنسية دون إنجاب أطفال، وثمّة من يسلكون طريق "الاشتهاء المماثل" "Homosexuality"، وهناك من يجمع بين الجنس والعنف والموت. وبناءً عليه فإن السلوك الجنسي عند الإنسان معقّد جداً، وهناك صناعة ضخمة خاصة بالمواد الجنسية. وحتى لا أخرج عن الموضوع أكتفي بهذا القدْر.
وقد نتساءل لماذا كل هذا الإختلاف في تجاوب الإنسان لغرائزه الإساسية؟ فالإجابة طبعاً نجدها في الحقيقة بأن الإنسان يمتلك الوعي والإرادة. فنحن نمتلك أهليّة الإختيار، وخَياراتنا تلك لا تتأثر فقط بغرائزنا بل بوَعْيِنا ومشاعرنا ومعرفتنا أيضاً. ففي مرحلة طفولتنا ثم في بلوغنا اكتسبنا من الخبرات ما يساعدنا على تكوين نظرة شاملة وأحاسيس خاصة عن أنفسنا وعن عالمنا وعلاقتنا بهذا العالم. فوجهات نظر الناس عن هذا العالم مختلفة تماماً؛ فمنهم من يراه مكاناً يعُجُّ بالأخطار وآخرون يرونه آمناً. بعضهم يتجنّب الإختلاط بالناس وآخرون مندمجون معهم تماماً. هناك من يشعر أن العالم لا يفيده وآخرون يعتبرون العالم ميداناً للتحدّي والفُرص.
هذه الرّؤَى العامة وغيرها إنما تؤثّر تأثيراً كبيراً في أسلوب حياتنا وكيف نتفهّم أنفسنا ونحدّد علاقاتنا، وبها أيضاً نكتسب مشاعر خاصة تجاه "النفس" وتجاه العالم. فبينما نحن ننمو ونكبُر فإننا بذلك نرفع من قدراتنا بشكل هائل بحيث تتجاوز مستوى غرائزنا المكوِّنة لوجودنا ونبتعد عن جانبنا الحيواني إلى الجانب الإنساني ويشرع العقل في اكتساب المزيد من القوة وموهبة المبادرة، وهنا يتطوّر نوع من الصراع بين العقل والجسم وهو ما يقع في قلب مساعي الإنسان في حياته ويعدّ السبب في كثير من معاناته. من إفرازات هذا الصراع كان ظهور المدارس المادية وتطوّرها ومدارس علم النفس الفكري وأساليب الحياة المتضاربة في عالمنا المعاصر. وفي سبيل إدراك الأسباب الجذرية لهذه الحالات، وفي محاولة منا لإيجاد مدخل عام ومتكامل لفهم النفس البشرية، علينا أن نتفهم طبيعة أحاسيسنا وكيف تعمل. إنه أمر لا بدّ منه لأن عواطفنا تلعب دوراً هاماً في جميع أعمالنا ونشاطاتنا. (سيكولوجية الروحانية- د. حسين ب. دانش)



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «إعتبروا الموت بأنه عين الحياة» حضرة عبدالبهاء
- الأساس الروحانى لحقوق الإنسان-وجهة نظر بهائية3-3
- الأساس الروحانى لحقوق الإنسان-وجهة نظر بهائية2-3
- الأساس الروحانى لحقوق الإنسان-وجهة نظر بهائية 2-3
- الأساس الروحانى لحقوق الإنسان-وجهة نظر بهائية1-3
- احتجاب سراج الدين وانحراف الطبيعة الإنسانية!
- تقسيم العالم بواسطة الدين كيف تم ولماذا؟3-3
- تقسيم العالم بواسطة الدين كيف تم ولماذا؟ 2-3
- تقسيم العالم بواسطة الدين كيف تم ولماذا؟1-3
- السّلامُ العَالميُّ وَعْدٌ حَقٌّ 5-5
- السّلامُ العَالميُّ وَعْدٌ حَقٌّ 4-5
- الأساس الروحانى لحقوق الإنسان - وجهة نظر بهائية
- السّلامُ العَالميُّ وَعْدٌ حَقٌّ 3-5
- السّلام العالميّ وَعْدٌ حَقٌّ 2-5
- السّلام العالميّ وَعْدٌ حَقٌّ 1-5
- خاتم النّبيّين
- نهجا الحياة
- رسالة مفتوحة من البهائيين بمصر إلى كلّ المصريّين
- صعود السيد المسيح
- التقاليد خلاف الحقيقة


المزيد.....




- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - النفْس