ازاحة شكوك ترتبط بمسالة الوحي

مرتضى المشرفاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4604 - 2014 / 10 / 15 - 09:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

بسم الله الرحمن الرحيم
الوحي لغة هو الاعلام السريع الخفي ، قال ابن فارس : ( و ح ي ) اصل يدل على القاء علم في اخفاء او غيره الى غيرك
وقد استعمل القران لفظة الوحي في اربعة معان :
الاول : نفس المعنى اللغوي : الايماءة الخفية ، قال تعالى عن زكريا (( وخرج على قومه من المحراب فاوحى اليهم ان سبحوه بكرة وعشيا )) اي اشار اليهم على سبيل الرمز والا يماء
الثاني : تركيز غريزي فطري ، ومنه قوله تعالى (( واوحى ربك الى النحل ان اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون )) فهي تنتهج وفق فطرتها
الثالث : الهام نفسي ، وهو شعور في الباطن يحس به الانسان احساسا يخفى عليه مصدره احيانا ، واحيانا يلهم انه من الله وقد يكون من غيره تعالى
وهذا المعنى هو المعروف عند الروحيين بظاهرة التلباثي ( التخاطر من بعيد ) وهو حظور باطني اي لا يعرف مصدره قالوا : انها فكرة تنتقل من ذهن انسان الى اخر والمسافة بينهما شاسعة او القاء روحي من قبل ارواح عالية او سافلة ومن الالهام الرحماني قوله تعالى (( واوحينا الى ام موسى ان ارضعيه فاذا خفت عليه فالقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني انا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين ))
واما التعبير بالوحي عن وساوس الشيطان فجاء في قوله تعالى (( وان الشياطين ليوحون الى اوليائهم ليجادلوكم )) ويفسره قوله تعالى (( من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس ))
الرابع : الوحي الرسالي ، هو ما يعبر عنه القران بالوحي عما يلقيه الله سبحانه الى نبي من انبياءه بواسطة ملك او بغير واسطة لاجل تبليغ رسالة الله . واستعمل القران لفظة الوحي ومشتقاتها في هذا المعنى في اكثر من سبعين موضعا ، قال تعالى (( اتل ما اوحي اليك من الكتاب ))
والوحي الرسالي لا يعدو مفهومه اللغوي بكثير بعد ان كان اعلاما خفيا ، وهو اتصال غيبي بين الله ورسوله ، ويتحقق على انحاء ثلاثة ، كما جاء في الاية الكريمة (( وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من وراء حجاب او يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء انه علي حكيم ))
فالصورة الاولى : القاء في القلب او نفث في الروع
والثانية : تكليم من وراء حجاب بخلق الصوت في الهواء
والثالثة :ارسال ملك الوحي فيبلغه الى النبي اما عيانا يراه او لا يراه ولكن يستمع الى رسالته .
اذن الفارق بين الوحي الرسالي وسائر الايحاءات المعروفة هو جانب مصدره الغيبي اتصالا بما وراء المادة فهو ايحاء من عالم فوقي ، الامر الذي دعا اولئك الذين لا يروقهم الاعتراف بما سوى العالم المادي المحسوس ، الى انكار الوحي او تاويله الى وجدان باطني ينشا من عبقرية واجده .
لكن هذه الااراء سرعان ما تذهب جفاء بعد معرفة التفسير العلمي لظاهرة الوحي ، فان للانسان وراء شخصيته هذه الظاهرة شخصية اخرى باطنة هي التي تؤهله للاتصال مع عالم روحاني اعلى ، فالانسان ذو تركيب مزدوج من روح وجسد ، ومن ثم فهو برزخ بين عالم المادة وما وراء المادة ، لقد جاءت الفلسفة العقلية بادلة واضحة لاثبات وجود النفس ( الروح) ذكرها الشيخ ابو علي بن سينا وابن رشد ونصير الدين والرازي والنيسابوري وابن حزم وصدر المتالهين والسبزواري والطبطبائي وغيرهم
وخلاصة القول : ان الانسان ولانه يملك في وجوده جانبين احدها جسماني والاخر روحاني ، فلا غرو ان يتصل _ احيانا _ بعالم وراء المادة ويكون هذا الاتصال مرتبطا بجانبه الروحي الباطن ، وهو اتصال خفي ، الامر الذي يشكل ظاهرة الوحي .
وان هذا الاتصال حيث انه ليس تقاربا مكانيا فهو لا يستدعي التحيز في جانبه تعالى , وهو ليس اتصالا بين المادي واللامادي حيث ان المتصل من جانب الانسان هو شخصيته وحقيقته التي يعبر بها بالانا ( الروح ، النفس )

#مرتضى_المشرفاوي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات